شهدت مختلف مناطق قطاع غزة، أمس، تصعيدا واسعا، لا سيما مدينة غزة وأحيائها الشرقية والشمالية. وأفادت مصادر طبية ومحلية بأن القصف الجوي والمدفعي تواصل بكثافة على أحياء الزيتون والسَبْرة والتفاح والشجاعية، فيما اقتحمت دبابات الاحتلال الإسرائيلي حي الشيخ رضوان على بعد كيلومترات قليلة من مركز المدينة، مع تسجيل حرائق في مخيمات للنازحين وتدمير منازل متجاورة. وأكدت وزارة الصحة في غزة استشهاد ما لا يقل عن 54 شخصا منذ فجر أمس، معظمهم في مدينة غزة، بينما تحدثت الطواقم الطبية عن صعوبة الوصول إلى العالقين تحت الأنقاض.
وفي حصيلة أوسع لأعمال العنف، قالت وزارة الصحة في غزة إن 84 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 338، مع الإشارة إلى وجود ضحايا ما زالوا تحت الركام. كما وثّقت الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية، وخصوصاً بين الأطفال، في ظل شحّ المساعدات وتعثر وصولها. وقد تجاوز إجمالي الشهداء منذ بداية العدوان 64 ألفا.
وميدانيا، تحدث شهود وفرق إنقاذ عن استهداف تجمعات للمدنيين ومنازل متلاصقة في حي التفاح، وسقوط ثمانية شهداء وعشرات الجرحى في ضربة كثيفة هناك، بينما ذكرت أجهزة الطوارئ أن «أحزمة نارية» طوقت مناطق سكنية ودمرت مباني كاملة.
وإنسانيا، حذّرت منظمات محلية ودولية من أن جولة النزوح الجارية قد تكون «الأخطر» منذ بدء العدوان على القطاع، في ظل تآكل قدرة السكان على التحمل، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، واستمرار غياب مناطق آمنة فعلية.
كما وردت شهادات عن تعطّل دخول الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء عبر معبر رفح في مشاهد وثّقتها شخصيات دولية زارت المنطقة مؤخرًا، وهو ما عمّق أزمة الإمدادات داخل القطاع.
وفي الضفة الغربية المحتلة، نفّذت قوات الاحتلال حملة مداهمات ليلية فجر أمس شملت محافظات الخليل ونابلس، وأسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 11 فلسطينيا، بينهم قيادات محلية، مع تكسير ومصادرة محتويات خلال الاقتحامات، فيما واصل مستوطنون الاعتداء على تجمع شلالات العوجا شمال أريحا عبر اقتحامات استفزازية قرب منازل الأهالي. وترافقت العمليات الميدانية مع تجدد الجدل حول شروط التهدئة وتبادل الأسرى. فقد قدمت حركة طرحا مقابل وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب الاحتلال وفتح المعابر والشروع بإعادة الإعمار، فيما رفضت سلطات الاحتلال الطرح ووصَفته بـ»الدعاية»، مؤكدة استمرار العملية حتى «تحقيق الأهداف».
وتؤكد تقديرات المنظمات الإنسانية والأممية أن المدنيين، وبينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، يتحملون العبء الأكبر من القتال الممتد؛ إذ تتزايد الإصابات في محيط المستشفيات، ويستمر الضغط الهائل على مرافقها مع موجات نزوح متلاحقة ونقص حاد في الأدوية والوقود.