قطر أرض الفرص الاستثمارية الواعدة
حوارات
04 مارس 2012 , 12:00ص
أجرى الحوار - محمد الفاتح أحمد
قال السيد نك بيرد الرئيس التنفيذي لوكالة الاستثمار والتجارة البريطانية إن قطر تتيح فرصاً واعدة للاستثمار في كافة المجالات الصناعية والعقارية والصحية والتعليمية، وكذلك الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز، إضافة إلى الاستثمار في مجالات السياحة والخدمات.
وشدد في حوار حصري مع «العرب» على أن الدولة تشهد نمواً اقتصادياً هائلاً ومتزايداً واستثمارات أخرى ضخمة لتطوير موارد الطاقة والخدمات الصحية والتعليمية والبنى التحتية، خاصة أن دولة قطر قد أصبحت في 2011 من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال لدول العالم. وأشار في حديثه إلى أن قطر أقل ما توصف به هي أنها أرض الفرص الوافرة للمستثمرين.
إلى نص الحوار..
¶ بداية.. ما المقاصد من زيارة الدوحة هذه المرة، علماً أنكم قد قمتم بزيارات كثيرة للدولة آنفاً؟
- إن دولة قطر تعتبر وجهة ومقصداً مهماً لكل زائر سواء كان مسؤولاً رسمياً أو من بيئة رجال الأعمال. لكن زيارتي للدوحة هذه المرة تجيء بحكم تشجيع رجال الأعمال البريطانيين للقدوم إلى هذه الدولة الواعدة في كل شيء، لاسيَّما في مشاريع التنمية والبنية التحتية، خاصة أن لدى المملكة الكثير من الخبرة في المملكة المتحدة التي نعتقد أنها يمكن أن تكون إضافة لدولة قطر، وكذلك بالنسبة لبريطانيا.
أما السبب الرئيس في الزيارة فهو كيفية تشجيع الاستثمار في المملكة المتحدة، خاصة أن قطر قد استثمرت بكثافة في المملكة المتحدة، وتحديداً في الاستثمارات العقارية والاستثمارات المصرفية والمالية ذات الصلة. لكن لدينا خطة، على مدى 5 سنوات، لتطوير البنية التحتية الكبيرة في بريطانيا تقدر قيمتها بما يصل إلى 200 مليار جنيه إسترليني، تشمل مجالات الطرق والسكك الحديدية والمستشفيات والمطارات، والموانئ، والمدارس وغيرها والتي نعتقد أنها سوف تطرح عددا من الفرص الاستثمارية للجانبين.
كما أن الشق الثاني والأهم بالنسبة لي في هذه الزيارة السريعة للدوحة هو أن دولة قطر لديها حالياً خطط لثورة هائلة في مجال إنشاءات البنية التحتية، والتي خصصت لها ميزانية إنفاق تزيد عن 130 مليار دولار، معظمها يتصل بتجهيزات الدولة التي تسبق استضافتها لفعاليات ونهائيات كأس العالم 2022، فضلاً عن أن هناك أيضا العديد من الشركات البريطانية التي تبحث عن الفرص للعمل هنا مستقبلاً، وهو الأمر الذي أوليته اهتماماً أقصى خلال زيارتي القصيرة.
لا شك أن قطر تتيح فرصاً واعدة للاستثمار في كافة المجالات الصناعية والعقارية والصحية والتعليمية، وكذلك الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز، إضافة إلى الاستثمار في مجالات السياحة والخدمات. وإجمالاً، تشهد دولة قطر نموا اقتصاديا هائلاً ومتزايداً واستثمارات أخرى ضخمة لتطوير موارد الطاقة والخدمات الصحية والتعليمية والبنيات التحتية، خاصة أن دولة قطر قد أصبحت في 2011 من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال لدول العالم. بالطبع هناك شراكة في كلا الاتجاهين، ونحن حريصون على تشجيع قطر على النظر بالمزيد من الاستثمارات بالبنية التحتية في المملكة المتحدة. فقد كشفت الحكومة البريطانية عن برنامج واسع لتحديث وتحسين الطرق والمرافق والموانئ وسكك الحديد والاتصالات الرقمية؛ حيث من شأن ذلك أن يضمن أن تتوافر لدينا أحدث البنى التحتية لدعم الشركات الحديثة حتى المستقبل المنظور. وبالنظر للبيئة الاستثمارية المتقلبة في أنحاء العالم، فإن هذه المشاريع تتيح إمكانية تحقيق عوائد مستقرة وجذابة.
