إرادة الشعب التركي ستنتصر على الإرهاب

قبل ثلاثة أشهر، وعقب اليوم الدامي الذي شهد وقوع تفجيرين إجراميين خارج محطة القطار الرئيسية في العاصمة التركية أنقرة، وأسفر عن وقوع العشرات من الضحايا الأبرياء، طرحت "العرب" عدة تساؤلات مشروعة من بينها: لماذا يحوّل "الحاقدون" على هذه القوة الكبيرة في العالم الإسلامي حقدهم إلى "فعل"؟! لماذا يريدون هدم تجربة ديمقراطية واقتصادية حوّلت تركيا إلى مصاف الدول الكبرى المؤثرة، وجعلت منها رصيداً استراتيجياً لأمتها؟! هل تركيا ترتكب "جريمة" بتأييدها الشعوب العربية الجريحة من سوريا إلى اليمن، ودعمها أي حلول تؤدي إلى حقن دماء الأبرياء؟! هل أنقرة تخطت الحدود الحمراء، بتقاربها مع الرياض عاصمة القرار العربي؟! هل الدولة التركية تستحق العقاب لتعزيز علاقاتها باستمرار مع الدوحة كعبة المضيوم؟ لماذا يفتحون طاقة جهنم على تركيا؟! أمس، أثبت الحاقدون والمخربون أنهم يريدون بالفعل "عقاب" تركيا على كل هذه المواقف، وفي قلبها تأييد الشعوب العربية الجريحة، وتنسيقها مع كل من الدوحة والرياض لوضح حد للمأساة المستمرة في سوريا. أبرياء جدد دفعوا أرواحهم، أمس، في الانفجار الذي وقع بمنطقة السلطان أحمد السياحية في مدينة اسطنبول. وانطلاقاً من سياستها القائمة على رفض الإرهاب وترسيخ الاستقرار في العالم أجمع، سارعت دولة قطر إلى "الإدانة والاستنكار الشديدين"، للتفجير الغاشم. وأكد البيان القطري وقوف الدولة بجانب الجمهورية التركية الشقيقة وشعبها في تصديها للأعمال الإجرامية، وتأييدها الكامل لكافة الإجراءات التي تتخذها تركيا للحفاظ على أمنها واستقرارها. والنقطة المفصلية في البيان القطري القوي، أنه حمّل النظام في سوريا مسؤولية تفاقم الأوضاع، وذلك بسبب عدم رضا النظام عن موقف تركيا العادل والداعم للشعب السوري الشقيق. لقد سبق وحذرت قطر -أكثر من مرة- وعلى لسان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بأن بقاء نظام بشار الأسد، يعني بقاء الإرهاب في المنطقة. وأثبتت الأحداث مراراً صحة موقف ورؤية قطر، خاصة أن مثل هذه الأنظمة التي تعلن حرب إبادة على شعوبها، تفعل أي شي في سبيل بقائها، بعد أن اعتادت استباحة دماء الأبرياء. إن الأحداث الإرهابية التي تكررت في تركيا طوال الأشهر الماضية، كشفت تماماً أن الهدف من كل هذه الفوضى والاضطرابات، أن تدفع تركيا وشعبها ثمن المواقف الداعمة لقضايا أمتها، وفي مقدمتها دعمها الشعب السوري في محنته، ولهذا سبق وأطلقت المعارضة -المعروف جيداً ارتباطها بجهات معادية للحكومة في أنقرة- تهديدها الشهير بأنه في حالة فوزها سيتم طرد السوريين، الذين آوتهم الدولة -في موقف ديني وإنساني أصيل- ووفّرت لهم الحماية من نار "الأسد". ورغم التفجير الأخير، ظلت تركيا على موقفها المحترم باستمرار دعمها للسوريين، وكان رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو واضحا وحازما وهو يحذر من الاعتداء أو مهاجمة السوريين على الأراضي التركية، داعيا الأتراك إلى التفرقة بين السوري الذي نفذ هجوم إسطنبول الدامي، وبين "السوريين الأبرياء"، مشددا على وقوف تركيا إلى جانب الشعب السوري، والاستمرار في دعم الشعب السوري، بل زيادة الدعم له. هناك "حاقدون" على الدور التركي الكبير، والنجاحات التي تحققها أنقرة على كافة المستويات، وهؤلاء هم من يدعمون نظام الأسد في إجرامه، وفي نشره الإرهاب، لكن في النهاية ستنتصر إرادة الشعب التركي عليهم. هذا الشعب -الذي حقق بالتوافق مع قيادته خلال 10 سنوات- قفزات اقتصادية وتنموية وسياسية عملاقة، جعلت من تركيا رقماً مهماً في المعادلة الدولية.