صخب الشر في سوريا لا يوقظ العالم

alarab
حول العالم 08 أكتوبر 2016 , 08:57ص
ترجمة العرب
أين الولايات المتحدة والغرب من الجرائم الشيطانية التي يرتكبها الأسد والروس في حلب؟ لا يريد الأميركيون أن يتدخلوا عسكريا، وهذا مفهوم. ولكن أين القوة الناعمة للغرب؟ أين العقوبات القاسية وفعاليات المنظمات المدنية؟ ولكن الكلمات والتغريدات كافية، طالما وجد كبش فداء ضعيف اسمه «تنظيم الدولة».

عشية رأس السنة (اليهودية)، إذا اضطررت لاختيار القضية الأبرز والأكثر إثارة للصدمة وغير المفهومة في قصة البشرية في السنة الماضية، كنت أشير بلا تردد إلى حلب، المدينة ذاتها والمدينة كمثال.

يخيل إلي أن العالم لا يفهم وربما لا يريد أن يفهم على الإطلاق أن شيئا جديدا، شيئا به شر شيطاني، يجري في هذه الأيام. ما هو؟ لقد توقف نظام الأسد والروس عمليا عن محاربة الثوار. وهم قد تعدوا ذلك إلى القتال ضد المدنيين. حتى في الماضي ضربت الطائرات المدنيين، ولكن كان هذا على الأقل في إطار الحرب ضد الثوار.

الهدف الآن هو تدمير حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة الثوار، حي مدني تلو آخر. هذا يعني أنهم يقصفون باستمرار البيوت، والأسواق، والمستشفيات، والمباني العامة، والبنية التحتية للمياه والكهرباء. الهدف هو دفع السكان إلى مغادرة الحي. أي تطهير عرقي على وجه الدقة. ويتم ذلك في مدن أخرى مثل حمص وحماة.

لقد فعل الروس شيئا من هذا القبيل في حربهم على الشيشان، عندما حولوا العاصمة جروزني إلى خرائب تحوي جثث الكلاب والقطط. هنا في حلب يصل الجنون الشيطاني إلى الذروة. يريد النظام أن يقتل أكبر عدد من المدنيين من أبناء شعبه، وأن يدمر أكبر عدد ممكن من ممتلكاتهم. من الصعب أن أتذكر في القرن الـ20، وبالتأكيد في القرن الـ21، هذا القتل الذي يحدث في حرب أهلية داخل الشعب نفسه.

ونحن في العقد الثاني من القرن الـ21، الذي يفتخر فيه بحقوق الإنسان، ويحتج فيه على كل كلمة غير لائقة ضد المرأة، والممتلئ بآلاف الجمعيات التي أقسمت على الحرب ضد العنصرية وسحق كرامة الإنسان.
وهذا العالم صامت. عفوا، إنه يتحدث. يسمي أفعال الروس همجية، وينادي على الطائرات من الأرض، ويتحدث ويتحدث ولا يفعل شيئا. هذه هي الصفات الشخصية لما يسمى العالم المستنير. لقد هاجموا قافلة الأمم المتحدة التي تحمل المساعدات إلى حلب. قال الروس: لسنا نحن. وقال السوريون: لسنا نحن. إذن ماذا يفعل العالم؟ يغرد ولا يفعل شيئا. والقتلة الروسيون والبشاريون يفهمون ذلك جيدا. الكلاب تنبح وأسراب الطائرات تواصل عملها.

ربما يقول القائل: ماذا تريد من الولايات المتحدة والغرب أن يفعلوا؟ أوباما لن يرسل جنودا أميركيين ولن يتدخل.

لن يفقد عقله. صحيح، ولكن الولايات المتحدة والغرب لديهم قوة «ناعمة». أين العقوبات القاسية؟ لسنا في حاجة إلى مجلس الأمن من أجل ذلك. أين إعمال المنظمات المدنية في التظاهرات، والاحتجاجات ضد أي منشأة روسية؟ لا ينقصنا شيء من القوة «الناعمة». ولكن لا شيء يتم. يقال إنه عندما يبدأ الشر في الصخب ويصمت الأخيار، حينذاك ينتصر الشر ويسيطر. هذا هو الواقع الآن، ويجب أن ندرك ذلك جيدا.
وما الشيء المثير للضحك؟ الأميركيون يحاربون على رأس ائتلاف عالمي ضد ما يسمى «تنظيم الدولة»، وهم يقصفونه منذ أكثر من شهرين. وهذه في رأيي الحرب الأكثر حماقة. فالتنظيم لا يشكل أي تهديد على الولايات المتحدة، ليس أكثر ولا أقل من أي تنظيم إرهابي آخر، ورغم وحشيته الصارخة يبدو كطفل أمام شيطانية الأسد والروس. هذا هو إذن عالمنا المستنير: يوجد كبش فداء لكل المصائب، اسمه «تنظيم الدولة». وهو ضعيف في المجمل ويمطرونه بالنار. في حين أن عمالقة الإجرام يمطرونهم بالكلمات. كما قالوا قديما: ويل للضعفاء.

أ.س