تحتفل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، باليوم العالمي للمعلم في الخامس من أكتوبر سنوياً، تأكيدا على المكانة الرفيعة التي يحظى بها المعلم لدى الدولة، باعتباره حجر الزاوية في مسيرة النهضة التعليمية والتنمية الشاملة، وركيزة أساسية في تنفيذ أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 التي جعلت التعليم في صدارة أولوياتها.
وأولت دولة قطر بتوجيهات القيادة الحكيمة كل عناية للمنظومة التعليمية، وسخرت لها وبلا حدود الدعم والإمكانيات، حتى تبوأت مكانا متقدما على المستوى الدولي، وحققت نجاحات لافتة ومشهودة على كافة المستويات حظيت بإشادات واسعة إقليميا ودوليا، وكان للمعلمين أصحاب العطاء والوفاء، نصيب وافر من خطط واستراتيجيات تطوير التعليم وتحديثه. ويحظى المعلم بمكانة كبيرة في سلم الأولويات الوطنية، وتحتفي به الدولة، في يومه السنوي، وعبر جائزة قطر للتميز العلمي، وبرامج تنموية للقدرات والمهارات التعليمية.
«القائد التربوي» جائزة إضافية بـ «التميز العلمي»
تحرص الدولة على أن يكون يوم المعلم، مناسبة لتكريم العطاء المتواصل، حيث يحظى المعلم باهتمام خاص من القيادة الرشيدة، تجسد في مبادرات رفيعة المستوى أبرزها تكريم المعلمين الفائزين بجائزة قطر للتميز العلمي تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.
وأجرت وزارة التربية تعديلات على جائزة قطر للتميز العلمي تدخل حيز التنفيذ في نسخة 2028، شملت إضافة جائزة إضافية باسم «القائد التربوي» التي تستهدف مديري المدارس ونوابهم، تقديرا لجهودهم التربوية.
4 مبادرات لاستقطاب القطريين إلى المهنة
تسعى وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي باستمرار إلى تقديم برامج وإطلاق مبادرات ضمن توجهاتها الإستراتيجية لتمهين التعليم، بما يتسق مع رؤيتها لاستقطاب المعلمين الشباب لمهنة التدريس كونهم الجيل الأكثر استجابة لمتطلبات القرن الحادي والعشرين.
ويأتي على رأس تلك المبادرات برنامج «طموح» الذي تسعى الوزارة من خلاله استقطاب المعلمين القطريين لمهنة التدريس بالتعاون مع كلية التربية في جامعة قطر، وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى زيادة ملحوظة في أعداد الطلبة القطريين المنضمين لبرنامج الابتعاث في مجال التربية «طموح» في عام 2024، كما شهد هذا الفوج إقبالا لافتا من الطلبة البنين بنسبة زيادة قاربت ثلاثة أضعاف الفوج السابق، حيث مازالت الوزارة تواصل جهودها في استقطاب واستبقاء المعلمين المتميزين، وتحفيز الشباب القطري من خريجي الثانوية العامة للتوجه نحو التخصصات الجامعية التربوية، التي تؤهلهم للالتحاق بهذه المهنة الجليلة.
كما يوجد هناك برنامج «بداية موفقة»، لتدريب المعلمين القطريين في سنتهم الأولى وتأهيلهم للعمل في المدارس الحكومية، ودعمهم وتهيئتهم نفسيا ومهنيا، وتقديم الإرشاد والتوجيه لهم لضمان انخراطهم بسلاسة في الميدان التربوي .
ويستقبل برنامج خبرات الفوج الثالث قريباً، وتسعى الوزارة من خلاله إلى إجراء معايشات للمعلمين في المدارس بدولة فنلندا، حيث شهد الفوج الثاني تكريم 14 معلما، على أن يشهد توسعات في التخصصات خلال الفترة المقبلة.
كما تقدم الوزارة برنامج «تمهين» الذي يعتبر إحدى المبادرات الرائدة التي أطلقتها الوزارة منذ العام الأكاديمي 2019 - 2020، بهدف استقطاب القطريين لمهنة التدريس، ويوفر العديد من المزايا والحوافز التشجيعية للمتدربين، بتنسيق مشترك ومستمر بين الوزارة وديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي، واحتفلت قبل أكثر من شهر بتكريم 28 معلما من البرنامج.
تأتي هذه المبادرات في إطار الاستثمار في الموارد البشرية، وبناء كوادر وطنية تقود العمل التربوي في دولة قطر، بما يسهم في تحقيق أهداف استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة.
وترى الأستاذة إيمان المهندي، مدير مركز التدريب والتطوير في الوزارة، أن تمكين المعلم القطري وتطوير كفاءاته يمثل أولوية قصوى، مشيرة إلى أن المركز يعمل على تنفيذ خطة تدريبية شاملة تشمل برامج في القيادة التربوية، والابتكار في التدريس، ومهارات التحول الرقمي، إلى جانب دورات متخصصة في إدارة الصفوف وبناء قدرات الطلاب.
