القطاع الخاص القطري غائب عن الساحة الخليجية
حوارات
29 سبتمبر 2011 , 12:00ص
أجرى الحوار: محمد عمار
استغرب سعادة الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر من غياب القطاع الخاص القطري من الساحة الخليجية، فيما تعاني ذات الجهة المذكورة من احتدام المنافسة محليا.
وصف الشيخ خليفة في حوار مع «العرب» الشركات الخاصة المحلية بـ «المقاتلة» في سياق سعيها لفرض ذاتها وسط رغبة أغلب الشركات الأجنبية للظفر بحصة في السوق المحلية الزاخرة بالفرص حاليا.
وطالب الشيخ خليفة بضرورة فرض شريك محلي على الشركات الأجنبية لدرايته الكاملة ببيئة الأعمال المحلية ونوعية العمالة التي تستحقها هذه المشروعات, إضافة إلى كسب مزيد من الخبرات والتكنولوجيا التي يتمتع بها الشريك الأجنبي.
وبين أن %90 من المصروفات على المشاريع تقوم بها الحكومة, لذلك فإن القطاع الخاص يريد العمل مع الدولة في إطار شراكة حقيقية وفاعلة.
وأكد تميز السوق المحلية بالانفتاح، إذ تعود جذور الشركات الخليجية العاملة في الدوحة لنحو 4 عقود خلت.
وتعرض الشيخ خليفة في حواره الحصري لمعاناة مجتمع الأعمال المحلي من نقص الأراضي، داعيا الجهات المختصة للإسراع في تنفيذ المنطقة الصناعية بمسيعيد التي من شأنها وضع حد لتلك الضائقة.
وفيما يلي نص الحوار:
¶ تعددت اللقاءات التشاورية بين الحكومة والقطاع الخاص, ماذا تحقق منها وما العقبات التي تم تجاوزها, وهل هناك عراقيل ما زالت تعترض رجال الأعمال؟
- يعد اللقاء التشاوري لقاء فريدا في المنطقة. فدولة قطر تعد الوحيدة التي يلتقي فيها مجتمع الأعمال مع الحكومة سنويا لمناقشة كل مشاغل رجال الأعمال. إلى الآن تم تحقيق العديد من الأشياء الملموسة وحل العديد من القضايا حيث تم عرض أكثر من 200 قضية على الحكومة وتم حل أغلبها. ولكن الأهم من كل ذلك تبادل الأفكار بين الطرفين وقد تفهمت الحكومة مطالب القطاع الخاص وحققت منها الكثير كما قامت بالعمل على عدد من المشاريع التي طالبنا بها سواء تعلق ذلك بتوفير المناطق الصناعية أو الأراضي أو المخازن أو غيرها من المطالب.
¶ اتهمت الحكومة القطاع الخاص بالكسل في العديد من المناسبات, ما ردكم على ذلك؟
- لقد تعودنا على هذه الاتهامات من قبل, لكن القطاع الخاص من حقه أن يحلم, ومن واجب الحكومة توفير البنية التحتية الملائمة. كما أنه من حقنا التوجه نحو العالمية, خاصة أن الاقتصاد المحلي منفتح. وهناك عدد كبير من الشركات العالمية التي تعمل في البلد والتي كسبنا منها خبرة كبيرة, ونحن الآن نقاتل للوصول إلى أهدافنا.
¶ لكن هناك عدد كبير من المشاريع تنفذها شركات أجنبية وهي من حق القطاع الخاص المحلي.. كيف تتصرفون مع هذا الوضع؟
- نتمنى من الحكومة أن تفرض على الشركات الأجنبية اتخاذ مؤسسة قطرية كشريك خاص لها نظرا لأن السوق المحلية تزخر بالشركات القادرة على المنافسة في العديد من المجالات كمشاريع الطاقة والبنية التحتية والسياحة وغيرها.
¶ ينتظر القطاع الخاص دائما قرارات حكومية أو تحديد الموازنة العامة للبحث عن مشروعات له وهو يفتقد للمبادرات الخاصة في ذلك, كيف ترون هذه المساءلة ومتى يخرج القطاع الخاص من جلباب الدولة؟
- إن الاقتصاد القطري مبني على المشاريع التي تطلقها الحكومة. وكل الموازنات الحكومية تدل على ذلك فـ%90 من المصروفات تأتي من الحكومة, لذلك فإن القطاع الخاص ينمو مع تنامي هذه المشروعات. لذلك نحن نطالب الحكومة بفرض شريك محلي, حيث إننا على دراية ببيئة الأعمال في الدولة ويمكننا المساعدة في ذلك إضافة إلى أنه سيتسنى لنا كسب خبرات جديدة.
