«القنبلة» تثير شبح تهديد «تنظيم الدولة» النامي

alarab
حول العالم 09 نوفمبر 2015 , 01:23ص
THE WASHINGTON POST
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية: إن الاحتمال المتزايد بأن تكون قنبلة زرعها «إرهابيون» وسببت سقوط طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء يثير مخاوف بشأن التوسع الكبير لتهديد تنظيم الدولة الإسلامية، ويشير أيضاً إلى الدور المميت لحركات التمرد حول العالم التي بايعت تنظيم الدولة وصارت فرعاً له.

وأشارت الصحيفة إلى بيانات استخرجت من الصناديق السوداء للطائرة الروسية تشير إلى حدوث انفجار على متن الطائرة قبل ارتطامها بالأرض، وجاءت تلك الأنباء عقب قرار روسيا تعليق كل الرحلات المتوجهة لمصر، في إشارة واضحة على أن النظام الروسي، الذي تردد في دعم فرضية حدوث عمل إرهابي، يخشى الآن من أن يكون الحادث الذي أودى بحياة 224 شخصا ناجما عن تفجير قنبلة على الطائرة.

وحذرت الصحيفة أنه في حال ثبت فعلاً أن تنظيم الدولة أسقط الطائرة الروسية، فإن ذلك سيقتل كل التوقعات التي قالت إن التنظيم سيتم احتواؤه وهزيمته في نهاية المطاف على أرض العراق وسوريا، التي سيطر فيها على أراض شاسعة وأقام فيها «خلافة».

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم: إن إسقاط تنظيم الدولة للطائرة سيظهر قدرة التنظيم على تعلم كيفية تحويل فروعه إلى أذرع عملياتية.

ونقلت واشنطن بوست عن بروس هوفمان خبير شؤون الإرهاب بجماعة جورج تاون قوله: «كانت هناك عمليات اعتقال في صفوف إسلاميين في دول مثل كوسوفو وألبانيا في الشهور الأخيرة وسط مزاعم بالتخطيط لشن هجمات على أراض أوروبية، مضيفا «لكن تلك المرة الأولى التي يتخطى فيها تنظيم الدولة العتبة ويندفع إلى ساحة الإرهاب الدولي».

وكان الرئيس الأميركي أوباما قد رجح الخميس الماضي أن يكون سقوط الطائرة ناجما عن قنبلة وأن بلاده «تأخذ تلك الفرضية على محمل الجد».

لكن مسؤولين أميركيين حذروا من أن هناك كثيرا من الأسئلة غير المجابة كدرجة التنسيق بين قيادة تنظيم الدولة في العراق والشام وبين فرعه المصري المسمى «ولاية سيناء»، وفروعه في ليبيا واليمن وأماكن أخرى والتي رفعت العلم الأسود للتنظيم.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الإدارة الأميركية رفض الكشف عن هويته قوله: «إذا اتضح أن سقوط الطائرة ناجم عن عمل إرهابي حتى لو كان من تنفيذ أحد فروع تنظيم الدولة، سيظل هناك سؤال بشأن ما إذا كان الفرع يعمل بالنيابة عن التنظيم أو بشكل مستقل عنه، وإلى أي مدى يحكم قادة التنظيم في سوريا العراق قبضتهم على الفروع».

يقول وليام ماكنتس خبير شؤون الإرهاب ومؤلف كتاب «نهاية تنظيم الدولة»: إنه حتى لو كانت إسقاط الطائرة الروسية تم بأمر مباشر من التنظيم أو بشكل مستقل من ولاية سيناء، فإن تلك الهجمة تمثل «نقلة نوعية في عمليات الاستهداف لدى التنظيم وقوته الهجومية».

ويضيف ماكنتس أن هجمات الذئاب المنفردة تثير القلق والانزعاج، لكنها لا تحدث نفس الخوف الناجم عن استهداف طائرة تجارية، محذرا « أنه في حالة استمر هذه النوع من الهجمات ضد الأطراف المحاربة لتنظيم الدولة، فمن شأنه أن يشكل ضغطاً كبيراً على التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وكان ولاية سيناء فرع تنظيم الدولة في مصر قد أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الروسية، وبث بيانا مقتضبا أشار فيه إلى أن «جنود الخلافة تمكنوا من إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء» وفق ما قال موقع «سايت» المتخصص في مراقبة الجماعات الجهادية.

