دار الوثائق القطرية تحتفل بيوم الوثيقة العربية

alarab
دار الوثائق القطرية تحتفل بيوم الوثيقة العربية
محليات 16 أكتوبر 2025 , 06:59م
قنا

احتفلت دار الوثائق القطرية، اليوم، بيوم الوثيقة العربية الذي يصادف السابع عشر من أكتوبر من كل عام، بتنظيم فعالية خاصة حضرها نخبة من المختصين والخبراء في مجالات التوثيق والأرشفة وممثلين عن الجهات الوطنية والعربية وعدد من الأكاديميين والباحثين والمهتمين بالتراث الوثائقي.

ويأتي احتفال الدار بهذه المناسبة في إطار جهودها لحماية الذاكرة الوطنية وتعزيز التعاون العربي في مجالات التوثيق، انطلاقا من رؤيتها الممتدة ضمن استراتيجيتها (2025 - 2030) تحت شعار "ذاكرة المستقبل" التي تهدف إلى تطوير منظومة وطنية متكاملة لحفظ الوثائق، وتحقيق التكامل بين الأصالة والمعايير الدولية الحديثة.

وأكدت دار الوثائق القطرية التزامها بمواصلة جهودها في تطوير منظومة التوثيق والأرشفة الوطنية، وتعزيز ثقافة الحفاظ على الوثيقة كمسؤولية جماعية، تسهم في حماية الذاكرة وصون الهوية، ضمن رؤية مستمرة تمتد نحو المستقبل.

وقال الدكتور أحمد عبدالله البوعينين الأمين العام لدار الوثائق القطرية رئيس لجنة "ذاكرة العالم" للمنطقة العربية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، في كلمة بهذه المناسبة، إن يوم الوثيقة العربية يشكل محطة عربية لتجديد الالتزام بحماية الذاكرة وصون الإرث الوثائقي للأمة، مشيرا إلى أن الوثيقة تمثل شاهدا على مسيرة التطور الإنساني، وجسرا يربط بين الحاضر والماضي ويلهم المستقبل.

وأضاف:" حرصت دولة قطر على أن تكون حماية الوثائق جزءا من رؤيتها في التنمية المستدامة والتحول الرقمي، فجاءت دار الوثائق القطرية لتؤدي دورا محوريا في هذا المجال، من خلال استراتيجيتها (2025 - 2030) التي تنطلق تحت شعار "ذاكرة المستقبل"، وتستهدف تطوير منظومة وطنية متكاملة لحفظ الوثائق، وتحقيق التكامل بين الأصالة والمعايير الدولية الحديثة".

وأكد الأمين العام لدار الوثائق القطرية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، أن استضافة الدار لفعالية يوم الوثيقة العربية يأتي بالتعاون مع جامعة الدول العربية، حرصا على استمرارية استحضار هذا اليوم، لأهمية الوثائق، وكذلك تدعيما للتعاون العربي المشترك.

وشدد البوعينين على أن تنظيم هذه الفعالية يأتي أيضا انطلاقا من استراتيجية الدار التي تعتمد في أحد ركائزها على التشبيك مع الدول العربية، لضمان أفضل الممارسات لحفظ الوثائق، مشيدا بجهود جامعة الدول العربية في هذا الشأن.

من جانبها، أكدت الدكتورة هالة جاد مدير إدارة المعلومات والتوثيق بمكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمة لها، أن الوثيقة والمخطوط هما نبض الأمة وروحها الحية، فهما الذاكرة التي تحفظ تاريخنا وهويتنا، وتوثق مسيرة حضارتنا التي امتدت لقرون.

وقالت:"من هذا المنطلق يأتي الاحتفال بيوم الوثيقة العربية، ليذكرنا جميعا بقيمة الوثيقة وأهميتها، ويؤكد على دورها في حماية الذاكرة العربية في مواجهة النسيان أو الطمس أو التزييف".

ونوهت بجهود جامعة الدول العربية في حماية التراث الوثائقي العربي، واعتمادها للاستراتيجية العربية الموحدة لاستعادة الأرشيفات العربية المنهوبة والمسلوبة والموجودة لدى الدول الأجنبية، حيث تعبر هذه الاستراتيجية عن الإرادة السياسية الجماعية لاسترداد الذاكرة العربية المسلوبة.

