#30_يونيو .. 4 سنوات على انقلاب مصر «رابحون وخاسرون»
حول العالم
30 يونيو 2017 , 02:11م
الدوحة - حسن خضري
فقر وجوع ومرض وجهل؛ هذا هو لسان حال المصريين بعد أربعة سنوات من الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال عبدالفتاح السيسي علي الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.
وقعت مصر في براثن حكم عسكري يدير البلاد بالعصا والنار ولم يعرف يوما استخدام الجزرة إلا للمقربين منه ليضمن ولاءهم. فتأخرت مصر علي كافة مؤشرات التنمية وفقدت موقعها السياسي في المحيطين الإقليمي والدولي؛ فباتت مجرد تابع ينعق بما لا يسمع من أجل حفنة دولارات يسد بها العسكر رمق جشعهم.
اليوم تحل الذكري الرابعة للمخطط الذي نفذه عسكر مصر للإطاحة بأول رئيس مدني منتخب لإعادة تدجين مصر في حظيرة الدول التابعة لا الدول صاحبة السيادة. خسرت مصر كما خسر شعبها الكثير؛
فما هو الحال في مصر بعد أربعة سنوات من حكم العسكر للبلاد؟
الوضع الاقتصادي
فوجئ الشعب المصري أمس بزيادة جديدة في أسعار الوقود لترتفع بارتفاعه أسعار كل شئ في أرض المحروسة.
الزيادة الجديدة جاءت بعد تأكيدات من مسئولي حكومة العسكر علي أنها تسعى لمصلحة المواطن محدود الدخل وتحترم حقه في حياة كريمة.
بدأ حكم الانقلاب وسعر صرف الدولار (7.18) ثم أخذ في الانخفاض مع قرارات حكومات العسكر المتتالية التي ضربت الاقتصاد المصري في مقتل حتي وصل الأمر إلي تعويم الجنيه في ظل اقتصاد غير مستقر ليصل سعر الدولار إلي حدود 18 جنيها في 2017.
وصل معدل التضخم في مصر بعد مرور أربعة سنوات إلى 35% ويتوقع خبراء الاقتصاد المصريين ارتفاع هذه النسبة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود.
في نفس الوقت انخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي مع انخفاض موارد مصر من العملة الصعبة المتمثلة في خمسة مصادر أساسية، وهي: (السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين في الخارج، والصادرات، والاستثمارات الأجنبية)، بالإضافة إلى تراجع حجم المنح والمعونات التي كانت تأتي من دول عربية وإقليمية لدعم السيسي ومنع انهيار الاقتصاد.
ويتحدث اقتصاديون مصريون علي أن الاحتياطي الأجنبي لا يتعدي 13 مليار دولار في حين شكك آخرون أنها أرقام وهمية وأن مصر لا تملك أي احتياطي نقدي.
انهارت مقومات الاقتصاد المصري فهرب الاستثمار الأجنبي وأغلقت مئات المصانع وشرد عشرات الآلاف من العمال ونجح الانقلاب في هدم البنية الزراعية ووقع الفلاح المصري بين سندان الأسعار ومطرقة قرارت حكومة الانقلاب.
ويستحوذ القطاع الزراعي على نسبة 27% من القوى العاملة بمصر، والبالغة نحو 26 مليون عامل وتسهم الزراعة بنحو 20 % من الصادرات السلعية المصرية، وتقدر المساحة المزروعة بنحو 8 مليون فدان، ما بين أراض قديمة ومستصلحة.
الوضع الاقتصادي المتدني انعكس علي مستوى معيشة المواطن المصري متوسط الحال. وتفاقمت لديه العديد من الأزمات المعيشية والتي تنوعت ما بين نقص الخدمات وتدني الأجور وزيادة البطالة وارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات.
الخاسر في الوضع الاقتصادي هو الشعب المصري المصري الذي يدفع فاتورة التكاليف في حين أن الذي يحصل المكاسب هم العسكر ويمتلك الجيش المصري القدرة على استخدام المجندين كأيدي عاملة رخيصة، كما أن أرباحه معفاة من الضرائب ومتطلّبات الترخيص التجاري، وذلك وفقا للمادة 47 من قانون ضريبة الدخل لعام 2005 فضلا عن ذلك، تنُصّ المادة الأولى من قانون الإعفاءات الجمركية لعام 1986 على إعفاء واردات وزارة الدفاع ووزارة الدولة للإنتاج الحربي من أي ضريبة، وهو ما يعطي الجيش مزايا
كبيرة وقوة اقتصادية ضحمة لتُصبح سيطرته على الاقتصاد المصري فيما بعد أمرا طبيعيا وغير مستغرب.
