البوعينين: الزواج نعمة وسعادة

alarab
محليات 01 أبريل 2016 , 02:05م
الوكرة - العرب
وصف الشيخ أحمد بن محمد البوعينين الزواجَ بأنه نعمة وسعادة وأنس وصبر ووفاء، وحب وأخلاق، وأمل ومستقبل وسكينة وراحة، ومودة ورحمة وجنة، وطريق لتحمل أعباء الدنيا للتزود للآخرة، وسعادة في الدارين، ومنحة ربانية لا يعرف قدرها إلا من فقدها، وطمأنينة واستقرار وبناء أسرة، ومسيرة طموحات وآمال، وستر وعفاف وطهر، الزواج قصة نجاح وتنظيم حياة الإنسان، عمله وطعامه ونومه وعلاقاته وعباداته، وهو وسيلة لإنجاب ذرية صالحة وتاريخ مشرف وبناء مُجْدٍ، وسبب في علاج كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية، وسبب في الهداية والثبات والبعد عن الضياع.

وقال: "ما أعظمه من عقد فهو الميثاق الغليظ".

وتحدث في خطبة الجمعة، التي ألقاها اليوم، بجامع صهيب الرومي بالوكرة، عن الأسرة والزواج، موضحا أن الله عز وجل جعل لكل شيء حكمة وسبباً وقدراً وأجلاً، مقدر الأقدار ومسبب الأسباب وخلق الخلق لحكم وأسرار، ومن ذلك الزواج وهو لإبقاء الجنس البشري لإقامة العبودية وتحقيق العهد والميثاق، "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".

وذكر أنه بالزواج تُبنى الأسرة، مستشهدا بقول الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"، ومؤكدا أن الأسرة هي نواة المجتمع ولبنته الأولى، متمنيا أن تكون الأسرة المكونة من الزوج والزوجة والأبناء قائمة على المنهج السليم والنهج القويم وصلاح المجتمع بأسره.
 
مسؤولية الزوجين:
 

ونبه على مسؤولية الزوجين تجاه الأسرة، مستدلا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجِها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته)).

وأشار إلى أن من حقوق الزوج على زوجته وراعية بيته ورفيقة العمر: الطاعةَ بالمعروف، وعلى الزوج السعي في تحصيل أسباب الرزق، مبينا أن الإسلام سما بالمرأة فجعل لها على الرجل حقوقًا أيضًا مثلما جعل للرجل عليها حقوقًا؛ حفظًا للتوازن، وبُعدًا عن الفوضى.

وأوضح خطيب جامع صهيب الرومي أن من حقوق الزوجة أن يُعاشرها زوجها بالمعروف، وأن يحافظَ عليها كما يُحافظ على جوهرة ثمينة، وأن يُنفِق عليها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هنَّ عوان عندكم، ليس تَملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلْنَ فاهجروهُنَّ في المضاجع واضربوهن ضربًا غير مبرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا ولنسائكم عليكم حقًّا؛ فأما حقكم على نسائكم: فلا يوطئن فرشكم مَن تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرَهون، ألا وحقهنَّ عليكم: أن تُحسنوا إليهنَّ في كسوتهنَّ وطعامِهنَّ)).

الحكمة والعقل مطلوبان:
 
وقال: إن أرادت الأسرة المسلمة أن تدوم وتستقرَّ، ويسودَ بين أفرادها المحبة والوئام، وأن تقوى على العلاقة الزوجية على مرِّ السنين والأعوام، فعلى رب الأسرة أن يتعامل بالحكمة، والعقل والرحمة، وأن يغض الطرف عما يراه من هفوات وأخطاء، وألا يُسارع إلى الطلاق والنزاع والخصام لأتفَهِ الأسباب، وأصغر الأمور، وأن يدرك أن المرأة خُلقت رقيقة المشاعر، سريعة التأثُّر، يغلب عليها جانب العاطفة، وأنه مهما بلغت من رجحان العقل، فلا بدَّ من الوقوع في الخطأ والزلل، وفي ذلك يقدم لنا سيد العقلاء نصيحة ثمينة إذا عمل بها الزوج دامت العشرة الزوجية على المحبة، والود والرحمة وامتدت تلك السعادة والألفة والمحبة إلى ما بعد الموت؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يفرك مؤمن مؤمنةً إن كره منها خلقًا رضي منها آخر))، رواه مسلم.

الطلاق دمار:
 

وتحدث البوعينين في الخطبة عن قضية الطلاق؛ مبينا أن الإسلام عظَّم من شأن الطلاق، وحث على عدم الفراق، وحذر منه وإن كان حلالاً، وبيَّن ما يترتب عليه من مخاطر، وما يؤدي إلى تدمير الأسر وكسْر الخواطر، بل يؤدي إلى تفكيك المجتمعات، وتشريد الأولاد، وفساد العلاقات، وبيَّن أنه مما يَفرح له الشيطان، ويسعى إليه طول الزمان، مَن يفسد العلاقة من أَتباعِه بين الزوجين، فإن الشيطان يَمنحه الجائزة والمقربة والحفاوة؛ جاء في الحديث الذى رواه الإِمام مسلم، قال: ((إنَّ الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلةً أعظمهم عنده فتنةً، يَجيء أحدهم فيقول: ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا، فيقول إبليس: لا والله ما صنعت شيئًا، ويجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرَّقتُ بينَه وبين أهله، قال: فيقربه ويُدنيه ويلتزمه ويقول: نعم أنت))، رواه مسلم.

ولفت نظر الأزواج إلى أن الزوجة خُلقت رقيقة المشاعر، سريعة الدمعة والتأثُّر، وقد تقع في الأخطاء المُنفِّرة فتغير شيئًا من عواطف الألفة، فيسوء التفاهم وتختلُّ الحياة، ويظهر النشوز وعصيان الزوج، فعلى الزوج أن يتبع الخطوات الصحيحة الحكيمة في التعامل مع كريمته، وقد أرشدنا القرآن إلى تلك الخطوات عند النشوز والعصيان قبل الندم والخذلان، فقال تعالى في محكم التنزيل: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا". 

علاج المشاكل بحكمة:

ونصح الزوج أن يَنظر إن كان السبب مِن الزوجة، قام بعلاجه بحكمةٍ، ونصح قبل رمي الطلاق، لأن الطلاق عواقبه وخيمة وتشتيت الأسرة وضياع الأولاد، وبعد ذلك لا ينفع الندم.

وخاطب الزوج قائلا: "لا بد أيها الزوج أن تنظر إلى نفسك قد تكون المشاكل سببها أنت، بُعدك عن بيتك وكثر السمر والسهر في المجالس".

خير البيوت:
 

وأشار البوعينين - في ختام الخطبة - إلى أن خير البيوت ما عمر بحسن العشرة، ناصحا المسلمين بمعاملة زوجاتهم وأولادهم بالحسن والمعروف، وإرشادهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم في جميع الظروف. كما نصح الآباء بتناول وجبات الفطور والغذاء والعشاء مع أولادهم، وأن يحرص الزوج على أن يأكل مع أسرته لأن ذلك سبب في دوام المحبة والألفة. 

ودعا الأزواج إلى أن يزينوا كلماتهم مع أهلهم بألفاظ الحب والعطف والحنان لدوام المحبة، من أجل بناء أسرة سعيدة متحابة.
                 /أ.ع