¶ طالما تحدثت عن المشهد الاقتصادي القطري، صف لنا الوضع الذي تراه خاصة أنك المسؤول الأول عن تعزيز الاستثمارات داخل وخارج المملكة المتحدة.
- الحقيقة، إن قطر ما زالت تعتبر سوقاً أساسية بالنسبة للهيئة البريطانية للتجارة والاستثمار، ونسعى من خلال جهود مضاعفة خلال المرحلة المقبلة لتفعيل وجود مكاتبنا في الدوحة لتعزيز الروابط بين الشركات البريطانية والقطرية على حد سواء، وكذلك في مجالات أخرى من التعاون الوثيق كالرياضة والثقافة والتعليم بشكل كبير.
ونحن على دراية تامة بأن دولة قطر بها فرص واسعة للاستثمار، نتيجة للنمو الاقتصادي الهائل الذي تشهده البلاد.
وقد صنفت مؤسسات عالمية مؤخراً دولة قطر ودولا أخرى في منطقة الخليج ضمن أول عشرة على صعيد المال والنفط. ومن الشواهد في ذلك، فقد حل صندوق الثروة القطري السيادي «جهاز قطر للاستثمار» بالمرتبة التاسعة عالمياً من حيث الحجم، فيما حلت مؤسسة قطر للبترول بالمرتبة السادسة دولياً في تصنيف شركات النفط الحكومية حول العالم، من حيث الاحتياطات المؤكدة. ويمتلك الجهاز القطري شركة الديار العقارية ومجموعة أصول استثمارية منتشرة حول المعمورة.
وما يوجه الأنظار لاقتصاد هذه الدولة على العالم هو أن نسبة النمو الاقتصادي فيها تعتبر من أعلى معدلات النمو في العالم؛ حيث سجل الناتج الإجمالي نسبة %25 خلال الأعوام القليلة الماضية، فضلاً عن أن التوقعات الاقتصادية تشير إلى استمرار تلك المعدلات العالية من نسبة النمو الاقتصادي خلال السنوات الست القادمة، بما فيها عام 2012، في ظل ما تشهده البلاد من مشاريع ضخمة في مجالات النفط والغاز ومشروعات الصناعات البتروكيماوية والمشاريع الاقتصادية التي رصدت لها الدولة أكثر من 100 مليار دولار، هذا فضلا عن النهضة العمرانية الكبيرة التي تجري عملياتها الآن.
كل هذه المشروعات تحتاج لمختلف الخدمات، ما يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الاستثمارات الاقتصادية في المجالات الصحية والتعليمية والبنية التحتية والتجارة وغيرها.
إضافة إلى كل ذلك، فإن البلاد تشهد معدلات نمو متواصلة في عدد السكان وكل هؤلاء يحتاجون لخدمات متعددة في المشروعات الصناعية الصغيرة ومجالات الخدمات المصرفية والتأمين، ما يجعل معدلات النمو في كل القطاعات تسير على وتيرة عالية.
وتسعى قطر لجذب المؤسسات المالية العالمية الكبرى والشركات متعددة الجنسيات للدخول في استثمارات واسعة، خاصة أن قطر تتمتع بأحد أسرع الاقتصادات نموا في العالم كما تتمتع بفائض مالي وتصنيف سيادي متقدم ثابت منذ سنوات، وسجلت نموا مستمرا في الناتج الإجمالي بلغ %25 على أساس الأصول وليس مجرد التطلعات.. كما تمتلك دولة قطر اليوم مجموعة متكاملة من مقومات جذب الاستثمار الأجنبي، ومن أبرز هذه المقومات الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتوفر جملة من عوامل الإنتاج التي تقدم مزايا نسبية للصناعات ذات الاستهلاك الكبير للطاقة؛ حيث يتوفر لدى قطر أكبر حقل منفرد للغاز في العالم، هذا إلى جانب الموقع الاستراتيجي في منطقة الخليج والتكوين الجغرافي للدولة كشبه جزيرة ممتدة عبر مياه الخليج، ما يضيف لها ميزة وجود منافذ بحرية وسواحل ممتدة عبر مياه الخليج، الأمر الذي يزيد من فرص الدولة لأن تصبح مركزا جيدا للقيام بالأعمال الاستثمارية، فضلا عن أن قطر تتبع سياسة الاقتصاد الحر وتقوم بسن القوانين والتشريعات وتقوم بتحديثها لإرساء ودعم هذا التوجه الاقتصادي المفتوح على كافة دول العالم وليست هناك أية أعباء جمركية أو قيود على القيام بالأعمال أو إجراء المعاملات والتحويلات المالية إلى الخارج.
