التقييمات لها دور كبير في دعم استقرار الأسرة
التقييمات توفر فرصاً لاكتشاف ماهية الحالات النفسية التي قد تؤثر على استقرار الزواج
إجراء دراسة لفهم التهديدات المحتملة للاضطرابات على العلاقات الزوجية
الاضطرابات النفسية تضعف القدرة على حماية العلاقات الزوجية الصحية
دراسة للوقوف على الاضطرابات الأكثر ضرراً بتماسك الأسر
الاضطرابات تمثل عاملاً مساهماً.. وأحيانًا تكون أحد الأسباب المؤدية إلى الطلاق
يحرص معهد الدوحة الدولي للأسرة على دراسة أي ظواهر أو مشكلات تتعلق بالأسرة في قطر والكثير من الدول العربية، خاصة أن تقييمات الصحة النفسية قبل الزواج ترصد الإدمان وبعض الاضطرابات النفسية بالغة الأهمية، ويؤكد المعهد أن مثل هذه التقييمات لها دور كبير في دعم استقرار الأسرة، وتوفر فرصًا لاكتشاف ماهية الحالات النفسية التي قد تؤثر على استقرار الزواج، ما يسمح بتأهيل كل من الزوجين للقيام بمسؤولياتهم الأسرية.
كما يعتزم معهد الدوحة الدولي للأسرة بالشراكة مع مؤسسة حمد الطبية، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، ومؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش»، إجراء دراسة تستكشف الممارسات المتعلقة باختبارات الصحة النفسية، وفهم التهديدات المحتملة للاضطرابات النفسية على العلاقات الزوجية، والاضطرابات الأكثر ضررًا بتماسك الأسر، والتي تؤدي إلى زيادة حالات الطلاق.
أهمية الفحص النفسي
«العرب» التقت عددا من الخبراء والباحثين في معهد الدوحة الدولي للأسرة، للحديث عن أهمية الفحص النفسي ما قبل الزواج، والتعرف على مخاطر إهمال مثل هذا الفحص على الترابط الأسري، وعلى السلامة النفسية للأبناء، حيث أكدوا على أهمية الفحص النفسي ما قبل الزواج، وشددوا على أهمية تضمين الاختبارات النفسية والفحوصات الخاصة بالإدمان على المخدرات ضمن الفحوصات الطبية قبل الزواج لضمان استقرار الأسرة والمجتمع ككل، مع العلم أن أمراض نفسية قد تنشأ عن الضغوط النفسية والإجهاد الناتج عن تحديات العصر الحديث، وكذلك تعاطي المخدرات.
ونوه الخبراء بأن الأبحاث أظهرت أن هناك أمراضا نفسية يعتبر فيها العامل الوراثي في بعض الاحيان عنصرا نشطا يمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة من جيل إلى جيل، لذلك تشهد العديد من الدول العربية والخليجية، بما في ذلك دولة قطر، أهمية الفحوصات الطبية للأمراض الوراثية قبل الزواج، وذلك بسبب زيادة نسبة زواج الأقارب في الخليج بشكل عام، بما يساهم في القضاء على انتشار الأمراض الوراثية التي تحدث بسبب الزواج بين الأقارب وكذلك لأسباب وراثية أخرى. كما أظهرت الدراسات والإحصاءات حول هذا الموضوع أن إجراء الفحوصات الطبية قد قلل بشكل كبير من انتشار الأمراض الوراثية.
الإدمان والأمراض النفسية
وأردف الخبراء: لعل الإدمان والأمراض النفسية الأخرى ذات الصلة عادة ما تُكتشف بعد الزواج وقد تؤدي إلى تصاعد الخلافات الأسرية التي قد تنتهي بالطلاق. وتعتبر تقييمات الصحة النفسية قبل الزواج والتي تختبر الإدمان وبعض الاضطرابات النفسية بالغة الأهمية لأنها توفر فرصًا لاكتشاف ماهية الحالات النفسية التي قد تؤثر على استقرار الزواج. وتكمن أهمية هذا الأمر بأنها توفر سبل التوعية العلاجية لاستقرار الحياة الزوجية ومعالجتهم وتفهم احتياجاتهم من خلال تأهيل كل من الزوجين للقيام بمسؤولياتهم الأسرية.