¶ ما حصة القطاع الخاص من مشاريع المونديال التي تم إطلاقها؟
- يمكن تقسيم مشاريع المونديال إلى شقين: البنية التحتية والملاعب. وقد لاحظنا أن المناقصات التي تم الإعلان عنها اتسمت بعدد من الشراكات مع شركات خليجية، وآسيوية، وأوروبية وأميركية, وقد لاحظنا أن شركة الديار بالشراكة مع شريكها الاستراتيجي قد أتمت مشروع أنفاق لوسيل. وهناك عدد كبير من الشركات المحلية أقدمت على عدد من المناقصات وستظفر بعدد من المشاريع.
¶ أمام الأوضاع الاقتصادية الصعبة حاليا، هل تعتقد أنه حان وقت التحالفات والتكتلات بين شركات القطاع الخاص؟
- هذا الموضوع راجع لأصحاب الأعمال فهم أدرى بمصالحهم, خاصة أن هناك العديد من الشركات العائلية وأخرى مدرجة بالبورصة. وأعتقد أنه إذا أتيحت الفرصة أمام الشركات العاملة في المجال الواحد بعد دراسة جدوى الاندماج أو التحالف فإنها لن تتأخر عن ذلك.
¶ كيف ترون قرار مجلس الوزراء الأخير الداعي إلى فتح الشركات الخليجية لأفرع لها بقطر؟
- أريد الإشارة إلى أن الشركات الخليجية موجودة في قطر منذ أربعين سنة, سواء كانت كويتية، أو سعودية، أو إماراتية أو عمانية, عن طريق شراكتها مع القطريين أو وحدها, ولديها أعمال كثيرة مثل شركة الحبتور أو مجموعة بن لادن وغيرها كثير، لذلك فإن القطاع الخاص كان سباقا في مثل هذه الخطوات وقطر مفتوحة على جيرانها في مثل هذه المسائل.
¶ في المقابل هل يوجد قطاع خاص قطري في الخليج؟
- صراحة لا يوجد قطاع خاص قطري في الخليج. فمعظم الشركات المحلية مشغولة بالسوق المحلية لأن استهداف السوق القطرية من قبل الشركات الأجنبية جعل المنافسة حادة محليا, والكل يريد إثبات قدراته في الداخل قبل التوجه إلى الخارج.
¶ الغرفة أصدرت كتاب «أربعة عقود من التنمية» والذي تزامن مع تقرير التنافسية الأخير الذي صنف قطر في المرتبة الثالثة عشر عالميا، كيف تقرؤون ذلك؟
- كتاب «أربعة عقود من التنمية» الذي أصدرته الغرفة تحدث عن نبذة تاريخية لأربعة عقود ماضية, وأهم الإنجازات التي حققتها الدولة من مشروعات تنموية وغيرها. وخلال السنوات العشر القادمة هناك مشاريع ضخمة تقدر بمليارات الدولارات, وهناك توقعات للنمو بنسبة %9 إلى 2016. لكن على أرض الواقع فإن النمو سيزيد على %16.
¶ زادت الحكومة رواتب الموظفين، ما أدى إلى ارتفاع عدد كبير من السلع, كيف ترون ذلك خاصة أن نسبة التضخم في البلاد مرجحة للارتفاع؟
- إن المشاريع المقبلة في البنية التحتية وغيرها ستستثمر طفرة كبيرة وطلبا قويا على قطر وزيادة في اليد العاملة وغيرها من الخدمات, فإذا تمت برمجة هذه المشاريع على أسس صلبة وصحيحة فإن تلك الهيئات المسؤولة ستتمكن من الحد من ظاهرة التضخم. ومن وجهة نظري فإن زيادة الرواتب لن تزيد في الأسعار اعتبارا لأن هناك بعض المواد قد ارتفعت لعدد من الأسباب وهي مرتفعة في عدد من البلدان. ونحن كممثل شرعي للقطاع الخاص قد أحدثنا لجنة تتابع هذا الموضوع. وسنقوم بتوعية التجار حتى تظل الأسعار في مستوى إنفاق سلة المواطن والمقيم.
¶ هل تؤيدون تحول الشركات المحلية إلى مساهمة عامة؟
- نحن نؤيد تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة لديمومتها, وقد اتبع عدد كبير من هذه الشركات هذا النهج, وهي الآن مدرجة ببورصة قطر نظرا لتفكيرها طويل المدى للمحافظة على الإرث واسم العائلة وغير ذلك.
