«الأكياس» تختلط بلون اخضرار الحدائق وتشوه المنظر العام

alarab
تحقيقات 04 يونيو 2012 , 12:00ص
الدوحة - محمد سيد أحمد
تشكو الحدائق العامة والعاملون على نظافتها من تصرفات بعض الزوار الذين يخلفون الكثير من القمامة والأوساخ ويشوهون بذلك المظهر الجميل للفضاءات الخضراء التي حرصت الدولة على إنشائها والقيام عليها وصرفت عليها مبالغ طائلة، لتكون متنفسا للجمهور، ولتمكنه من قضاء أوقات جميلة وممتعة في جو صحي منعش، لكن ما يقوم به البعض من تصرفات تنافي الغاية التي أنشئت لها الحدائق أمر يبعث على الحيرة، فكثير من الأسر تتجمع في إحدى الحدائق وتقضي وقتها هناك، لكنها عندما تنسحب تخلف وراءها بعض مخلفات الأكل وعلب المياه والعصائر على أرضية الحديقة دون وضعها في الأماكن المخصصة لها، ناهيك من رؤيتهم للأطفال وهم يقومون بوضع الأكياس وبقايا الأكل خارج حاويات القمامة الموجودة بكثرة في كل زاوية من زوايا الحدائق. وللقضاء على ظاهرة رمي المخلفات على أرضية الحدائق طالب البعض بوضع غرامات على من يثبت استهتاره بنظافة الحدائق، عبر وضع كاميرات مراقبة في المكان وإصدار التعليمات للحراس لضبط المخالفين، حتى لا تتفاقم هذه الظاهرة التي تتسبب في الإضرار بالبيئة وتشوه جمال المكان الذي يحتاجه الجميع لاستنشاق الهواء النقي. ينافي أبسط قواعد الذوق العام «بصراحة ما يقوم به بعض رواد الحدائق العامة من تصرفات تساهم في الاعتداء على نظافة المكان أمر مثير للاشمئزاز، وأصحابه يفتقدون لأبسط قواعد الذوق العام والمدنية». بهذه العبارات بدأ فايز عبدالله القحطاني الذي آثر عدم التقاط صورة له في ملابس الرياضة، وأضاف: «لا شك أن العديد من رواد الحدائق لا يلتزمون بالمحافظة على النظافة، ويقومون برمي مخلفات الأطعمة وعلب المياه والعصائر تاركينها تملأ المكان بعد تجمع العائلات في الحدائق العامة، وهذا ما يجب أن يتوقف لأنه اعتداء على منشآت عامة مشتركة». وأكمل: «كيف تسمح بعض العائلات لنفسها بدخول الحدائق، وهي في كامل نظافتها وجمالها، وعندما يأخذون قدرا من الفسحة والنزهة في هذه الأماكن الخضراء الجميلة ويغادرون المكان يخلفون وراءهم أوساخا كثيرة تشوه المكان وتضر بالبيئة، وتساهم في قتل النباتات التي زرعت بها أرضية الحديقة التي تكلف الدولة مبالغ طائلة، ما هذه الثقافة التي يحاول البعض فرضها على الآخرين؟». وأشار فايز إلى أن الأمر لم يعد مقتصرا على الحدائق، بل تعداها للشوارع والطرقات العامة، حيث يلاحظ الجميع قيام البعض من المواطنين والمقيمين برمي المخلفات على قارعة الطريق وفي الشوارع الرئيسية، وهي تصرفات جد مؤسفة تبعث على عدم الاطمئنان على المصلحة العامة وتساهم في ترسيخ ثقافة الاتساخ في عقول الأطفال الذين لن يتورعوا عن رمي الأوساخ خارج مكانها المخصص نتيجة لتعودهم على مشاهدة هذا الفعل الشائن من ذويهم، ناهيك من شريحة المراهقين التي غالبا ما تعتدي على نظافة الحدائق العامة وترمي المخلفات على أرضيتها بكل بساطة واستهتار مما يتسبب في تكاثر الحشرات الضارة والبعوض. سن قوانين رادعة من هنا -يكمل فايز القحطاني- لا بد من سن قوانين رادعة تجبر رواد الحدائق والأماكن العامة على احترام