¶ كيف تنظر إلى مستقبل قطر في ظل الفرص الهائلة في مجال التجارة والبنية التحتية والصناعة؟
- إن دولة قطر أقل ما توصف به هي أنها أرض الفرص الوافرة للمستثمرين؛ إذ إن الاستثمارات الضخمة التي تطرح في الدولة ستمكن العديد من الشركات البريطانية لبدء رحلة مشوار تجاري سيؤتي ثماره في نهاية المطاف. والحق يقال تقوم الدولة بدور رائد في تسهيل الأمور المتعلقة بالاستثمار وتحديد الجهات ذات العلاقة في إنهاء المعاملات والتعريف بمجالات الاستثمار لكل القادمين للاستثمار في الفرص المتاحة، ما يؤكد أن جميع الاستثمارات في المشاريع الإنتاجية بعيدة الأمد والأخرى ذات العائد السريع جميعها مشاريع إنتاجية حقيقية سيكون لها عائد ضخم على المدى الطويل وستكون مستمرة وثابتة.
¶ برأيك.. كيف تنظر إلى واقع قطر كوجهة مالية إقليمية ودولية، بحكم أنها تتمتع بملاءة مالية قوية وبيئة استثمارات جاذبة تدعمها الدولة؟
- بالطبع تمتلك قطر بالفعل خططاً طموحة وواضحة للتنمية خاصة في المجالات المالية والمصرفية، والتي تمثل حجر أساس رؤيتها المستقبلية الوطنية لعام 2030، كما أن قطر تتطلع لأن تكون المكان الأنسب والأهم في الوقت الراهن، خاصة أنها لا تعاني من نقص في السيولة المادية حين يتعلق الأمر بحشد البنية التحتية قبيل استضافتها لكأس العالم عام 2022 وكذلك تقدمها لاستضافة الأولمبياد الصيفي عام 2020.
أضف إلى ذلك، فإن جميع القوانين التي صدرت في الدولة تساعد في إيجاد مناخ واعد للاستثمارات. فقد أتاحت القوانين القطرية للمستثمرين الأجانب التملك في بعض المشاريع بنسبة %100 وعند الحديث عن أهمية قيام مركز قطر المالي وتشريعاته وقوانينه التي تتيح للشركات والمصارف الأجنبية العمل في داخل قطر، فهذا أكبر ضامن للمساعدة على جذب مزيد من الاستثمارات الخارجية وتوفير أموال ضخمة لعمليات الاستثمار، وكذلك مساعدة المستثمرين الأجانب في تنفيذ العديد من المشروعات الصناعية والتنموية في مختلف المجالات. وتتيح القوانين للمستثمرين القطريين للدخول في شراكات مفتوحة مع مستثمرين أجانب، هذا بالإضافة إلى فتح سوق الدوحة للأوراق المالية أمام المستثمرين الأجانب.
ومما يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية هي تلك المقومات التي تمتلكها قطر من التطور الاقتصادي والنمو الهائل الذي يحرص عليه كل المستثمرين فكل الشركات تذهب إلى الأماكن التي تتواجد بها معدلات نمو عالية حتى تضمن تحقيق أرباح بسرعة. كما أود أن أشير إلى أن النظم والتخطيط الأمثل الذي تنتهجه قطر وحرصت عليه سيشجع في جذب شركات جديدة للاستثمار في مختلف المجالات، كما أن الدولة تسعى لتوفير كل مقومات الاستثمار الأجنبي من إنشاء البنية التحتية من الطرق والاتصالات واستصدار القوانين وتوفير خدمات الكهرباء والمياه وإنشاء المدن الصناعية وشبكات الصرف الصحي وتوفير الخدمات الصحية، وهذا أكبر عامل لدخول الاستثمار الخارجي والدخول من بعدها في شكل شراكات استراتيجية عملاقة.
