اتفاقية الدوحة للسلام في تشاد.. نجاح قطري جديد في الوساطة وحل النزاعات

alarab
محليات 09 أغسطس 2022 , 12:10ص
الدوحة - قنا

أصبح اسم الدوحة علامة بارزة في الاتفاقيات الإقليمية والوساطة الدولية وحل النزاعات، سواء من خلال الإعلان عن اتفاقات لإرساء الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين، كما كان في لبنان وإقليم دارفور في السودان، وآخرها في تشاد، أو بين أطراف دولية، كما حدث في الحوار الأفغاني- الأفغاني، والمحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان.
وأمس.. وقعت الأطراف التشادية اتفاقية الدوحة للسلام بمشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل السيادي في تشاد، تحت رعاية دولة قطر، والتي جاءت تتويجا للمفاوضات التي استضافتها خلال الأشهر الخمسة الماضية بمشاركة إقليمية ودولية، ويمهد الاتفاق لبدء انعقاد الحوار الوطني في العاصمة التشادية نجامينا، الذي يهدف لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
ولم تتردد دولة قطر لحظة في قبول الوساطة واستضافة المفاوضات بين الأطراف التشادية إيمانا منها بأن التصالح الحقيقي للشعب التشادي هو الضمانة الأكيدة لاستدامة السلام والاستقرار، وبناء دولة القانون والتنمية في تشاد.
ويشكل الاتفاق خطوة أولى في طريق المصالحة التشادية، ويتضمن تدابير لاستعادة الثقة والسلام والوئام الوطني والأمن، منها: وقف الأعمال العدائية بصورة تامة ونهائية، التزام الحكومة الانتقالية بعدم قيام قوات الدفاع والأمن بأي عملية عسكرية أو بوليسية ضد الحركات السياسية العسكرية الموقعة على الاتفاقية أينما وجدت في البلدان المجاورة لتشاد، التزام الحركات السياسية المسلحة بعدم القيام بأي اختراق أو عمل مسلح أو هجوم من أي نوع كان ضد الحكومة الانتقالية، التزام جميع الأطراف بعدم القيام بأي عمل عدائي أو انتقامي أو مضايقة على أساس عرقي أو انتماء سياسي أو أي أساس آخر.
واستضافت دولة قطر مفاوضات السلام التشادية في شهر مارس الماضي بمشاركة ممثلين عن الحكومة الانتقالية ومعظم الحركات السياسية العسكرية في تشاد وذلك انطلاقا من دورها الإقليمي والدولي الفاعل في توفير الأرضية الأساسية للوساطة ومنع نشوب وتفاقم النزاعات.
وكان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أعرب خلال استقباله لفخامة الفريق محمد إدريس ديبي إتنو رئيس المجلس العسكري الانتقالي بجمهورية تشاد والوفد المرافق، السبت الماضي، عن دعم دولة قطر للمصالحة الوطنية الشاملة في تشاد من أجل أن ينعم الشعب التشادي بالسلام والأمن والاستقرار والتنمية، مؤكدا سموه أن المفاوضات بين حكومة تشاد وعدد من مجموعات المعارضة المسلحة تمثل خطوة أولى مهمة لتحقيق المصالحة، متمنيا سموه التوفيق في الحوار الوطني الشامل الذي سيقام في العشرين من أغسطس الجاري في العاصمة التشادية نجامينا.
دولة قطر عملت على إنجاح المفاوضات التشادية، وبذلت ما بوسعها لإنجاحها بصفتها ميسرا ومضيفا لها، وذلك في إطار سياسة الدوحة المؤمنة بالحوار والمساعي الحميدة والدبلوماسية كخيار استراتيجي، وإيمانا بضرورة المساهمة في إحلال السلم والأمن الدوليين والإقليميين، وانطلاقا من حرص الدوحة على تحقيق السلام والاستقرار في تشاد، وبذل مساعيها الحميدة من أجل تشكيل حوار شامل يقود البلاد إلى بر الأمان، تواصلت الجهود الدبلوماسية لدولة قطر لدفع المفاوضات التشادية، وتوقيع اتفاق بين ممثلي المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة.
