مع تزايد المخالفات والإغلاقات.. مواطنون لـ «العرب»: تغليظ العقوبة يردع المؤسسات الغذائية المخالفة

alarab
تحقيقات 30 مايو 2023 , 12:46ص
يوسف بوزية

فهد النعيمي: تكرار المخالفات يشكل خطراً على الصحة العامة

عبدالله التميمي: «1000 ريال غرامة وإغلاقات بسيطة» عقوبات لا تكفي

 الداعية جاسم الجابر: الأمانة واجبة في البيع.. و»مال الغش» حرام 
 

تلاقت آراء المستهلكين وخبراء القانون، مع رجال الدين حول ضرورة زيادة الحملات التفتيشية والرقابة على الأسواق لحماية المستهلكين من مخاطر وأضرار الغش التجاري، الذي تعددت مظاهره في الآونة الأخيرة، منوهين بضرورة تغليظ العقوبة على الشركات المخالفة بما فيها إعلان أسماء الشركات المخالفة وأصحابها للجمهور لتكون عبرة لباقي الشركات، وعدم كفاية عقوبة إغلاق الشركات المخالفة لمدة شهر، خاصة في حال التلاعب في بلد المنشأ وبيع المواد الغذائية منتهية الصلاحية، لأنه - وفق قناعاتهم - عقاب بسيط ولا يردعها عن العودة للمخالفة مرة أخرى.
وأعربوا لـ «العرب» عن استيائهم من سعي هذه الشركات إلى تحقيق الربح المادي السريع على حساب المستهلك، مع تكرار هذه المخالفات من غير وازع ضمير أو رادع أخلاق، وأكدوا أن تكرار مخالفات الأغذية وما يشكله ذلك من خطر على الصحة العامة ويستدعي ألا تقل عقوبة هذا الغش التجاري عن الغلق مدة ثلاثة شهور وغرامة مالية تصل إلى 120 ألف ريال كما هو الحال ببعض الدول العربية المجاورة، وعند مخالفتها ثانيًا يشطب سجلها التجاري بشكل نهائي ويحاكم المسؤول عنها قانونيًا. 
ودعوا وزارة التجارة والصناعة إلى توعية المستهلكين وتعريفهم بحقوقهم وكيفية تلقي شكواهم، وتكريم المستهلكين الذين يقدمون بلاغات تقود إلى ضبط المخالفات التجارية، في حين أكد عدد من المحامين على حق المستهلك، الذي أصابه ضرر من الغش التجاري، في طلب التعويض أمام الجهة القضائية.
وكانت وزارة التجارة والصناعة أعلنت عن إغلاق عدد من فروع إحدى الشركات التجارية الكبرى، في كل من معيذر، والغرافة، والخريطيات، والخور، لمدة شهر لكل فرع لمخالفة تلك الفروع القانون رقم 8 لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك، وذلك لقيامهم بالتلاعب في بلد المنشأ للخضراوات والفواكه، وبيع منتجات تالفة والتلاعب في تواريخ الصلاحية والأوزان وعدم تدوين تواريخ الإنتاج والصلاحية على المنتجات وبيع لحوم منتهية الصلاحية.
كما أعلنت عن إغلاق محل إصلاح سيارات في منطقة الغرافة، لعدم التزامه بالاشتراطات العامة والخاصة، ومخالفته لتعميم الوزارة بشأن تنظيم أعمال المحال التجارية التي تزاول أنشطة صيانة وإصلاح السيارات داخل المدن والشوارع التجارية.

مبدأ الشفافية
وأعرب السيد فهد النعيمي عن شكره لوزارة التجارة والصناعة على تطبيق الإجراءات النظامية ضد كل من ثبت تورطه بمخالفة نظام الغش التجاري، وتفعيل مبدأ الشفافية في حالة وجود مخالفة تمس مصالح وصحة المواطنين، من خلال إعلان اسم الشركات المخالفة للجمهور، لتكون عبرة لباقي الشركات حتى لا تفعل فعلتها.
ودعا النعيمي، الوزارة، إلى توعية المستهلكين وتعريفهم بحقوقهم وكيفية تلقي شكواهم، وتكريم المستهلكين الذين يقدمون بلاغات تقود إلى ضبط المخالفات التجارية، مشيراً إلى أن بعض بيانات السلع باللغة الإنجليزية يضفي عليها غموضاً لدى بعض المستهلكين، بمن فيهم كبار السن، ما يزيد من احتمال تعرضهم للغش.
وأكد أن تكرار مخالفات قوانين سلامة الأغذية وجميع المحلات المتعلقة بالمواد الغذائية يشكل خطراً على الصحة العامة، ويستدعي زيادة حملات الرقابة والتفتيش على الأسواق، في ظل وجود عشرات، إن لم نقل مئات، الحالات المشابهة التي لم يتم الوصول إليها، ولذلك أرى أن الحل الأمثل، يتمثل في تغليظ العقوبة، لتكون موازية لإحداث الضرر الواقع على المستهلك.

تغليظ العقوبات
ووافقه الرأي في هذا الإطار السيد علي المري، داعياً إلى التصدي بحزم وقوة لمن يتجاوز في حقوق المستهلك أو يهدد صحة وسلامة والمجتمع، سواء شركة كبرى أو صغرى، وتغليظ العقوبة لتصل إلى سجن المخالفين الذين أضروا بالمجتمع، مع استمرار التشهير بهم في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة.
وأكد أن عقوبة الإغلاق لمدة شهر لا تكفي لردع المخالفين بل تمنحهم الفرصة لابتكار أساليب جديدة في الغش التجاري، مشيرا إلى أن التلاعب في بلد المنشأ والتلاعب في تواريخ الصلاحية وتسويق منتجات تالفة أو منتهية الصلاحية، كلها تستوجب تغليظ العقوبة أكثر من مجرد الإغلاق لمدة شهر لضمان عدم تكرار المخالفات والغش التجاري في السلع والمواد الغذائية وحماية المجتمع من الأخطار والإصابات والأمراض.

