أدى آلاف المصلين صلاة عيد الفطر بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب، وسط أجواء احتفالية بهذه المناسبة، حيث خطب فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة مؤكداً على أن العيد هو شعيرة إسلامية، وأن على المسلم أن يفرح في العيد حتى وإن كانت المآسي تعصف بالأمة، وأن هذا كان دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من بعده.
وقال الشيخ عبدالله النعمة: أيها المسلمون، إن يومكم هذا يوم عظيم وعيد مبارك كريم، عيد هو من محاسن هذا الدين، أوجب الله عليكم فطره، وحرم عليكم صومه، عيد توج الله به شهر الصيام والقيام، وأجزل فيه للصائمين والقائمين جوائز البر والإكرام، فقال سبحانه: ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون.
وأضاف فضيلته: العيد هو الشعيرة الإسلامية التي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نتعبده فيها بالفرح، نفرح طاعة له، كما صومنا رمضان طاعة له، حتى وإن كانت المآسي تعصف بأمتنا الإسلامية، ألم يفرح أسلافنا بالأعياد وهم في ميادين الجهاد، ألم يحتفلوا بالعيد وهم تحت الحصار والجوع، ألم يحتفلوا بها رغم فقدان الأحبة في المعارك، ألم يفرح الصحابة بالعيد بعد أعظم مصيبة حلت بهم وهي فقدان النبي صلى الله عليه وسلم.
وأكد أن الأعياد الإسلامية امتثال لأمر الله، وهي فرص لالتقاط الأنفاس وبث الأمل في قلوب أحبطها اليأس، وأحاط بها القنوط، وأن شهر رمضان المبارك كان به ما يثلج صدر كل مؤمن من إقبال على الطاعات وعمارة للمساجد وتنافس في الخيرات والصالحات من أقوام جعلوا رضا الله فوق أهوائهم ورغباتهم، يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار.
وأشار إلى أهمية استدامة الطاعة، وأن استدامتها وامتداد زمانها نعيم الصالحين وقرة عين المؤمنين وتحقيق آمال المحسنين، لافتاً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من طال عمره وحسن عمله.
ونوه النعمة إلى أن من علامات قبول الحسنة فعل الحسنة بعدها، وأنه يجب اتباع الحسنة بالحسنات، وأنه جاء في الحديث قول سفيان بن عبد الله للنبي صلى الله عليه وسلم: « قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قل آمنت بالله، ثم استقم.
ودعا إلى الاستقامة على طاعة الله سبحانه في قول وقت وحين، لأن عمل المؤمن ليس له أجل دون الموت، وأن دأب المؤمن دأب الصالحين، من خوف ووجل لقبول العمل، وأن عليه أن يحفظ ما عمله من صالحات في الشهر المبارك بالإخلاص والاقرار بالتقصير، وطلب المغفرة والرضوان من الله العلي القدير، وأن الله سبحانه قال: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
وقال النعمة: في العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع على الألفة، وفيه يتناسى أصحاب النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق ويتصافون بعد كدر ويتصافحون بعد انقباض وابتعاد، وأن في ذلك تجديد للصلة الاجتماعية بين الناس على أقوى ما تكون حباً ووفاءً وإخاءً، مصداقاً لقوله تعالى: إنما المؤمنون إخوة.
وأضاف: وفي العيد معنى إنساني، وهو أنه يشترك أعداد لا حصر لها من أبناء هذه الأمة على امتداد رقعتها بالفرح والسرور في وقت واحد، فإذا بأبناء الأمة الإسلامية على اختلاف ديارهم يشتركون في السراء كما يشتركون في الضراء، فهم في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد، وأن من هذا المبدأ الإسلامي الأخوي لا ننسى إخوانا لنا مستهم البأساء والضراء ونزلت بهم الرزايا والبلايا في غزة وفلسطين، فوجب التذكير بالدعاء لهم ومد يد العون والمساعدة لهم بكل ما نستطيع من الدعم المعنوي الإعلامي والدعم المادي.
وتابع النعمة: قضية فلسطين هي قضية الأمة، والاعتداء عليها اعتداء عليها اعتداء على الأمة الإسلامية، وهي جريمة إنسانية متكاملة الأركان في قتل الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء، وتشريد شعب وتهجيرهم قصراً، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو للمستضعفين من المسلمين فيقول: اللهم أنجِ المستضعفين من المسلمين، اللهم أنجِ المستضعفين من المسلمين، ويدعو صلى الله عليه وسلم على أهل الشرك المعتدين فيقول: اللهم قاتل الكفرة، الذين يحاربون أولياءك.
ونوه إلى أن العيد يبث روح الأمل في قلوب المسلمين، ويدفع اليأس والقنوط، وأننا أحوج ما نكون إلى امل يدفع إلى عمل وفأل ينتج إنجازاً، لافتاً إلى أن من حوصروا في الخندق فتحوا مكة، وأن من رأوا هزيمة الأمة على أيدي التتار هم من أعادوا بناءها، داعياً إلى نثر الفرحة في الطرقات وفي البيوت وعلى وجوه الأطفال، وإلى زراعة البهجة في النفوس، وإلى تزيين البيوت وتقديم الهدايا، وإلى التكبير والتهليل، وإلى الايمان بأن الفرج قريب، وأن الله لن يخذل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: إن ينصركم الله فلا غالب لكم. والقائل سبحانه: وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين.