غلق التدريبات والمباريات.. عدم تجديد الصفوف.. تغيير مراكز اللاعبين
الثبات على الأسماء قضى على التنافس.. والوسط أسوأ الخطوط
دروس كثيرة خرج بها منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم بعد إخفاقه في أول مشاركة بكأس العالم، وبعد أن تلقى 3 خسائر متتالية أمام الإكوادور والسنغال وهولندا ضمن المجموعة الأولى، وهذه الدروس لابد من الوقوف عليها ودراستها، والعمل على تلافيها، من اجل إعادة المسار، ومن اجل العودة إلى المستوى المعروف بل وتطوير هذا المستوى وهذا الأداء
وربما تحدث الجميع عن بعض أسباب هذا الفشل لاسيما ابعاد اللاعبين عن مباريات الدوري والاكتفاء بالتدريبات في المعسكرات الأوروبية، والمباريات الودية التي كان بعضها جيدا، وبعضها غير مناسب وتسبب ربما في هبوط مستوى وأداء الفريق، لضعف هذه الفرق، وأيضا للانتصارات التي تحققت عليها بسهولة متناهية، وهو ما قد يكون قد انعكس سلبيا على اللاعبين، رغم تحذيرنا بضرورة وضعها في مستواها الحقيقي وعدم الغرور بنتائجها وانتصاراتها.
لكن من المؤكد أن هناك أسباباً أخرى أدت إلى هذا الإخفاق، وهو أمر لا يعيب منتخبنا، بل يدفعه إلى التصحيح والى العلاج، من اجل العودة، وكم من منتخبات عريقة سقطت سقوطا مدويا مثل البرازيل التي خسرت على ملعبها وبين جماهيرها في مونديال 2014 بسباعية امام المانيا وودعت مونديال روسيا 2018 في دور ربع النهائي أمام بلجيكا، ثم عادة بقوة وحققت الألقاب والتي كان أبرزها حصولها على لقب كوبا أمريكا 2021.
لعل من اهم الأسباب التي ساهمت في الإخفاق، إصرار الإسباني فيليكس سانشيز مدرب الفريق على إغلاق الباب في وجه الإعلام، سواء أثناء التدريبات أو المباريات الودية، وقد يكون الأمر مقبولا، في بعض الحالات، وفي بعض التدريبات والمباريات، لكن الغلق التام لم يكن مفيدا للفريق وللاعبين، وجعلهم يبتعدون عن أمور معنوية مهمة تتحقق بفتح التدريبات والمباريات، أهمها رد الفعل الجماهيري والإعلامي على الأداء والنتائج، وهو ما ينعكس إيجابيا على الفريق وعلى اللاعبين انفسهم الذين يشعرون بأي رد فعل غير جيد، وبالتالي يعملون على العودة وعلى الظهور بمستوى جيد.
هناك أمر إيجابي في هذا الأمر وهو الإقلال من ظهور وتصريحات لاعبينا إعلاميا، إلا في حدود معينة تخدم مصلحة الفريق وتخدم اللاعبين أنفسهم، وهذه الحدود مسؤولية المدرب والجهاز الإداري.
لقد بات إغلاق المباريات أمرا غير مقبول في عصرنا هذا حيث الأمور واضحة وضوح الشمس، ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه خاصة وانك في أول مباراة وفي أول ظهور ستنكشف كل الأوراق والمستويات والأوراق الرابحة ونقاط الضعف والقوة التي سيعمل المنافسون على استغلالها دون الحاجة إلى محاولة الوصول إلى المباريات الودية المغلقة.
غلق الباب أمام الأسماء الجديدة
من بين السلبيات التي عانى منها العنابي، عدم تجديد الصفوف وعدم الدفع بأسماء جديدة أو مواهب جديدة، حيث اغلق سانشيز الباب أمام مجموعة محددة من اللاعبين منذ الفوز بكأس آسيا 2019.
