أكاديميون: «أرض الحكائين» تشريح للواقع بلغة شاعرية متفردة

alarab
ثقافة وفنون 09 فبراير 2023 , 12:40ص
حنان الغربي

د.حنان الفياض: حرصت على تنظيم اللقاء لإيماني بأهمية النقد

د. مراد مبروك: من أهم الإبداعات الأدبية القطرية آخر 10 سنوات 

د. امتنان الصمادي: رواية ذهنية بامتياز.. وتقدم رؤية تتسم بالتفاؤل 

د. فاطمة السويدي: طرح إشكاليات عميقة في المجتمع العربي

أقام الملتقى القطري للمؤلفين بالتعاون مع المركز الاعلامي القطري قراءة نقدية لرواية أرض الحكائين للكاتبة الدكتورة حنان الفياض.
شارك في الجلسة التي جرى بثها على قناة يوتيوب ومنصات التواصل الاجتماعي كل من الدكتورة امتنان الصمادي، استاذ الادب العربي بالجامعة الأردنية، ود. مراد مبروك أستاذ النقد والأدب الحديث في جامعة قطر، والأستاذة نورة فرج، استاذ الأدب والنقد بالجامعة ود. صيتة العذبة رئيس قسم اللغة العربية بالجامعة وأدارتها الدكتورة فاطمة السويدي، استاذ الأدب والنقد بالجامعة. 
وشهدت الجلسة النقدية التي استضافها المركز الاعلامي القطري، التأكيد علي تفرد لغة ومضمون الرواية، التي حملت مزيجاً من الإبداع يجعلها عصية علي التصنيف، ما يجعلها من أفضل وأهم الروايات الأدبية في العقد الأخير. 
وأكدت الكاتبة الدكتورة حنان الفياض أن تنظيم هذا اللقاء كان بطلب منها لإيمانها بأهمية عملية النقد في تطوير الكاتب لنفسه، وتعريفه بمكامن القوة والضعف في أعماله.
وقالت في تصريح لـ «العرب» عقب نهاية اللقاء: النقاد الموجودون اليوم متخصصون وثناؤهم على روايتي يسعدني ويشرفني، وقد كنت أنا من بادرت بطلب هذا اللقاء النقدي، انطلاقا من رغبتي في وضع اصبعي على نقاط ضعفي، فبالنسبة لي يبق الانتاج الأدبي بدون معنى إذا لم نتعرف على مواقع القصور، وأنا أؤمن أن البداية الحقيقية لأي ابداع تكون من التعرف على مواطن الضعف وتحسينها، وتطوير الذات وبالتالي المنتج الابداعي.
وقالت»لم أكن تتوقع أن تحظى»أرض الحكائين» بكل هذا الثناء، وكنت أطلب آراء النقاد والمتخصصين والقراء حتى قبل طباعة الرواية لمعرفة الحكم عليها.
وأضافت: كان مهما جدا بالنسبة لي أن أقدم للمشهد الثقافي القطري عملا جيدا، لكي أتمكن من بناء حكم موضوعي خصوصا أننا أصبحنا نجد أن الساحة الثقافية القطرية باتت ثرية بانتاج أدبي كبير بما في ذلك الرواية، لكن ينقصنا النقد، ومن هذا المنطلق بدأت بهذه الخطوة لأنني مؤمنة بالنقد.

حبكة فنية 

من جانبه أكد الدكتور مراد مبروك أستاذ النقد والأدب الحديث في جامعة قطر، أن»أرض الحكائين» من أهم الروايات التي صدرت في العقد الأخير في الأدب القطري من ناحية الرؤية والأداء، وقد استطاعت المؤلفة أن تربط الابداع بالقضايا الاجتماعية بحبكة فنية متميزة، واستخدمت فيها تقنيات مستحدثة في تشكيل الرواية. 
وقال»إن هذه الرواية تعتبر واحدة من أهم الروايات التي صدرت في العقد الاخير في الأدب القطري، وقد انبهر باللغة الشعرية رغم كون الكاتبة متخصصة في النحو، وقد شدته الرواية لدرجة أنه لم يتمكن من التوقف عن القراءة الى حين الانتهاء منها. 
وأضاف: إن الرواية جددت لدي تقنيات الشك، وأشاد بالكاتبة واصفا إياها بالشخصية المحترفة في العمل الابداعي، وأنها طرحت مجموعة من الاشكاليات ووظفت تقنيات لكتاب عالميين واخذت شكل التحقيق الصحفي لتضيف شكلا جديدا في التشكيل الروائي الفريد والمبتكر فهو يمزج بين السيناريو والتحقيق والسرد، ودعا النقاد والقراء إلى الاطلاع على الرواية، ودراستها. 

