انتعاش سوق العباءات والمفارش والأواني وإحياء الأكلات الشعبية

alarab
تحقيقات 04 أغسطس 2011 , 12:00ص
الدوحة - هناء الرحيم
كما جرت العادة في كل عام تعمد العائلات القطرية إلى استقبال شهر رمضان المبارك بكل «ما هو جديد» احتفاء وتهليلا به, من شراء العباءات والجلابيب والبخور والحنة وسجاجيد الصلاة والأواني والمواعين وتغيير بعض أثاث المنزل والمفارش لاستقبال ضيوف الولائم. كما أن المجتمع القطري يعتبر الشهر الفضيل فرصة سانحة لاستدعاء ذكريات الماضي الجميل وإرث الآباء والأجداد من خلال الأكلات الشعبية القطرية التي تكاد لا تخلو منها مائدة رمضانية. وبالطبع فإن كل ذلك ينعكس إيجابا على محلات بيع العباءات والمفارش والطعام, حيث يزيد الإقبال عليها قبل شهر رمضان المبارك بأسبوعين وخلاله وحتى نهايته تحضيرا لاستقبال العيد. ولكن بدا لافتا من خلال جولة قامت بها «العرب» على عدد من محلات العباءات والمفارش إقبال مبكر للسيدة القطرية لتجهيز ما تريده لشهر رمضان وقبيل غلاء الأسعار. نلتقي بأم عائشة في أحد محلات العباءات فنجدها تختار موديلات لها ولبناتها لشهر رمضان المبارك والعيد، وتوضح لنا أنها قررت هذا العام المجيء إلى سوق العباءات باكرا قبل زحام رمضان والعيد, لأنها في العام الماضي تأخرت في استلام عباءاتها نظرا للزحام الشديد الذي تشهده الأسواق في ذلك الوقت. وتضيف: كما أن الأسعار الآن تكون أقل وأرخص من الأسعار في منتصف رمضان وقبل العيد، لافتة إلى أن الأسعار في ذلك الوقت تصل إلى 1500 ريال في المحلات الفخمة, أما المحلات العادية فيبلغ سعر العباءة 500 ريال. إلى ذلك، تشير أم جاسم إلى أن هناك كثيرا من العادات والطقوس التي يتميز بها القطريون في شهر رمضان المبارك قبل أسبوعين من بداية الشهر الفضيل, وتبدأ باستعداد «الحريم» لرمضان من خلال عمل الحنة وشراء الجلابيب المريحة لشهر رمضان, وتفصيل العباءات للعيد باكرا تفاديا لزحام الخياطين قبل العيد أي في منتصف رمضان، زيدي على ذلك أن نوعيات القماش تكون متوفرة بأنواع وأسعار وكميات مختلفة وبإمكان السيدة أن تختار الخياط الذي تريده. كما يتم أخذ مواعيد باكرا لليلة الكرنكعوه لتفصيل الدراعات الخاصة بهذه الليلة. استقبال خاص وتشير أم محمد إلى أن السيدات يستقبلن شهر رمضان والعيد استقبالا خاصا من خلال شراء الجلابيب الخاصة لرمضان والدراعات للكرنكعوه وعباءات العيد. وتقول أم محمد إن كثيرا من السيدات يفضلن تفصيل عباءاتهن باكرا قبل زحمة الناس في رمضان, فضلا عن أن الجو حار والإفطار يكون في وقت متأخر ولا يكون هناك متسع من الوقت للسيدة لكي تخرج وتتبضع, ولذلك تفضل تجهيز كل حاجيتاها وأمورها باكرا قبل رمضان حتى تتفرغ للعبادة ولاستقبال الضيوف على الولائم. تقول حصة المهندي إنها أنهت تحضيراتها من شراء الجلابيب والعباءات لشهر رمضان والعيد باكرا قبل بداية الشهر الفضيل, وذلك حتى لا تقع فريسة الزحام على الخياطين في رمضان. ويبدو أن أم سعود قامت أيضاً بتفصيل عباءات رمضان والعيد باكرا هذا العام تفاديا للزحام والإقبال الشديد على الخياطين ولارتفاع الأسعار أيضاً, حيث إن كثيرا من المحلات تستغل مناسبات رمضان والأعياد وترفع أسعار القماش والعباءات نظرا للإقبال الكبير الذي تشهده أسواق العباءات. إلى ذلك توضح أم صالح بأن العائلات القطرية عادة تقوم بتجهيز حتى الدراعات لليلة الكرنكعوه في وقت مبكر مع بداية رمضان، لافتة إلى أن هناك بعض القطريات يقمن بتفصيل عباءاتهن ودراعاتهن في