وحول أبرز المشكلات النفسية التي تهدد الأسرة ويمكن اكتشافها والتعامل معها قبل الزواج، أضافوا: وفقاً للبحوث التي تم رصدها حتى الآن، أبرز ستة اضطرابات نفسية من شأنها أن تؤثر على العلاقات الزوجية والعائلية هي الفصام في حالاته المتقدمة، واضطراب ثنائي القطب الوجداني، وتعاطي المخدرات، والإعاقة الذهنية المتقدمة، واضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، واضطراب الشخصية الحدية. وقد تم تحديد هذه الاضطرابات النفسية بناءً على البحوث المنشورة، وكذلك مشاورات ومناقشات أجريت مع خبراء ومتخصصين في مجال الأمراض والاضطرابات النفسية في قطر. ومع ذلك، يعتزم المعهد إجراء دراسة لفهم تأثير الاضطرابات النفسية على استقرار الزواج.
العلاقات الزوجية الصحية
وأوضحوا أن البعض من الاضطرابات النفسية تضعف قدرة الأشخاص على تكوين العلاقات الزوجية الصحية والحفاظ عليها، وتشمل الآثار السلبية للاضطرابات النفسية توتر العلاقات الأسرية، وضعف التماسك الأسري، وارتفاع معدل الطلاق. وذلك بسبب عدم قدرة الفرد المصاب على تحمل واجباته الأسرية والتواصل مع أفراد عائلته.
ونوهوا بأن العلاقة الزوجية تواجه ضغطًا عاطفيًا ومعرفيًا في هذا الأمر، إلى جانب تأثر الصحة البدنية والنفسية لأحد الزوجين الذي يعاني من الاضطرابات التي تم ذكرها بشكل كبير بسبب الإجهاد الناتج عن التأقلم مع حاجات المريض وأعراضه المرضية أحيانا، وأن ذلك قد يؤثر ذلك أيضا على الأطفال على حد سواء بسبب قلة الرعاية التي يقدمها أحد الوالدين المصابين بهذا الاضطراب، الأمر الذي يؤثر على أدائهم الدراسي، وأنشطتهم اليومية، وحياتهم الاجتماعية.
«الوصمة»
وعن ما تشكله «الوصمة» من تحدٍ بالنسبة للمختصين بالصحة النفسية في قطر والخليج.. وكيفية تعميم فحوصات الصحة النفسية قبل الزواج في ظل هذا التحدي، قال الخبراء إنه يتم توفير خدمات الصحة النفسية لأكثر من 90 % من سكان قطر من خلال خدمات الصحة النفسية بمؤسسة حمد الطبية، وهي أحد اهم الجهات المتخصصة في رعاية الصحة النفسية بالبلاد، وتدرك خدمات الرعاية النفسية في مؤسسة حمد الطبية أن نقص الوعي ووصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية يمثلان أبرز التحديات التي تواجهها، وبفضل تضافر جهودها قياداتها مع نظرائهم في الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية، حققت خدمات الرعاية النفسية تقدمًا سريعًا في تحقيق أهدافها الطموحة المتمثلة في تقديم رعاية عالمية المستوى. وتجسدت هذه التطورات من خلال استقطاب المزيد من الخبراء في التخصصات الفرعية، والرفع في عدد الموظفين لديها، وزيادة أسرة المرضى الداخليين ومواقع الولادة.
وأضافوا: وإلى جانب الجهود المستمرة لزيادة الوعي وإبراز قضايا الصحة النفسية، نجحت خدمات الصحة النفسية في مؤسسة حمد الطبية في تحسين الوصول وتقليل وصمة العار إلى حد كبير خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل لتحقيق التكافؤ بين الصحة النفسية والصحة البدنية، من ناحية التغلب على هذه الوصمة وتخصيص الموارد. كما ترى إدارة خدمات الرعاية النفسية أن إجراء تقييمات للصحة النفسية كجزء من اختبار ما قبل الزواج تمثل طريقة هامة لدمج الصحة النفسية أكثر في الثقافة المحلية، وتدعم أهمية الصحة النفسية الجيدة في مجتمع فاعل.
