مذيعة الجزيرة بلعاليه وغياب المهنية

لم تعد قناة الجزيرة مجرد قناة إعلامية عربية، بل تحولت وبفعل مهنيتها وقدرتها على ملامسة همّ الشعوب إلى نافذة أمل لدى الشعوب المقهورة والمضطهدة، خاصة تلك التي خرجت تنادي بحريتها وغدها الأفضل. والمتابع للقناة الإخبارية، يلحظ أن هناك بعض التخبط في اختيار كوادرها، التي تحاور الأطراف المختلفة في أماكن الحدث، وهو أمر ينعكس سلباً ليس على القناة وحدها بل أيضاً على تلك الشعوب التي تحمل هماً وطنياً ولم تجد غير الجزيرة ملجأ لها. ولعل خير مثال على ما نقول، ما حصل في الفترة الصباحية أمس الاثنين، وتحديداً أثناء وجود المذيعة مريم بلعاليه، حيث استضافت القناة عدداً من شهود العيان من داخل درعا ودوما. لقد لوحظ أن المذيعة كانت مرتبكة وغير قادرة على التفاعل مع حدث جسيم مثل حدث اقتحام درعا من قبل القوات السورية، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل إن تلك المذيعة وبدلا من إفساح المجال لشهود العيان من أهالي درعا ودوما للحديث عما يجري هناك، أكثرت من مقاطعتهم وعدم إفساح المجال لهم للحديث، مما أدى إلى إفساد فرصة التعرف أكثر على حقيقة ما كان يجري على الأراضي السورية. بل إن تلك الأسئلة وطريقة صياغتها ومقاطعة الشهود بين وقت وآخر دون إعطائهم فرصة، سبب للكثير من متابعي الشأن السوري وحاملي همّ أهلها شعورا بالضيق، متسائلين عن سبب اختيار مذيعة قليلة الإمكانيات، ضعيفة المهنية للظهور عبر الشاشة وفي محطة الجزيرة التي عودتنا على حسن الاختيار لكوادرها. إن المرحلة التي تمر بها أوطاننا العربية، هي مرحلة حساسة بكل ما تعني الكلمة من معنى، وبالتالي فإنها تحتم على الإعلام، خاصة الإعلام الحر، أن يكون بمستوى الحدث، فمن غير المعقول أن تقوم قناة محترفة بحجم الجزيرة بإسناد مهمة الظهور في ظل ما كان يحدث بدرعا ودوما أمس إلى مذيعة مبتدئة، ما زالت بحاجة إلى مزيد من الوقت من أجل صقل مهاراتها. الجزيرة التي سعى البعض إلى المزايدة على مواقفها المناصرة للشعوب، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى ببذل المزيد من الجهود من أجل نصرة الشعوب العربية التي خرجت تطالب بحريتها، فمن غير المقبول أن يلجأ أهالي سوريا إلى الجزيرة لإيصال صوتهم وشرح معاناتهم ويقابلون بمقاطعة المذيعة أكثر من مرة، بطريقة خرجت عن كل السياقات، وكأنها كانت تشكك بما يقولون. أهالي سوريا ينادون ويستغيثون بالجزيرة، كما استغاث من قبلهم إخوانهم في تونس ومصر وليبيا واليمن، والقناة لم تخذل أحداً، ووقفت مع الشعوب بكل مهنية وحيادية، ورغم كل ما قيل عن ضعف التغطية التي قامت بها الجزيرة لأحداث سوريا، فإنها أثبتت أنها فوق الشبهات، وأنها تسير واثقة الخطى وبمهنية عالية دون أي لبس. ولأن الجميع يثق بالجزيرة، ولأن الجميع لا يشكك بما تنقله الجزيرة من أخبار، فإن على القناة أن تحسن اختيار مذيعيها للمرحلة المقبلة خدمة للشعوب المضطهدة التي خرجت تنادي بحريتها، وكلنا ثقة أن القائمين على القناة على قدر عال من المسؤولية، ولديهم القدرة على تخطي أي هفوات قد تحدث هنا أو هناك.