¶ خلال حديثك، ذكرت أكثر من مرة استثمار بريطانيا في مجال التعليم في قطر.. هل تعتقد أنكم قد تأخرتم في دخول هذا القطاع الذي أولته الدولة أكبر اهتمام بعد الطاقة؟
- كلا لم تتأخر المملكة المتحدة، بل هي موجودة من خلال عدد من المؤسسات التعليمية الرائدة في بريطانيا في مؤسسة قطر هنا في الدوحة.
والاستثمار في قطاع التعليم في قطر سوف يأخذ منعطفاً مهماً وهائلاً خلال المرحلة المقبلة، باعتباره مجالا آخر جاذبا للاستثمار البريطاني في قطر، سواء من حيث المدارس والمؤسسات الجامعية، أو على مستوى التدريب المهني.
كما أننا وجدنا أنه من الضروري أن يتم التعرف على المؤهلات البريطانية والتدريب باعتبارها ذات نوعية جيدة في أجزاء أخرى من العالم، والتي يمكن أن تكون مساعدة كبيرة هنا في قطر.
وهنالك فرصة حقيقية لتعزيز التعاون بين المملكة المتحدة وقطر في مجالات التعليم والرياضة والثقافة. ويشهد قطاع التعليم في قطر قفزات كبيرة في جميع المراحل الدراسية، ومع التحول الكامل إلى نظام المدارس المستقلة أصبح الطلاب يتلقون تعليمهم وفق أعلى المعايير العالمية وفي بيئة جاذبة تساعدهم على التحصيل الأمثل للعلم وتمكنهم من المنافسة للفوز بمقاعد دراسية في أرقى جامعات العالم.
ويوجد في المملكة المتحدة بعض أفضل وأعرق الجامعات في العالم، وسوف تستمر بالترحيب بالطلبة القطريين القادمين إلى المملكة المتحدة للزيارة والدراسة.
كما قدر سمو الأمير ومعالي رئيس الوزراء وزير الخارجية التعاون في مجال التعليم والأبحاث مع مؤسسات بريطانية مثل المكتبة البريطانية والجمعية الملكية وإمبريال كوليدج وكلية لندن الجامعية التي تعمل حاليا على تأسيس حضورها في قطر.
كما أن البلدين يشتركان في اهتماماتهما وشغفهما باستضافة الأحداث الرياضية الكبيرة؛ حيث قدمت المملكة المتحدة عرضها لاستضافة دورة كأس العالم لكرة القدم عام 2018، بينما قطر هي أحد المرشحين لاستضافة دورة كأس العالم عام 2022.
وما يشجع أكثر حقيقة هو أن دولة قطر استطاعت أن تحقق مراكز متقدمة في النظام التعليمي في تقرير التنافسية العالمية للعام الماضي؛ حيث حصلت على المرتبة الرابعة عالمياً من بين 142 دولة في جودة نظام التعليم والأولى على مستوى الشرق الأوسط. وقد حمل تقرير التنافسية العالمي السنوي والذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عن عام 2011/2012 الكثير من المؤشرات الإيجابية على ما تم تحقيقه في النظام التعليمي بدولة قطر ويعتبر هذا التقرير إضافة مثمرة لتحقيق السياسات والاستراتيجيات والخطط التنفيذية لنجاحات في عدة مجالات تعليمية.
كما أن واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر أصبحت اليوم ضمن أرقى مراكز البحوث الحاضنة لشركات عملاقة؛ حيث صنفت الواحة من بين أعلى المراكز في المنطقة وذلك وفقا لتصنيفات عالمية أجريت مؤخراً.
¶ لديكم خطط للدخول في مشاريع استثمارية جديدة مع قطر في مجال الطاقة المتجددة.. هل فعلاً شرعتم في المجال؟
- إن دولة قطر رغم أنها تمتلك احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، فإنها تعمل بشكل جاد لدعم مشاريع الطاقة المتجددة بهدف تحقيق الرؤية الوطنية للدولة، لاسيَّما فيما يتعلق بجهود الحفاظ على البيئة والتنمية البيئية التي هي جزء من استراتيجيات وخطط الاستدامة.
