دعا خبراء تربويون إلى تخصيص جائزة سنوية للأسرة التي تقدم بيئة داعمة ومحفزة للدراسة من خلال تهيئة الأجواء الدراسية المناسبة لأبنائها وتعزيز الشراكة مع المدرسة لإنجاح أهداف العملية التعليمية. ونوهوا لـ العرب بدور أولياء الأمور في متابعة أبنائهم وتشجيعهم على الالتزام بالحضور وتنظيم أوقاتهم الدراسية، إلى جانب دورهم في التواصل البنَّاء مع المدرسة ومتابعة تقدم الأبناء والمشاركة في المناسبات المدرسية المختلفة. وأكدوا أن دور الأسرة في إنجاح العام الدراسي يبدأ من تقنين الوقت الذي يقضيه الأبناء في استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية، ووضع قوانين وأوقات متفق عليها، بهدف الوصول إلى استخدام مقنن ومرشد للأجهزة، كما نوهوا بدور الإدارات المدرسية في ترسيخ فكرة التواصل مع أولياء الأمور بما يساهم في التأثير الإيجابي على سلوك الأبناء وزيادة التحصيل العلمي لديهم.
د. لطيفة النعيمي: التفوق الدراسي يبدأ من المنزل
أكدت الدكتورة لطيفة النعيمي على دور الأسرة في إنجاح العملية التعليمية، مبينة صعوبة قيام المدرسة بأدوارها المنوطة بالشكل الصحيح والكامل دون مشاركة جادة من قبل الوالدين في مؤسسة الأسرة، التي تلعب دور التربية والتعليم جنبا إلى جنب مع مؤسسات التعليم في المجتمع المدني.
وأوضحت د. النعيمي أن الأسرة التي تشارك أبناءها في عملية التعليم وتتابعهم عن قرب وتكمل دور الأستاذ في المنزل تجني بشكل مباشر ثمار هذا الجهد، وعلى العكس تماما، نجد أن الأسر التي تكتفي بتوفير كل ما هو مادي لأبنائها لإكمال تعليمهم دون متابعتهم ودون الحرص على تحصيلهم التربوي والعلمي على حد سواء، تخسر كثيرا ولا تحقق توقعاتها المرتفعة من تحصيل أبنائها الدراسي.
وأشارت إلى أن تفوق الابناء في المدرسة يتطلب بذل جهد كبير من الأسرة في تعزيز ثقة الابن بنفسه أولا، ودفعه للاعتماد على نفسه في مراجعة الدروس التي يحصل عليها في قاعات الدراسة، مبينة أن التفوق يبدأ من البيت أولا والمدرسة ثانيا، والناجحون لا ينجحون وهم جالسون ينتظرون النجاح، وإنما يصنعونه بالعمل والجد واستغلال الفرص والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم.
وأكدت أن الأسرة القطرية سجلت صورا ناصعة البياض في المسيرة التعليمية وقد تجلت هذه الشراكة في مرحلة الدراسة عن بعد، حيث أبرزت وعيا تربويا في إسنادها الفكري لجهد وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي؛ إيمانا منها بأهمية التعليم في ثقافة المجتمع القطري، ودوره في ازدهار الأمم وتقدمها وهي بذلك تترجم بشكل واقعي مفهوم المدرسة المجتمعية أو مجتمع المدرسة.
ودعت د. النعيمي إلى تخصيص جائزة سنوية تمنح للأسر المتميزة التي تساهم في إنجاح العملية التعليمية بحرصها على تفوق أبنائها، على غرار جائزة التميز العلمي التي تمنح للطلاب المتفوقين، منوهة بالجهود الكبيرة التي تبذلها الأسر لتعزيز التحصيل الدراسي لأبنائها.
ناصر المالكي: بعض الأسر لا تشارك في العملية التعليمية
ثمّن الأستاذ ناصر المالكي مدير مدرسة ومستشار اجتماعي، دور الأسرة في تأسيس الطالب عبر التوجيه المستمر له وتشجيعه في الحصول على أعلى المعدلات الأكاديمية وتشكيل شخصيته منذ البداية، إذا اهتمت بالابن ووضعت خطة مدروسة تساهم في إبراز شخصية فذة تسعى للتطوير العلمي والعملي وتخدم المجتمع، وسيكون لهم دور عظيم في قيادة أوطانهم إلى أعلى المراتب، في حين إذا لم تدرك الأسرة أهمية تنشئة الأبناء التنشئة القويمة الصحيحة، كما علمنا ديننا الحنيف، فسوف يصنعون ابنا فاشلا تعصف به الحياة عصفا، وهو غير قادر على مجابهتها ومواجهتها، والأخطر من ذلك إذا نشأ بلا أخلاق وبعيدا عن تعاليم ديننا الإسلامي، فسيكون بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستدمِّر كلَّ شيء حولها؛ لذلك فإنَّ الأسرة هي الأداة الأساسية التي يجب أن تستخدم بشكل سليم لإعداد أبناء يُشار إليهم بالبنان ويصبحون سندًا لأسرتهم، ودينهم ووطنهم يفخرون ويفاخرون بهم.