من أمن العقاب
من جانبه، قال الأستاذ عبدالله بن علي التميمي، الباحث القانوني، إن قانون العقوبات في قطر يتضمن نصوصا كثيرة تجرم وتحارب هذه الأعمال التي قد تؤدي إلى فقدان حياة عدد كبير من أفراد المجتمع، ولكن للأسف يتم اتخاذ عقوبات مخففة أو الاكتفاء بالجزاءات البسيطة أو الغرامات التي لا تتعدى 1000 ريال أو الإغلاق الذي لا يتعدى سبعة أيام أو 10 أيام أو شهرا، ويبقى المواطن هو المتضرر من هذا الإجراء المخفف، ولا أعلم السبب وراء ذلك، هل يعود إلى الخوف من إلحاق الضرر بالسوق المحلي أو عدم وجود أعضاء أكفاء في تجريم تلك الأفعال.
وأضاف التميمي: وكما صرح المشرع من قبل أنه لا يقوم المجتمع على أعضاء وأفراد مرضى أو مشوهين وتم تجريم المخدرات والمسكرات بسبب ذلك، وألا يجب تخفيف تلك الجرائم أيضا، فالمساواة في الظلم عدل، ومن أمن العقاب أساء الأدب.


 الأمانة واجبة 
ودعا فضيلة الداعية الشيخ جاسم بن محمد الجابر، رئيس لجنة البحوث والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين- فرع قطر، التجار إلى وجوب الأمانة في البيع والحذر من الغش والخيانة، وقد نهى الشرع الكريم عن الغِش في المعاملات المالية، لأنه يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، فقال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غشّ فليسَ منّي».
وأشار فضيلته إلى ما رواه مسلم أيضًا في صحيحه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرّ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء (المطر) يا رسول الله، قال: ألا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني. فدل الحديث على تحريم الغش وكتمان العيوب في البيوع.
ثم قال فضيلته: وأما سؤالكم عن حكم المال المكتسب من هذا البيع الذي شابه غش، فإنه يحرم على التاجر منه ما كان مقابل الغش، أي الزيادة التي حصلت في الثمن بسبب الغش، فترد الزائد إلى المشتري. وإن تعذر معرفة المشتري، فإنك تتصدق بها عنه وإذا لم تعرف قدر المال الحرام، فإنّك تتحرى قدر استطاعتك، بحيث تطمئن أنك أخرجت قدر الحق أو أكثر منه.

 طلب التعويض أمام المحكمة

قال المحامي علي بن عيسى الخليفي - محامي تمييز– تعليقاً على مخالفة إحدى الشركات التجارية الكبرى في مجال الأغذية الآدمية، إن الدولة اهتمت بموضوع حماية المستهلك من الناحية التشريعية وكان من ضمنها قانون (8) لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك، وكذلك قانون الرقابة على الأغذية المعدة للاستهلاك الآدمي، منوهاً بما حثت عليه الشريعة الإسلامية بعدم الغش، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا».
ودعا الخليفي إلى التعامل بحزم مع أي تاجر يبيع لحوما فاسدة لكي يكون عبرة لغيره يحاول تحقيق أرباح ومكاسب على حساب صحة وحياة المواطنين، لافتاً إلى ضرورة إلقاء المزيد من الضوء على مثل هذه القضايا في كافة وسائل الإعلام، لتوعية المواطنين، مشيرا إلى ما نصت عليه المادة رقم (6) من القانون رقم 8 لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك، حيث «يحظر بيع أو عرض أو تقديم أو الترويج أو الإعلان عن أي سلعة تكون مغشوشة أو فاسدة وتعتبر السلعة مغشوشة أو فاسدة إذا كانت غير مطابقة للمواصفات القياسية المقررة أو كانت غير صالحة للاستعمال أو انتهت فترة صلاحيتها».
ونوه الخليفي بأن ذلك يعد مخالفة للمادة رقم (7) من القانون رقم 8 لسنة 2008 بشأن حماية المستهلك ومكافحة الغش التجاري، التي تنص على: «يلتزم المزود لدى عرض أي سلعة للتداول أن يبين على غلافها أو عبوتها، وبشكل واضح، نوع السلعة وطبيعتها ومكوناتها، وكافة البيانات المتعلقة بها، وذلك على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وإذا كان استعمال السلعة ينطوي على خطورة وجب التنبيه إلى ذلك بشكل ظاهر، ويحظر على المزود وصف السلعة أو الإعلان عنها أو عرضها بأسلوب يحتوي على بيانات كاذبة أو خادعة». وأوضح الخليفي أن قانون حماية المستهلك يحظر بيع أو عرض أو تقديم أو الترويج أو الإعلان عن أي سلع تكون مغشوشة أو فاسـدة. وتعتبر السلعة مغشوشة أو فاسدة، إذا كانت غير مطابقة للمواصفات القياسية المقررة أو كانت غير صالحة للاستعمال أو انتهت فترة صلاحيتها، وأشار إلى أن من يخالف هذا الحظر يعاقب ما بين الحبس مدة لا تجاوز سنتين والإغلاق الإداري والغرامات المالية التي تتراوح ما بين ثلاثة آلاف وتصل إلى مليون ريال.