كما أن جميع الاستثمارات في قطر سواء في قطاع الطاقة أو العقار أو التجارة العامة، فالدولة تشجع الاستثمار في قطاع التقنيات الخضراء الصديقة للبيئة في جميع المجالات، وهناك مبادرات إيجابية بدأت بالفعل في قطر فيما يختص بإعادة التدوير، وتكنولوجيا معالجة المياه، والمباني الخضراء، والطاقة الشمسية والتي ستلعب دورا رئيسيا خلال استضافة قطر لكأس العالم 2022، ولدينا مشاريع عملاقة نعمل للدخول في شراكات مع الدولة لتنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، والتي سنكشف عنها لاحقاً.
ولعل الاستثمار العالمي في مصادر الطاقة المتجددة بلغ مستوى قياسيا عند 30 مليار دولار العام الماضي، ما يمثل نسبة بين 20 و%25 من إجمالي الاستثمارات في صناعة الطاقة وأن الطاقة الشمسية كانت الأسرع نموا في مجال التكنولوجيا.
كما أن تبني الطاقة المتجددة لم يعد حكرا على الدول المتقدمة وأن الدول الناشئة ترغب أيضا في الاضطلاع بدور قيادي في هذا المجال. وفي الوقت الراهن جميع الدول تبحث في كيفية تعزيز أطر العمل الدولية لتطوير ونقل تكنولوجيا الطاقة المتجددة وتطوير الآليات التي تعتمد على السوق ويمكنها توفير مصادر للطاقة المتجددة بأسعار معقولة. وتعتبر آسيا بشكل خاص سوقا خصبة للطاقة المتجددة؛ حيث تواجه طلبا متناميا على الطاقة لتغذية النمو الاقتصادي السريع في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط العالمية. وأعتقد أن توجه قطر نحو تبني مشاريع الطاقة المتجددة للمستقبل، خير دليل على نظرة الدولة طويلة المدى للأجيال القادمة في قطر.
¶ قطر أصبحت من كبار الموردين للغاز المسال في بريطانيا، ما سيشكل عاملاً آخر في تقوية العلاقات بين البلدين.
- يمثل الغاز المسال القطري %30 من واردات بريطانيا، وهي نسبة كبيرة من مجموع ما يتم استيراده فنحن أكبر مستهلك للغاز في أوروبا نتيجة لأنبوب الغاز الذي يربط بين المملكة المتحدة وأوروبا، وهذا يؤكد السعي إلى تطوير العلاقات إلى الأفضل في ظل العلاقات المميزة بين الدولتين على المستويين الشعبي والرسمي. وبحلول عام 2020، ستصبح نسبة استيراد الغاز من قطر %50، ولهذا فإن التعاون في مجال الغاز يحتل أهمية كبرى بالنسبة لنا.
وقد أكد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى خلال زيارته لبريطانيا أن هناك رؤية واضحة لتحويل المشاريع المشتركة إلى حقيقة ملموسة، ما سيساهم بقوة في زيادة النمو وزيادة الاستثمارات الأجنبية واحتلال قطر مكانة رفيعة على المستويين الإقليمي والعالمي. ودولة قطر هي أحد أهم شركائنا في قطاع الطاقة، وكلا البلدين حريص على دعم وتنمية العلاقات، فنحن حريصون على تأمين مصادر الطاقة من قطر القادرة على تأمين الطلب، وبالتالي فالروابط التجارية والدبلوماسية بين البلدين قديمة وقوية وتحقق مصالح الطرفين.
