«سي. آي. أيه».. من التجسس إلى العمل العسكري
حول العالم
01 أكتوبر 2011 , 12:00ص
واشنطن - أ.ف.ب
عبر تركيزها على ملاحقة الإرهابيين والقضاء عليهم عمدت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. أيه) إلى التسلح أو حتى التداخل مع المهمات الموكلة إلى الجيش، لكنها بذلك تجازف بإغفال أساس وجودها المتمثل في مهمات التجسس التقليدية.
والعملية التي نفذت في مطلع مايو لتصفية زعيم شبكة القاعدة أسامة بن لادن تعتبر دليلا على ذلك، حيث قامت وحدة من القوات الخاصة في البحرية بالهجوم, لكن العملية تحديدا تمت تحت إشراف وكالة الاستخبارات التي تقوم مهمتها أساسا على جمع وتحليل المعلومات لتقدمها إلى الحكومة الأميركية.
ويقول ريتشارد كون الأستاذ في جامعة كارولاينا الشمالية إن «مكتب الخدمات الاستراتيجية (أو أس أس) الذي كان قائما خلال الحرب العالمية الثانية وحلت محله سي آي أيه كانت خدماته تتركز على العمليات شبه العسكرية ومحاولة بث الفوضى خلف خطوط العدو. إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تتخل عن هذا النشاط منذ ذلك الحين».
لكن عمل هذا الجهاز السري تغير منذ 11 سبتمبر, حيث أصبحت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تقوم بملاحقة إرهابيين في العالم واعتقالهم أو حتى تصفيتهم.
وفي باكستان فإن الطائرات من دون طيار تديرها السي أي أيه ولو أنه يتم توجيهها من الولايات المتحدة من قبل عسكريين في سلاح الجو. وفي أفغانستان جندت الوكالة ثلاثة آلاف أفغاني لملاحقة المتمردين.
وقال مايكل هايدن مدير الوكالة بين 2006 و2009 إن «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تكن يوما أقرب مما هي عليه اليوم إلى سلفها مكتب الخدمات الاستراتيجية».
وكتب الباحث رافاييل راموس في مقال للمركز الأوروبي للأبحاث الاستراتيجية أن نقاط التباين الثقافية بين البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اختفت «لاسيَّما بفضل محلل سي آي أيه الكثيرين في العراق الذين شجعوا انبثاق ثقافة مشتركة». من جهته يقول مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية إن نشاط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أصبح «عملانيا إلى حد كبير» منذ بدء «الحرب على الإرهاب». وأوضح «بسبب الطبيعة الخاصة لهذه الحرب، أصبح العمل السري يأخذ حيزا كبيرا من طاقة الوكالة».
ورأى أنه في مجال مكافحة تنظيم القاعدة فإن تحول دور سي آي أيه شكل نجاحا. قائلا: «نقتل الناس بسرعة أكبر من قدرتنا على استبدالهم».
من جهتها قامت قيادة العمليات الخاصة في البنتاغون بإرساء تعاون مؤسساتي مع عملاء سي آي أيه. لكن ذلك أثار مشاكل قانونية بحسب اتحاد الحريات المدنية. وخلافا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي يمكن أن تنكر الحكومة عملياتها السرية فإن الأنشطة العسكرية للقوات الخاصة تخضع لإطار تشريعي إلزامي أكثر.
ويرى وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أن هذا التداخل بين القوات الخاصة ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يعطي الرئيس «بعض المرونة» في استخدام القوة.
وما يثبت هذا التداخل أن وزير الدفاع الحالي كان سابقا مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وقد حل محله على رأس سي أي أيه ديفيد بترايوس الجنرال الذي تقاعد لتوه. من جهته خلف بانيتا في البنتاغون الوزير السابق روبرت غيتس الذي أمضى 27 عاما في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. لكن المخاطر وراء ذلك هو أن تغفل سي آي أيه سبب وجودها وهو العمل الاستخباراتي.
وقال روبرت غيتس قبل مغادرته البنتاغون في نهاية يونيو «رغم أننا شهدنا على المستوى التكتيكي والعملاني تقدما فعليا وابتكارا، فإنني أبقى قلقا إزاء نوعية استخباراتنا على المستويين السياسي والاستراتيجي».
وتحدث المسؤول السابق في الاستخبارات أيضاً عن الحاجة إلى التنبه «لخطر الانهماك بعمل الاستخبارات وعدم إعطاء ما يكفي من الانتباه للتحليل والتجسس الاعتياديين». وقال ريتشارد كون إن المخاطر بالنسبة لواشنطن هي «ألا تتوقع حصول التطورات الحاسمة في العالم». ومن خلال تركيزها على الإرهابيين وإغفالها الشعوب بمجملها، لم تتوقع الولايات المتحدة ظهور «الربيع العربي».