أكدت الدكتورة هلا السعيد سفيرة النوايا الحسنة، وخبيرة التربية الخاصة مديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة أن الدولة تولي اهتماما كبيرا بتطوير وتأهيل ودمج ذوي الإعاقة في المجتمع.. وقالت في دراسة حصلت عليها «العرب»: إن هذه الفئة لا تزال في حاجة إلى برامج جديدة متطورة لتحقيق الغايات الضرورية لدمجهم في المجتمع وجعلهم منتجين ومساهمين في التنمية الاقتصادية بالدولة.
وأعلنت السعيد عن تدشين قسم خاص للتأهيل والتدريب الوظيفي للاشخاص ذوي الإعاقة في مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة دعماً لجهود الجهات المعنية بالدولة في هذا الاتجاه، لافتة إلي أن المركز القسم يضم الحالات من ذوي الاعاقة ويؤهلهم للانخراط في المجتمع، والحصول على فرصتهم في الحياة، لافتة إلى أن القسم بدأ بالعمل رسمياً مع انطلاق العام الدراسي الحالي سعياً لمساعدة هذه الفئة في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي خاصة في حال وجود وظائف بمواصفات خاصة، وتناسب قدراتهم للانخراط في سوق العمل في مهن محددة يتم تدريبهم عليها من خلال المركز ووفقًا لوضعهم الصحي الخاص.
وأوضحت أن الهدف من تأسيس هذا القسم يأتي في سياق اهتمام بتعزيز مشاركة الفئات التي ما زالت تعاني من الإهمال والتهميش في تحقيق ذواتهم والمشاركة في مسيرة بناء الوطن، وأن يكون لكل منهم كيان مستقل بذاته.
وأضافت السعيد أنَّ مرحلة ما بعد التدريب بالنسبة لذوي الاعاقة مرحلة غامضة في حياتهم ولا يوجد لها برامج أو مخططات محددة يمكن أن يسيروا عليها، لافتة إلى أن هناك مراكز كثيرة وبرامج عديدة للأطفال ذوي الاعاقة، خلال السنوات الأخيرة، لكنها أكدت أن المعاناة الحقيقيّة هي مرحلة ما بعد وصولهم لعمر الثمانية عشر عاماً، والتي ينتهي عندها تدريبهم بالمراكز والمدارس الدامجة والمدارس التخصصية، وما بعد انتهاء المراحل التعليميّة لهذه الفئة، متسائلة فأين تذهب؟ وكيف يمكن الاستفادة منهم بالمجتمع؟ أو على الأقل مُساعدتهم وتوفير رعاية مهنية لهم تجعلهم يشعرون بقيمتِهم في المجتمع من خلال الانخراط فيه بدلًا من الجلوس بالمنزل.
وأوضحت سفيرة النوايا الحسنة أنَّ مسألة التأهيل المهني لهذه الفئة توفّر لهم نوعًا من الاستقلالية والاعتماد على النفس، لأن الكثير من العائلات تعيش في حالة من الخوف والقلق على أبنائهم من ذوي الاعاقة خاصة الذين يتقدّمون في العمر، ولكن في حال توفير مهنة تناسب الشاب أو الشابة، فإنَّ الأمر سوف يزيل الكثير من العبء والقلق عن كاهل العائلات.
وأوضحت أن القسم الجديد يختص القسم بعملية التدريب والتهيئة ومن ثم التأهيل الوظيفي وهو مكمل للبرامج التدريبية المقدمة لجميع فئات الاسخاص ذوي الإعاقة لاعطاء الثقة بالنفس، وتحقيق الكفاية الاقتصادية للأشخاص ذوي الإعاقة عن طريق العمل والاشتغال بمهنة والاستمرار بها.
وأوضحت أن القسم يقوم بإعداد البرامج المهنية المتدرجة المناسبة لجميع فئات الإعاقة المندمجة بالمركز وتحليل الأعمال والمهن المطلوبة في سوق العمل وتكييفها لهم، منوهة بأنه يجري تدريب ذوي الإعاقة علي المهن المختلفة المناسبة لنوع اعاقتهم وقدراتهم قبل الانتقال لمرحلة التأهيل الوظيفي عبر الورش المتنوعة في أعمال النجارة، والخياطة والتطريز والأشغال اليدوية والأعمال الخزفية، وصناعة الاكسسوارات كما يتم استحداث ورش جديدة حسب حاجة سوق العمل.
