أكد رائد الأعمال ومؤسس مقهى الابتكار والممارس المرخص في مجال إدارة الابتكار رمزان راشد حصين النعيمي، على ضرورة وضع ضوابط وإرشادات للتسويق عبر مشاهير التواصل الاجتماعي، موضحاً أن علاقة المشاهير اليوم مثل الجسر بين الزبون وصاحب التجارة، لذلك فوجود ضوابط معينة تحمي جميع الأطراف، لضمان عدم وقوع أي مخالفات هو أمر ضروري.
ووصف النعيمي المتابعين المزيّفين بـ «آفة» مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها تجعل من شخص عادي كأنه شخص مؤثر، مشيراً إلى أن بعض المؤسسات أو الشركات لا تعرف الفرق بين الحسابات المؤثرة والحسابات المتضخمة، لافتاً إلى أن جهود وسائل التواصل الاجتماعي بحذف الحسابات الخاملة أو المزيّفة، بلغت حذف ما يقرب من 60 % من متابعي بعض الحسابات.
وإلى نص الحوار:
* هل ترى أن مشاهير التواصل الاجتماعي بصورة عامة و»سناب شات» بصورة خاصة يبيعون الوهم لمتابعيهم؟
- لا أرى أن مشاهير «سناب شات» يبيعون الوهم، فالمسؤولية تقع على عاتق المتابعين، ويجب أن يكون لديهم وعي كبير في معرفة أن المشاهير أو أصحاب الحسابات يستفيدون من قاعدتهم الجماهيرية، في الترويج لمنتجات معينة أو خدمات بعينها، وبناء على ذلك فهناك خطر على المتابعين في حال صدّق المتابعون كل شيء، أو أخذوا كل المحتوى المقدم من المشاهير على «سناب شات» على أنه أمر مُسلّم به.
وهناك كثير من الأحداث والقصص التي نسمع بها عالمياً ومحلياً حول ترويج كثيرين لبيع وحدات سكنية على سبيل المثال، أو يروّجون لأمور مرتبطة بالهجرة، أو منصات للتداول المالي، وغيرها من الأمور، فمن الضروري أولاً أن يبحث الشخص عن المنتج، ويستفسر عنه من أكثر من مصدر، وألا يأخذ المصدر من مشاهير «سناب شات» على أنه أمر مُسلّم به وأمر معتمد وموثوق، وهنا الأمر خطر، فمن الضرورة عدم التعميم، ولكن الحذر واجب في هذه الجزئية.
أما فيما يتعلق بما يعرضه «السنابيون» من إعلانات، فهناك دائماً الغثّ والسمين، ومن هذه الإعلانات ما هو مفيد، ومنها ما يحتاج إلى مراجعة ومراقبة، وبناء على ذلك فالمصداقية تقع على عاتق وسمعة الشخص المشهور نفسه، من حيث تاريخ عرض المحتوى، أو من حيث المصداقية على مرّ الفترة الزمنية، أو القصص أو الأخبار التي شاركها في وقت سابق.
* هل الأسلوب الذي يتبعه مشاهير التواصل الاجتماعي بالمحتوى المنشور على حساباتهم صحيح؟
- في البداية من الضروري التفرقة بين الإعلان أو المشاركة بمحتوى هادف أو محتوى هابط، ففي مرحلة الإعلان تكون هناك ضوابط معينة، ولكن من الضروري أن يختار المتابع الحساب المميز الذي يستفيد منه، والذي يمكن أن يأخذ منه معلومة أو تصله معرفة في جزئية معينة، فالمصداقية تقع على المشاهير، من حيث ترسيخهم لهذه القيمة عند المتابعين.
وفي الحقيقة أشعر بالأسف لأن كثيراً من مشاهير «سناب شات» يتبعون العفوية فقط، دون وجود استراتيجية واضحة لتعزيز حساباتهم، لذلك فمن المهم لمن يريد أن يكون مشهوراً أن يتبع منهجية معينة، لضمان أن تكون له هوية أو شخصية، وأن تكون له قيم وله صورة واضحة عند المتلقي.
سبب رواج «سناب»
* بعض المنصات كـ «سناب شات» شهدت رواجاً واسعاً في الفترة الأخيرة.. فما الأسباب من وجهة نظرك؟
- الجمهور يتابع الحسابات على منصة «سناب شات» لأسباب عديدة، كأن يكون إعجاباً بالشخص صاحب الحساب، فقد يكون فناناً أو شخصاً مثقفاً، أو غيرها من الأسباب، ويمكن أن يكون بسبب تقديم صاحب الحساب لمعلومة أو معرفة في تخصص معين، وأن الجمهور يبحثون في «سناب شات» لسهولة نشر هذه الفيديوهات، ووجود العنصر الإنساني والعنصر البصري العفوي في التواصل، وقد نجح «سناب شات» في هذه الجزئية، وهو العرض المباشر للأحداث أو البث الحي لفيديوهات قصيرة قد تكون قريبة من الجمهور والمتابعين، لذلك فالإقبال يرجع إلى سهولة استخدام المنصة والمقاطع القصيرة التي تبثها.
