مبادرة بحثية لصياغة استراتيجيات وقائية تعزز السلامة المرورية
حوارات
31 أكتوبر 2012 , 12:00ص
أجرى الحوار - محمد عزام
كشف الدكتور رافيندر مامتاني أستاذ الصحة العامة والعميد المشارك للصحة العالمية والعامة بكلية طب وايل كورنيل في قطر، عن مبادرة بحثية تقوم بها كلية طب وايل كورنيل- قطر لصياغة وتنفيذ استراتيجيات وقائية في تعزيز معايير سلامة السائقين والركاب على السواء، وإنقاذ أرواح الكثيرين، والحدّ من الإصابات الناجمة عن حوادث السير في قطر.
وأضاف في حوار خاص لـ «العرب» أن قطر تحتاج إلى مزيد من التدابير لتحقيق النتائج المرجوَّة بالشكل الأمثل بما يعزز من معايير السلامة على الطرق، تضاف إلى ما قامت به كاميرات مراقبة السرعة التي تمثل جانباً محورياً من تدابير مراقبة الحركة المرورية أسهم في تقليل معدلات حوادث المرور في الدولة والإصابات الناجمة عنها.
وأوضح مامتاني أنه خلال فترة دراسة معدلات حوادث المرور في الدولة الاستقصائية -التي أجرتها الكلية بالتعاون مع المجلس الأعلى للصحة، وإدارة المرور بوزارة الداخلية القطرية- زاد عدد كاميرات مراقبة السرعة المثبّتة على الطرقات من 14 إلى 84 كاميرا بعد عام 2007.
مامتاني عرض نتائج الدراسة ودوافع الكلية لإجرائها وتوصياتها لتقليل الحوادث وغيرها من القضايا في حواره التالي مع «العرب».
¶ ما البحوث التي أجراها باحثو كلية طب وايل كورنيل في قطر بشأن الحوادث المرورية بالدولة؟
- في أول دراسة بحثية من نوعها في قطر، قام باحثو كلية طب وايل كورنيل في قطر باستقصاء تأثير تثبيت كاميرات مراقبة السرعة على الطرقات في معدلات حوادث المرور في الدولة والإصابات الناجمة عنها، حيث رصدت الدراسة الاستقصائية تراجعاً لافتاً في معدلات الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية بعد تثبيت تلك الكاميرات.
ومن أبرز ما توصلت إليه الدراسة أن "كاميرات مراقبة السرعة بالبلدان غير الغربية، عند اقترانها بتدابير إضافية لمراقبة حركة السَّير، قد تسهم في الحدّ من أعباء الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية". وأودُّ أن أشيرَ هنا إلى أن هذه الدراسة أُجريت بالتعاون مع المجلس الأعلى للصحة في قطر الذي أمدَّنا بالبيانات السنوية التي شكّلت محور هذه الدراسة الشاملة، ومن جانبها قدَّمت إدارة المرور بوزارة الداخلية القطرية معلومات وبيانات إضافية دعمت إنجاز هذه الدراسة الاستقصائية.
¶ ما أهمية الدراسة؟
- بلغت معدلات الإصابات الناجمة عن حوادث المرور في قطر مستويات مقلقة تدقّ ناقوس الخطر، ووفقاً لأرقام عام 2007 فإنَّ نحو ثلثي وفيات مُجمل الحوادث في قطر ناجمة عن حوادث السيارات، وتأتي الإصابات الناجمة عن حوادث المرور في طليعة الأعباء الواقعة على الجهات المزوِّدة بخدمات الرعاية الصحية في العالم، بل تشكل تلك الإصابات في غالبية بلدان العالم، أحد أهم أسباب الوفيات في سنّ مبكرة. وفي السياق نفسه، تشير الأرقام إلى أن معدلات الوفيات الناجمة عن حوادث المرور ببلدان الشرق الأوسط مرتفعة الدخل تفوق نظيراتها في العديد من مناطق العالم الأخرى ذات الدخل الأقل.
وتكمن أهمية هذه الدراسة الاستقصائية في أنها تسلِّط الضوء على دور قوانين السَّير في الحدّ من الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية في دولة قطر.
¶ ما نتائج الدراسة الاستقصائية؟
- بلغت وفيات حوادث المرور في قطر مستويات غير مسبوقة في عام 2006، حيث وصلت إلى 26 حالة لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بمعدلات الوفيات في غرب أوروبا وأميركا الشمالية التي تتراوح بين 5 إلى 10 حالات لكل 100 ألف نسمة.
وتم تثبيت غالبية كاميرات مراقبة السرعة خلال عام 2007، واستقصت الدراسة معدلات الإصابات الناجمة عن حوادث الطرقات قبل وبعد تثبيت كاميرات مراقبة السرعة على نطاق واسع.
وبعد دراسة متأنية لبيانات حوادث المرور في قطر على مدى عشرة أعوام، وعلى وجه التحديد خلال الفترة بين عامي 2000-2010، رصدَ الباحثون تراجعاً كبيراً في الوفيات الناجمة عن حوادث المرور بعد عام 2007، وخلال فترة الدراسة زاد عدد كاميرات مراقبة السرعة المثبّتة على الطرقات من 14 إلى 84 كاميرا، أي تضاعف عددها ست مرات، وتم تثبيت غالبيتها في عام 2007.