وأردفوا: أظهرت الأبحاث أن الاضطرابات النفسية تمثل عاملًا مساهمًا، وأحيانًا تكون أحد الأسباب المؤدية إلى الطلاق. وقد كشفت دراسة نرويجية أن مخاطر الطلاق كانت أعلى لدى الأزواج الذين لديهم شريك يعاني من اضطراب نفسي متقدم مقارنة مع الأزواج الذين لا يعانون من اضطرابات نفسية. كما أشارت الدراسة إلى أن خطر الطلاق مرتفع أكثر لدى شريحة الأزواج الذين يكون فيهم شريك الحياة يعاني من اضطراب نفسي حاد ولا يتلقى العلاج المناسب بصورته الصحيحة. وبالتالي فإن تقييمات الصحة النفسية قبل الزواج تتيح الفرصة لتحديد من هم يعانون من اضطرابات نفسية حادة ومساعدتهم على تجاوزها من خلال تقديم الرعاية الصحية والدعم الطبي والنفسي لهم لمساعدتهم على بدء حياتهم الزوجية باستقرارٍ عاطفي ونفسي، والحول دون طلاقهم وانهيار أسرهم.
المراهقة.. والمرحلة المثالية
وأوضحوا أن المراهقة تعتبر المرحلة المثالية للتأثير على الشباب في مجال العلاقات والتأهيل للزواج وتوجيههم. وبالرغم من أن البحوث الخاصة ببرامج التأهيل للزواج وعمليات تنفيذها قد تمت مع البالغين، إلا أن البرامج التي تهمّ الشباب متوفّرة أيضًا. وتستند هذه البرامج، التي تحمل عنوان «برامج التأهيل للعلاقات الموجهة للشباب» والمقصود بها «التأهيل لمرحلة الزواج» أو «تثقيف المراهقين حول العلاقات»، إلى فكرة أن توفير مهارات تعزيز العلاقات لدى الشباب سيساعدهم على اختيار شركائهم بدقة أكثر، والانخراط في نهاية المطاف في علاقات صحية على المدى الطويل.
ولعل عدد الأبحاث حول مدى فعالية برامج تأهيل الشباب محدود نسبيًا. ويوجد العديد من مناهج تأهيل الشباب للعلاقات، ومع ذلك، لا توجد دراسات كافية لدعم فعالية تلك البرامج، وأن الكثير من الشباب لا يدركون المغزى من الزواج، وكيف يمكن أن يساهم في بناء المجتمعات، وكيف أن الزواج المبني على أسس متينة لا يزول بسهولة. ومن ثم، فإننا ندعو إلى زيادة تثقيف الشباب في المنطقة العربية ورفع وعيهم حول مؤسسة الزواج بشكل عام، مما سيساعدهم على النجاح في علاقاتهم الزوجية مستقبلاً.
وعن أبرز توصيات دراسات المعهد المتعلقة بالتأهيل قبل الزواج، لفتوا إلى أن دراسة أجراها معهد الدوحة الدولي للأسرة حول برامج التأهيل للزواج: الأدلة الحالية والاتجاهات المستقبلية، دعت إلى تنفيذ برامج تجريبية لاختبار تنفيذ برامج التأهيل للزواج ومهامها في جميع أنحاء المنطقة، وضمان إمكانية الوصول إلى هذه البرامج لجميع السكان، واستخدام المناهج الدراسية القائمة على الأدلة والمناسبة ثقافيا، وتقييم فوائد هذه البرامج على استقرار الأسرة وتماسكها، وانخفاض معدلات الطلاق، وتنمية الطفل، وكذلك تنفيذ الاستراتيجيات الوقائية والنمائية التي تستهدف الأطفال والشباب لتعزيز العلاقات الزوجية الصحية في المستقبل.
الأسرة واستجابة السياسات لـ»كوفيد- 19» في دول الخليج
معهد الدوحة الدولي للأسرة هو معهد عالمي معني بإثراء القاعدة المعرفية حول الأسرة العربية ومناصرة قضايا الأسرة عن طريق تعزيز ودعم السياسات الأسرية القائمة على الأدلة على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية.