ولا يوجد أي اعتراض على تثبيت القائمة أو التشكيل، لكن مع منح الفرصة لمن يثبت جدارته وكفاءته من الأسماء الجديدة، ومع زرع المنافسة بين اللاعبين الأساسيين وبين باقي اللاعبين
لقد ضم سانشيز أسماء جديدة بالفعل إلى قائمة الفريق قبل انطلاق المعسكر، لكن ظل الأمر مغلقا أمامهم للعب في التشكيل الأساسي، وبات الأساسيون وقد ضمنوا اللعب مهما حصل، وهو أمر لا نعترض عليه طالما أي لاعب يحافظ على مستواه بل ويطوره.
طوال 4 سنوات لم نر لاعبا جديدا في التشكيل الأساسي، باستثناء لاعب أو لاعبين فقط مثل محمد وعد، وهو ما انعكس على الفريق بالجمود في الأداء وفي المستوى ودفع العنابي الثمن في المونديال، علما ان بعض المنتخبات غامرت ودفعت بأسماء جديدة مثل الهولندي كودي جاكبو (23 سنة) الذي أصبح أساسيا وتحول إلى هداف الفريق والمونديال.
تغيير مراكز اللاعبين
يظل تغيير مراكز بعض اللاعبين احد ابرز السلبيات التي أثرت على منتخبنا في مشواره قبل وأثناء المونديال، وقد تحدثنا كثيرا عن تغيير مركز عبد الكريم حسن افضل ظهير ايسر في آسيا 2018، والذي كان من أبرز الأوراق الرابحة لمنتخبنا، والذي أصر سانشيز بدون أي مبرر على نقله لقلب الدفاع، فخسرنا ورقة رابحة ولم نكسب مدافعا جديدا بدليل الهزائم والأهداف التي منى بها مرمانا والتي لا يسأل عنها عبد الكريم فقط .
ولسنا ضد تغيير مراكز اللاعبين بشرط أن يكون ذلك في مصلحة الفريق مثل عودة بيدرو إلى قلب الدفاع واشتراك إسماعيل محمد في الظهير الأيمن، المشكلة أن العنابي كان يملك لاعبين جيدين في قلب الدفاع مثل بسام الراوي وطارق سلمان، إلى جانب قدرة محمد وعد على اللعب أيضا في قلب الدفاع، ولم يكن بحاجة إلى وجود عبد الكريم حسن الذي افتقده منتخبنا كثيرا خاصة في الجانب الهجومي وافتقده اكرم عفيف الجناح الأيسر، بعد تألقهما في آسيا 2019.
عدم تطوير الأداء والخطط
انتظرنا بفارغ من الصبر ظهور العنابي في المونديال للتعرف على شخصيته الجديدة وأدائه الفني والخططي، لكن لم نجد أي شيء من قبل الجهاز الفني في هذا الأمر، حيث ظهر الفريق بنفس الأداء التكتيكي وبنفس الأسلوب والأداء، ولم يكن هنا أي تطوير، أو مفاجأة في الأسلوب دفاعا وهجوميا، لذلك سهل على المنافسين إيقاف منتخبنا تماما من الناحية الهجومية لهذا السبب وبجانب أسباب أخرى تتعلق باللعب الجماعي الذي كان يميز الفريق ثم اختفى فلم نكن نرى سوى عفيف والهيدوس والمعز بمفردهم في ملعب المنافس دون وجود الدعم والمساندة، خاصة من الوسط ومن الظهيرين إلا نادراً.
إعادة بناء الوسط
يحتاج العنابي إلى إعادة تصحيح وإعادة بناء من اجل المستقبل ومن المرحلة المقبلة، لكن اكثر ما يحتاج التصحيح وإعادة البناء هو خط الوسط، الذي كان أسوأ خطوط الفريق في المباريات الثلاثة، حيث عاني من كبر سن بعض لاعبيه، ومن تراجع مستواهم وانخفاض معدل لياقتهم البدنية.
وبات الوسط العنابي في حاجة إلى دماء جديدة، والى لاعب قادر على أن يكون قائداً لهذه المنطقة المهمة، وقادر على ضبط زمام الأمور دفاعياً وهجومياً.