ويخترق العسكر الاقتصاد المصري في كل القطاعات الصناعية والزراعية وحتى بناء الطرق والكباري والاستثمار العقاري وامتلاك محطات الوقود ومنشآت سياحية ونواد رياضية ومدارس، إلى جانب مجالي الصناعات الثقيلة والمقاولات. وبذلك يُصبح للجيش إمبراطورتيه الخاصة، تجني مليارات الدولار.
الوضع الاجتماعي والأمني
بعد أربعة سنوات من الانقلاب تعاني مصر من أزمات اجتماعية طاحنة تفاقمت مع تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في البلاد. وزادت المشكلات الأسرية وارتفعت معدلات الطلاق والعنوسة والانتحار والجرائم الأخلاقية والجنائية بشكل غير مسبوق مع انشغال أجهزة الدولة الأمنية بالأمن السياسي علي الأمن الجنائي.
احتلت مصر المركز الأول عالميا كأعلي دولة في معدلات الطلاق حيث تتم عملية طلاق واحدة كل 4 دقائق. كما ارتفعت حالات الانتحار إلي أكثر من 75 حالة سنويا وهو معدل غير مسبوق في مصر. ويرجع خبراء ارتفاع معدلات الطلاق والانتحار إلي غياب الدور الإصلاحي الذي كانت تلعبه جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع المصري.
فيما ارتفع موقع مصر في مؤشر الجريمة لتحتل المركز الثالث عربيا في ظل حكم عسكري يمتلك أدوات القوة والبطش.
وانتشرت جرائم القتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه؛ كما انتشر التحرش بشكل غير مسبوق حتي اضطرت حكومة السيسي لإنشاء وحدة أمنية لملاحقة المتحرشين.
واحتلت مصر المركز قبل الأخير في مؤشر جودة التعليم الذي فقد مصداقيته عند المواطن المصري قبل باقي دول العالم التي لم تعد تعترف بالشهادات المصرية.
وانتشرت عمليات تسريب امتحانات الثانوية العامة في إشارة إلي عدم قدرة الدولة العسكرية علي
حماية مستقبل أبناء مصر من الانهيار.
ولم تجد مصر في عهد العسكر لها مكانا علي خريطة المؤشرات العالمية في مختلف المجالات. واحتلت مصر المرتبة 142 عالميا من بين 144 دولة، كأكثر الدول عجزا في الموازنة العامة للدولة. كما احتلت مصر المرتبة 119 ضمن 144 دولة عالميا في التنافسية.
وجاءت في المركز 130 في قائمة أكثر الحكومات تبذيرا، والمرتبة 121 في جودة خدمات الشبكات الكهربائية.
واحتلت مصر الترتيب 140 من بين 144 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل لعام 2014 - 2015، والترتيب 118 في مؤشر كفاءة سوق السلع للعام ذاته.
واحتلت المرتبة 112 في استقرار بيئة الأعمال من 189 دولة حول العالم.
الوضع السياسي
شهدت مصر عملية اغتيال للديمقراطية بالانقلاب علي أول رئيس مدني منتخب. وما تلى عملية الانقلاب أن دخلت مصر في نفق سياسي مظلم انتهي باعتقال ما يقرب من 85 ألف مواطن مصري من مختلف الاطياف السياسية وتنوعت الاتهامات الموجهة لهم ما بين قلب نظام الحكم العسكري الذي لم يكن قد بدأ وحتي الاتهام بنشر التشاؤم بين المصريين. وجمعت السجون المصرية فرقاء السياسة المصرية من مختلف التيارات إلا أن نصيب الأسد في الاعتقال والمطاردة والتصفية كان لجماعة الإخوان المسلمين.وقتل ما يقرب من 8 آلاف مصري في مختلف الأحداث منذ 30 يونيو 2013 وحتي الذكري الرابعة التي تحل علينا هذه الأيام.
وعادت إلى مصر روح اليأس من الإصلاح السياسي الذي تملكها طوال عقود حكم العسكر السابقة؛ بعد فترة قصيرة من انتخابات حرة نزيهة شهد بها العالم أجمع. لتقع مصر في دوامة جديدة من العواصف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تهدد مصير مستقبل الأجيال القادمة.