يمن مصري: الشابات لعبن كرة القدم على ملعب عشبيّ لأول مرّة
آية حبايب: أسعى للاحتراف لمساعدة والدي وأختي مريضة السرطان
جنى أبو حيش: أحلم بمشاركة منتخب بلادي في كأس العالم لكرة القدم
ميسون نخلة: رفعنا الصوت الفلسطيني.. ولدى كل فتاة هنا قصّة ترويها
عاد فريق من اللاجئات الفلسطينيات إلى الدوحة للمشاركة في أنشطة مهرجان الجيل المبهر كجزء من برنامج «الهدف 22» بالمدينة التعليمية، والذي يُعقد بالشراكة بين مؤسسة قطر ومؤسسة الجيل المبهر، ضمن فعاليات بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022، بعد أن شارك في النسخة الرابعة من بطولة كأس العالم للأطفال الدوحة 2022، التي عُقدت في شهر أكتوبر في المدينة التعليمية.
وقالت اللاجئات الفلسطينيات في تصريحاتهن لـ «العرب» إن مشاركتهن تحمل رسالة إلى العالم، أطلقنها من قطر أن التفتوا إلى أحلام الأطفال في فلسطين وساعدوهم على تحقيقها، فهم كالعصافير السجينة تنتظر من يفتح لها باب القفص لتحلّق.
وأكدن أن رحلتهن إلى قطر للمرة الثانية مليئة بالمشاعر، فـ كرة القدم ليست مجرد لعبة، وهي الجسر الذي أوصلهن إلى قطر، كأول دولة عربية تستضيف كأس العالم في التاريخ، حيث رفعن الصوت كفلسطينيات من قطر إلى العالم.
قالت «يُمُن مصري» (29 عامًا)، وهي مدربة كرة قدم ومهارات حياة، تُدرّب اللاجئات الفلسطينيات في مخيم طولكرم، للعب كرة القدم أنها أتت مع فريق من اللاجئات الفلسطينيات إلى قطر من أجل المشاركة في النسخة الرابعة من بطولة كأس العالم للأطفال الدوحة 2022، التي عُقدت في أكتوبر الماضي في المدينة التعليمية؛ ومن ثم العودة في نوفمبر إلى الدوحة للمشاركة في أنشطة مهرجان الجيل المبهر كجزء من برنامج «الهدف 22» بالمدينة التعليمية، والذي يُعقد بالشراكة بين مؤسسة قطر ومؤسسة الجيل المبهر، ضمن فعاليات بطولة كأس العالم فيفا قطر 2022™.
وأشارت إلى أنها فقدت حلمها بأن تكون يومًا ما لاعبة كرة قدم محترفة، حيث لم يدعمها مجتمعها في طفولتها لتحقيق حلمها. فأصرت على أن تنقل هذا الحلم إلى الجيل الجديد.
وأضافت يُمُن مصري لـ «العرب»:» عندما كُنت في عُمر هؤلاء الشابات احترفت كرة القدم وأمتلك الموهبة، لكنّي لم أتلقَ حينها أي دعم رياضيّ أو اجتماعي كفتاة تلعب كرة القدم. كنتُ دائمًا أسأل نفسي ماذا لو توفرت لي الفرصة؟ وقالت اخترتُ دراسة التربية البدنية في جامعة فلسطين التقنية - خضوري بطولكرم، ثم تخصصتُ بكرة القدم، وبذلتُ جهودًا كبيرة ليتم تسجيلي في هذا التخصص الذي لم يكن يقبل الإناث، وبالفعل، كُنتُ أول فتاة تتخصص بكرة القدم».
وأضافت: «ما حُرمتُ منه في طفولتي أردتُ لأطفال اليوم أن يحصلوا عليه. وهدفي هو ترك أثر إيجابي في الطفل وأن أغرس فيه حقّه في الحلم، وتحقيق ما يرغب به. وأن يعي تمامًا أن واقعه اليوم لن يكون مستقبله غدًا. لذلك أعمل على ارشادهم لتطوير مهاراتهم الحياتية والتعلّمية ضمن مفهوم الرياضة من أجل التغيير».
وبدأت يُمن مسيرتها المهنية مع جمعية فلسطين للحياة منذ نحو 7 أعوام وصمّمت برنامجا خاصا بطولكرم كخدمة مجتمعية، وانطلقت برحلتها مع تدريب فتاة واحدة فقط حيث كان من الصعب اقناع الفتيات بالانضمام إلى هذه اللعبة بسبب العوائق المجتمعية. وعلى مرّ السنوات، ضمّ البرنامج نحو 50 فتاة و80 فتى.
وتابعت يُمن:» من غير المتعارف عليه أن تلعب الفتاة كرة قدم في مجتمعاتنا ومنها طولكرم. لذلك، كنتُ أسعى دائمًا إلى إقناع أولياء الأمور بتأثير الرياضة الإيجابي، وخضتُ محاولات كثيرة معهم لأضمن لهم التدريب الآمن لبناتهم، وأحصل على ثقتهم، وأُثبت لهم أن كرة القدم هي وسيلة تعود بالفائدة على بناتهنّ خصوصًا وأنهنّ يعشن في ظروف معيشية اقتصادية ومجتمعية صعبة لا تتوافر فيها أي وسيلة ترفيهية أو تعليمية».
