النعمة في خطبة جامع الإمام: الباطِلُ جولةٌ والحق دولةٌ

alarab
محليات 13 سبتمبر 2025 , 12:35ص
الدوحة - العرب

أكد فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة أن العَدْلُ أَسَاسُ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ، وَسَبَبُ المَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّة، تَوَاطَأَتْ عَلَى حُكْمِهِ وَفَضْلِهِ الرِّسَالاَتُ الإِلَهِيَّةُ، وَالعُقُوْلَ الحَكِيْمَةُ، والفِطَرُ السَّلِيْمَةُ، وإِنَّهُ ضَرُوْرَةٌ مِنْ ضرُوْرَاتِ الأُمَمِ، وَرُكْنٌ مِنْ أَركَانِ الحَضَارَاتِ، وَدِعَامَةٌ مِنْ دِعَامَاتِ بِنَاءِ الأجَيْالِ، وَقِيَامِ المُجْتَمَعَاتِ، وَانْتِشَارِ الأَمْنِ، وَبُلُوْغِ العَزِّ وَالمَجْدِ.
وقال فضيلته خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أمس» إن الإِسْلاَمُ دعا بِكُلَّ وَسَيْلَةِ إِلَى الوَفَاءِ بِالعُهُودِ المَقْطُوعَةِ، مَعَ المُؤْمِنْيَن وَالكَافِرِيْنَ عَلَى حَدَّ سَوَاءِ، وَنَهَى عَنِ التَّخَلَّفِ عَنْهَا، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ الوَفَاءَ بِالعُهُودِ، صِفَةٌ أَسَاسٌ فِي بُنْيَةِ المُجْتَمَعَاتِ وعلاقة الدول والأمم، لَهُ قِيْمَتُهُ العُظْمَى فِي الأَخْلاقِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَالعَلاَقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ والدولية؛ لأَنَّهُ يُرْسِي دَعَائِمَ الثَقَةِ فِي الأَفْرَادِ، وَيُؤَكِّدُ أَوَاصِرَ التَّعَاوُنِ فِي المَجْتَمَعَاتِ، وبين الدول والأمم، فَكُلّ المُعَامَلاَتِ وَالعَلاقَاتِ، وَالوُعُودِ والعهود تتوقف على الوفاء، فإذا انعدم الوفاء، انعدمت الثقة، وساء التعامل، وساد التنافر، وتقطعت حبال التواصل والاحترام بين الناس والأفراد والمجتمعات والدول.
وتابع: إن مما لحق ببعض الدول والأمم هذه الصفات الخسيسة الذميمة، ولعل ما أصاب دولتنا الحبيبة من عدوان صهيوني إسرائيلي غادر وجبان، استهداف الأبرياء وقتل الناس وترويعهم، على إثره وقع الشهداء الذين أقبلوا على الله سبحانه وتعالى بأعظم موتة يلاقي فيها العبد ربه، وكان بين هؤلاء الشهداء مواطن قطري يؤدي واجبه في حماية ضيوف الوطن، استشهد غدراً فكتب الله له الأجر والذكر في الدنيا والأخرة، في جنازة مشهودة.
وذكر فضيلته أن هذا الإجرام والاعتداء لهو في حقيقته تأكيد لما تتصف به هذه الدولة الظالمة المعتدية، وبما يقوم به أفراد حكومتها وساستها، وبِمَا نَقَضُوا الَمَوَاثِيْقَ، وَخَانُوا العُهُودَ، وَغَدَرُوا بِالأَبْرِيَاءِ، وَأَشْعَلُوا فَتِيْلَ الفِتَنِ وَالأَحْقَادِ، وَأَوْقَدُوا نَارَ الحُرُوبِ وَالدَّمَارِ، جَحَدُوا نِعَمِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَقَتَلُوا الأَنْبِيَاءَ وَالصَّالحِيْنَ، إِنْ أُحْسِنَ إِلَيْهِمْ أَسَاؤُوا، وَإِنْ أُكْرِمُوا تَمردوا، هم كذلك في طغيانهم وتجبرهم وعدوانهم الغاشم قال عنهم الرب سبحانه: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ)
وأردف: إنها حكومة ودولة ضربت بأوامر الشرع وأعراف الإنسانية، وتعاليم العهود والمواثيق، والقوانين الدولية، ضربت بها عرض الحائط، تكبرت وتجبرت وطغت، وعاثت في الأرض الفساد ولكن هيهات هيهات أن يمكث الأمر ويستمر الطغيان فما ارتفع شيء في الدنيا إلا وضعه الله وأذله.
