د. خالد المهندي: الرصد والتبليغ عن أي مخالفات
عدنان الخايلي: رفع الوعي بقيمة المجال البيئي
علي الحنزاب: عدم التهاون مع المخالفين
أكد مواطنون وخبراء مختصون، أهمية حماية المناطق البرية والبحرية في الدولة، منوهين بجهود وزارة البيئة والتغير المناخي - ممثلة بإدارة الحماية البرية - في الحفاظ على تلك المناطق من خلال رصد وتحرير المخالفات والتجاوزات والتعديات على البيئة البرية بمختلف أشكالها- والتصدي لها وفقاً للقوانين المعمول بها في الدولة.
وكانت وزارة البيئة والتغير المناخي أعلنت أن إجمالي عدد المخالفات التي سجلها مفتشو إدارة الحماية البرية خلال الربع الثاني من العام الجاري 2025 بلغ 1434 مخالفة، تنوعت ما بين قطع الأشجار وتجريف التربة والعزب غير المرخصة، ورمي المخلفات وأجهزة مناداة الطيور، وتسريح الإبل وإثارة الغبار ودخول الروض، والعمل بدون تصريح.
ودعا هواة البر إلى احترام قوانين البيئة وتعزيز الرقابة الذاتية والإحساس بالمسؤولية تجاه المناطق البرية وعدم ارتكاب أي مخالفات تضر بسلامتها.
وأكدوا لـ «العرب» أن الدوائر القضائية تنظر في العديد من المخالفات البيئية المسجلة بحق أفراد أو مؤسسات، مثل رميّ النفايات الصلبة في أماكن غير مخصصة لها، أو سكب المواد السائلة المضرة كالزيوت في الشوارع، الدخول للمحميات الطبيعية بالمركبات، أو تجريف التربة وإتلاف النباتات النادرة التي شملها القانون بالحماية، وإتلاف الأراضي الزراعية، أو الإضرار بالمحميات الطبيعية، والتعدي على الحيوانات أو صيد الحيوانات النادرة أو قطع الأشجار النابتة وغيرها، مشيرين إلى أن نسبة الفصل في القضايا البيئية تعد الأعلى من بين القضايا المنظورة أمام المحاكم، مما يدل على سرعة الفصل فيها، لحماية البيئة ومكوناتها الطبيعية من التلوث والأضرار المحتملة.
رصد المخالفات
وقال الدكتور خالد عبدالله المهندي، المحامي بمحكمة التمييز والباحث بمكافحة الفساد والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان: تعد علاقة الإنسان بالبيئة علاقة متوازنة ومنفعة متبادلة، مفادها أن من حق الإنسان العيش والاستمتاع ببيئة صحية ومحمية بالنظافة، ويقابل ذلك واجب على الإنسان الدفاع عن البيئة وحمايتها والحفاظ عليها، لاسيما أن هذا الحقوق والواجبات دستورية، نص عليهم الدستور الدائم لدولة قطر بالمادة 33 التي نصت على: تعمل الدولة على حماية البيئة وتوازنها الطبيعي، تحقيقاً للتنمية الشاملة والمستدامة لكل الأجيال، كما أسبغت عليها الحماية القانونية بالمرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2002 بإصدار قانون حماية البيئة، مشيرا الى ان الحفاظ على البيئة والدفاع عنها حق للأجيال القادمة في التنمية المستدامة.
وأضاف: تتناقل مواقع التواصل بعض الصور من ناشطين أو من العامة ترصد بعض التعديات على البيئة تتمثل أكثرها في ترك المخلفات بعد قضاء التنزه في الروض والاماكن البرية، أو دهس الروض من قبل المركبات، مما يتسبب في تدمير وإتلاف للتربة والاعشاب والاشجار، والتي تستغرق وقتاً طويلاً وأمطارا و تفاعلا بيئيا لكي تكون كما كانت عليه، وفي ذلك تفويت وإضرار جسيم بحق الانتفاع والتنزه من باقي المواطنين، وكذلك تشويه للمنظر الطبيعي، وتكاثر للحشرات الضارة.
وأوضح أنه على الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة البيئة والتغيير المناخي بما فيها رصد وضبط وتحرير من المخالفات وإحالة للنيابة العامة والقضاء على أثر رصد المخالفات والجرائم البيئية، إلا أن الاجراءات والعقوبات وحدها لن تكون حلاً مهما شددت، إلا من خلال وعي وإدراك وتحمل مسؤولية من العامة المرتادين لتلك المناطق، وتعاون المجتمع في الرصد والتبليغ عن أي مخالفات مع الأخذ بعين الاعتبار تشديد العقوبات وتغليظها لكي تكون رادعاً لكل من يتعدى على حقوق البيئة والمجتمع والأجيال القادمة.. والتنمية المستدامة.
