الأسواق تتنافس على عرض وترويج بضائع «العودة إلى المدرسة»

alarab
تحقيقات 11 سبتمبر 2011 , 12:00ص
الدوحة – رانيا غانم
«العودة إلى المدرسة» أو Back to school شعار رفعته غالبية المتاجر، حتى في الأقسام التي لا علاقة مباشرة لها مع الدراسة ومستلزماتها. بضائع جدية تتخللها أخرى من سنوات سابقة، عروض مغرية لشراء أكثر، خصومات وهدايا، ووسائل متعددة للترويج.. موظفون في مداخل المتاجر يوزعون على الزبائن كتيبات بالألوان الصارخة التي تجذب العين، تحمل أحدث ما وصل في عالم الحقائب والمستلزمات الدراسية، وآخرون يمرون على البيوت يتركون إعلانات تجارية عن جديد «العودة إلى المدرسة» هذا العام وعروضه، تحاصرك الإعلانات في كل مكان تذهب إليه، حتى الصحيفة، ما إن تمسك بها حتى يسقط منها إعلان باهر لأحد المتاجر وجديدة للمدارس هذا العام. كعكة دسمة، وموسم بيع لا مثيل له، يتكرر سنويا في مثل هذا الوقت من العام -وإن كانت كثير من المتاجر تعيد تكراره ولو بنسخة أقل حماسا مع بدء النصف الثاني من العام الدراسي- موسم جاء هذا العام عقب عيد الفطر ورمضان مباشرة لينقذ المتاجر من حالة الركود المعتادة بعد الأعياد، وينعشها مجددا. وبرغم أن مستلزمات الدراسة كانت تعرض خلال الأيام الماضية بالتزامن مع الملابس والأحذية ومستلزمات العيد الأخرى، فإنها سرعان ما احتلت واجهات ومداخل وإعلانات تلك المتاجر، والتي تستخدم كل الوسائل لإبرازها وجذب الأنظار إليها. وبخلاف البضائع نفسها وجاذبيتها، سعت الكثير من المحلات إلى وسائل جذب أخرى لزبائنها، أحدهم يقدم ساعة يد قيمة لكل مشتر بمبلغ 300 ريال من مجموعة العودة إلى المدرسة، مع وضع الساعة في واجهة زجاجية تجذب الأنظار في مداخل فروعه المختلفة، بينما أعلن آخر عن منح كل مشتر بقيمة 100 ريال قسيمة مشتريات بقيمة 15 ريالا لاستبدالها من متجر آخر تابع لنفس الشركة المالكة، بشرط أن يتم شراء أدوات مدرسية فقط بها، والعكس صحيح بالنسبة للمتجر الآخر. وهكذا تعددت الهدايا والعروض وكل حسب أفكاره ووسائله للترويج وجذب الزبائن. «أجهزة منزلية» مدرسية! لكن الحقائب، والحقائب الصغيرة، وعلب الأقلام وزجاجات المياه، وصناديق حفظ وجبات الطعام وأصناف القرطاسية المختلفة، وغيرها من المتعارف عليه من المستلزمات الدراسية لم تكن هي وحدها ما اهتمت المتاجر بترويجه تحت شعار «العودة إلى المدرسة»، فهناك الكثير من البضائع رفعت المحلات عليها هذا الشعار، سواء ارتبطت بشكل مباشر ببدء العام الدراسي أم لا.. ربما يكون لأجهزة الكمبيوتر واللاب توب والفلاش ميموري وغيرها الكثير من الأجهزة الإلكترونية علاقة ما بالدراسة، لكن الغريب كان وضع اللافتة على أجهزة منزلية، كالخلاطات وأجهزة إعداد الطعام متعددة الاستخدامات، والمكاوي البخارية وغيرها، حتى أقسام الأطعمة بالمتاجر الكبرى دخلت هي الأخرى ضمن الحملة الترويجية المعتمدة على المدرسة، فكثير من الأطعمة والمخبوزات والعصائر والحلوى وأنواع البسكويت والشيكولاتة رفعت هي الأخرى فوق أرففها شعار «to schoolBack». اختيارات متعددة أفلام الكرتون العالمية كانت عنوان كل المستلزمات