أوصى مؤتمر فن الادخار بضرورة ترسيخ وتضمين مفاهيم وقيم الادخار والاستثمار والتخطيط المالي وإدارة ميزانية الأسرة ضمن المناهج الدراسية بالشكل الذي يضمن تأصيل ثقافة الادخار لدى النشء منذ مراحله العمرية الأولى. ودعا المؤتمر إلى توسيع نطاق استخدام وسائل التكنولوجيا المالية بما تتضمنه من برمجيات وتطبيقات حديثة لمساعدة طلاب المدارس والجامعات على اكتساب مهارات التخطيط المالي وإدارة ميزانية الأسرة والادخار في الحاضر والمستقبل.
وشدد المؤتمر الذي نظمته جمعية المحاسبين القانونيين القطرية بشراكة استراتيجية مع مركز الاستشارات العائلية «وفاق» مؤتمر «فن الادخار» على أهمية رفع درجة الوعي المجتمعي بشأن ترشيد الاستهلاك وتقنين النفقات وانتقاد الأنماط والعادات الاستهلاكية السلبية بالشكل الذي يساهم في تحسين الأحوال المعيشية وتنمية اقتصادات الأسرة، كما دعا المؤتمر الذي أقيم تحت رعاية سعادة السيدة مريم بنت علي المسند وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة ورعاية بلاتينية للخطوط الجوية القطرية وشريك التنظيم جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية ACCA
إلى ضرورة تفعيل عمليات التعاون والتنسيق بين كل من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية من أجل إعداد برامج توعوية تتسم بالشمول والتكامل وتتجه بشكل مباشر نحو إكساب الأفراد والأسر ثقافة الادخار، وطالب الحضور بالسعي نحو خلق جو استثماري مناسب عن طريق التحديث والتطوير المستمر للمؤسسات والأسواق المالية بما يساعد على زيادة معدلات الادخار، ومن ثم تحسين الأحوال المعيشية لأفراد الأسرة، كما تضمنت التوصيات الدعوة إلى التوسع في نظام الشمول المالي والخدمات الرقمية، بما يعزز من الثقافة المالية ودور الادخار في حياة الأسرة، والتوسع في خدمات التأمين وتطوير واستحداث خدمات ومنتجات جديدة، بحيث توفر منافع مستقبلية مع مستويات متدنية من المخاطر، وتبني البرامج والمشروعات الهادفة إلى خفض معدلات التضخم مما يساعد على خلق جو إيجابي لزيادة المدخرات الوطنية، ومن جهة أخرى، وضع سياسات اقتصادية تسعى إلى رفع معدلات نمو الادخار المحلي.
وتناول المؤتمر عدة محاور، كان من أهمها مفهوم وماهية فن الادخار والفرق بينه وبين الاستثمار، ودوافع وأسباب الادخار، والآليات والطرق اللازمة لتحقيق الادخار الناجح، ودور جمعيات ومؤسسات العمل الأهلي في التوعية بأهمية الادخار، ودور القطاع المصرفي في التشجيع على الادخار، والأهمية الاقتصادية للادخار بالنسبة للفرد والأسرة والمجتمع، والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للادخار وقت الأزمات.
وأكد السيد راشد الدوسري المدير التنفيذي لمركز الاستشارات العائلية «وفاق» في تصريحات خاصة لـ «العرب» أن موضوع المؤتمر يعتبر واحدا من أهم المواضيع التي يركز عليها المركز سواء من خلال المحاضرات التي تقدم للمقبلين على الزواج أو من خلال الجلسات الإرشادية الفردية، واعتبر الدوسري أن الادخار مفتاح للاستقرار الأسري.
وقال: كثيرا ما تتسبب المشاكل المادية والمالية في إثارة الشقاق بين الزوجين وفي الأسرة، وهو الأمر الذي دفع مركز وفاق إلى استحداث برنامج حول كيفية إدارة ميزانية الأسرة، بالإضافة إلى برنامج تأهيل المقبلين على الزواج الذي يقدم لدفعتين أو 3 خلال السنة ويتضمن محور الإدارة المالية للأسرة قصد تسليط الضوء على أفضل سبل إدارة ميزانية الأسرة، وتدريب وتثقيف الزوجين بمخاطر الإسراف والديون والقروض على الأسرة، بالإضافة إلى قواعد الإنفاق وأولوياته. حيث لا يخفى علينا جميعاً أن الاستقرار النفسي أحد العوامل المهمة في مسيرة الأسرة ولا يمكن إنكار أن الاستقرار النفسي مرتبط بشكل كبير بالوضع المالي الذي تقوم عليه الحياة، من هنا تأتي أهمية ميزانية الأسرة التي تعتبر بمثابة خط ورؤية تؤثر في تنمية الأفراد وبالتالي تدفع عجلة التنمية المجتمعية.