الوعي المجتمعي
من جهته، قال المحامي عدنان الخايلي إن سياسة التجريم والعقاب في المجال البيئي في قطر تسعى إلى إلزام أفراد المجتمع بالسلوكيات التي تضمن الحفاظ على البيئة، والوعي بمخاطر التغيرات التي تفرضها طبيعة المناخ الصحراوي للبلاد وآثار الاستنزاف العالمي لمكونات البيئة، مشيرا الى أن التشدد في العقوبة وإن كان آلية للردع، لكنه ليس حلا مناسبا لنشر الثقافة البيئية وحماية البيئة من مظاهر التعدي، لافتا الى ان المخالف الذي يحكم عليه بعقوبة حبسية لن يساهم تنفيذه لتلك العقوبة في إزالة الأذى الذي لحق بالبيئة، كما أن الغرامة المالية التي سيدفعها لن تعيد الجزء المتضرر من البيئة كما كان.
واقترح الخايلي، من أجل تكريس وعي حقيقي بقيمة المجال البيئي، إلغاء العقوبات التقليدية المعمول بها بشكلها الحالي، مثل عقوبة الحبس، والحكم بدلا من ذلك على الجاني بقضاء مدة معينة لا تقل عن شهر في القيام بأعمال مفيدة مثل الزراعة، التشجير، العمل بمحمية برية وغير ذلك من الأعمال التي ستعود بالنفع على البيئة.
أضاف الخايلي: كما نرى ضرورة إعادة النظر في تجريم بعض السلوكيات مثل دهس السيارات للروض والمناطق البيئية، وأن يصبح التجريم مقتصرا فقط على السائقين الذين ثبت قصدهم الجنائي القيام بذلك، أو الذين كانوا في حالة قيادة برعونة واستهتار، مع إقرار عقوبات خاصة في حقهم مثل فرض غرامات مالية يكون وجه صرفها المباشر ترميم ذلك الجانب المتضرر من البيئة، أو فرض خصم رمزي من رواتبهم، أو أي أموال لديهم على مدى الحياة، يودع مباشرة في حسابات الدولة المخصصة للاستثمار في المجال البيئي.
دوريات الحماية
ودعا الناشط البيئي علي الحنزاب، صاحب «مبادرة علي الحنزاب للتشجير ومكافحة التصحر» المواطنين إلى المشاركة المجتمعية في حماية البيئة ومواردها الطبيعية، وأكد على ضرورة عدم التهاون مع المخالفين الذين يرتادون البحر أو البر خصوصاً في عطلة نهاية الأسبوع، مع تشديد الرقابة لحماية الروض من التعديات، وغليظ العقوبة على من يقطعون الأشجار بغرض التدفئة، مشيراً إلى أن الجدية في رصد المخالفات من شأنها ردع المستهترين والتزام مرتادي البر بالشروط والقوانين، أما أصحاب التراخيص فهم ملتزمون – اجمالا – بالقوانين البيئية.
واقترح وجود نقاط ثابتة لدوريات الحماية البيئة للحد من التجاوزات التي يشهدها البر بشكل مستمر، سواء من قبل الشركات او الأفراد وأصحاب العزب وضرورة التأكد من التزام اصحاب العزب بالاشتراطات والقوانين البيئية لحماية خيرات المناطق البرية، داعيا المواطنين إلى تقدير الموارد البيئية والحفاظ عليها لأنها تمثل موروثاً هاماً.
وأكد ان المخالفات البيئية تلحق أذى كبيرا وتدميرا للحياة الفطرية والنباتية فضلا عما تسببه من تشويه جمال الطبيعة في البر.. وهو سلوك متكرر ويعد جريمة يقترفها بعض الأشخاص في حق البيئة الفطرية لا تقل اثرا سلبيا عن ظاهرة ترك المخلفات او قطع الأشجار بأسلوب غير مسؤول لمجرد اللهو وكذلك الرعي الجائر وكلها مخالفات تتكرر كثيرا وتؤدي إلى تدهور شديد للبيئة القطرية بما فيها المحميات والروض والمراعي.
وأكد الحنزاب على ضرورة نشر الوعي البيئي في أوساط الشباب ولا سيما طلبة المدارس بشكل ممنهج وبالتنسيق مع الإدارات المدرسية والمؤسسات المعنية وذلك لغرس مفهوم الثقافة البيئية في نفوس النشء وحمايتها.
وأشار الى ضرورة زرع المفاهيم التي تشجع على احترام الحياة البيئية في ثقافة مجتمعاتنا، وتشجيع الحركات والمبادرات التي تنادي بالحفاظ على البيئة ومكوناتها.
الرقابة الذاتية
من جانبه أشار خالد اليافعي إلى أن بعض المخالفين يتعمد ترك المخلفات بالقرب من المحميات ويتجاهل وجود الحاويات المخصصة بالقرب من الطرق الرئيسية والفرعية، وهي مخالفات منتشرة للأسف رغم القوانين البيئية المفروضة لحماية بيئتنا القطرية، وهو ما يتطلب تشديد الرقابة، مشيرا الى ان تجريف التربة يعد تعديا على أملاك الدولة وتدمير النباتات والأشجار النادرة دون مراعاة أن هذه الأشجار قد تكون معرضة للانقراض، مناشداً ضرورة تكثيف الوعي البيئي من جانب الجهات المختصة من جهة، وتشديد العقوبات على المخالفين من المخيمين الذين يضربون بالقوانين البيئية المُلزمة عرض الحائط دون أدنى مسؤولية- من جهة أخرى.