الطلاق «غول» يهدد المجتمع.. ودور مركز الاستشارات العائلية ليس له وجود
محليات
09 أبريل 2018 , 06:39ص
العرب- محمود مختار
أكدت الأستاذة أمينة المنصوري المحامية بالتمييز، أن ظاهرة الطلاق أصبحت غولاً يهدد المجتمع، خاصة في ظل تراجع أداء مركز الاستشارات العائلية الذي لم يعد له وجود.
وأضافت في حوار خاص لـ «العرب» أن المركز يفتقر للخبرات والكوادر القانونية، فضلاً عن أن معظم الاختصاصيين والمحكمين الذين يوكل إليهم التوسط لحل مشكلات الأسرة القطرية أجانب، مع العلم أن الأسرة القطرية لها عادات وتقاليد خاصة جداً يصعب على غير القطريين منهم تفهمها، وهو ما قد يؤدي إلى تصدع الأسر القطرية.
وطالبت المنصوري المركز بأن يعمل على إعداد وتأهيل استشاريات واختصاصيات من القطريات، ويقدم لهن المساندة والدعم والاستعانة بهن في أعمال المركز ذات الصلة بالمنازعات الأسرية، حتى يتم رفع الحرج عن الموكلات من السيدات، لافتة إلى أن بعض المتقاضين يتعرضون لضغوط من الخبراء نتيجة عدم الحياد، الأمر الذي يسبب أزمات نفسية وخيمة لدى الأسر.. وفي ما يلي نص الحوار:
بداية نود أن نعرف القراء بمركز الاستشارات العائلية.
¶ مركز الاستشارات العائلية هو مؤسسة رائدة -وبحق- في دعم استقرار الحياة الزوجية والأسرية، وكان عند نشأته مؤسسة خاصة من قبيل المؤسسات الخاصة الخاضعة لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وتم تحويله بموجب قرار رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة رقم (3) لسنة 2007م إلى مؤسسة خاصة ذات نفع عام، وأصبح خاضعاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 21 لسنة 2006م بشأن المؤسسات الخاصة ذات النفع العام.
وما أهداف مركز الاستشارات العائلية؟
¶ المركز يهدف إلى الحفاظ على الأسرة من التفكك والانهيار، وذلك بتحقيق التعامل الإيجابي بين أفرادها ودعم سبل التفاهم فيما بينهم لتقليل حالات الطلاق في المجتمع، ومعالجة المشكلات الناجمة عنها وما يترتب عليها من آثار سلبية قد تمتد إلى الأولاد.
وهل يقتصر دور المركز على التوعية الأسرية أم له دور في قضايا الأسرة؟
¶ لمركز الاستشارات العائلية دور مهم وضروري في قضايا الأسرة، ولا يقتصر دوره على توعية أفراد الأسرة لتجنب المشكلات الأسرية، فمن أهم أهدافه أنه يساهم في تسوية المنازعات الأسرية بالطرق الودية، فضلاً عن أنه منوط به توفير الخبرات من الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين التي قد تطلبها الجهات القائمة على الفصل في المنازعات الأسرية، فالقاضي قد يحتاج في العديد من قضايا الأسرة إلى اختصاصيين أو محكمين للفصل في النزاع الأسري المطروح أمامه، ومركز الاستشارات العائلية يقدم له هذه الخبرات.
وهل يحقق المركز أهدافه في قضايا الأسرة؟
¶ بالتأكيد كان للمركز منذ نشأته ولا يزال دور مهم وفعال في توعية أفراد المجتمع بالعلاقات الأسرية الصحيحة والسليمة، وبيان الآثار السلبية على أفراد الأسرة التي يمكن أن تترتب على المشكلات الأسرية وحالات الطلاق، والمركز يقوم بعمل دؤوب وظاهر للجميع فيما يتعلق بالندوات والدورات التأهيلية، ولا يدخر جهداً في إبرام مذكرات تفاهم مع الجهات الأخرى ذات الصلة بعمل المركز للارتقاء بمستوى الأسرة من شتى النواحي، والحفاظ على تماسكها وترابط أفرادها، فللمركز بصمات واضحة وخطوات جادة في تحقيق جميع أهدافه التي أنشئ من أجلها.