وحققت قطر نتائج كبيرة في حل النزاعات، وتعمل على النجاح في الملف التشادي، مما أكسبها ثقة المجتمع الدولي، وأصبحت لاعبا أساسيا ورئيسيا على الساحة الدولية في جهود الوساطة، وصارت وسيطا مقبولا إقليميا ودوليا مشهودا له بالاستقلالية والحيادية وفق القانون الدولي.
وساطة الدوحة تتميز باحتوائها مختلف الأطراف وضمان تمثيل الجميع دون تحيز لطرف دون آخر، أو فرض إملاءات سياسية أو أيديولوجية، فضلا عن توفيرها دعما تنمويا لإنجاح مساعي السلام، ونزع فتيل الأزمات والصراعات دون إغفال أهمية وجود إرادة حقيقية من جانب مختلف الأطراف للوصول إلى السلام المنشود.
وتعزز الدبلوماسية القطرية نجاحاتها على المستويات كافة، وذلك من خلال الأدوار الكبيرة التي تلعبها في حفظ الأمن والسلم الدوليين، ومساهماتها البارزة في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه العالم، من خلال التعاون متعدد الأطراف مع شركائها الدوليين والإقليميين، حيث حققت الدولة إنجازات كبيرة في مجال الوساطة في النزاعات، مستندة إلى سجل حافل بالنجاحات، وهي تقود حاليا جهود الوساطة في مفاوضات السلام التشادية، حيث تشهد المفاوضات تقدما في طريق إحلال السلام وإنهاء الصراع في تشاد.
ويؤكد النجاح المستمر للوساطة القطرية، بما لا يدع مجالا للشك، أن الدوحة عندما تتم دعوتها لحل المشكلات هنا وهناك، فإنها لا تضع في حسبانها سوى صالح الشعوب، وتمهيد الطريق أمام الأفراد للحياة بصورة إنسانية وطبيعية.
والتقدير لجهود الدوحة في الوساطة، ليس جديدا، فعلى مدى السنوات الماضية لعبت الدبلوماسية القطرية الدور الأبرز في تهدئة ووأد بؤر التوتر في العديد من المناطق بالعالم، ولعل أبرزها استضافة الحوار الأفغاني - الأفغاني، ثم المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان، والتي أفضت إلى توقيع اتفاق سلام بين الجانبين مهد الطريق للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ومن ثم قيام قطر بإجلاء الرعايا الأجانب من كابول، وبالتوازي مع كل هذا العمل على إعادة الاستقرار في أفغانستان حرصا على أن يحيا الشعب الأفغاني الشقيق حياة آمنة، بعد عقود طويلة لم يسمع خلالها سوى أصوات البنادق.

الإشادة بدور الوسيط في الأزمات نتيجة نهج ثابت للدولة 
وما تحصده قطر من إشادات على دور الوسيط في العديد من الأزمات العالمية هو نتاج نهج ثابت للدولة طوال السنوات الماضية، عززته رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بأن تكون الدوحة حاملة «مشعل نشر السلام» في مختلف بقاع العالم، خاصة في محيطها الإقليمي.
وترسخ الجهود الدبلوماسية القطرية أمرين الأول أن الدوحة في ظل القيادة الرشيدة هي مركز الحوار والوساطات بالمنطقة، اتساقا مع استراتيجية ثابتة تسير عليها الدولة منذ سنوات، بأن مائدة التفاوض كفيلة بحل كل الأزمات، وهذا ما أكد عليه سمو الأمير المفدى في الكثير من المناسبات عبر خطاباته المهمة. والأمر الثاني هو ثقة الفرقاء على اختلاف مشاربهم في الوسيط القطري، باعتباره وسيطا نزيها يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.