وقالت:" هذه خطة عمل متكاملة تهدف إلى حماية الأرشيفات العربية من التدهور والضياع، ووضع الأطر القانونية والسياسية اللازمة لاستعادتها، وتقديم الدعم الفني للدول الأعضاء في مفاوضاتها الثنائية والدولية ذات الصلة".

وشددت على أهمية تضافر الجهود العربية المشتركة نحو استعادة هذا الإرث التاريخي الثمين، وتعزيز الهوية الوطنية والقومية للأمة العربية من خلال حماية ذاكرتها وحفظ تراثها الوثائقي للأجيال القادمة، منوهة بالاستراتيجية الأولى لدار الوثائق القطرية (2025 - 2030)، والتي تهدف إلى تعزيز منظومة التوثيق الوطني وضمان استدامة حفظ الذاكرة التاريخية لدولة قطر والمنطقة العربية، كما تمثل خارطة طريق متكاملة لإدارة الوثائق والأرشيفات، من خلال ترسيخ مبادئ الشفافية، ودعم التنمية المستدامة، والحفاظ على الهوية الوطنية.

وأشادت مدير إدارة المعلومات والتوثيق بمكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، بجهود دولة قطر، ممثلة في دار الوثائق القطرية، في صون التراث الوثائقي، مشيرة إلى أن جامعة الدول العربية تدعم جميع المبادرات الوطنية التي تصب في هذا الاتجاه.

وأضافت أن دار الوثائق القطرية أصبحت نموذجا متميزا في صون الذاكرة العربية وحماية التراث الوثائقي، منوهة بجهود دولة قطر في دعم العمل الوثائقي العربي، لخدمة الذاكرة الوطنية والعربية، وتمنت لها مزيدا من التوفيق والريادة في مسيرتها نحو مستقبل يوثق الماضي، ويحفظ الحاضر، ويصنع الذاكرة للأجيال القادمة.

من جانبه، قال الدكتور نضال إبراهيم الأحمد الأمين العام لوزارة الثقافة الأردنية نائب رئيس لجنة "ذاكرة العالم" للمنطقة العربية، إن الاحتفاء بيوم الوثيقة العربية ليس مناسبة رمزية فحسب، بل هو تعبير عن وعي متجدد بأهمية الذاكرة الجمعية للأمة العربية، وأنها تحمل في طياتها هوية أمة بكاملها، كونها تجسد لغتنا وقيمنا وعلاقاتنا الإنسانية، وتختزن الذاكرة المشتركة التي تربط أوطاننا عبر التاريخ.

وأكد الأحمد، في كلمة له خلال الاحتفال، أن الحفاظ على التراث الوثائقي العربي مسؤولية جماعية، تتطلب تعاونا عربيا متينا في مجالات التوثيق والرقمنة وتبادل الخبرات وتطوير التشريعات والسياسات التي تضمن حماية الوثائق وصونها من الضياع أو التلاعب أو النسيان، بالإضافة إلى أهمية مواكبة التحول الرقمي في حفظ الوثائق وإتاحتها.

وأشاد بالجهود الكبيرة التي تبذلها دار الوثائق القطرية في حماية التراث الوثائقي العربي، وبدورها الريادي في تطوير منظومات الأرشفة والرقمنة، وبما توفره من بيئة تعاون مهنية تثري العمل العربي المشترك، فضلا عن جهود الدار في حفظ التراث الوثائقي العربي وصونه، داعيا إلى استمرار التعاون والتكامل بين الدول العربية في هذا المجال الحيوي، "ليبقى تراثنا محفوظا وذاكرتنا متقدة وهويتنا حية متجددة".

كما نوه بالجهود التي تضطلع بها لجنة ذاكرة العالم للمنطقة العربية تحت مظلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، في توحيد الرؤى وتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال حفظ التراث الوثائقي.

من جانبه، قدم السيد يحيي عبدالله الكندري الباحث بمركز الجواد العربي في دولة الكويت، محاضرة خلال الفعالية، تناولت عناصر الخيل والوثائق المتعلقة بها، سواء الموجودة في المنطقة العربية أو في دول العالم، واهتمام هذه الوثائق بأهمية وقيمة وجماليات الخيل.