وما ملاحظاتك على المركز كمواطنة؟
¶ كمواطنة لي بعض الملاحظات على المركز، وكمحامية لي مآخذ على بعض الخبراء العاملين بالمركز، وأتمنى من مركز الاستشارات العائلية المزيد من العمل الجاد، وآمل أن يقوم المركز بتعميق علاقته بالأسرة القطرية، وأن يبحث عن الوسائل الجادة والفعالة التي من شأنها أن تجذب الأسرة القطرية إليه دون تردد، وأن يستعين المركز في أعماله بقانونيين أو على الأقل يعمل على تثقيف الاختصاصيين أو المحكمين من الناحية القانونية، للحفاظ على حقوق أفراد الأسرة التي قد يؤدي عملهم إلى إهدارها بدلاً من الحفاظ عليها، بسبب نقص خبراتهم القانونية، كما آمل من المركز أن يراعي في اختيار الاختصاصيين والمحكمين الذين يوكل إليهم التوسط لحل مشكلات الأسرة القطرية أن يكون هؤلاء الخبراء من القطريين، وذلك مراعاة للطبيعة الخاصة للأسرة القطرية وعادات وتقاليد المجتمع القطري وخصوصياته، والتي يصعب على غير القطريين منهم تفهمها وهو ما قد يؤدي إلى تصدع الأسر القطرية.
وهل يقوم المركز بإعداد وتأهيل استشاريين واختصاصيين؟
¶ أتمنى أن يعمل المركز على إعداد وتأهيل استشاريات واختصاصيات من القطريات، ويقدم لهن المساندة والدعم والاستعانة بهن في أعمال المركز ذات الصلة بالمنازعات الأسرية، ويمكنهن من هذا العمل ليثبتن أنهن قادرات على تحقيق أهداف المركز التي نتطلع إليها جميعاً، لا سيما وأن المرأة طرف مهم ورئيسي في العلاقات الزوجية، وأنه في كثير من الحالات لا يكون في مقدور الرجل فهم مشكلات المرأة الاجتماعية والنفسية والعمل على إيجاد حلول لها.
وهل صادفتك في عملك حالات كان أداء الاختصاصي فيها يدل على نقص خبراته القانونية؟
¶ نعم فأنا محامية وتصادفني حالات كثيرة، ولدى مكتبي موكلون من الرجال ومن النساء في قضايا أسرية، يقول لي بعضهم إن ما يحدث معهم في مركز الاستشارات العائلية مواقف يتأسفون لها، فبعضهم يشعر بعدم حياد الاستشاري أو الاختصاصي فيتعرض لضغوط نفسية ويفقد الأمل في حقوقه، وبعضهم للأسف يحثهم الاستشاري أو الاختصاصي على الابتعاد عن المحامين ويشعرهم أن المحامي جزء من المشكلة الأسرية ويساعد على تفاقمها، وهناك من الاستشاريين أو الاختصاصيين من يتعدى حدود عمله ويعتدي على عمل القاضي ويقدم للمتقاضين نصائح قانونية غير صحيحة.
وهل من أمثلة على ذلك؟
¶ مثلاً في إحدى الدعاوى القضائية حصلت على حكم بالنفقة لموكلتي خلال فترة زمنية معينة، فأقمت دعوى جديدة لموكلتي للمطالبة بنفقة شهرية لها خلال فترة زمنية مغايرة، مع العلم أن القانون لم يشترط فوات سنة لرفع هذه الدعوى الجديدة، وإن كان قد اشترطها في حالات أخرى مغايرة، وعند عرض الأمر على مركز الاستشارات العائلية قام الاختصاصي الاجتماعي التابع للمركز بعقد جلسة مع موكلتي وأبدى لها معلومة قانونية خاطئة بأنه لا يجوز لها رفع هذه الدعوى لأنه لم تمض على الحكم السابق سنة من تاريخ صدوره، وأسدى لها نصيحة بشطب الدعوى وعدم مواصلة إجراءاتها، وصاغ لها إقراراً بشطب الدعوى والتنازل عن طلباتها، وكتب في تقريره أنه (تم إرشاد المدعية إلى حقوقها القانونية في مثل حالتها، وأنه لم يمض على الحكم السابق سنة من صدوره، وعند تفهمها لذلك قررت شطب الدعوى ... ووقعت إقرار شطب بذلك).