* هل من أسس ترون وجوب اتباعها في تسويق مشاهير التواصل الاجتماعي للمنتجات؟
- بالطبع.. فمن المهم أن يكون هناك أسس سليمة تساعد مشاهير التواصل الاجتماعي في التسويق لمنتجات معينة، أو الإعلان عن أمور معينة وللوصول لقاعدة جماهيرية كبيرة، فالشركة أو الجهة المعلنة تستخدم مشاهير التواصل الاجتماعي للوصول لشريحة كبيرة، سواء للتأثير أو الإعلان والإشهار، ولكن من الضروري أن يقوم مشاهير التواصل الاجتماعي بالتركيز على مجموعة من الأمور، مثل أن يوضحوا للمتابعين أن هذه المادة إعلان، وفي حالة أنه لم يجرب المنتج يجب أن يكون واضحاً، ولا يمتدح المنتج بشكل مبالغ فيه دون تجربته.
ويجب على الشخص المشهور على منصات التواصل الاجتماعي أن يكون صادقاً في طرح المعلومة، لأنه كلما كان صادقاً وثق الجمهور فيه، وكلما وثق فيه زادت قاعدته الجماهيرية، وعندما تزيد قاعدته الجماهيرية فهذا يعني أنه أصبح من المؤثرين، وانتقل من المشاهير إلى المؤثرين، وهنا نتكلم عن قاعدة أكبر فيما يتعلق بالتسويق المبني على مشاهير التواصل الاجتماعي.
* بعض المشاهير يروّج لمنتجات خاصة به.. هل يؤثر ذلك عليه؟
- لا أعتقد أن ترويج الشخص لمنتج خاص به ينطوي على أي مشكلة، فالشخص المشهور له قاعدة جماهيرية معينة، ولكن من الضروري على كل صاحب حساب من مشاهير التواصل الاجتماعي، أن يعرف جيداً القيم التي يرتكز عليها، وهويته الشخصية والعلامة التي يريد أن يخاطب بها الجمهور، وفي أي تخصص، فمن الضروري أن يكون هناك وزن لهذا المشهور.
* هذا يعني عدم الإعلان عن أي منتج يطرح عليه؟
- بالطبع.. فالشخص الذي يقدم محتوى ترفيهياً على سبيل المثال، من الممكن أن يقدم منتجات عامة، ولكن هناك الشخص الرصين الذي يقدم محتوى راقياً، فلا يستطيع أن يقدم منتجات رخيصة أو منتجات لا تليق بجمهوره أو متابعيه أو تليق بشخصيته، فهناك ما يسمى بالتموضع للعلامة التجارية، فالهوية الشخصية أصبحت تقاس على أنها علامة تجارية، ومن المهم أن يكون هناك أسس علمية منهجية لصناعة الهوية الشخصية لمشاهير التواصل الاجتماعي، من وضع قيم يتبعونها ومنصات يجب أن يشاركوا فيها وتحديد المحتوى، واحترام العلاقة بينهم وبين المتابعين.
* هل ترون ضرورة للرقابة على «السنابيين»؟
- لا أحبّذ استخدام مصطلح رقابة، ولكن يجب أن نركز على نقطة التنظيم، فلا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً أساسياً من أدوات التسويق الحديث على مستوى العالم، فبات لدينا مصطلح عالمي جديد، وهو التسويق عبر مشاهير التواصل الاجتماعي، لذلك نتكلم عن ضرورة وجود ضوابط وقوانين تحمي الطرفين، سواء المعلن أو المتلقي، وفي نفس الوقت تحمي صاحب الشركة، لأن علاقة المشاهير اليوم مثل الجسر، فهي طرف ثالث بين الزبون وصاحب التجارة، لذلك فوجود ضوابط معينة تحمي جميع الأطراف بعدم وقوع أي مخالفات أمر ضروري.
وللعلم ففي أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى، وضعت قوانين وضوابط تسمى «ضوابط وإرشادات للتسويق عبر مشاهير التواصل الاجتماعي»، لذلك فوجود هذا التنظيم والقواعد والإرشادات مهم جداً لحماية المجتمعات ولحماية القطاع الاقتصادي في الوقت نفسه.