وعن المؤتمر قال الدوسري موضوع المؤتمر يلامس كل أفراد المجتمع بما فيهم الأسرة، وهو ما دفعنا إلى استقطابه لينظم في مركز وفاق لضمان استفادة الأسرة القطرية والخروج بتوصيات تخدم الأسرة والمجتمع، وذلك بصفتنا الشريك الاستراتيجي مع جمعية المحاسبين القانونيين القطرية، وهي بالتأكيد خطوة مهمة في مجال الشراكة المجتمعية الفاعلة، إيمانا من المركز بأن هذه الشراكات تعد مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع أفراداً ومؤسسات، كونها تعد فرصة حقيقية لتبادل الخبرات وتعزيز إمكانيات وقدرات الجهات المتعاونة، وبما يحقق أهدافاً مشتركة تعود على الأسرة والمجتمع القطري بالنمو والتقدم والازدهار.
كشف راشد الدوسري في تصريحات صحفية على هامش المؤتمر، عن أنه ستكون هناك عيادة مالية بالتعاون مع جمعية المحاسبين القانونيين القطرية في مقر المركز لتقديم البرامج والاستشارات التثقيفية المجانية لرواد المركز في القضايا المالية والمحاسبية وتنظيم الموازنات للأسرة مع استمرار المركز في تقديم برنامج «تأهل وتوكل» للمقبلين على الزواج بصورة مطورة وحديثة.
هنادي بنت ناصر: برنامج دراسي لطلبة الابتدائية
ذكرت سعادة الشيخة هنادي بنت ناصر آل ثاني رئيس مجلس إدارة مؤسسة إنجاز قطر ومؤسسة إنجاز العرب أن الثقافة المالية تتصدر مبادرات إنجاز قطر من خلال عدد من البرامج بالتعاون مع شركائنا في قطر. و إيماناً منا بضرورة تنمية ثقافة الادخار لدى الجيل الجديد وتعوديهم عليها منذ الصغر، كان لابد من تدشين برنامج المرحلة الابتدائية حيث تركز البرامج على الدور الذي يلعبه الأفراد في مجتمعنا المحلي حيث يميز الطلبة بين مفهومي الحاجة والرغبة، ودور ترشيد الإنفاق في الحياة اليومية لجميع أفراد المجتمع، وتعزيز سياسات الادخار، مع مراعاة تجنّب التبذير.
وأشارت رئيس مجلس إدارة مؤسسة إنجاز قطر ومؤسسة إنجاز العرب إلى أن برنامج «كيف تدير الأموال؟»، يعد أحد أكثر البرامج نجاحاً في قطر، حيث استفاد منه عدد كبير من طلاب المدارس الثانوية والجامعات، ويواصل أنشطته للعام الرابع على التوالي لتثقيف الأجيال الصاعدة ويركز هذا البرنامج على طرق كسب وإنفاق المال بحكمة وذلك عن طريق وضع ميزانية محددة تشمل ادخار واستثمار الأموال.
د. هاشم السيد: معالجة عمليات الاستهلاك الترفيهي
أكد الدكتور هاشم السيد رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين القانونيين القطرية لـ « العرب» ضرورة ترشيد الاستهلاك والإنفاق ومعرفة الظروف الشخصية من خلال مصدر الدخل وحجمه والنفقات وتوزيعها. وقال «إن العالم يعيش مرحلة الأزمات المختلفة التي قد تعصف بالعالم من أزمة جيو سياسية وأزمة الغذاء وأزمة سلاسل الإمداد وأزمة التضخم والتوجه نحو الركود الاقتصادي والعالم يسبح في بحر الديون كما أنه لم يتعاف من آثار أزمة كورونا بعد. وعليه فإن الواقع يفرض علينا أن نرسم لأنفسنا سياسة حقيقية على مستوى الفرد والمجموعة والدولة نحو معالجة عمليات الاستهلاك غير المبرر والترفيهي والكماليات ونتوجه نحو الادخار والتوفير.
وفي كلمته خلال المؤتمر قارن رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين القانونيين القطرية بين نسب الادخار عند الأفراد في بعض الدول وذكر أن خريطة العالم في إحصاء الادخار تتفاوت في نسبتها فنجد أن التوفير في الصين يفوق نسبة 55% من الناتج المحلي. وتتبع اليابان طريقة الادخار التقليدية التي تسمى الكاكيبو حيث تعمل على مساعدة الناس في تغيير عاداتهم الاستهلاكية وتحديد أولوياتهم. أما في أوروبا يشكل الادخار مستويات مختلفة بين 15% إلى 25% من دخل الفرد مع التفاوت بين الدول. في حين تترنح أمريكا بين 14% إلى 19%. في حين أن مستوى الادخار لا يتجاوز 3% من معدلات دخل الفرد في المجتمع القطري.
وأوضح أنه في ظل أنماط سلوكياتنا الاستهلاكية فإننا نعيش مشكلة حقيقية قد أظهرت لنا أزمة الغارمين والديون المرتفعة. ولابد أن نخلق في أنفسنا الإرادة الحقيقية والرغبة نحو رسم خطة مالية واضحة تبدأ من الفرد والأسرة لأن سلامة الأسرة هي اللبنة الحقيقية لبناء مجتمع متماسك قوي في مواجهة الأزمات.