احتضن معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الرابعة والثلاثين ندوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، ضمن فعاليات الصالون الثقافي بالمعرض وذلك احتفاء بالشاعرين المكرمين من قبل المنظمة وهما الشاعر عبدالله البردوني من اليمن ومحمد بنيس من المغرب، بحضور نخبة من الأدباء والنقاد والمهتمين بالشأن الثقافي.
شارك في الأمسية كل من الدكتور مولاي يوسف الإدريسي والدكتور محمد المحجري، الأستاذين في جامعة قطر، حيث قدّما قراءتين نقديتين معمّقتين لتجربتي الشاعرين، مسلطين الضوء على فرادة وسمات كل تجربة وموقعها في مسار الشعر العربي الحديث.
وتناول الدكتور مولاي يوسف الإدريسي تجربة الشاعر محمد بنيس بوصفه شاعر اللغة والانزياح والتجريب، مشيرًا إلى أن مشروعه الشعري يرتكز على تفكيك اللغة المألوفة وإعادة تشكيلها برؤية جمالية تنطلق من سؤال الحداثة، وتتوغل في أسرار الكتابة. وأوضح أن بنيس لا يكتب الشعر بقدر ما “يصنعه”، وأن قصيدته تشتغل على الحافة بين الشعري والفلسفي، مستعينًا بلغة تتجاوز الوظيفة التعبيرية إلى أفق الجمال والتأمل. كما لفت إلى أن الشاعر يرى في الشعر ضرورة إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها، كما كان لديه تحفظ على مقولة «زمن الرواية»، ومؤكدًا أن الشعر هو الذي يمنح الإنسان صوته الداخلي.
وركّز الدكتور محمد المحجري على ملامح التجديد في تجربة الشاعر عبدالله البردوني، معتبرًا إياه “شاعر الرؤيا”، الذي استطاع أن يزاوج بين الأصالة والحداثة دون أن يغادر بنية القصيدة العمودية. وأشار إلى أن البردوني، على الرغم من فقدانه البصر في طفولته، امتلك بصيرة شعرية نافذة مكّنته من التعبير عن قضايا الإنسان والمجتمع العربي، بلغة تجمع بين الجزالة والعمق الفكري. وأضاف أن الشاعر اليمني لم يلجأ إلى الشكل التفعيلي أو قصيدة النثر، بل فجّر طاقات القصيدة التقليدية من الداخل، وجعلها منبرًا للتحديث من موقع الأصالة، مستندًا إلى خلفية تراثية صلبة ورؤية حداثية نادرة.