وأضاف المالكي قائلا: بعض الأسر مقصرة في واجباتها مع أبنائها وفي مشاركتها في العملية التعليمية، بل إن البعض منهم أصبح دائم الغياب عن الأبناء بحجة الانشغالات أو العمل، وأصبح يوكل مهمة تربية ابنائه للمدرسة في وقت الدراسة والشاشات بعد العودة من المدرسة، متناسيا المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل من وراء مشاهدة بعض المواقع أو التعرض لأفكار لا تناسبنا.
وشدد المالكي على ضرورة أن يكون لولي الأمر وجود ودور في حياة أبنائه وأن يخصص لهم وقتا يوميا للحديث معهم ومتابعة أحوالهم سواء المدرسية أو غيرها وقال لا يختلف اثنان على أنَّ المدرسة والأسرة عنصران متلازمان ومترابطان برباط وثيق لا يمكن تفكيكه إذا أردنا أن نوجد عملية تعليمية ناجحة، لكن وللأسف الشديد أغلب الأسر لا تعي دورها الفاعل في العملية التعليمية؛ فتلقي كل الثقل على كاهل المدرسة والمعلم، وكل ما تقوم بفعله الانتقاد وإلقاء اللوم وهي في سُبات عميق مُتناسية أهم عنصر في نجاح الطالب في مجال التعليم وهو متابعة الأسرة للطالب من حيث التحضير للدروس، والقيام بالواجبات، ومراجعة الدروس السابقة، وفي الصيف إلحاقهم بالمعاهد لأخذ دورات إضافية تثريهم بالعلم النافع، وتسهل عليهم فهم دروسهم وتصقل شخصيتهم؛ لذلك يجب على جميع الأسر أن تعي جيدا مدى أهمية دورها في الجانب التعليمي من أجل إنشاء جيل واعد طالب للعلم من المهد إلى اللحد؛ فمن أجل العمل بهذه التوصية العظيمة يجب على الجهتين العمل والتعاون، وبإذن الله سنصل إلى تنشئة جيل محب للعلم والتعليم.
واختتم المالكي بقوله إنَّ هناك ملهيات كثيرة قد تبعد الطالب عن التعليم، وأن توفير الأهل واهتمامهم بالجوانب المادية فقط قد يضر الأبناء أكثر مما ينفعهم، ويزيد من توفير الملهيات، فليست كل احتياجات الأبناء مادية، بل هم بحاجة إلى وقت الأب والأم واهتمامهما أكثر من الحاجة للماديات.
واستدرك المالكي كلامه بأن الخير موجود في كل جيل وكل زمان وابناؤنا فيهم الكثير من الخير هم فقط بحاجة إلى التوجيه والرعاية والاهتمام، وضرب مثلا عن الطلبة المتفوقين والناجحين الذين يتخرجون سنويا من المدارس، وأشار إلى تجربته الخاصة بصفته مدير مدرسة بأنه يرى الكثير من الطلبة الذين يستحقون أن يكونوا قدوة لبني جيلهم، لكنهم مختلفون عن الأجيال السابقة، وقال ان سنة الحياة تكمن في أننا لا نشبه اباءنا ولا أبناؤنا يشبهوننا وعلينا تقبل الاختلاف فلكل زمان رجاله، لكننا علينا فقط سواء كمدرسة أو كأسرة توجيههم ورعايتهم.
د. فاطمة فريحات: علاقة تكاملية تعزز السلوك الإيجابي والتحصيل الأكاديمي
أوضحت الدكتورة فاطمة فريحات، تربوية وباحثة في أساليب تعليم السلوك الإيجابي، مفهوم الشراكة بين الأسرة والمدرسة، مؤكدة أنها تساهم في تعزيز التواصل بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على الطلاب سواء من حيث السلوك الإيجابي أو التحصيل الأكاديمي، وبينت أهمية هذه الشراكة الأسرية من خلال التواصل البناء مع المدرسة ومتابعة تقدم الأبناء والتجاوب مع دعوات المدرسة والمشاركة في المناسبات المدرسية المختلفة.
وأشارت إلى دور أولياء الأمور في متابعة أبنائهم وتشجيعهم على الالتزام بالحضور وتنظيم أوقاتهم الدراسية، وأكثر من ذلك، تهيئة الأجواء الدراسية المناسبة خاصة مع انتقال الطلبة من نمط حياتهم اليومي الذي اعتادوه خلال إجازة الصيفية الطويلة، إلى جدول اليوم الدراسي الذي يتطلب النوم والاستيقاظ مبكراً، وتقنين الوقت الذي يقضيه الأبناء في استخدام الأجهزة الإلكترونية والهواتف الذكية.ولفتت إلى أن الشراكة بين المدرسة والأسرة تمثل ركيزة في نجاح العملية التعليمية، كما تمثل علاقة تكاملية من حيث أنَّ الأسرة هي اللبنة الأولى التي تتولى تربية ومتابعة الأبناء وتوفير الجو المناسب للمذاكرة، بينما المدرسة تتناول الطلاب بالتربية والتعليم بالشكل الذي يتلاءم مع قدراتهم ومهاراتهم.ونوهت بدور الإدارات المدرسية في تعزيز الشراكة المجتمعية وترسيخ فكرة التواصل مع أولياء الأمور بما يساهم في التأثير الإيجابي على سلوك الأبناء وزيادة التحصيل العلمي لديهم.