الدراسية، حتى الماركات الشهيرة والرياضية الكبرى التي كانت تكتفي بوضع علامتها التجارية المميزة على الحقيبة أو الأدوات الأخرى، أصبحت هي الأخرى تلجأ إلى الشخصيات الكارتونية المحببة للأطفال والمراهقين، فهم أيضا لهم شخصياتهم المفضلة سواء الكارتونية أو الحية في أفلام السينما العالمية أو الرياضية، والحقائب التي تحمل شعارات أندية كرة القدم العالمية التي يقومون بتشجيعها. فبينما تختار الفتيات ما بين باربي، ودورا، وماي ميلودي، وأميرات ديزني بأزيائهن الشهيرة وهاللو كيتي، حملت حقائب الأولاد وإكسسواراتهم شخصيات بين 10، وسبايدر مان، وكارز، ورسوم فيراري، وهوت ويليز، ومانشستر يوناتيد، وترانسفورمرز. بينما كان الجميع شركاء في حب شخصيات سبونج بوب، شون ذا شب وبالطبع شخصيات ميكي ماوس. أما الشخصيات العربية، فكان لها وجود ضعيف جدا مقارنة بالأجنبية مثل شخصيات المسلسل الكارتوني الخليجي الشهير والمحبب «الفريج»، كأم سلوم، وأم سعيد، وأم خماس وأم علاوي والطفل عبود، فضلا عن شخصية «فلة» العروس الخليجية المتحجبة، أو المعادل العربي للأميركية «باربي». «استشاري» فقط في المتاجر المكتظة بأولياء الأمور والأبناء من كافة الأعمار، كان الجميع يتفقد المعروضات المختلفة، لكن قرار الشراء كان للأبناء فقط، فيما كان رأي الآباء استشاريا فقط في أفضل الحالات، حسبما تؤكد لنا أم سليمان، والتي تركت أبناءها يختارون ما يريدون من حقائب وأدوات بينما استرخت على أحد مقاعد المتجر المعروضة للبيع «مررنا اليوم على عدة محلات حتى تعبت، والآن تركت أولادي يختارون بأنفسهم ما يريدون، فوقوفي إلى جانبهم بلا جدوى، لأنهم في النهاية سيقررون هم ما يردون شراءه، وما على إلا التوجه في النهاية إلى الكاشير ودفع قيمة المشتريات». وتتابع «يعرف كل واحد منهم ماذا يريد والشخصية التي سيختارها، بينما المفاضلة الآن هي في شكل وحجم الحقيبة ذاتها، ابني الأكبر اختار بالفعل حقيبته من محل آخر بمجمع تجاري مختلف، وذلك خلال أيام العيد، بينما الصغيران سيقومان اليوم باختيار ما يريدانه». وبرغم أن الأم ترى أن الأسعار مبالغ فيها بشكل كبير مقارنة ببضائع مماثلة بدول أخرى مجاورة، فإنها تثني على جودة المعروضات خاصة في المحلات الكبرى والمكتبات المتخصصة. ويبدو أن الصغيرة رهف (8سنوات) تعشق شخصية شبونج بوب، بدليل أنها اختارت كل شيء بدءا من الحقيبة والمجموعة التابعة لها وحتى أقلام الرصاص والممحاة بصور ذلك المربع الأصفر الجميل الذي يحبه كل الأطفال، كما جمعت عددا من الإكسسوارات الأخرى لنفس الشخصية، بينما وقع اختيار شقيقها أنس (10 سنوات) على شخصية (بن 10) رغم حبه الشديد لسبونج بوب «أنا أحب الكثير من الشخصيات الكارتونية وأتمنى أن أملكها جميعا، لكنني في النهاية قررت أن أشتري الحقيبة على شكل بن 10 وباقي الأشياء بالشخصيات الأخرى التي أحبها مثل كارتون كارز، وشون ذا شب، وميكي ماوس، وباكوجان، وحتى سبونج بوب، فأنا أحبه جدا، لكن لن أشتري حقيبة عليها صورته لأن أختي اشترت واحدة ولا أريد أن أكون مثلها». و»ملزم» أحياناً لكن ارتفاع أسعار الحقائب جعل بعض أولياء