ونوه بأن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيامِ الساعة، منذُ أَهبِطَ أدمٌ منَ الجنة وحتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولكنَّ الدرسَ العظيمَ الذي يتأسى بهِ المسلمون أمامَ المِحنِ، ويتذرعونَ به في اوقاتِ الكوارث والأزماتِ أن الغَلبةَ للحقِِّ واتبَاعِهِ الصادِقينَ، فالباطِلُ جولةٌ، والحق دولةٌ إلى قيامِ الساعةِ، هذا وعدُ اللهِ الذي لا يُخلف (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ، كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
ولفت إلى أنه ينبغي أن تكونَ ثِقِةُ المسلمينَ بربهم عظيمةً وان يستِقَرَ فِي أذهانِهم وعُقُولهم أن الاسلام دينُ اللهِ الخاتم، واللهُ ناصرٌ رسُلَهُ واتبَاعَهُم إلى يومِ الدين، لافتا إلى أن المستقبلُ لهذا الدين الحنيفِ وأتباعِهِ الصادقينَ المخلصين، فالإسلام دينُ اللهِ تعالى، وهو المنتصرُ بإذنهِ سبحانه، (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
وقال النعمة: إن ما تقوم به دولتنا الحبيبة قطر من وساطة لدعم قضية الأمة قضية فلسطين هو عمل جليل عظيم، ما برحت منذ بداية هذه الأزمة واعتداء العدو الصهيوني الظالم على أرض فلسطين، وانتهاك حرماتها وتدنيس مقدساتها وقتل الأبرياء من أهلها.
وأضاف: إن قطر تدعم وتناصر أهل فلسطين بكل ما تستطيع من قوة ووسيلة، من سياسة ووساطة، ومن إعلام وإعلان، بدعم مادي ومعنوي، هذا كله من واجب الأخوة الإسلامية وبدافع إنساني في مشاركة المظلوم، ودفع الظلم والعدوان عنه، وتفريج كربته والرقي بحاله، ‎منوهاً بأن هذا الدعم يأتي في اطار مبادئ الدولة الثابتة القائمة على تعاليم ديننا الحنيف، في قوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) التي تحث على نشر السلام والتعايش السلمي في مختلف أنحاء العالم، نبراساً من قول النبي صلى الله عليه وسلم:(بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ) وأن فلسطين هي القضية الاساسية وهي قضية الأمة، وان قطر توليها الأهمية الكاملة منذ القدم.
وأوضح الشيخ عبدالله النعمة أنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وليعلم العالم أن قطر‎ المعروفة بالأمان والاستقرار ستبقى بفضل الله آمنة مستقرة، وسيمكنها الله سبحانه وتعالى، من تجاوز هذه المحنة، كما تجاوزت محناً كثيرة من قبل، بفضل الله وحكمة قيادتها وتماسك وتلاحم مواطنيها والمقيمين فيه.
وأضاف: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَفْخَرَ بِهَذَا الشَّعْبِ الفِلَسْطِيْنِيِّ المُسْلِمِ الصَّامِدِ المُجَاهِدِ، الذِي ضَرَبَ أَرْوَعَ الأَمْثِلَةِ وَالبُطُولاَتِ للوُقُوفِ فِي وَجْهِ الاعْتِدَاءِ الصُّهِيُونِيِّ السَّافِرِ دُوْنَ اسْتِسْلَاَمٍ، وَلَا ذُلِّ وَلا هَوَانٍ، فِي دَرْسٍ عَظِيْمٍ للأُمَّةِ جَمْعَاءَ، لِتَعِيْشَ عَزِيْزَةً كَرِيْمَةٌ، أَوْ تَمُوتَ شَهِيْدَةً أبيّة.