النظافة ووضع المخلفات في الأماكن المخصصة لها، وإلا فإن الغرامة والعقوبة ستلحق كل من تسول له نفسه القيام بالاعتداء على البيئة، حتى يتم ترسيخ مفهوم الوعي البيئي لدى مرتادي الحدائق والأماكن العامة. واعترف القحطاني بوجود عينات من هذه الفئة (المراهقين) التي تقوم بكثير من هذه الأعمال السيئة والمزعجة في الوقت نفسه، فتجد منهم من يرمي بهذه المخلفات في كل مكان بلا أهمية ولا استيعاب حيث إنهم يتجاهلون الجهود التي تقوم بها البلدية عبر تخصيصها لحاويات القمامة المنتشرة في كل زاوية من الحدائق العامة لتساعد الجمهور على التخلص من النفايات والمخلفات في هذه الحاويات ليأتي عمال البلدية في نهاية المطاف ويقومون بإفراغها وحملها إلى حيث يجب أن تكون، وهذه الظاهرة لن يتم القضاء عليها إلا عبر تضافر جهود الجميع وقيام بعضهم بالإبلاغ عن المخالفين حتى نستطيع المحافظة على الحدائق العامة ونظافتها التي يستفيد منها الجميع. غرس النظافة في عقول الأطفال وأشار فايز القحطاني إلى أن ترسيخ ثقافة النظافة في عقلية المجتمع تمر عبر غرس هذه القيم الجميلة في عقول الأطفال الصغار الذين عادة ما يقومون بهذه التصرفات دون إدراكهم لنتائجها، لكنهم فعلوا ذلك أسوة بآبائهم وأمهاتهم الذين لا يترددون في رمي الأوساخ في أي مكان أمام أعين أطفالهم، الأمر الذي يجعل الأطفال يعتقدون أن هذا الأمر مسموح به ولا يشكل مخالفة للنظم البيئة التي توضح أن الأوساخ والمخلفات ضارة بالبيئة وعلى الجميع التقيد بوضعها في الحاويات المخصصة، لكن وكما يبدو أصبح البعض مدمنا على رمي المخلفات في أي مكان اعتمادا منهم على جهود عمال النظافة الذين لا يألون جهدا في تنظيف المكان بعد مغادرة الجميع، وهذا ما يستدعي من الآباء والكبار أن يكونوا قدوة لأطفالهم وصغارهم، إذ أن الأطفال عندما يشاهدون آباءهم وأمهاتهم يضعون تلك النفايات في مكانها المخصص سيقومون بنفس العمل لأن الأطفال جبلوا على تقليد الوالدين ويعتقدون أن كل ما يقومون به هو الصحيح. مقترحات للحد من الظاهرة أما إبراهيم حسين فيطرح مقترحا لمعالجة ظاهرة الاعتداء على نظافة الحدائق وهذا المقترح -يقول إبراهيم- ربما يساعد هذا المقترح الجهات المسؤولة على الحفاظ على البيئة في الحدائق العامة، أولا لا بد من تركيب كاميرات في زوايا كل حديقة تكون قادرة على رصد المخالفين، وحبذا لو كانت هذه الكاميرات مصحوبة بجهاز إنذار يطلق منبها عندما ترصد الكاميرا مخالفة حتى يستطيع حراس الحدائق ملاحقته وضبطه وتحرير مخالفة بحقه. ثانيا -والكلام لا يزال لإبراهيم- ينبغي أن تكون هناك حملات إعلامية مكثفة باللغتين العربية والإنجليزية، وذلك لتوعية وحث رواد الحدائق على الالتزام بالنظافة، ولتكون حملة التوعية هذه فعالة وذات قيمة حقيقية يجب أن تبدأ من المؤسسات التربوية والإعلامية تستطيع توصيل الفكرة إلى أكبر عدد من أفراد المجتمع صغارا كانوا أو كبارا من خلال برامج هادفة وحملات مكثفة تقدم توعية شاملة في إطار جذاب ومقبول؛ لأن النظافة عنوان أهلها، فكذلك المكان النظيف يعكس مدى نظافة صاحبه والمتواجد فيه ويعكس أيضا مدى ثقافته ووعيه. غياب اللوحات ونبه إبراهيم حسين إلى أن غياب اللوحات