¶ هل عرضتم نتائج دراستكم على الجهات المعنيَّة والمختصة بدولة قطر؟
- نعم، بطبيعة الحال عرضنا نتائجها على المسؤولين بالمجلس الأعلى للصحة في قطر. وفي حقيقة الأمر، أنجزت كلية طبّ وايل كورنيل في قطر هذه الدراسة البحثية بالتعاون مع المجلس الأعلى للصحة وإدارة المرور بوزارة الداخلية القطرية.
وأعد الدراسة كل من الدكتور جاويد شيخ عميد كلية طب وايل كورنيل في قطر، والشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني مدير إدارة الصحة العامة بالمجلس الأعلى للصحة، والدكتورة الشيخة العنود بنت محمد آل ثاني مدير تعزيز الصحة والأمراض غير الانتقالية بإدارة الصحة العامة بالمجلس الأعلى للصحة، والدكتور ألبرت لوينفيلس من قسم الجراحة بكلية طب نيويورك.
وهذه أول دراسة بحثية استقصائية من نوعها ينجزها المجلس الأعلى للصحة بالتعاون مع كلية طب وايل كورنيل في قطر. وفي هذا السياق، لا بدَّ أن نشيدَ بالشراكة المثمرة والمتميزة مع إدارة الصحة العامة بالمجلس، وبتعاون مديرها الشيخ الدكتور محمد بن حمد آل ثاني، متطلعين إلى المزيد من الشراكات البحثية في مشاريع مستقبلية تصبّ في مصلحة الصحة العامة في دولة قطر.
¶ هل نشرت الدراسة في مجلات محكمة علمياً؟
- نعم نُشرت نتائج الدراسة المهمة في الدورية الطبية البريطانية المحكّمة Injury Prevention، ويمكن لكافة بالبحوث المنصبة على الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية وسُبل الحدّ منها الاطلاع على الدراسة.
¶ هل تندرج هذه الدراسة البحثية في إطار تعليمي ومؤسسي أم أنها تمثل جانباً من بحث موسَّع؟
- تمثل الدراسة البحثية الاستقصائية بشأن الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية جانباً من برنامج شامل ترعاه كلية طب وايل كورنيل في قطر في مجال بحوث الطب الوقائي والصحة السكانية، ويتطرّق البرنامج المذكور إلى أبرز مشكلات الصحة العامة في قطر. ويمكن تصنيف غالبية تلك المشكلات ضمن فئة موسَّعة هي فئة الأمراض غير الانتقالية، منها على سبيل المثال لا الحصر: الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية، وداء السكري، وأمراض القلب والسُّمنة وغيرها، وستتضافر جهودنا مع شركائنا داخل دولة قطر وخارجها، من أجل تحديد أسباب تلك الأمراض غير الانتقالية وعوامل خطر الإصابة بها، ونأمل أن يسهمَ ما سبق في صياغة منهجيات مبتكرة بهدف الوقاية منها وإدارتها بالشكل الأمثل، والتخفيف من معاناة المصابين بها.
وتتمحور المشاريع البحثية المشتركة التي نعكف على إنجازها في اللحظة الراهنة حول قضايا عدّة، منها:
- رصد عوامل الخطر التي قد تتسبَّب بوقوع الحوادث المرورية.
- الصحة العامّة والجوانب الجينومية للسُّمنة.
- تحديد الأطفال الأكثر عرضة للإصابة بداء السكري.
- رصد انتشار تناول المتمِّمات الغذائية بين الشبّان بدولة قطر.
- مؤشر التنمية البشرية.
ومن أبرز شركائنا المحليين الذين يتعاونون معنا في إنجاز جانب أو أكثر مما سبق: إدارة الصحة العامة بالمجلس الأعلى للصحة، كلية نورث أتلانتيك- قطر، جامعة قطر، مؤسسة حمد الطبيّة، الجمعية القطري للسكري.
¶ هل قدَّمتم أيّ توصيات بناء على الدراسة البحثية الاستقصائية؟ وما السبيل إلى تطبيقها؟
- أثبتت دراستنا عن الحوادث المرورية في قطر أن تثبيت كاميرات مراقبة السرعة قد يقود إلى تخفيف سرعة قيادة السيارات في قطر، ومن ثم الحدّ من الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية المحتملة. وخلصت الدراسة إلى أن كاميرات مراقبة السرعة تمثل جانباً محورياً من تدابير مراقبة الحركة المرورية، ولكن ثمة حاجة إلى مزيد من التدابير لتحقيق النتائج المرجوَّة بالشكل الأمثل.
وفي نهاية المطاف، توصيتنا أن تتواصل الجهود البحثية في هذا المضمار بإجراء دراسة أخرى تساعدنا في رصد عوامل الخطر التي تتسبَّب بالحوادث المرورية، لنعتمد على نتائجها في صياغة وتنفيذ استراتيجيات وقائية يكون لها الدور المأمول في تعزيز معايير سلامة السائقين والركاب على السواء، وإنقاذ أرواح الكثيرين، والحدّ من الإصابات الناجمة عن حوادث السير. وبالمثل، نأمل من خلال مبادرات بحثية أخرى، مثل تلك المعنيّة بالسُّمنة أو بداء السكري، أن نحول دون حدوث مشكلات مستفحلة على صعيد الصحة العامة في قطر، وإعداد استراتيجيات فعّالة للتعامل معها، وستدعم دراستنا القائمين على صياغة السياسات الصحية في قطر الرامية إلى الحدّ من الوفيات المؤلمة الناجمة عن حوادث الطرقات، والارتقاء بمعايير الصحة السكانية في الدولة.