بلدة عراقية تعيش على منحدر "أخطر سد في العالم"
حول العالم
07 مارس 2016 , 03:08م
أ.ف.ب
تتنازع مشاعر من القلق والتشكيك أهالي بلدة وانة، الواقعة على منحدر سد الموصل، إزاء تقارير تتحدث عن احتمال انهيار السد بشكل مفاجئ، مما قد يؤدي إلى غرق بلدتهم بالكامل خلال دقائق.
ويعاني سد الموصل، الذي شُيِّد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، من مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الأمريكي إلى وصفه بأنه "أخطر سد في العالم"، في تقرير نُشر في 2007.
وحتمت هذه المشكلة إنشاء آلية لحشو السد بشكل متواصل على مدى 24 ساعة في اليوم، بمواد أسمنتية. لكن أعمال الصيانة توقفت بعد الهجوم الذي شنه تنظيم الدولة في المنطقة في يونيو 2014. وعلى الرغم من استعادة القوات الحكومية للمنطقة، فإنه لم تستأنف أعمال الصيانة بسرعة وبفاعلية.
وتقع وانة على بعد حوالي 10 كيلو مترات إلى الجنوب من السد، وهي أقرب البلدات والأكثر تعرضا للخطر في حالة حدوث انهيار.
ويقول خبراء إن انهيار سد الموصل سيؤدي إلى اندفاع ملايين الأمتار المكعبة من المياه التي قد يصل ارتفاعها إلى أكثر من 15 مترا.
وأصدرت السفارة الأمريكية في بغداد تقريرا - الأسبوع الماضي - أوصت فيه بإفراغ سد الموصل من المياه، من أجل حماية نحو مليون ونصف مليون شخص. ودعا التقرير إلى ضرورة ابتعاد سكان مدينتي الموصل وتكريت، بين 5 إلى 6 كم عن ضفتي نهر دجلة، ليكونوا بأمان.
وحتى الآن، تتواصل الحياة بشكل طبيعي في وانة التي يعيش فيها حوالي 10000 شخص. ويمكن مشاهدة الأطفال يلهون خارج المنازل، والأبقار ترعى في حقول ممتدة على جانب نهر دجلة.
ويثق بعض الأهالي بالسلطات المحلية التي تتابع - بقلق - تحذيرات مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والقوات الأمريكية.
ويقول فاضل حسن خلف (52 عاما)، وهو موظف حكومي ما زال يتذكر فترة بناء السد في ثمانينيات القرن الماضي، لوكالة فرانس برس: "نحن نعتمد على الخبراء العراقيين الذين يقولون ليست هناك مخاوف من انهيار السد، وهي مجرد ضجة إعلامية".
"لن نتمكن من النجاة"
لكن بشير إسماعيل (63 عاما)، وهو صاحب محل تجاري في وانة، ورب أسرة مسؤول عن 13 طفلا، يعيش قلقا حقيقيا. ويقول: "إذا كان السد سينهار، فعليهم أن يبلغونا بمغادرة المنطقة، مستحيل ألا يقولوا لنا".
ويشعر الموظف الحكومي زيد سعيد (31 عاما) بقلق أكبر. ويقول بدوره: "لن أكذب، نحن خائفون جدا من انهيار السد". ويتابع: "كثيرون من الأهالي يفكرون بترك منازلهم والذهاب إلى إقليم كردستان" القريب من محافظة نِينَوَى.
ويضيف سعيد، وهو ينظر مع مجموعة من أصدقائه إلى مستوى مياه النهر، حيث يقع السد: "لا ندري ماذا نفعل! تنظيم الدولة أمامنا ومدافعهم تصلنا، والسد خلفنا ونخاف من انهياره".
وسيطر تنظيم الدولة بعد هجوم شرس في يونيو 2014 على مناطق واسعة في شمال العراق، بينها سد الموصل لفترة محدودة، قبل أن تستعيد القوات الحكومية المنطقة. وتتولى قوات البشمركة الكردية حماية السد حاليا.
ووقَّعت الحكومة العراقية بداية الشهر الحالي عقدا مع شركة "تريفي" الإيطالية، بقيمة تناهز 300 مليون دولار، للقيام بأعمال ترميم على السد، بهدف منع وقوع كارثة.
ويتوقع مسؤولون محليون أن تبدأ هذه الأعمال سريعا؛ بسبب تصاعد القلق حول وضع السد مع تزايد ذوبان الثلوج في الأيام المقبلة وارتفاع منسوب المياه في خزان السد.
ويؤمِّن السد المياه والكهرباء إلى القسم الأكبر من منطقة الموصل، كما تستخدم المياه التي يخزنها لري مساحات واسعة في محافظة نينوى.
وعلى الرغم من القلق السائد، يقول مدير السد محسن حسن معاون، لوكالة فرانس برس: "بعد تحرير السد من سيطرة تنظيم الدولة، قمنا بفحص الأساسات وتبين عدم تعرضها لأي خطر".
وبحسب الفريق الهندسي التابع للجيش الأمريكي الذي تحدث عن "حدوث تآكل في أساسات السد"، فإن "سد الموصل أكثر سدود العالم خطورة".
وأمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتسريع الإجراءات لمعالجة الخلل، بعد التحذيرات الأمريكية.
غير أن مدير ناحية وانة علي محمد صالح، يقول لفرانس برس: "حتى الآن لا توجد أي تحذيرات رسمية أو خطة طوارئ، الأمور تسير بشكل طبيعي".
ويضيف: "لكن إذا انهار السد، فلن نتمكن من النجاة بأي حال من الأحوال".
م.ب/م.ب /أ.ع