alsharq

د. حنان القضاة

عدد المقالات 1

الشهور العربية الأسماء والمعاني

02 يونيو 2025 , 11:41م

الشهر العربي قمري أو هلالي، ارتبط به ارتباطا وثيقا حتى إن الكلمة دالة في اللغة على القمر أو الهلال، وسمي شهرا لأنه يشهر به فتعرف بدايته ونهايته. وبهذا النظام علقت العبادات في الإسلام، ومن ذلك قول النبي ﷺ «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.. (الحديث)»، فاعتبر دون غيره من الأنظمة التي اعتبرها غيرهم، والتي قد تتفق معه في عدد الشهور إلا أنها لا توافقه في عدد الأيام لعدم اعتمادها الأهلة. والشهور العربية اثنا عشر أقرها الإسلام. وكانت العرب تسمي الشهر بأسماء مختلفة، إلا أنها استقرت على الأسماء التي نعرفها اليوم، وأن الشهر أخذ اسمه وفقا للطقس الجوي أو الديني وما يلابسه من أحوالهم فيه، ثم لزم ذلك الاسم بعد ذلك وإن اختلف الظرف تبعا لدوران الأهلة، وعليه فقد لا يوافق معنى الاسم الظرف الذي يحل فيه ذلك الشهر. أما معانيها حين التسمية فهذا بيانها وفقا لترتيبها في العام الهجري: المحرم: أو شهر الله. والحرام: ضد الحلال وحرم الشيء امتنع فعله. سمي بذلك لأن العرب كانت تحرم القتال فيه إلا بعض القبائل. وجاءت تسميته دون غيره من الأشهر الحرم تأكيدا على حرمة الشهر لأن العرب في الجاهلية كانت تحله عاما وتحرمه عاما، أو كانت تحتال على التحريم بتأخيره فيسمون المحرم شهر صفر وهو الشهر الذي يليه وليس من الشهور الحرام، فيحلون القتال فيه ويحرمونه في صفر حتى لا تتوالى عليهم الشهور التي يحرم فيها القتال. ودخلت «الـ» عليه للصفة ثم أصبحت للعلمية، وخص بها وجازت عند البعض في صفر وشوال. صفر: أو الصفر، والصــفر: الشيء الخالي. وقد سمي بهذا لأن العرب كانت تخلي بيوتها للسفر طلبا للميرة أو الغزو بعد المحرم. وقد يجمع صفر إلى المحرم فيقال الصفران. شهر ربيع الأول: والربيع الفصل الذي يخرج فيه الثمر والزهر فكانوا يخرجون لرعي العشب في الربيع، والمربع منزل القوم في الربيع. فكان زمن الربيع حين التسمية فلزمهما الاسم. ويقال شهر ربيع تمييزا له عن الفصل. وقد شرف هذا الشهر وأشرق فيه الكون بميلاد السراج المنير رحمة العالمين سيدنا محمد ﷺ. شهر ربيع الآخر: ولم ثمة أول وآخر؟ لعل السبب أنه لما سميا كان الأول زمان المطر والإزهار والثاني زمان الإثمار. وهل يقال «ربيع» بالتنوين على الوصف، أم «ربيع» بالكسر على الإضافة؟ فالأصل الوصف وتجوز الإضافة. جمادى الأولى: جمد ضد ذاب، وجمادى على وزن فعالى، وهو الشتاء عند العرب لجمود الماء فيه. وجمادى وزان فعالى غير مصروفة، ومؤنثة دون غيرها فكلها مذكرة. فإن وجدت مذكرة في الشعر فالمقصود الشهر. جمادى الآخرة: فالآخرة بمعنى المتأخرة، ولا يقال الأخرى لاختلاف المعنى. وعند التثنية يقال جماديان وشهرا جمادى. رجب: ورجب الرجل أي هابه وعظمه. من الأشهر الحرم، سمي بذلك لأن العرب كانت تعظمه فلا يقاتلون فيه. وقد عين النبي ﷺ رجب في قوله: «رجب مضر» لأنهم كانوا أشد تعظيما له من غيرهم. شعبان: شعبت الشيء إذا جمعته أو فرقته فهو من الأضداد، والمشعب الطريق. أما اسم شعبان فلتشعب العرب واعتزال بعضهم بعضا، وتفرقهم عند طلب الماء أو الغزو، أو لأنه شعب وظهر بين شهري رمضان ورجب. ويجوز أن يضم رجب وشعبان فيقال عندئذ رجبان. شهر رمضان: رمض اليوم إذا اشتد حره والرمضاء شدة الحر. سمي بذلك لأنه وافق أيام شدة الحر وقت التسمية. و رمض الصائم؛ للحر في جوفه إذا اشتد عطشه، ورمضان وزان فعلان لشدة الرمض. وقد سبق القول أن العرب التزمت لفظ شهر قبل رمضان، وهو غير منصرف. شوال: ويجوز الشوال. أول أشهر الحج. أما أصل الاسم فمن تشويل لبن الإبل أي قلته بسبب شدة الحر. ذو القعدة: من الأشهر الحرم، لقعودهم فيه عن القتال والترحال أو لأنهم يعدون القعدان أي الإبل للركوب والجمع: ذوات القعدة. ذو الحجة: شهر الحج ومنه اسمه. رابع الأشهر الحرم، والجمع: ذوات الحجة. من الجدير ذكره بعد هذا العرض اللغوي التنبه إلى القيمة الدينية والأخلاقية التي تهديها لنا الآية الكريمة 36 من سورة التوبة فالامتناع عن الظلم ليس مقصورا على الأشهر الحرم، بل يتعداها إلى كل شهور العام. فالطاعة والزمن قيمتان متلازمتان في الإسلام، وفي عدم الوعي لقيمة الزمن تضييع للطاعات وظلم للنفس. وإدراك قيمة الزمن في الإسلام لا يقتصر على الإطار الفردي، بل يمتد إلى تعزيز الهوية الحضارية والثقافية.