وما الخطأ الذي ارتكبه الاختصاصي هنا؟
¶ الاختصاصي هنا يجهل طبيعة عمله وحدود الدور الذي يقوم به، فهو قد تدخل في تكييف الدعوى وتحديد النصوص القانونية الواجبة التطبيق عليها، ولم يفهم أن هذا العمل القانوني البحت ليس من شأنه على الإطلاق، إذ إن تكييف الدعوى وتحديد نصوص القانون واجبة التطبيق عليها هو من صميم عمل القاضي ومن شأنه وحده، هذا فضلاً عن أن صياغة الاختصاصي للإقرار تنم عن جهل في القانون، إذ إنه خلط بين إجراء الشطب وإجراء التنازل، في حين أن شطب الدعوى إجراء يختلف تماماً عن التنازل عن الدعوى أو الطلبات فيها، ولكل منهما أحكام وآثار قانونية تختلف عن أحكام وآثار الآخر.
وهل هناك حالات أخرى غير ذلك؟
¶ هناك حالات أخرى عديدة تنم عن جهل بعض الاختصاصيين بأحكام القانون وإجراءات التقاضي، ولكن أود أن أقول إن للمركز دوراً عظيماً في القضايا الأسرية وله نجاحات محمودة في هذا الشأن، وإن كانت لي بعض الملاحظات فهي من قبيل النقد البناء، الذي يراد به علاج السلبيات وأن يكون المركز في أفضل صورة له.
من خلال عملك كمحامية، هل قلت نسب الطلاق والمشكلات الأسرية في المحاكم؟
¶ حقيقة لا أعتقد ذلك، بل على العكس فأنا أعتقد أن حالات الطلاق والمشكلات الأسرية عموماً في تزايد ملحوظ ومستمر، ولأمانة القول فأنا لم أطلع على إحصائيات المحاكم في هذا الشأن ولكن مقياسي متخذ من القضايا التي تعرض علي، وهي في تزايد ملحوظ ومستمر، وقد يكون المقياس غير منضبط.
وفي رأيك ما هي أسباب ذلك؟
¶ هناك أسباب مختلفة ومتعددة تؤدي إلى ازدياد المشكلات الأسرية وازدياد حالات الطلاق، منها ما يكون قبل الحياة الزوجية مثل سوء اختيار الزوج، ومنها ما يتعلق بالحياة الزوجية ذاتها، ولكني أرى بصفة عامة أن الأسباب غالباً في مجملها ما تعود إلى عدم التفاهم والتعامل السلبي في العلاقات الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة، وابتعاد بعض أفراد الأسر القطرية عن القيم الاجتماعية والعادات والتقاليد الأصيلة للمجتمع القطري.
وكيف تمكن معالجة هذه الأسباب والحد من نسب الطلاق والمشكلات الأسرية؟
¶ أعتقد أن المسألة تحتاج إلى تضافر جهود مختلف الجهات لإجراء تعديلات استراتيجية من جميع النواحي المتعلقة بالأسرة، فمثلاً إذا طالعنا قانون الأسرة الحالي نجد أنه صدر منذ عام 2006م في ظل ظروف وأوضاع قد طرأت عليها تغيرات.
وقد كشف الواقع العملي بعد تطبيق القانون لمدة ناهزت 12 عاماً عن بعض الآثار السلبية لبعض نصوصه، والتي عجزت عن الحد من المشكلات الأسرية والآثار السلبية والوخيمة لها، ورغم ذلك لم يتم إدخال تعديلات على نصوص هذا القانون منذ إصداره لمواكبة المتغيرات التي طرأت على ظروف المجتمع وأوضاعه، ووضع الحلول المناسبة والملائمة للحد من الآثار السلبية التي كشف عنها تطبيق هذا القانون، رغم أننا نعيش حالياً في فترة صحوة تشريعية متقدمة.
وما دور المؤسسات الاجتماعية بعد التشريعات؟
¶ نحتاج بالفعل من المؤسسات الاجتماعية تفاعلاً أكثر إيجابية مع مشكلات الأسر المختلفة، وإيجاد الحلول التي توائم كلاً منها، وخاصة الأسر القطرية، فأنا مثلاً يؤرقني جداً أن أصادف زوجة قطرية لديها أطفال صغار وقد امتنع زوجها عن الإنفاق عليهم لخلاف معها، وحينما تلجأ إلى القضاء ليقرر لها ولأطفالها نفقة يعيشون منها يقوم الزوج بإخفاء مصادر دخله ويماطل في التنفيذ بشتى السبل نكاية بزوجته، مستغلاً في ذلك طول أمد التقاضي وإجراءاته، ولا يكون لتلك الزوجة دخل للإنفاق على نفسها وأطفالها.