وتضمنت الفعالية ندوة متخصصة بعنوان "المخطوط والوثيقة: الذاكرة العربية في الأرشيفات العالمية"، شارك فيها عدد من الباحثين والخبراء من المؤسسات الأكاديمية والجهات الوثائقية، حيث ناقشوا واقع الوثائق والمخطوطات العربية في الأرشيفات الدولية، وسبل تعزيز التعاون العربي في مجالات الحفظ الرقمي وتبادل الخبرات، بما يسهم في دعم حضور الوثيقة العربية في المشهد الثقافي المعاصر.

وتحدث الدكتور سهيل صبان أستاذ التاريخ العثماني عن الأرشيف العثماني وأهميته التاريخية والعلمية، كونه من أهم الأرشيفات العالمية التي تحفظ ذاكرة الدولة العثمانية، إذ يضم مقتنيات ووثائق تاريخية تعود إلى عهود سلاطينها، حيث يضم أكثر من 150 مليون وثيقة، تتناول مختلف جوانب الحياة في الدولة العثمانية، وتشمل تاريخ أكثر من 40 دولة، كانت يوما ما ضمن أراضيها.

وقال إن هذه الوثائق تغطي مجالات مختلفة، وأن هذا الكم الهائل من الوثائق يشكل مصدرا أساسيا لدراسة تاريخ العالم العربي عامة، والدول التي كانت ولايات عثمانية على وجه الخصوص، كونه يتيح للباحثين الاطلاع على سجلات ومراسلات وخطابات وتقارير ومخطوطات وخرائط تعد ذات أهمية كبيرة في توثيق الأحداث، إلى جانب ما تحتويه من بيانات رسمية وإحصاءات.

بدوره، ألقى الدكتور محمد أمين الأستاذ في جامعة فاس بالمغرب الضوء على الأرشيف الفرنسي وأهميته بالنسبة للعالم العربي، وما يمثله من مورد للباحثين، ولكل البلدان العربية التي ارتبطت بعلاقات مع فرنسا منذ القرن الخامس عشر وحتى العصر الحديث.
ولفت إلى أن الوثائق في الأرشيفات الفرنسية مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية، وتشمل المراسلات الرسمية والتقارير المختلفة، ما يجعلها خزينة قيمة للدارسين والباحثين.

أما السيد محمد همام فكري الباحث في التاريخ والتراث، فشدد على أهمية الوثائق، وما تمثله من توثيق لمختلف المعاملات والتغييرات في مجالات الحياة المختلفة، ما يجعلها أداة لفهم التاريخ وتحليل الأحداث.
ونوه بجهود دولة قطر بشأن الاعتناء بالعمل الوثائقي، ما يعكس أهمية حفظ الوثائق، وربط الأجيال الحالية بالماضي، وتعزيز البحث العلمي في مجالات التاريخ والثقافة، ما يؤكد الدور الرائد الذي تلعبه قطر في صون الذاكرة الوطنية.

وأكد السيد راجو سينهي نائب مدير الأرشيف الهندي أن الهند تمتلك مجموعة ضخمة من الوثائق التاريخية المتعلقة بالعالم العربي، حيث تحتوي المحفوظات الوطنية للهند على مراسلات واسعة بين الهند البريطانية ومختلف مناطق العالم العربي، تمتد عبر عدة عقود من أوائل القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن العشرين.

ولفت إلى أن المؤسسات الهندية تضم مجموعات قيمة من المخطوطات العربية، بالإضافة إلى العديد من الوثائق العامة والأرشيفية من مختلف مناطق الهند، بما في ذلك ما مجموعه حوالي 35 أرشيفا تغطي الأراضي الهندية المختلفة.

وشهدت الفعالية تكريم عدد من الشخصيات والجهات التي كان لها دور بارز في حماية التراث الوثائقي وإبراز قيم الهوية الوطنية، من بينهم الغواص محمد عبدالله، والغواص عمر الغيلاني اللذان جرى الاحتفاء بهما تقديرا لإسهاماتهما في إحياء مهنة الغوص بروح حديثة، تمزج بين عراقة الموروث وإبداع الحاضر.

كما تم تكريم السيد عبدالهادي المري صاحب منصة "قصة"، تقديرا لشراكته المجتمعية وجهوده في دعم الوعي الوثائقي وتعزيز المشاركة المجتمعية.
يذكر أن يوم الوثيقة العربية هو مبادرة أطلقتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" عام 2001، ليكون محطة سنوية، لتسليط الضوء على أهمية الوثيقة ودورها في حفظ التاريخ وصون الهوية العربية للأجيال المقبلة.