الأمير في موسكو لدعم استقرار الشرق الأوسط

حملت زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى العاصمة الروسية موسكو، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتن، أكثر من دلالة، وستنعكس نتائجها على أكثر من صعيد. لعل أبرز الدلالات أن دولة قطر، بقيادة سمو الأمير، تنفتح في علاقاتها مع العالم شرقه وغربه، وأنها لا تتخندق في هذا التحالف أو ذاك، بل تنتهج سياسة خارجية متوازنة، تتسق مع مكانتها كمركز للحوار في الشرق الأوسط. خلال الأشهر الماضية جاب سمو الأمير العالم من أقصاه إلى أقصاه، من الشرق الأدنى حيث اليابان، إلى أقصى نقطة في الكرة الأرضية، حيث جولته الأخيرة التي شملت عدة دول بأميركا اللاتينية، مروراً بواشنطن وعواصم أوروبية كبرى، فضلاً عن دول القلب الآسيوي، وقبل هذا وبعده التنسيق المستمر مع الأشقاء العرب، وفي المقدمة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، حيث زار سموه الرياض عاصمة القرار العربي أكثر من مرة. والآن جاء الدور على روسيا الاتحادية، التي قال سمو الأمير إن لها دوراً أساسياً في الاستقرار العالمي. ولا شك أن الزيارة من هذا المنطلق والمباحثات بين سموه والرئيس بوتن، ستكون لها انعكاسات مهمة على منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع تأكيد موسكو على أهمية الدور الذي تلعبه دولة قطر وسمو الأمير بشأن تحقيق الاستقرار في المنطقة والعالم. إن قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وضعت نهجاً أساسياً في سياستها الخارجية، يقوم على توظيف علاقاتها بعواصم القرار الدولي لصالح قضايا أمتها، ومنذ بداية الأزمة السورية وغيرها من الأزمات في العالم العربي، أعلنت انحيازاً واضحاً للشعوب الشقيقة، وبذلت كل الجهود الممكنة لمساعدتها، وبالنسبة لمعاناة الشعب السوري الشقيق كان الموقف القطري على المستوين الرسمي والشعبي واضحاً بتقديم كل ما من شأنه إنهاء مأساة الأشقاء في هذا البلد العربي المهم. ومن هنا تكتسب زيارة سمو الأمير إلى موسكو بعداً مهماً إضافياً، نظراً لما يمكن أن تقدمه روسيا على صعيد حل الأزمة السورية، ومن المهم هنا التذكير أن موسكو طوال العقود السابقة ارتبطت بعلاقات صداقة مع العالم العربي، أثمرت عن دعم مشروعات عملاقة في كثير من دول المنطقة، يتقدمها السد العالي بمصر، فضلاً عن الدعم الواضح الذي قدمته للعرب في حرب أكتوبر 1973. لقد كان سمو الأمير، خلال زيارته إلى موسكو، مثلما هو دائماً خلال جولاته الخارجية، يحمل هم دعم قضايا الأمة، وتطلعات الشباب العربي نحو إحلال السلام في ربوع أوطانهم، والمؤكد أن روسيا لاعب دولي مهم، والمتوقع منها أن تتجاوب مع حديث الصراحة والصدق الذي تحدث به الأمير المفدى، خاصة قوله: "نحاول أن نجد بعض الحلول للاستقرار في بعض الدول في المنطقة خلال زيارتي لموسكو". إن استقرار الشرق الأوسط الذي تسعى قطر من أجله، ويضعه سمو الأمير في مقدمة اهتماماته خلال مباحثاته مع القادة الذين يلتقيهم، هو في صالح جميع الدول التي تربطها علاقات بالمنطقة، وفي المقدمة منها روسيا الاتحادية. ولا شك أن هذا الاستقرار لن يحدث بدون وضع حد لمأساة الشعب السوري، الذي لم يرتكب جرماً بمطالبته بحياة آدمية وآمنة.