ويعد المعهد عضواً في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، ويسهم بدور حيوي في جهود مؤسسة قطر الرامية إلى بناء مجتمعات تنعم بالصحة وتتمتع بأرقى مستويات التعليم وقوامها الأسر المتماسكة والمتلاحمة في دولة قطر والمنطقة بأسرها. ويتمتع المعهد بصفة استشارية خاصة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
وينظم المعهد في التاسع من فبراير 2022، جلسة حول «الأسرة واستجابة السياسات لكوفيد-19 في دول الخليج العربي». وجاء على الموقع الالكتروني للمعهد: جلسة إحاطة الدوحة عالية المستوى «الأسرة واستجابة السياسات لكوفيد-19 في دول الخليج العربي» ينظمها المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتعاون مع الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيو يورك ومعهد الدوحة الدولي للأسرة في الدورة الستين للجنة التنمية الاجتماعية للأمم المتحدة نيويورك.
موضوع الدورة الستون: التعافي الشامل والمرن من كوفيد-19 من أجل سبل العيش المستدام والرفاه والكرامة للجميع
الدول الراعية لجلسة الإحاطة: الوفد الدائم لدولة قطر لدى الأمم المتحدة في نيو يورك.
المنظمات الإقليمية الراعية: المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل ومجلس الشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
تأثيرات الجائحة على الأسرة
تخضع الأسرة في جميع أنحاء العالم حاليًا لتغييرات جذرية تفاقمت مع انتشار الوباء العالمي. أجبر انتشار جائحة كوفيد-19 المجتمعات والحكومات على تطوير وتنفيذ تدابير التباعد الاجتماعي التي أثرت بدورها على أدوار ومسؤوليات الأسر، التي كان عليها تعلم كيفية التكيف. وفي دراسة أجراها معهد الدوحة الدولي للأسرة (DIFI) في عام 2020 حول “النجاة من أزمة: دراسة حالة حول تأثير فيروس كورونا على التماسك الأسري في قطر”، واجهت الأسرة في قطر العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية والنفسية، والتربوية. ومع ذلك، أتاح الإغلاق الفرصة للأسر في قطر والمنطقة الخليجية لتكون أكثر ارتباطا وتماسكا، كما أثر على الرفاه النفسي بشكل عام. وأظهرت الأسر المرونة والتماسك عند العيش في أصعب الظروف، فتعتمد الأسر على مجموعة غنية من الخصائص أو “نقاط القوة الأسرية”، والتي تمكنهم من رعاية أفرادهم والاستمرار في الازدهار في مواجهة أشد الشدائد.
وتعد الأسرة في سياق دول مجلس التعاون الخليجي مركزية في جميع الاستجابات السياساتية للوباء. كان هناك العديد من التحديات التي تمت مواجهتها، وقصص النجاح والدروس المستفادة في هذه التجربة. وستركز جلسة إحاطة الدوحة هذا العام على استجابات السياسات للوباء في الخليج، ومحورية الأسرة في الاستجابة.
وتهدف جلسة إحاطة الدوحة إلى توفير منصة لمجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني ومنظمات الأمم المتحدة لإجراء حوار حول السياسات وتعزيز التقدم المحرز وتدارس آليات مواجهة التحديات التي تعانيها الأسر، وكذلك تبادل الخبرات والمعارف والدروس حول الأدلة والابتكارات الجديدة في استجابة السياسات.
هذا العام، خصصنا جلسة إحاطة الدوحة للتعبير عن منظور دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بمركزية الأسرة في استجابة السياسات للوباء. وتحقيقا لهذه الغاية، تهدف جلسة إحاطة الدوحة 2022 إلى تدارس ما يلي:
ما هي أهم التحديات التي واجهتها الأسر خلال الجائحة في الخليج؟
كيف تعاملت الأسر مع هذه التحديات؟
ما هو دور السياسات والبرامج في دعم الأسرة خلال الجائحة؟
ما هي بعض أفضل الممارسات التي تم تنفيذها نتيجة للوباء؟
ما هي أهم الدروس التي يمكن الاستفادة منها في المضي قدماً في السياق الخليجي؟