توصية من «الشورى» بتخفيف الأعباء الإدارية
لم تغب قضية المعلمين عن أجندة مجلس الشورى، الذي ناقش في الفصل التشريعي المنقضي، ظاهرة عزوف بعض الكوادر الوطنية عن الالتحاق بمهنة التدريس.
وخلصت النقاشات إلى جملة من التوصيات شملت إعادة النظر في الأعباء الإدارية، وتطوير آليات التدريب المستمر، وتعزيز قدرات القيادات المدرسية، إلى جانب رفع نسب التقطير وتشجيع الشباب على الانخراط في سلك التعليم باعتباره مهنة شرف ورسالة وطنية.
دعم مالي وتشريعي
يتمتع المعلمون في الدولة بامتيازات مالية تعد من الأعلى في المنطقة، حيث يصل أحيانا إلى رواتب بعض الوظائف الأكاديمية العليا، إلى جانب بدلات وحوافز إضافية للمتميزين، وكما توفر الدولة للمعلمين المستقطبين من الخارج حوافز سكن وتأمين شامل، بما يعزز استقطاب الكفاءات وضمان بيئة تعليمية جاذبة.
وفي خطوة تؤكد دعم الحكومة للمعلمين والعاملين في الميدان التربوي، أصدر مجلس الوزراء في يونيو الماضي القرار رقم 23 لسنة 2025 بشأن تعديل بعض أحكام النظام الوظيفي لموظفي المدارس، حيث نص على إلغاء المادة 14 من النظام الصادر بالقرار رقم 32 لسنة 2019، والتي كانت تستثني بعض البدلات والعلاوات من احتساب الراتب الإجمالي أثناء فترات الإجازات، باستثناء حالات محددة.
وأكدت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، أن هذا القرار يأتي في سياق الحرص على صون الحقوق المالية والامتيازات الوظيفية للعاملين في الميدان التربوي، موضحة أن القرار بدأ سريانه في 25 يونيو الماضي ليشمل جميع موظفي المدارس الحكومية في الدولة.
وشددت الوزارة على أن هذا التعديل يُعد خطوة إيجابية نحو ترسيخ بيئة وظيفية عادلة وجاذبة، تكرّس مفاهيم التحفيز والاستدامة، وتُسهم في تعزيز جودة التعليم ورفع كفاءة الأداء في المدارس، انسجامًا مع تطلعات رؤية قطر الوطنية 2030.
تقدير كبير للكوادر المتميزة في ميدان التدريس
يمثل احتفاء دولة قطر بالمعلمين سنويا احتفاء بالمهنة ذاتها التي تعد «أم المهن»، ويجسد الاحتفال التقدير لدور المعلم المتعاظم في تربية النشء وبناء الأجيال ومستقبلها الواعد، ومساهمته في جهود التنمية البشرية، إحدى ركائز رؤية قطر الوطنية 2030.
ويأتي احتفال هذا العام برعاية معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، في مسرح وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، تحت شعار: «عطاءٌ يثمر أجيالا»، يوم الأحد المقبل. تقديرا لعطاء المعلّمين ودورهم المحوري في إعداد الأجيال وصناعة المستقبل؛ ويشهد الحفل تكريم نخبة من المعلّمين الذين أنجزوا مسيرة متميزة بالعطاء في ميدان التدريس.
وتسعى الوزارة دوما ومن خلال جهود ومبادرات عديدة، لجعل مهنة التدريس مهنة جاذبة، يقبل عليها المواطنون إيمانا منهم بأهميتها في بناء وطنهم والمحافظة على مكتسباته، فبناء المجتمعات ونهضة الأوطان والمجتمعات لن تتم دون معلمين متمكنين، يملكون شغف المهنة، ويؤمنون برسالتهم السامية، في تنشئة الأجيال تنشئة قويمة، ترتكز على المبادئ والقيم، والمحافظة على الهوية الوطنية، باعتبارهم قدوة حسنة، وخير معين على تحقيق النجاح ورسم مستقبل الأبناء. وتتطلب العملية التربوية والتعليمية كثيرا من التضحيات والعمل الدؤوب لتخريج أجيال وتقدم الأمم، ما يحتم على المعلمين مواصلة الجهد والعطاء ورد الجميل، لأن قطر بفضل ما توفره لهم من رعاية واهتمام، تستحق الأفضل دوما.
وبين التكريم من القيادة الرشيدة، والدعم المالي، والاستراتيجيات التدريبية، يبرز بوضوح أن دولة قطر تتعامل مع قضية التعليم والمعلم باعتبارها استثمارا في المستقبل. ومع كل هذه الجهود، يبقى المعلم في قطر ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل صانعا للأجيال وقائدا للتنمية الوطنية.