وأوضحت السعيد أن التدريب المهني لذوي الإعاقة يوفر فرصة للفئات المستهدفة للحصول علي المهارات ومنها الاستقلالية والتدربية والمعرفية والحركية والنمائية والنطقية والتعليمية مع وضع خطه عمل تتناسب مع كل شخص لتأهيله وظيفيا التهيئة المهنية.
وأشارت إلى أن التهيئة المهنية تسعي لتنمية السلوك المهني الملائم لدى الأفراد ذوي الإعاقة وتزويدهم بالمعلومات المرتبطة بالمجالات المهنية وعلى الأخص حول المواد والأدوات والإجراءات، إضافة إلى تهيئته لاختيار العمل المناسب.
مكاسب مزدوجة تعزز الثقة وتدعم التنمية الاقتصادية
ذكرت الدكتورة هلا السعيد أن التأهيل المهني للأشخاص من ذوي الإعاقة يساهم في دفع عجلة التنمية الوطنية للمردود الاقتصادي للتأهيل الذي لا يقتصر على استغلال طاقات الفرد وكفايته الذاتية من الناحية الاقتصادية بل يتعداها إلى توفير الأيدي العاملة من جهة، وتوجيه الطاقات المعطلة عندهم إلى الإنتاج، وزيادة الدخل من جهة ثانية.
وأضافت: أن عملية التأهيل وحصول الشخص ذي الإعاقة على العمل المناسب تغير من اتجاهات الناس ونظرتهم نحوه بحيث تتطور من النظرة السلبية إلى الإيجابية.
وتابعت أن برامج التهيئة المهنية تهدف إلى تكوين الحس العملي لدى ذوي الإعاقة وتنمية قدراتهم المهنية والعملية وتطويرها في مهن مختلفة لتأمين معيشتهم والاعتماد على أنفسهم، لافتة إلى أن هذا البرامج توفر مناخا عمليا ملائما لذوي الإعاقة للتكيف مع العمل ومتطلباته ومع بيئة العمل خارج المركز، وبناء المهارات الاجتماعية اللازمة للتواصل مع الآخرين فضلاً عن تنمية الوعي بالعمل، التقيد بنظامه ومعرفة طبيعته بما يدعم الإيجابية وتنمية الثقة بالنفس واحترام الآخرين وأعمالهم و الإحساس بالمسؤولية والتعاون مع الآخرين واكتساب عادات العمل السليمة.
اكتساب المهارات واكتشاف نقاط القوة والضعف
يعتبر التدريب المهني وفقاً للدكتورة هلا السعيد من أهم الخدمات في مجال تأهيل ذوي الاعاقة الذي تسعى برامجه إلى إكساب القدرة على متابعة العمل والاشتغال به.
ويعتبر التدريب المهني عصب عملية التأهيل المهني وإذا كانت عملية التدريب المهني ناجحة وفعالة فسوف تقود إلى تشغيل ناجح واستقرار نفسي واجتماعي واقتصادي لذوي الإعاقة.
وأوضحت د. السعيد أن هناك مبادئ أساسية للقيام بعملية التدريب المهني لذوي الإعاقة: فترة التدريب العملي (مرحلة التشغيل التجريبي):تأتي هذه الخطوة بعد إنهاء برنامج التدريب المهني، بحيث يتم إلحاق المتدرب بسوق العمل لمدة أربعة شهور كفترة تدريب عملي، يتابع في هذه المدة من قبل المختصين ويبقى مرتبطاً بالمؤسسة الأم التي تدرب بها.
وأوضحت أن هذه الفترة ذات أهمية خاصة في برنامج التأهيل، لأنها تحقق مكاسب بالجملة يأتي في مقدمتها فرصة الاحتكاك بسوق العمل المفتوح وزيادة الثقة وتنمية الاتجاه الإيجابي للشخص ذوي الإعاقة نحو نفسه وأصحاب وسوق العمل.