الدول العربية المجاورة نظرا لشدة الزحام على الخياطين القطريين خلال شهر رمضان المبارك. وتبرر ذلك بالقول إن التجار والخياطين يستغلون هذه المناسبات لرفع الأسعار، مشيرة إلى أن أسعار القماش والعباءات تزداد كثيرا في رمضان والأعياد. سباق الوقت وعلى ما يبدو أن أم صالح هي في سباق مع الوقت, وتصر على أن تنهي كل ما هو مطلوب منها قبل أن يهل شهر رمضان المبارك من تجهيز عباءات لها ولبناتها وتحضير أمور المنزل وتغيير في الديكور وشراء الأواني والمواعين حتى تتفرغ خلال الشهر الفضيل لأنها لا تحب الخروج إلى المجمعات التجارية في رمضان وتفضل التفرغ للعبادة. وتضيف: أضف إلى ذلك أن شهر رمضان هذا العام يأتي في عز الصيف, والحرارة تكون عالية جدا, ووقت الإفطار متأخر, وخلال النهار لا يستطيع الصائم التنقل, أما بعد الإفطار فيجب أداء صلاة التراويح والتفرغ للعبادة والاستغفار واستقبال الضيوف في الولائم. تجهيزات مبكرة ومن الواضح أن عددا كبيرا من السيدات القطريات فضلن أن يجهزن عباءات العيد من قبل شهر رمضان المبارك, وذلك بعد التأخير في التفصيل الذي حصل معهم في السنوات السابقة. وفي هذا السياق أيضاً قامت إلهام بتفصيل عباءات العيد باكرا هذا العام لها ولبناتها حتى لا يتكرر معها ما حصل في السنة الماضية وتتأخر في تجهيز عباءاتها إلى اللحظات الأخيرة وتفاديا لالتهاب الأسعار. كذلك نصادف منيرة المري في السوق وهي تنهي آخر ترتيباتها لاستقبال الشهر الفضيل الذي تنتظره كغيرها من السيدات بفارغ الصبر لتتزين به بجلباب جديد لاستقبال ضيوف الولائم على سفرة رمضان, إضافة إلى تحضير عباءة العيد. أكلات خاصة ولا يقتصر استقبال المجتمع القطري للشهر الفضيل على الإقبال على شراء العباءات فقط, بل هناك عادات أخرى يمارسونها من طهي وتقديم الأكلات الشعبية المتوارثة عن الآباء والأجداد, خصوصا في بيوت العائلات الكبيرة, حيث لا تكاد سفرة قطرية رمضانية بحسب أم عائشة تخلو من الهريس والثريد مع خبز الرقاق والمضروبة, إذ إنهم يعتبرونها وجبات رئيسية في رمضان يوميا. وللحلويات القطرية نصيب كبير أيضاً من المائدة القطرية في شهر الصوم, خصوصا القيمات والعصيدة. وتقول أم عائشة إنها عادات قديمة ولكنها استمرت مع الأجيال لإحياء التراث القطري. وفي السياق عينه تشرح لنا أم جاسم العادات التي يقوم بها القطريون في شهر رمضان على صعيد المأكولات الخاصة بهم, حيث يقومون بطهي الثريد والكبسة والهريس، مشيرة إلى أن القطريين يتبادلون هذه الأطعمة مع الجيران, ولذلك كل بيت قطري لا يخلو من أحد هذه المأكولات. استقبال خاص أما أم محمد فتوضح أنه قبل بداية رمضان تجري العائلات القطرية الكثير من التغييرات في حياتها قبل بداية الشهر الفضيل استعدادا وترحيبا باستقباله, لأنه ضيف عزيز ولا بد من استقباله بكل شيء جديد. وتبين أن كثيرا من البيوت القطرية تجدد ديكور منزلها وتشتري صالات جلوس جديدة لاستقبال الضيوف, حيث تكثر الولائم فيه، فضلا عن شراء أوان ومواعين جديدة ومفارش, إضافة إلى البخور وسجاجيد الصلاة. وتضيف: كما أن هناك عددا من الأكلات الشعبية القطرية الرئيسية في وجبات رمضان كالمكبوس والشوربة والهريس والجريش والقيمات التي تكون موجودة في كل سفرة رمضانية قطرية. بدورها، تشير حصة المهندي إلى أن العائلات القطرية تعمد إلى شراء أدوات منزلية جديدة من مواعين وصحون لاستقبال ضيوف رمضان الذي تكثر فيه الولائم والدعوات على الإفطار. وتقول إن كل بيت قطري في رمضان لا يخلو من