الإرشادية عن الكثير من الحدائق يساهم في استهتار البعض بنظافة المكان ظنا منه أن عمال النظافة كفيلون بتتبع مخلفات الزوار كل حسب موقعه، لذا أدعوا إلى زيادة اللوحات الإرشادية واللافتات ووضعها في كل زاوية من زوايا الحدائق وقرب حاويات القمامة على أن تكتب عليها عبارات منتقاة باللغتين العربية والإنجليزية تحث الجمهور الزائر على وضع المخلفات داخل الأماكن المخصصة لها. خلل في المفاهيم هايل السنكري يقول إن الزائر للحدائق العامة لا بد أن يلفت نظره اختلاط لون البساط الأخضر مع ألوان الأكياس الملونة التي تنتشر في المكان، بل تكاد تغطي على البساط الأخضر من كثرتها مما يوضح وجود خلل كبير في المفاهيم لدى مرتادي تلك الحدائق، إذ من المعلوم أنه وبعد منتصف الليل تبدأ غالبية رواد الحدائق بالانسحاب منها والتوجه إلى البيوت، لكن بعضهم يخلفون وراءهم صورة غير حضارية بالمرة من كثرة المخلفات المبعثرة هنا وهناك مما يفتح باب الأسئلة على مصراعيه، هل هذه التصرفات تعود لقلة الوعي لدى الجمهور؟ أم أنها ثقافة الكسل والاتكال على عمال النظافة؟ وإلا فوجود هذا الكم الكبير من المهملات يدل دلالة أكيدة على عدم الاهتمام من قبل الزائرين لتلك الحدائق سواء كان ذلك بنظافة الحديقة نفسها أو نظافة مرافقها المختلفة مثل دورات المياه وحتى مكان ألعاب الأطفال هو الآخر لم يسلم من وجود الكثير من الأكياس وبقايا المكسرات التي كان الأطفال يستعملونها، وكأن هذا نظافة هذا المكان لا تعني الجمهور مطلقا مما يؤكد أن زوار المكان يعتمدون كليا على عمال النظافة وينتظرونهم ليبادروا بأعمالهم مع ساعات الصباح الأولى، فعمال النظافة في عقلية هؤلاء وجدوا لهذا الغرض، وبالتالي فلا داعي للمحافظة على وضع المخلفات داخل الحاويات ما دام العمال سيقومون بتنظيف المكان صباحا. رسائل إلكترونية وطالب السنكري بالعمل على استحداث خدمة الرسائل الإلكترونية التي تنبه الزائر عندما يدخل الحديقة بضرورة المحافظة على المكان الذي يجلس فيه تماما كما هو موجود في بعض الدول المتقدمة، بالإضافة إلى وضع كاميرات تسجل المخالفين، كما أن على أولياء الأمور دورا هاما جدا بمتابعة أبنائهم خلال جلوسهم معهم في تلك الحدائق، فلا يتركونهم بل يوجهونهم لرمي المخلفات في مكانها الصحيح وليس المخلفات فحسب، بل يجب تنبيه الأبناء على ضرورة المحافظة على سلامة الأشجار من التقطيع وسلامة الألعاب الترفيهية الموجودة من العبث والإتلاف الذي نشاهده كثيرا من الصغار والمراهقين في ظل غياب الرقابة الأسرية، كما أود أن أشير إلى أن أسباب كثرة النفايات والمهملات يعود بالدرجة الأولى لبعض العائلات التي تشتري العصائر والشاي من نفس المكان وعندما تنفض تترك هذه المخلفات في مكانها لبعدها عن أطراف الحديقة التي توجد بها حاويات القمامة. أما «سهيل فيوم» فيأخذ على العائلات تركها للأطفال الصغار يسرحون ويمرحون في الحديقة وأيديهم ممتلئة بعلب البسكويت وعلب العصائر، وعندما ينتهي الطفل من أكل ما تحويه تلك العلب يقوم برميها مباشرة في أي مكان؛ لأنه لا يدرك نتائج تصرفاته، والخطأ هنا يعود لعائلة الطفل الذي يقوم بذلك التصرف وباستطاعتك تصوير ذلك في هذه الحديقة.