الأمور يتدخلون في قرارات واختيارات أبنائهم، مثل إحدى السيدات التي رفضت ذكر اسمها، وشكت لنا من الارتفاع الكبير في أسعار الحقائب في غالبية المتاجر «بالطبع هناك تفاوت في الأسعار، لكن السعر الأقل يكون لبضائع قديمة أو راكدة من الأعوام الماضية، أما الحقائب الجديدة فأسعارها مرتفعة جدا وتبدأ من 175 ريالا للواحدة، بعضها مجموعة مكونة من الحقيبة الكبيرة وأخرى صغيرة للطعام وقارورة الماء وعلبة حفظ الساندويتشات وحافظة أقلام، وأحيانا محفظة أو أشياء أخرى، وهذه يتعدى سعرها الـ200 ريال، وأخرى خالية ويكون علينا شراء باقي المستلزمات لحالها، وهذا يعني أنني سأشتري لأولادي الأربعة حقائب بألف ريال بخلاف القرطاسية والزي المدرسي، وما سيطلبه المدرسون في بداية العام من قرطاسية جديدة فهل هذا معقول؟ لماذا هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، لذا أتدخل في قرار الشراء ولا أوافق إلا على الحقائب التي يكون سعرها معقولا، والباهظة السعر أرفضها رغم محاولات أبنائي». وتطالب السيدة الجهات المختصة في الدولة بتشديد الرقابة على تلك المحلات حتى لا تكون أسعارها «مبالغ فيها بهذا الشكل الكبير، في حين أنها لا تساوي كل هذا المبلغ المدفوع فيها» حسب قولها. «فرحة» غائبة شراء الحقائب المدرسية والمستلزمات الدراسية الأخرى «متعة» لم ترغب أم خالد في تضيعها على أطفالها، فالمدرسة الدولية التي يدرس بها أبناؤها تبيع لهم الحقائب وعلبة حفظ الطعام مع الزي المدرسي وبنفس لونه، وتحمل شعار المدرسة، وترفض نهائيا استخدام الحقائب الخارجية، ومع ذلك تصر الأم على شراء حقائب جديدة لأبنائها كل عام «ربما يكون هناك سبب وجيه لا نعلمه يجعل المدرسة تحدد نوع ولون الحقيبة وتبيعه بنفسها، رغم أن خاماته وشكله لا يتناسب إطلاقا مع السعر الذي تحدده، ولا تكفي حقيبة واحدة العام الدراسي كله، بل تتهالك بسرعة وقبل انتهاء أول فصل دراسي في الفصول الدراسية الثلاثة، وترفض إدارة المدرسة استخدام حقيبة خارجية وتصر على شراء واحدة جديدة من المدرسة أو إصلاح الأولى، ومع ذلك أقوم بشراء حقائب مدرسية من المحلات كل عام، فأنا أرى أن فرحة دخول المدرسة تكون في الحقيبة والأشياء التي يشتريها الأطفال ويختارونها بأنفسهم وعلى ذوقهم الخاصة، وتبعا للشخصيات التي يفضلونها، لذا لا أحرم أولادي هذه المتعة، وتكون الحقائب لديهم في البيت يستخدمونها في الرحلات أو بعض الأيام خلسة في المدرسة، أو حتى يستخدمونها في النادي وغيره». ويشكو الكثير من أولياء الأمور من رداءة أنواع كثيرة من القرطاسية، سواء من كسرها سريعا خاصة المصنوعة من البلاستيك أو فساد الأقلام والألوان وعدم جودتها، فيما تكون الأنواع الجيدة باهظة الأثمان بشكل يمثل عبئا كبيرا على كاهل أولياء الأمور الذين يكون عليهم شراء هذه الأدوات بشكل متكرر، مما يستنزف ميزانيتهم طوال العام الدراسي، كما يضيع الكثير من الوقت والجهد بالمرور على المكتبات والمتاجر والبحث عن مواقف لصف السيارات وغيره من المتاعب. وطالب أولياء الأمور بتشديد الرقابة على المتاجر التي تبيع القرطاسية الرديئة أو المضرة بصحة الطلاب.