إحدى الأكلات الشعبية كالهريس والثريد والساكو وخبز الرقاق، مشيرة إلى أن رمضان لا يكتمل إلا بوجود هذه الأكلات, التي على ما يبدو لا يطهونها بشكل مكثف إلا في رمضان, وذلك جريا على عادة توارثوها عن الآباء والأجداد. مبادلة الطعام مع الجيران وتؤكد أم محمد أنه في رمضان لا يكاد يخلو بيت قطري من الأكلات الشعبية القطرية فهو ما يميز السفرة القطرية برمضان ويتم مبادلة هذه الأكلات مع الجيران لذلك من المستحيل أن لا توجد هذه الأكلات في بيت قطري. من جهة أخرى، تشير أم صالح إلى بعض العادات القطرية المتبعة في رمضان منها تجهيز بعض الأكلات كالثريد, فضلا عن شراء كل شيء جديد يختلف عن العام الذي سبقه لمائدة الإفطار وتغيير مفارش البيت أو على الأقل ديكور المنزل. من جهتها تقول إلهام إن والدتها تقوم من الآن بتجهيز المواد الأولية للأكلات الشعبية الرمضانية. وكغيرها من السيدات تجتهد منيرة المري للانتهاء من شراء المفارش والأواني والأثاث الجديد لتحضيرها لاستقبال ضيوف رمضان قبل حلول الشهر الفضيل, فهي تسارع الوقت ليكون كل شيء مرتبا ومكتملا. وتقول منيرة إنه من العادات القطرية الثابتة في كل عام إرسال صينية منوعة من الأكلات الشعبية من هريس وثريد وقيمات إلى الجيران كما كان يفعل القطريون القدامى، وتعتز منيرة بهذا الماضي الأصيل, وتؤكد أن من لا يتمسك بعادات وتقاليد الماضي فلا حاضر له. السوق في انتعاش ولرصد حركة سوق العباءات والمفارش قامت «العرب» بجولة على عدد من المحلات التي أكد أصحابها والعاملون فيها أن السوق في انتعاش, حيث هناك إقبال على شراء وتفصيل العباءات قبل بداية شهر رمضان المبارك إضافة إلى محلات المفارش. يقول ميزان الرحمن بائع في أحد محال العباءات إن هناك إقبالا متزايدا على شراء العباءات في هذه الفترة خصوصا التفصيل منها أكثر من الجاهز، لافتا إلى أن هناك سيدات بدأن من الآن تجهيز عباءات رمضان والعيد تفاديا للزحام الكبير على التفصيل التي تشهده المحال في منتصف شهر رمضان. أما أحمد الشميم بائع آخر في محل للعباءات فيشير إلى أن هناك بعض السيدات يفضلن التحضير باكرا لرمضان والعيد تفاديا لغلاء الأسعار وزحمة الخياطين. ويوضح أن أسعار العباءات الآن تبدأ من 200 ريال إلى 450 ريالا في الشارع التجاري الذي يبيع فيه، مضيفا أن الأسعار تزيد أكثر وتصل إلى 1000 ريال في سوق السد للعباءات. من جانبه، يتوقع محمود بائع في محل آخر تزايد الإقبال على شراء وتفصيل العباءات مع بداية رمضان وحتى النصف منه, ولكنه لا ينفي تحسن حركة السوق في الوقت الحالي, حيث إن هناك كثيرا من السيدات يفضلن تفصيل العباءات لهن ولبناتهن لاستقبال شهر رمضان والعيد وحتى لا تتكرر معهن مشكلة الزحام ويضطررن للانتظار فترة طويلة للحصول على طلبهن, ويتأخرن في الحصول على العباءات. ولا ينكر محمود أن كثيرا من السيدات يفضلن الشراء باكرا وبأسعار أرخص لأن الأسعار تزيد في رمضان وقبل العيد. ندخل على أحد محلات بيع المفارش المعروفة, ونجد العاملين به منهمكين بتلبية طلبات الزبائن الذي على ما يبدو أنها كثيرة وتبشر بإقبال كبير على سوق المفارش قبل شهر رمضان المبارك. وفي هذا الإطار يعتبر علي رضا المسؤول عن المبيعات في المحل أن سوق المفارش جيدة هذه الأيام، موضحا بأنه في كل عام مع بداية شهر رمضان ينتعش السوق تبعا لأن العائلات القطرية تحرص على استقبال الضيف الكريم بكل ما هو جديد, الأمر الذي ينعكس إيجابا على كثير من المحلات التي تعتبرها موسما وصيدا ثمينا.