¶ لقد فزتم بشرف تنظيم كونغرس الغرف العالمي لعام 2013. ما آخر التحضيرات لذلك؟
- هذا الحدث يعد مهما ومكسبا لقطر ودول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط ككل اعتبارا أنه لأول مرة ينظم في منطقتنا, وهو فرصة كبيرة لالتقاء رجال الأعمال في العالم, حيث إن الفرصة ستسمح بمجيء أكثر من 1500 رجل أعمال, لذلك ندعو رجال الأعمال القطريين والخليجيين لاستغلال هذه الفرصة للقيام بلقاءات ثنائية بحثا عن شراكات حقيقية تماشيا مع توجهات حكومتنا الرشيدة الباحثة عن التنويع الاقتصادي والتوجه نحو اقتصاد المعرفة.
¶ هناك محدودية في استثمارات القطاع الخاص (العقار أو الأسهم) وعدم الاكتراث بالاستثمار الصناعي؟
- دولة قطر أسست صندوقا للقطاعات الصغيرة والمتوسطة وبنك قطر للتنمية, وغيره من البنوك يوفر كل التمويلات, لكن المشكل الوحيد الذي يواجهنا الآن هو توفير الأراضي الصناعية, ومع ذلك تعمل الحكومة حاليا على تحضير المنطقة الصناعية بمدينة مسيعيد على مساحة 81 كيلومترا مربعا, وهي ستحل العديد من المشاكل فور الانتهاء منها. جدير بالذكر أن هذه المنطقة الصناعية هي من أهم نتائج اللقاءات التشاورية الماضية بين معالي رئيس مجلس الوزراء ومجتمع الأعمال.
¶ كيف ينظر رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر إلى الجيل الناشئ في مجال التجارة؟
- نحن كقطاع خاص وكغرفة تجارية نشكر حكومتنا الرشيدة على استثمارها اللامحدود في قطاع التعليم وهو ما يؤكده تقرير التنافسية الأخيرة الذي بين أن قطر الحبيبة جاءت في المرتبة السادسة عالميا في مجال الأنظمة التعليمية. وهذا التوجه سيخلق جيلا من الشباب على قدر كبير من الوعي في كل المجالات, بما في ذلك قطاع التجارة, لذلك فإن مستقبل أجيالنا القادمة زاخر -إن شاء الله- بفضل استراتيجية الحكومة في هذا المجال. كما أريد الإشارة إلى أن القطاع الخاص المحلي طموح, والجيل الجديد الحالي من رجال الأعمال تغير كثيرا فلديه العديد من الأفكار والمفاهيم وفلسفة خاصة في إدارة المشاريع.
¶ ما دوركم في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة؟
- دور الغرفة في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام وقطاع الصناعة بوجه خاص يكمن في التنسيق مع الهيئات والمؤسسات الأخرى في الدولة لوضع الاستراتيجيات وإجراء الدراسات والاستشارات اللازمة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي السياق ذاته، هناك جهاز يعنى بهذه المشاريع وتشارك فيه الغرفة أيضا. لا بد أن يكون هناك دور كبير في دعم هذه الشريحة من المشاريع، التي تعد من أهم القطاعات الاقتصادية، التي تحقق قيمة مضافة حقيقية، وتسهم بقوة في تنويع مصادر الدخل القطري، فضلاً عما تحققه من توفير فرص للعمل، والتقليل من الاعتماد على الواردات، وتحقيق اكتفاء ذاتي للسوق المحلية. والدعم الذي تحتاج إليه تلك المشاريع يجب أن يأخذ اتجاهين، أولهما معنوي باحتضان المشروع، وتوفير الخبرات اللازمة لإنجاحه، واستكشاف أسواق خارجية، للترويج للمنتجات وبيعها، والثاني هو الجانب المادي، من خلال توفير رأس المال والأرض اللازمين لإقامة المشروع.
¶ ما دور الغرفة في تعزيز العلاقات التجارية بين دولة قطر ومختلف دول العالم؟
- منذ أن فازت قطر بشرف تنظيم مونديال 2022 وحتى قبل ذلك منذ بداية الأزمة المالية العالمية، بدت قطر قبلة للمستثمرين الأجانب ووجهة مفضلة لعدد من الشركات. وقد كثرت الوفود التجارية والاقتصادية نحو قطر. وكانت الغرفة التجارية في استقبال عدد كبير منهم بشكل شبه يومي. وقد تم القيام بلقاءات عديدة مع كل الوفود الرسمية في جمع رجال الأعمال القطريين مع الزوار والنظر في إمكانية بعث شراكات في قطاعات يبدو الاقتصاد القطري في حاجة إليها، لذلك فإن الغرفة تقوم بدور كبير جدا في تعزيز العلاقات التجارية بين قطر في بقية دول العالم الذين تربطهم علاقة اقتصادية مع بلادنا.