ولفت الصحيفة إلى أن روسيا تدخلت عسكرياً في سوريا في الآونة الأخيرة وقالت: إنها ستركز الضرب على تنظيم الدولة، رغم أن العديد من الغارات استهدفت مجموعات متمردة معتدلة تقاتل نظام بشار الأسد، حليف موسكو القديم.

وأشارت إلى أن «ولاية سيناء» التي حملت من قبل اسم «أنصار بين المقدس» خرجت من رحم حركة مسلحة محلية تشكلت عقب انتفاضة الـ 25 من يناير 2011، أي قبل تأسيس تنظيم الدولة، ثم بايعت ولاية سيناء تنظيم الدولة العام الماضي، ورغم ذلك ليس هناك وضوح في مدى الدعم الذي تتلقاه المجموعة من القيادة المركزية في العراق والشام.

ورغم ذلك، شنت مجموعة ولاية سيناء سلسلة هجمات في مصر بما في ذلك تفجير خط أنابيب لنقل الغاز بين مصر وإسرائيل، وشنت هجمات ضد سائحين إسرائيليين في سيناء، وأيضا أعلنت ولاية سيناء مسؤوليتها عن عدة هجمات كبيرة نفذتها الصيف الجاري ضد المصريين وأهداف أجنبية ومنها داخل محافظة القاهرة.

يشير بورس ريدل محلل الـ سي أي أيه السابق وخبير شؤون الإرهاب في معهد بروكنجز إلى أن «ولاية سيناء تتسم بقوة كبيرة. لذا لا يعد الانتقال من ضرب أهداف «للكفار» إلى مهاجمة الروس توسعاً كبيراً».

وأشارت الصحيفة إلى أن إسقاط الطائرة الروسية يبرز أيضاً نشوء تهديد جديد للغرب ينبع من منطقة لم تكن محط اهتمام عمليات مكافحة الإرهاب.

يرى المحلل ريدل أن «فرعاً لتنظيم الدولة في بلد مثل مصر يبلغ تعداد سكانه 90 مليوناً، وتمر به قناة السويس، ويعتمد على قطاع السياحة، يمثل تهديدا أكثر جدية بكثير من فرع في جنوب اليمن أو الصومال»، مشيراً إلى مئات الرحلات التي يستقبلها مطار القاهرة يومياً.

وتقول واشنطن بوست: إن القدرة الواضحة لولاية سيناء على تهريب قنبلة على متن طائرة محملة بالسياح يثير قلقاً بين مسؤولي الأمن الأميركيين، الذين استراحوا لفكرة تركيز تنظيم الدولة ظاهرياً على إنشاء خلافته، وإنه حتى الآن غير عازم أو غير قادرة على توجيه ضربات خارج منطقة نفوذه الحالية.
يعتقد الخبير هوفمان أن إسقاط الطائرة الروسية «هو أهم حادثة إرهابية ضد طائرة تجارية منذ 11 سبتمبر»، متوقعاً أن يكون لإسقاط الطائرة تداعيات عميقة».

وأضاف هوفمان أن ولاية سيناء استغل الفرصة على ما يبدو واتخذ آخر خطواته لتصعيد نفسه على الساحة الدولية.

وتقول الصحيفة: إن تنظيم الدولة الذي نشأ من رحم القاعدة، يحذو على ما يبدو حذو القاعدة عبر إنماء فروع له في أماكن أخرى، فرغم تآكل قيادة تنظيم القاعدة على مدار العقد الماضي بفعل ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار، إلا أن إنماء التنظيم لفروعه في اليمن وشمال إفريقيا وأماكن أخرى أبقته على قيد الحياة.

يرى الخبير ماكنتس أن تنظيم الدولة يحمى نفسه ضد الخسارة ويحاول ضمان إنشاء عمق استراتيجي له، بحيث لو حوصر في مكان ما، يكون له القدرة على الضرب في آخر، وكأن لسان حال التنظيم يقول: «إذا استهدفنا في سوريا، فإننا سنعبث بكم في مصر».