تشابكات مجتمعية 

وقالت الدكتورة امتنان الصمادي لـ «العرب « إن رواية «أرض الحكائين» تنطوي على مسائل جوهرية يعاني منها مجتمعنا العربي تتعلق بقضايا ظلم المرأة والعنصرية وتشابكات المجتمع المتطور بالمجتمع المتحضر وعالجت بكثير من الحرفية الفنية مسألة تقدم المجتمعات علميا وطبيا مقابل تمسكهم بعادات وتقاليد قاسية ضد المرأة هي رواية ذهنية بامتياز. 
وقدمت د. الصمادي خلال الجلسة قراءتها للرواية بالقول « أن المؤلفة تطرح رؤية متفائلة سعت من خلالها أن توجه انظار المتلقي الى سيطرة التقدم العلمي على البشرية وأن الماضي يمكن أن يصبح ثقلا على كاهل الانسان الذي يفرح بالتغيير دون وعي بسلبياته.
وأوضحت أن الرواية تسلط الضوء على مسائل الحب والارتباط، وأن الشخصية الرئيسية اشكالية وتحمل معاني كثيرة وهي تمثل الوطن الذي يتعامل مع الدم المخلوط والرواية تحمل جانبا تجريبيا من خلال شخصية الجنين»الفواز» الذي أصبح بطلا يشارك في الأحداث ويقضي على الممارسات السلبية في المجتمع ويجتمع حوله مجموعة من الشبان الذين يؤمنون بالعدالة ويحصل التغير على يديه بعد أن عاصر مع والدته شتى انواع الظلم والمعاناة. وأكدت أن المؤلفة أوصلت رسالة مفادها أن الشخص لا يختار نسبه وانما يحدث بمحض الصدفة وأن المفلس هو ما يملك حريته.

اشكاليات عميقة 

وقالت د. فاطمة السويدي أستاذة الأدب والنقد في جامعة قطر، إن الرواية تطرح اشكاليات عميقة ودفينة في المجتمع العربي وخاصة فيما يتعلق بالعصبية واشكالها وارتباطها بالبنية الفكرية والثقافية مشيرة إلى أن هذا النص المهم يبحث عن مخرج للواقع و يذكرنا برويات عالمية تتكلم عن أهمية دور المرأة في التغيير الاجتماعي، مؤكدة أن هذه الرواية تحمل هاجسا اخلاقيا و ثقافيا في ثنايا عرضها لمواقف اجتماعية حيث تناولت مراحل تحولات المجتمع بفعل التغيرات الاقتصادية و البنية الثقافية والفكرية. 
وأشارت إلي أن التغيير يتطلب طموحا ورغبة شديدة في الانجاز إضافة إلى التأمل العميق لواقع المجتمع بناء على الوعي.
وعبرت عن اعجابها باختيار الكاتبة، لأرض جديدة برؤية جديدة. تسكنها المرأة الواعية من خلال الاعتماد على السرد والمجاز الذي التقط المشاعر العميقة.
إدانة للعنصرية 

من جانبها قالت الأستاذة نورة محمد فرج إن هذه الرواية بمثابة إدانة مجتمعية وهجائية للذهنية العنصرية في المجتمع، وهذه الادانة تجسدت من خلال العنوان الذي يعبر عن مجتمع يعتمد على تناقل الحكايات وأنه يجعل الاخر مادة للمتعة، ورغم انتقال الحكائين الى منطقة ثانية لكنهم حملوا معهم عقليتهم.
وأشارت إلى أن المؤلقة استخدمت تقنية تعدد الاصوات نظراً لتعدد الاحداث فكما نرى الاحداث بأشكال مختلفة ومن منظور مختلف مع كل صوت، فصوت المرأة تكلم عن معاناتها من عنصرية الرجل، والرجل ايضا تحدث عن هذه العقلية العنصرية. 
وختمت د. صيتة العذبة الجلسة النقدية بالتأكيد أن هذا العمل سيبقى في ذاكرة كل من يقرأ لأنه مميز ويستحق التوقف، من حيث اللغة التي كانت بطلا من ابطال الرواية لانها كانت طازجة وفيها الكثير من الشاعرية كما تحمل الرواية الكثير من الفانتازيا والخيال العلمي والبعد المجتمعي والرومانسي وهو ما جعلها عصية على التصنيف نظرا لتفاصيلها المتعددة.