وختمت: «هؤلاء الشابات لعبن كرة القدم على ملعب عشبيّ لأول مرّة بحياتهن هنا في قطر»، مضيفةً: أقول للذين يحلمون بالفرص، احلموا، واجتهدوا، وثابروا، واصبروا، والأهمّ من ذلك كلّه آمنوا بقدراتكم».
وأوضحت بأن تكون مدربًا لفريق كرة قدم، فهي مهنة فيها الكثير من الضغوطات النفسية والاجتماعية، وغيرها الكثير من الصعوبات لأنك ستكون الوتد الذي يتكئ عليه أعضاء الفريق عند اليأس والتعب والإرهاق، وستكون أيضًا مصدر القوّة والتحفيز والشجاعة لمواجهة كل الصعوبات. فكيف إذا كُنت مدربًا لفريق شابات فلسطينيات يعشن في مخيّم طولكرم للاجئين في الضفة الغربية حيث المدارس مكتظة بطلابها، ونسبة البطالة عالية، والأمراض المزمنة شائعة، وشبكة المجاري الصحية غير كافية.
اصرار على الهدف
من جهتها، تقول آية حبايب، 18 سنة عضو في الفريق الفلسطيني لكرة القدم:» بدأتُ بلعب كرة القدم في عمر الست سنوات وواجهتُ معارضة الأهل والمجتمع، ولكنني أصريّتُ على الاستمرار لأن كرة القدم هي الملجأ الذي أٌعبّر من خلاله عن مشاعر الغضب والحزن، فوالدي أُصيب بالسرطان حين كنتُ في المرحلة التوجيهية، والعلاج لم يتوافر له».
وأضافت:» كان لمُدربتي دور كبير في مساعدتي على تجاوز الكثير من الصعوبات، إضافة إلى ذلك، التنمّر كوني فتاة وشَعري قصير وألعبُ كرة القدم، فالبيئة التي نعيش فيها تعتبر أن كرة القدم فقط للذكور. أنا أحلمُ بأن أكون لاعبة محترفة لكي أساعد أختي الصُغرى المُصابة أيضًا بالسرطان وأُساعد والدي، كوني أكبر إخواتي، ولتحقيق ذلك، أحاول دائًما تحويل التنمر الاجتماعي إلى حافز لي للمثابرة».
ووجّهت آية رسالة إلى العالم قالت فيها:» من قطر، أقول للعالم: التفتوا إلى أحلام الأطفال في فلسطين وساعدونا على تحقيقها، نحنُ كالعصافير السجينة ننتظر من يفتح لنا باب القفص لنُحلّق ونُعبّر عن أحلامنا وأنفسنا».
حياتي تغيرت
بدورها، قالت جنى أبو حيش، 14 سنة عضو في الفريق: «عندما بدأت بلعب كرة القدم، لم أكن أتوقع أنني سأحقق حلمي وأُكون على متن طائرة يومًا ما، وإلى أين؟ إلى قطر حيث تجري مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم. كلّ شيء تغيّر في حياتي خلال عامين. أردتُ أن أعيش حلم السفر يومًا ما، فانضممتُ إلى الفريق، ودخلتُ في تدريبات مكثفة لمدة سنتين، ولولا مساعدة مدربتي ما وصلتُ إلى هنا، فهي التي حفزتني على النجاح، لأنها تقول لنا دائمًا أننا أقوياء، وأنه يجب أن نثابر ونصبر من أجل تحقيق ما نريد».
وتابعت: «نحن نسعى جاهدين لاحتراف كرة القدم، لكن المرافق الرياضية غير متوافرة ولا الأدوات. نحن نتدربُ في ملعب المدرسة على أرضية الأسفلت ومُعرضات دائمًا للإصابات. خلال الشتاء يصبح الملعب بركة مياه». وأضافت: «أحلم بمشاركة منتخب لفلسطين في كأس العالم لكرة القدم، وأتمنى أن أحضر مباريات هذه البطولة مثل كلّ المشجعين».
وأضافت ميسون نخلة، المترجمة والمنسقة مع الفريق الفلسطيني ضمن جمعية فلسطين الرياضة للحياة، فتُوضح لنا دورها في إيصال صوت الفتيات الفلسطينيات إلى العالم، قائلة:» ألتزمُ بالاحترافية في مهامي كمترجمة مع الفريق، ولكنّ رحلتي مع الفريق إلى قطر للمرة الثانية مليئة بالمشاعر.
وقالت ميسون» عندما أترجم كلامهم، أترجم معها أحلامهم وإصرارهم وعزيمتهم، وأحكيها من القلب وأدافع عنها لأنها جزء من أحلامنا جميعًا كفلسطينيين. كل فتاة هنا لديها قصّة ترويها».
وأوضحت:» أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل جسر أوصلنا إلى قطر أول دولة عربية تستضيف لأول مرة بطولة كأس العالم في التاريخ، حيث رفعنا الصوت كفلسطينيين من قطر إلى العالم، لنقول نحن موجودون، ونحن صامدون، ونحن أقوياء».
الجدير بالذكر أن مؤسسة قطر بها العديد من الفعاليات الشيقة خلال كأس العالم في رحاب المدينة التعليمية، من ضمنها معارض ومهرجان ثقافي وتجربة فريدة للمشجعين قبل انطلاق المباريات في استاد المدينة التعليمية.