الأمير في قلب آسيا مجدداً

خلال العامين الماضيين جاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، العالم من أقصاه إلى أقصاه. من اليابان شرقاً إلى الولايات المتحدة الأميركية غرباً، وبينهما العديد من دول أوروبا. ثم جولة مؤخراً في بعض دول أميركا اللاتينية. نظرة سريعة على تلك الدول، تؤكد حرص سمو الأمير على زيادة التعاون بين قطر و"أساطين العالم" في التكنولوجيا والتقدم العلمي والاقتصادي، للاستفادة منها بما يخدم رؤية "قطر 2030" ، فضلاً عن المكانة السياسية للعواصم الكبرى التي زارها، وتسخير العلاقات مع هذه العواصم لصالح القضايا العربية والإسلامية، والتي تحتل دائماً مكانة ثابتة في السياسة الخارجية للبلاد، غير أنها أخذت بُعداً أكبر منذ تولي سمو الأمير القيادة. وانطلاقاً من رؤية أمير البلاد المفدى، بتطوير علاقات التعاون مع مختلف دول العالم، جاءت الجولة الآسيوية لسموه، أواخر مارس العام الماضي، والتي شملت الهند وباكستان وسيرلانكا، لتثبت أن قطر تولي محيطها الآسيوي أولوية قصوى، وهو ما تجلى في أن تكون الدوحة قبلة لكثير من القادة الآسيويين . بعد عام بالتمام من تلك الجولة، يعود سموه إلى العمق الآسيوي لقطر، ويزور تركمانستان وأذربيجان، البلدين المهمين في القارة. والجولة تكتسب أهميتهما بتأكيدها حرص دولة قطر وقيادتها الرشيدة على الانفتاح شرقاً، وتنويع وتعزيز علاقاتها بدول آسيا. وخرجت تصريحات سمو الأمير والرئيس التركماني قربان قولي بيردي محمدوف عقب جلسة المباحثات، أمس، لتشير إلى ثقة البلدين بأنها ستسهم في دعم العلاقات الثنائية، لا سيما وأنها شهدت التوقيع على العديد من مذكرات التعاون، مما يؤكد الحرص المشترك على دعم العلاقات. ولفت سموه إلى أن قطر وتركمانستان تنعمان بموارد طبيعية، منوهاً بأهمية التعاون والاستفادة من الخبرات والاستثمار في هذا المجال. وأوضح أن المباحثات تناولت موضوع التعاون في مجالات الثقافة والفنون والرياضة، وأنه سيتم التنسيق من خلال اللجنة المشتركة وفرق العمل المختصة في المجالات المختلفة من خلال اللجنة. وتأكيداً على مكانة قطر وسمو الأمير في الأوساط الرسمية والشعبية التركمانية، قال الرئيس قربان قولي بيردي محمدوف، إن اللقاء مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، يعتبر حدثاً تاريخياً في العلاقات الثنائية بين البلدين، ونوه بالتعاون القائم على الثقة وأسس الصداقة. وأشاد بدعم دولة قطر اللامحدود لمبادرات تركمانستان ضمن المحافل الدولية، مشدداً على أهمية الاستفادة من الخبرات القطرية في استضافة وتنظيم البطولات الرياضية الكبرى. أما أذربيجان المحطة الثانية من جولة الأمير المفدى، فهي الدولة التي يعد اقتصادها الأسرع نمواً على مستوى دول وسط آسيا وبحر قزوين، فضلاً عن أنها تحتل مكانة متقدمة جداً في مجال تطوير الناتج المحلي الذي ينمو بوتيرة عالية وملموسة خلال السنوات الأخيرة. وبناء على تقييم البنك الدولي فقد اعتبر الاقتصاد الأذربيجاني من أفضل اقتصادات دول العالم، وذلك نتيجة لسياسة الإصلاح الاقتصادي التي انتهجتها الدولة. ومن المهم هنا الإشارة إلى أن العلاقات القطرية الأذربيجانية تطورت خلال السنوات الماضية، وتحولت من علاقات تعاون ثنائي إلى شراكة استراتيجية اقتصادية وسياسية، خاصة أن دولة قطر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان ودعمت قضيتها. وستجسد نتائج المباحثات التي سيجريها سمو الأمير المفدى، مع الرئيس إلهام علييف هذه العلاقات، خاصة في مجالات الاقتصاد وصناعة النفط والغاز، وتوضح الرغبة المشتركة لتطويرها في كافة المجالات. والأمر المؤكد أن نتائج مباحثات الجولة الجديدة لسمو الأمير المفدى ستصب، ليس فقط في صالح التعاون الثنائي بين قطر وكل من تركمانستان وأذربيجان، وإنما لصالح استقرار منطقتي الخليج ووسط آسيا، خاصة أن الدبلوماسية القطرية تسخّر دائماً علاقتها مع عواصم العالم لصالح قضايا أمتها العربية والإسلامية.