وقالت في هذا السياق «إن وجود المتدرب من ذوي الإعاقة في سوق العمل المفتوح كفترة تجريبية يساعد المسؤولين والمشرفين على برامج التدريب في اكتشاف نقاط القوة والضعف عند المتدرب ويساعد في إضافة أو حذف المهارات التي لا تتماشى مع سوق العمل.
وأوضحت أن عملية التقييم النهائي للمتدربين بعد اكتمال برنامج التدريب المهني، ويقوم بعملية التقييم النهائي فريق من العاملين في المؤسسة، يضم مدير المؤسسة والمدرب والاختصاصي الاجتماعي واختصاصي التقييم واختصاصي التشغيل. وبناء على نتائج التقييم يمنح المتدرب شهادة في التأهيل المهني حسب المجال الذي تدرب عليه.
خطوات مرحلية لتحديد نوعية البرنامج المهني
أوضحت الدكتورة هلا السعيد، أن خدمات التأهيل المهني لذوي الإعاقة تمر بمراحل متعددة أولها إجراء الاختبارات ثم تطبيق المقاييس تمهيداً لبدء برامج التدريب المهني المناسبة، لافتة إلى أنه يمكن للأهل تحويل أبنائهم ذوي الإعاقة البالغين سن التأهيل المهني إلى المراكز الموجودة في المنطقة التي يقطنون بها من أجل إجراء الفحوصات اللازمة لهم لبيان مدى صلاحيتهم لبرامج التأهيل المهني وأنسب الخدمات الممكن أن تقدم لأبنائهم.
وأضافت: أن للمدرسين دورا هاما في عملية الكشف عن حالات الإعاقة عند تلاميذهم، نتيجة العلاقة المباشرة خاصة في المواقف التعليمية المختلفة سواء داخل الفصل الدراسي أو أثناء ممارسة النشاطات المتنوعة التي توفر ملاحظة قدرات الطلبة سواء العقلية أو الحسية أو الحركية، لافتة إلى أنه يمكن للأطباء وأطباء الاختصاص القيام بالإحالة إذا وجدوا بأن حالة الفرد تستدعي وجوده في مراكز التأهيل والتدريب المهني من أجل تلقي الخدمات.
شهادة معتمدة .. وعملية مستمرة لتحقيق الكفاية
ذكرت الدكتورة هلا السعيد خبيرة التربية الخاصة مديرة مركز الدوحة العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة أن الدارسين في برامج التأهيل المهني سوف يحصلون على شهادة معتمدة بعد إنهاء التدربيات تبين عدد الساعات التدريبية انطلاقا من روح اتفاقية حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة الصادرة عام 2006، وتنص في المادة 27- التي تشمل العمل والعمالة على اعتراف الدول الأطراف بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، على قدم المساواة مع الآخرين، ويشمل هذا الحق إتاحة الفرصة لهم لكسب الرزق في عمل يختارونه أو يقبلونه بحرية في سوق عمل وبيئة عمل منفتحتين أمام الأشخاص ذوي الإعاقة وشاملتين لهم ويسهل انخراطهم فيهما.
وأوضحت أن التأهيل عملية مستمرة لتحقيق الكفاية الاقتصادية عن طريق العمل والاشتغال بمهنة أو حرفة أو وظيفة والاستمرار بها، كما تشمل مساعدة ذوي الإعاقة على التكيف والاستمرار والرضا عن العمل، والاستفادة من قدراتهم الجسمية والعقلية والاجتماعية والمهنية والإفادة الاقتصادية بالقدر الذي يستطيعونه، وتحقيق ذواتهم وتقديرهم لها وإعادة ثقتهم بأنفسهم، وتحقيق التكيف المناسب والاحترام المتبادل بينهم وبين أفراد المجتمع باعتبارهم أفراداً منتجين فيه، وممارسة حقوقهم المشروعة خاصة في مجال الحصول على الأعمال التي تتناسب مع استعداداتهم وإمكانياتهم..