* كيف ترى استفادة مشاهير التواصل الاجتماعي من قاعدتهم الجماهيرية؟
- أنا من الداعمين لمشاهير التواصل الاجتماعي محلياً، ومع دعمهم في الاستفادة من قاعدتهم ومتابعيهم من أجل الوصول لشرائح معينة أو الإعلان عن أخبار عامة، سواء كانت محلية أو تهم المجتمع، ولكن من الضروري اختيار مشاهير التواصل الاجتماعي، بما يتناسب مع نوع المحتوى المقدم أو المطلوب إرساله أو إعلانه، وأتمنى أن يتم التعامل مع مشاهير التواصل الاجتماعي على أنهم إحدى أدوات التسويق، وليسوا التسويق نفسه، لذلك فمن الضروري أن تكون هناك علاقة احترام متبادل، وعلاقة احترافية بين المعلن وبين مشاهير التواصل الاجتماعي، لكي يتم ضمان المحتوى المقدم للجمهور ووصوله بشكل سليم، والاهتمام بجودة المحتوى المقدم.
ومن المهم أن نضع نصب أعيننا شيئاً أساسياً أيضاً، وهو أن اليوم وسائل التواصل الاجتماعي فيها كل شيء، وأعيد وأذكّر بأن المتابعين هم من يصنعون المشاهير، وهم أساس القاعدة التي يرتكز عليها المشاهير، لذلك يقع الدور الأكبر على عاتق متابعي ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، بمتابعة من يريدون ووضع الإرشادات السليمة بالحديث عن المشاهير والحديث عن جزئية من يتابعون وكيف يتابعون ولماذا يتابعون، فهي جزئية مهمة جداً.
* ماذا عن شركات إدارة المحتوى؟ هل ترون أهمية لها؟
- أرى أن وجود مثل هذه الشركات ضروري، لمساعدة المؤسسات والشركات الخاصة والوزارات على صناعة محتوى يلائم الجمهور المستهدف، ويعبّر ويروّج للخدمات والأفكار الخاصة بكل مؤسسة، ولكني لست مع التواصل مع الجمهور مباشرة من قبل إحدى الشركات، لأن الشركات دورها الأساسي هو إعداد محتوى ووضع استراتيجيات، أما التفاعل مع الجمهور فهو دور المؤسسة، لأنه ليس هناك أحد يستطيع أن يفهم المؤسسة وقيمها وأهدافها ورسالتها ورؤيتها مثل الموظف العامل في المؤسسة أو الوزارة، لذا يجب التفرقة بين إدارة محتوى المؤسسات والتواصل مع الجمهور.
* في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث يتزايد عن المتابعين المزيّفين، كيف ترون هذه الظاهرة؟
- المتابعون المزيّفون يشكلون «آفة» من وجهة نظري، لأنها تجعل من شخص عادي كأنه شخص مؤثر، وبعض المؤسسات أو الشركات لا تعرف الفرق بين الحسابات المؤثرة والحسابات المتضخمة، لذلك كانت هناك خلال الشهور الماضية جهود كبيرة من وسائل التواصل الاجتماعي، بحذف الحسابات الخاملة أو المزيّفة، وكثير من المشاهير خسروا أعداداً كبيرة من متابعيهم، ووصلت النسبة على بعض حسابات هؤلاء المشاهير لخسارة ما يقرب من 60 % من متابعيهم.
ما بني على باطل فهو باطل، وشراء المتابعين عملية للأسف ليست صحية وسلبية وتضعف قوة الحساب وتفاعله في هذا الأمر، وبعض المؤسسات تغفل عن تقييم وتحليل المؤثرين ومتابعة قوتهم، لذلك فكثير من المؤثرين لديهم بيانات تساعدهم وتعرفهم بالدول التي بها متابعوهم وأعمارهم والتفاعل اليومي على منشوراتهم وغيرها من الأمور، وهذا يساعد على تعزيز قيمة المؤثرين والمشاهير.
* هل الأمر نفسه ينطبق على «البوتات»؟
- البوتات أو الأنظمة الآلية للرد أو إعادة نشر المحتوى أو إضافة ردود معينة، هي أحد الجوانب السلبية للتكنولوجيا الحديثة، وهي تضر وتساعد في تشكيل صورة معينة ليست صحيحة، وبعض الأفراد ينخدع بحجم تفاعل معين حول قضية معينة، ويعتقد أن هناك رأياً عاماً وهو ليس رأياً عاماً، ولكنه نوع من إظهار أعداد كبيرة حول قضية معينة، وهي بالأساس «ذباب إلكتروني» أو بوتات رقمية.