كما أن جهاز قطر للاستثمار يعتبر من أبرز المستثمرين في المملكة المتحدة، كما تستثمر قطر في محطات توليد الطاقة النووية في بريطانيا واستثمرت في العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية مثل محلات هارودز وبعض الأندية الرياضية، ونحن نرى أن الاستثمارات بين البلدين في تنامٍ مستمر. فمثلاً، شركة مثل شل ستستثمر ما يصل إلى 35 مليار دولار خلال السنة القادمة في قطاع الغاز، كما أن هناك مبالغ هائلة ستصرف على الاكتشافات والتطوير إضافة إلى محطات التصفية ومصانع البتروكيماويات، وهناك توقع لمستقبل كبير للغاز الطبيعي؛ لذا سيكون هناك الكثير من الاستثمارات في هذا المجال وكل ذلك سيتم عن طريق الشركات الخاصة ومد خطوط الأنابيب، ما يعني أن قطاع النفط والغاز لا يتأثر كثيراً بالتقلبات الاقتصادية العالمية. وللشركات والمؤسسات البريطانية استثمارات كبيرة في قطر، بما فيها شراكة شل مع قطر للبترول ومشروع اللؤلؤة قطر. وهناك أيضا عدد كبير من الشباب القطري يدرسون بالجامعات البريطانية، وهو ما نأمل أن يؤدي لتوسيع وتعميق العلاقات الراسخة بين بلدينا. وسوف تظل التجارة والاستثمار عنصرين مهمين من عناصر العلاقات بين بلدينا، وكلا البلدين عازم على زيادة حجم التجارة والاستثمارات المتبادلة ضمن جهود الدفع بالنمو الاقتصادي العالمي المستدام.
¶ ما مساهمات بريطانيا للفوز بفرص استثمارية ناجحة في قطر من خلال مشاريع قطر لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022؟
- يتوقَّع أن تؤدي خطط قطر لمنح عقود بناء وتطوير تتعلق بالمرافق والملاعب والمنشآت المخطط لها لاستضافة كأس العالم في كرة القدم عام 2022، إلى مزيد من الاستثمارات والعقود الضخمة في البلاد، ما سيساهم في إحداث نهضة كبرى في القطاعات الاقتصادية، ومن أهمها القطاع العقاري، من إنشاءات وبناء وتطوير، فيما يعطي الوجود الفعلي للشركات في قطر الاقتصاد المحلي زخماً جديداً للاقتصاد بقطاعاته المختلفة.
وبالنسبة للمملكة المتحدة ستكون هذه الدورة احتفالاً عالميًا يحدث مرة بالعمر على عتبة بابنا، ونتطلع من خلالها للترحيب بأصدقائنا القادمين من دول مثل قطر، كما أن خبرتنا في تنفيذ هذه المشاريع الهائلة في وقتها المحدّد وضمن الميزانية المحدّدة، وبخطط مدروسة بعناية لتترك أثرا كبيراً، خاصة أن المملكة المتحدة تتمتع بمكانة فريدة لمساعدة قطر في تنفيذ البنية التحتية اللازمة لكأس العالم 2022، ولدى المملكة المتحدة سجل حافل باستضافتها الأحداث الرياضية الكبيرة، وتشييدها لبنية تحتية عالمية المستوى للمشاريع الرياضية والمتصلة بها مثل الملاعب ووسائل النقل وأماكن الإقامة. والشركات البريطانية حريصة جدا على العمل بالشراكة مع قطر لنقل مهاراتها وخبراتها لما فيه فائدة لكلا البلدين. وقد لعبت الشراكات القوية الممتدة منذ وقت طويل بين الشركات البريطانية والقطرية دورها في تحقيق طموحات قطر ونموها. ويعتبر تشييد شبكة للقطارات المحلية والدولية واحدا من المجالات التي تمثل فرصا واضحة للتعاون بين بلدينا بالنظر للخبرة عالمية المستوى التي تتمتع به المملكة المتحدة بكل ما يتعلق بالسكك الحديد، من تصميم وهندسة ودمج للأنظمة المختلفة والعمليات والتنظيم وخطط النقل، وهو ما يمكنها من أن تلعب دورا كاملاً في هذه المشاريع الكبيرة. وتمثل الاستثمارات طويلة الأجل بالبنية التحتية، مثل مطار الدوحة الدولي الجديد، جزءا لا يتجزأ من النجاح المستقبلي لاقتصاد قطر المتنوع وسكانها المتنامي عددهم بسرعة، كما أن الخبرة البريطانية بمجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص تساعد في تمويل العديد من مشاريع البنية التحتية الكبيرة، ولحي المال في لندن خبرة في كل مجالات سلسلة التوريد، من التصميم وحتى التنفيذ، والتي يمكنها أن تحول خطط قطر إلى واقع ملموس. وتعتبر المملكة المتحدة واحدة من أكثر مناطق العالم جذباً للاستثمار، وبوابة للانطلاق نحو أوروبا والعالم. وذلك يتبيّن من المجموعة المختلفة للاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة، من مشروع مرفق الغاز المسال الكبير في ملفورد هيفن.