أفغانستان تخطو نحو ولاية رئاسية جديدة

alarab
حول العالم 30 سبتمبر 2014 , 02:10م
الدوحة - قنا
 بعد توليه مهام منصبه رسمياً ، يبدأ الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني فترة ولايته الأولى كأول رئيس منتخب للبلاد خلفاً للرئيس السابق حامد كرزاي (2001-2014)، وهي ولاية تأتي وسط متغيرات داخلية وإقليمية تمر بها المنطقة وليست كابول ببعيدة عنها، كذلك يأتي تنصيب الرئيس الجديد للبلاد وقد مر فوزه من عنق الزجاجة بعد مشاحنات استمرت قرابة عام مع منافسه عبدالله عبدالله، لكن وساطة الولايات المتحدة والأمم المتحدة أدت إلى اتفاق الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعلان غني فائزا في الانتخابات بنسبة 55 في المئة من الأصوات في ختام عملية فرز شملت ثمانية ملايين ورقة اقتراع.
ومن المقرر أن يتولى عبدالله عبدالله منصب (الرئيس التنفيذي) للبلاد بموجب اتفاق الشراكة، وهو منصب أقرب ما يكون إلى رئاسة الوزراء، لكن في نهاية المطاف تبقى السلطة في يد الرئيس، كما سيتم تعيين نائبين للرئيس التنفيذي، على أن يتم اختيار الوزراء وخاصة الأمن والاقتصاد وفقاً لمبدأ التكافؤ.
وعلى الرغم من اتفاق غني - عبدالله ، لكن يتوقع المراقبون اختلاف شريكي الحكم مبكرا ، إذ يتعين على الرئيس الجديد إصدار مرسوم رئاسي يحدد "المسؤوليات والسلطات" الخاصة بدور الرئيس التنفيذي، وهناك مجال كبير للخلاف حول تفسير ذلك المرسوم إذا جاء خلافاً لرغبة عبدالله عبدالله أو حد من سلطاته مقابل تعظيم صلاحيات رئيس البلاد.
ويبقى السؤال المطروح في أفغانستان وخارجها بقوة، وهو إذا كانت كابول كبيرة بما يكفي لاستيعاب اثنين من الشخصيات القوية، وتبقى الإجابة رهينة الأيام المقبلة مدعمة بثقة المجتمع الدولي في أن يساهم اتفاق التسوية في استقرار البلاد وأن يكون احترام العملية الديمقراطية هو الطريق الوحيد إلى الأمام بالنسبة لأفغانستان.
وستنسحب قوة حلف شمال الأطلسي إلى أفغانستان (ايساف) التي يبلغ عددها 41 ألف عسكري بينهم 29 ألف أمريكي بحلول أواخر العام الحالي، بعد 13 عاما من الانتشار الذي لم يتمكن من القضاء على التمرد الذي تقوده طالبان، واليوم، هناك 33 قاعدة للأطلسي في أفغانستان مقابل 800 قبل أعوام خلت في حين يعمل ما لا يقل عن 350 ألف جندي وشرطي أفغاني على ضمان غالبية المهام الأمنية بمواجهة طالبان، لكن قوة أقل عددا يبلغ قوامها 12 ألف عسكري أجنبي ستبقى إلى ما بعد العام 2014، غالبيتهم من الأمريكيين، بهدف دعم وتدريب القوات المحلية .
ومع الأيام الأولى للرئيس الأفغاني الجديد في سدة الحكم ، يرى المحللون أن تحديات ثلاثة ستكون حاضرة في انتظاره وهي التماسك العرقي، العلاقة مع الولايات المتحدة، والمصالحة الوطنية.
فالملف العرقي يتمتع بحساسية مفرطة داخل المجتمع الأفغاني إلى درجة أنه لم يتم تحديث تعداد السكان منذ عام 1979 حتى لا يفضي إلى إعادة فرز التركيبة العرقية والتي قد تسيء أو تخدم مصالح فئات معينة، ومع ذلك فالأرقام تشير إلى أن البشتون يمثلون الأغلبية النسبية من السكان الأفغان، ويُنظر لهم دائما باعتبارهم الحكام التاريخيين لأفغانستان باستثناء حالتين: الأولى في عام 1929 مع حبيب الله كلكاني، والثانية في الفترة الممتدة من 1992 إلى 1996 مع برهان الدين رباني، وباستثناء هاتين الفترتين القصيرتين، فقد احتفظ البشتون بالسيطرة على البلاد تحت مختلف أنظمة الحكم: ملكية، جمهورية، الشيوعية، حكم طالبان والرئيس حامد كرزاي.
أما الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة، فقد رفض سلفه حامد كرزاي التوقيع عليه والذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2013 ، وهو الاتفاق الذي يحدد شروط ما تبقى من الوجود الأمريكي بداية من مطلع العام 2015. ويفترض هذا "الترتيب الاستراتيجي" أن مهمة القوات الأمريكية التي تقاتل في أفغانستان ستنتهي في ديسمبر من العام 2014.
وكان كرزاي، قد تراجع عن توقيع الاتفاق في محاولة لانتزاع ضمانات إضافية من واشنطن. وقد ربط الأمر بثلاثة شروط: أهمها وقف الغارات الجوية الليلية من الطائرات الأمريكية، ودعوة واشنطن لحوار سلام مع حركة طالبان.
وأمام الرئيس الجديد حقيقة ثابتة وهي أن عدم وجود اتفاقية أمنية مع واشنطن، وفقا للتقرير، يمكن أن يعرض فعليا التمويل الأمريكي للجيش والشرطة الأفغانية للخطر بعد عام 2014.
كما أن المصالحة مع طالبان تعد كذلك من ميراث فترة حكم كرزاي ، وتنتظر تعاملا جديا من الرئيس الجديد، خاصة أن عملية الانتقال الديمقراطي التاريخية في أفغانستان في وسط كابول تمت متزامنة مع المعارك الدائرة في الريف حيث حققت حركة طالبان تقدما الصيف الحالي مغتنمة الأزمة الناجمة عن الانتخابات.
والرئيس أشرف غني أحمدزي، كان مرشحاً في الانتخابات الرئاسية لعام 2009 وحل فيها رابعاً حسب استطلاعات الرأي بعد حامد كرزاي، عبد الله عبد الله، ورمضان بشار دوست. وقد شغل أحمدزي سابقا منصب وزير المالية وكذلك رئيس جامعة كابول.
عمل أحمدزي كباحث في مجال العلوم السياسية والأنثربولوجيا. وكان يعمل في البنك الدولي على المساعدة الإنمائية الدولية. وعمل كذلك وزيرا للمالية في أفغانستان بين يوليو 2002 وديسمبر عام 2004، قاد محاولة الانتعاش الاقتصادي في أفغانستان بعد انهيار حكومة طالبان، وفي عام 2010 وضعته مجلة السياسة الخارجية في قائمتها السنوية لأفضل 100 مفكر عالمي.