وكيف يمكن للمؤسسات المجتمعية أن تعالج مثل هذه الحالة؟
¶ يمكن للمؤسسات الاجتماعية أن تنشئ صندوقاً لمساعدة مثل هذه الحالات بمنحها نفقة شهرية في حدود النفقة المحكوم بها، ويكون ذلك على سبيل القرض الحسن أو السلفة، وبضوابط معينة ولمدة مؤقتة إلى حين التنفيذ على أموال الزوج المتعسف وإجباره على الانصياع لتنفيذ حكم المحكمة، إذ كيف تعيش مثل هذه الزوجة وأطفالها الصغار وهم لا حول لهم ولا قوة، وأعتقد أن هذا الدور ليس بعيداً عن الدور الذي تقوم به المؤسسات الاجتماعية، كما يمكن لمركز الاستشارات العائلية أن يتبنى هذا المقترح ويعمل على دراسته والسعي لتطبيقه.
المحكّمون يتخذون العمل مجرد وسيلة للتربح
قالت المحامية أمينة المنصوري إن معظم الطلاق في الآونة أصبح طلاقاً قبل الدخول، وهذا يكون في سن صغير للزوجين، وانتشر هذا الأمر مؤخراً بسبب قلة الوعي والتفاهم بين الزوجين، ويتحمل المحكمون والعقلاء جزءاً كبيراً منه، فغالبية المحكمين الآن يتخذون العمل مجرد "وسيلة" فقط لربح المال.
وأكدت أن هذه الظاهرة يجب معالجتها على كل الأصعدة، فهي تحتاج إلى البحث في جذور تلك المشكلات والتغلب عليها، موضحة أن هذا البحث يتطلب إعادة النظر في المناهج الدراسية، وإدخال مواد اجتماعية قادرة على تربية الأجيال المقبلة على الصبر والحكمة، وتوخي الحذر في اتخاذ القرارات المهمة في الحياة.
وأضافت المنصوري أن الجهات المعنية في الدولة لحل الخلافات الأسرية أصبحت غير قادرة على تقديم الحلول الكافية، لذلك، يجب إعادة هيكلتها، لكي يتم ردع ظاهرة الطلاق، التي أصبحت خطراً كبيراً يهدد الأسر.
ونوهت بأن أكثر أسباب انتشار ظاهرة الطلاق في المجتمع هي مشكلة الزواج المبكر، والمتعارف عليه لدى غالبية العائلات، والذي تتحمل تلك العائلات فيه جميع مصاريف الزواج، والنفقة، والسكن، وغير ذلك، في الوقت الذي لا يزال فيه هذا الزوج في مرحلة المراهقة والدراسة، ولا يمتلك من المقومات العقلية والعملية ما يجعله قادراً على فهم منظومة الزواج، وما يترتب عليها من مسؤوليات، والنتيجة الحتمية لمعظم حالات الزواج هذه هي الطلاق.
عندما يكبر هذا الشاب، ويدخل صراع الحياة العملية، ويوضع أمام الأمر الواقع، وما يعنيه من مسؤولية لم يتعود هو عليها تجاه زوجته وأطفاله، حيث يجد نفسه محاصراً بطلبات الزوجة والأطفال، وهي أمور لم يتعود عليها في حياته، بحيث لا يكون أمامه في مثل هذه الحالة سوى طلاق زوجته، لأنه غير قادر على تحمل مسؤولية الزواج.
وطالبت المنصوري بإيجاد حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة، وعمل حملة توعوية كبيرة بجميع وسائل الإعلام المرئية والورقية، لمعرفة الجميع أخطار ظاهرة الطلاق، على كل فئات المجتمع بشكل عام.
متقاضون لـ «العرب»: نتعرض لمساومات بالمركز
اشتكى عدد من المتقاضين عبر تصريحات لـ «العرب»، من خبراء مركز الاستشارات العائلية وطريقة عملهم «الصفرية» حسب وصفهم، مؤكدين أنه تعرضوا إلى عمليات ابتزاز ومساومات من قبل بعض الخبراء. بدورها قالت المواطنة «ن. ع» إن مركز الاستشارات العائلية قائم على الوافدين الذين يجهلون طبيعة الحياة القطرية، وهدفهم تقديم التقرير إلى الجهات المختصة فقط دون تقديم الحلول والمساعدة، مشيرة إلى أنها تعرضت إلى مساومات للتنازل عن شكواها، الأمر الذي جعلها تفتقد الثقة في المركز.
من جهتها طالبت السيدة «م. م» الجهات المختصة بالاختيار الصحيح للخبراء والمسؤولين بالمركز، لأنه يفتقر الخبرات الكافية لحل الأزمات والحفاظ على البيت القطري.