غزة المنهكة اقتصاديا تحتضن فرص نجاح لمصريين وسوريين

alarab
اقتصاد 12 مارس 2017 , 05:33م
د ب أ
رغم ظروفه الاقتصادية المعقدة التي جعلته بيئة طاردة للمشاريع الاستثمارية، نجح مواطنون مصريون وسوريون في تأسيس أعمال يشار لها بالبنان في قطاع غزة الفلسطيني.
وافتتح الشيف المصري أسامة حسن وهو في مطلع الخمسينيات من عمره، حديثا المطعم الأول والوحيد المتخصص في قطاع غزة في تقديم وجبة الكشري المصري الشهيرة.
ويقيم حسن في غزة منذ ثلاثة أعوام وهو متزوج من سيدة فلسطينية ولديه منها خمسة أبناء، ويقول إنه سعيد في حياته في القطاع المحاصر والمنهك اقتصاديا رغم ما يعتري الحياة فيه من أزمات.
ويضيف لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن إقامته في غزة وجزء من فلسطين "حلم قديم" حرص على تحقيقه رغم أنه زار العديد من بلدان العالم وأقام في أوروبا لسنوات طويلة. ويطلق الشيف حسن على مطعمه اسم "كشري النيل" ويزينه بعديد الملصقات التي تحمل صورا لأهم معالم الحضارة الفرعونية القديمة.
ويقول عن تجربته "فكرت كثيرا في مشروع استثماري لنفسي وعائلتي في غزة حتى اهتديت لفكرة مطعم متخصص بالكشري"، مضيفا أن العديد من جيرانه ومعارفه في غزة شجعوه على الفكرة كونها الأولى من نوعها في القطاع.
ويوضح أن كل من زار مصر وتناول وجبة الكشري الشهيرة يعتبرون زبائن دائمين لديه، كما أن من لم يسبق لهم زيارة مصر يحرصون على زيارته انطلاقا من فضولهم لتذوق الوجبة المصرية ذائعة الصيت.
وينحدر الشيف حسن من محافظة الشرقية، ويبدي سعادته بأنه لقي رواجا واسعا في صفوف سكان غزة "الذين ليهم ارتباط جغرافي وتاريخي بالشعب المصري وهو ما سهل مهمته".
وعن سير أعمال مطعمه بقول "الوضع هنا جيد حتى مع تفاقم وضع السكان ماديا ومعيشيا، لكن وجبة الكشري سعرها مناسب وشهرتها هنا لا تقل عما لدينا في مصر".
ويأمل الشيف حسن أن تتسع أعماله، مشيرا إلى أنه يعتزم إدخال المزيد من أصناف وجبات الطعام الشعبية المصرية في قطاع غزة "كونه يعتبر ملاصقا لمصر ويجب أن تكون هناك ثقافة الأكل المتبادل بين غزة ومصر".
من جهته فإن الشاب أنس آغا في مطلع الثلاثينات من عمره، هرب من نار الحرب المستمرة منذ عدة أعوام في بلده سورية إلى غزة ليقيم فيها مطعما يعوضه عن مطعمه الذي دمر في مدينته حلب.
وافتتح آغا حديثا نسخة من مطعمه الحلبي في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في وسط قطاع غزة ويتخصص فيه بتقديم أبرز أصناف وجبات الطعام الشامية والتركية الشهيرة.
ويقول آغا لـ(د.ب.أ)، إنه خرج من حلب ليس خوفا من الحرب بقدر ما أن لديه عائلة ويريد أن يتدبر مصاريف معيشتها بعد أن دمرت كل حياتهم ومشاريعهم في بلادهم.
ويضيف أنه وجد في غزة في ظل حنينه الدائم للعودة إلى وطنه سورية، وطنا مؤقتا فيه تتشابه بعض الملامح مع مدن الشام وفيه كذلك من الألفة والهم المشترك بين الشعبين ما يجعل منها مدينة قابلة للحياة وتحصيل الرزق.
والمفارقة أن ظروف البلد التي لجأ إليها آغا تتشابه إلى حد كبير في ظروف بلده، لكنه يبدي سعادته بما حققه من نجاح في غزة.
ويقول عن ذلك "قطاع غزة بحاجة لرؤية كل شيء جديد باعتباره محاصرا وسكانه شبه منعزلون عن العالم الخارجي بسبب عدم قدرتهم على السفر والتنقل بحرية".
ويضيف "وجدت فرصة مناسبة لنقل تجربة المطاعم السورية ووجباتها المميزة إلى هنا في غزة وفضول السكان ورغبتهم بالتعرف على لهجات وثقافات جديدة سهل مهمتي كثيرا".
ويحرص العاملون في مطعم آغا على محاكاة اللباس السوري التقليدي داخل المطاعم وهو ما يزيد من حماسة السكان في قطاع غزة على الإقبال عليه. ويخضع قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن اثنين مليون فلسطيني، إلى حصار إسرائيلي مشدد منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة "حماس" الإسلامية على الأوضاع فيه بالقوة.
ودفع الحصار إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة بشكل عام من بين الأعلى في العالم بحيث وصلت إلى حوالي 42.7 في المئة من إجمالي السكان بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.
ويتضمن الحصار قيودا مشددة على حركة الأفراد والبضائع من وإلى قطاع غزة. ويقول اقتصاديون إنه رغم الظروف الاقتصادية المتدهورة لدى سكان قطاع غزة فإن ما لديهم من ثقافة مشتركة مع كل من مصر وسورية سهل انتشار فكرة إقامة مطاعم سورية ومصرية ناجحة.
كما أن فضول اكتساب مهارات طهي خاصة للوجبات الشامية مكن الشيف السوري وريف يزبك في نهاية الثلاثينات من عمره من اكتساب شهرية واسعة.
وإلى جانب مشروعه الخاص بإقامة مطعم متخصص بتقديم وجبات (الشاورما) السورية فإن يزبك ذاع صيته في غزة في تقديم برنامج تلفزيوني للطهي بصفته طباخا ماهرا.
ويقول يزبك لـ(د.ب.أ)، إنه قدم في غزة برنامجه للتعريف بفنون وجبات الطهي الشامية لأول مرة في شهر رمضان من العام الماضي ثم واصل تقديم حلقات على الانترنت وحظي بانتشار قياسي.
ويضيف أنه يعمل حاليا على إعداد موسم ثان من برنامجه ليتم تقديمه في شهر رمضان المقبل.
ويشير إلى أن عددا من رجال الأعمال المحليين في غزة ركزوا على اللاجئين القادمين من سورية وبلدان عربية أخرى للترويج لأنماط غير تقليدية للحياة في القطاع. ويبدي يزبك سعادته للتجاوب الذي يحظى به برنامجه بما يتضمنه من شرح لإعداد أشهى المأكولات السورية من "شيش برك" و"السلبين" و"أصابع الصنوبر" مرورا بأنواع "الكبة" المختلفة ومقبلات "التبولة" و"بابا غنوج" و"المسبحة" ونهاية بحلويات "بالوظة" و"البرازق" و"البلورية" و"البوظة السورية".
وكتعبير عن سعادته بحياته الجديدة في قطاع غزة وما لقاه من نجاح في عمله المهني فإن يزبك تزوج منذ أكثر من عام من سيدة فلسطينية، ويبدو فخورا بقصته التي امتزجت بوجع اللجوء والإصرار على الحياة بتحدي مصاعبها.

ك.ف