عدد المقالات 1
في عالمٍ يتّسم بالترابط على نحو متزايد، أضحت الثقافة لغةً مؤثرةً للدبلوماسية، فالذي كان في نقطة الانطلاق منصة لاستقبال العالم في قطر، تحوّل فيما بعد إلى آليةٍ للتعاون المتبادل طويلة الأمد عبر القطاعات والحدود. من خلال سلسلة متنوعة من البرامج، تمتدّ من الأعمال التركيبية لفن الجداريات والمعارض التعاونية بين المتاحف المختلفة، إلى أنشطة لتبادل الثقافات في مجال الطهي، والأعمال الميدانية الأثرية، والمعارض التجارية، تُجسّد مبادرة الأعوام الثقافية نموذجًا لامركزيًا وشاملًا للدبلوماسية؛ فالمشاركة لا تقتصر على الدبلوماسيين وصانعي السياسات فحسب، وإنّما تشمل أيضًا الطهاة والطلاب والاقتصاديين والمتطوعين والفنانين. يُمثل الإرث موضوعًا متكررًا في مقالات الرأي، ومن الأمثلة على ذلك معرض «حياة الترحال من منظور جديد»، الذي انطلق لأول مرة ضمن فعاليات قطر-الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا 2022، لينتقل بعدها إلى الصين، وكذلك التعاون على مدار سنوات مع الفنانة المغربية سارة أوحدّو، الذي تجسّد في المعارض وتعزيز الكفاءات وإحياء الأساليب التقليدية المستخدمة في صناعة الزجاج في المغرب. وتُبرز مذكرة التفاهم التي وُقّعت مؤخرًا بين قطر وفرنسا عام 2024 الأثر السياسي طويل الأمد للبرنامج، مستفيدًا من الأسس التي أُرسيت خلال العام الثقافي قطر- فرنسا 2020. لقد أعادت قطر تعريف التبادل الثقافي، فهو ليس تصديرًا أو استيرادًا للهوية من جانب واحد، بل هو حوار يتأسّس ويتطوّر على نحو مشترك. ويظهر ذلك جليّا في الحضور المتنامي للفن القطري المعاصر في الدول الشريكة سابقًا مثل ألمانيا وروسيا والصين، حيث يحظى الفنانون الشباب القطريون والمقيمون في قطر بالظهور العالمي ويُشكلون شبكة علاقات دولية دائمة. واستشرافاً للمستقبل، من المزمع أن يتجاوز برنامج الأعوام الثقافية مبدأ الشراكات الثنائية السنوية ليصبح منصةً مستمرّة ومتعددة الأبعاد للتفاعل على مستوى عالمي. صحيح أن المبادرة وُلدت هنا، غير أن صداها تخطّى الحدود بكثير. ويُنظر إلى البرنامج اليوم على أنه مركز للثقافة والفكر، ويُحفّز الحوار والإبداع والاحترام المتبادل في عصرٍ يشهد تحولاتٍ في السرديات العالمية. وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي