«مناظرون من أجل التغيير»: تطوير منظومة التعليم استثمار مباشر في المستقبل

alarab
محليات 28 سبتمبر 2025 , 01:23ص
الدوحة - العرب

نظم مركز مناظرات قطر في مدينة نيويورك النسخة الثانية من فعالية «مناظرون من أجل التغيير»، بالتزامن مع اجتماع قادة العالم في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. تأتي هذه النسخة للبناء على نجاح النسخة الأولى التي عُقدت في الفترة ذاتها من العام الماضي، وتناولت مناقشة مآلات التعاون الدولي، إضافة إلى بحث «ميثاق المستقبل» الذي تم اعتماده في قمة المستقبل.

تواصلت فعاليات النسخة الثانية من المائدة المستديرة «مناظرون من أجل التغيير» التي ينظمها مركز مناظرات قطر، بمشاركة أكثر من 150 من المتناظرين والمحكّمين الشباب من أكثر من 40 جامعة أمريكية وكندية، ضمن منصة فريدة تُمكّن المشاركين من مناقشة التعددية الثقافية، وأجندة المؤسسات المتطورة في عالم سريع التغير. تهدف المبادرة التي عقدت أمس الاول في نيويورك بفندق رينيسانس نيويورك – قاعة كاردينال إلى تعزيز ثقافة الحوار والتفكير النقدي عبر نقاشات تفاعلية يقودها الشباب، تتناول القضايا العالمية والإقليمية ذات الصلة بمستقبلهم، وتُسهم في تطوير فهم أعمق للتحديات التي تواجه المجتمعات.
وتحفز المبادرة النخب الشبابية على حوار موسع لطرح أفكارهم في بيئة حرة وآمنة، تعزز قيم الاستماع والتفاعل مع مختلف الثقافات بما يُسهم في صياغة مستقبلٍ قائم على التعددية والانفتاح والتعاون المشترك.
وقد عُقدت ثلاث جلسات مائدة مستديرة جمعت نخبة من الخبراء، وصنّاع القرار، والمفكرين الشباب من مختلف الدول، لتسليط الضوء على تحديات وفرص الحوكمة، والتعليم التقدمي، والاندماج الاجتماعي، في عالم يشهد تحولات متسارعة وتحديات عابرة للحدود.

عناوين الجلسات الثلاث
خصصت الجلسة الأولى لمناقشة التعليم التقدمي وما الذي يتطلبه الأمر لتأهيل الطلبة من أجل تشكيل مستقبل أفضل، وقد ركزت الجلسة على سبل تطوير المنظومة التعليمية بما يواكب احتياجات المستقبل، ويُسهم في إعداد أجيال قادرة على الابتكار والتفكير النقدي في ظل عالم متغيّر، وتم التأكيد على الحاجة إلى تحوّل فعلي من الخطابات والوعود إلى إجراءات ملموسة تعزز الإنصاف والعدالة وتعيد الثقة في النظام العالمي. أكدت الجلسة أن التعليم التقدمي ضرورة في ظل عالم يشهد تغيرات متسارعة على كافة المستويات، وقد أجمعت آراء المشاركين على أن الاستثمار في تطوير المنظومة التعليمية هو استثمار مباشر في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة.
وتناولت الجلسة الثانية دعم مبادرات المجتمع المدني لتعزيز التماسك المجتمعي، وجاءت هذه الجلسة لإشراك الشباب في أحد محاور النقاش ضمن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، التي تُعقد في الدوحة نهاية العام.  ناقش المتحدثون التحديات المتزايدة في الحوكمة العالمية في ظل النزاعات، والأزمات المناخية، والتفاوتات الاقتصادية بين الشمال والجنوب سلّطت هذه الجلسة الضوء على أهمية بناء مجتمعات عادلة وشاملة، من خلال إعادة النظر في مبادئ الاندماج الاجتماعي التي تم طرحها في قمة كوبنهاغن، وتحديثها بما يتناسب مع المتغيرات السريعة في عالم اليوم.
كما تطرقت النقاشات إلى الأسباب الهيكلية والثقافية التي لا تزال تُبقي فجوات اجتماعية واقتصادية بين فئات المجتمع، وطرحت حلولًا لتعزيز المساواة والفرص العادلة للجميع والتأكيد على دور السياسات العامة، والمجتمع المدني، والمؤسسات التعليمية في بناء مجتمعات أكثر شمولًا ومن أهم محاور الجلسة دار النقاش حول الأسباب الكامنة وراء استمرار التمييز والتهميش لبعض الفئات، وأثر التكنولوجيا والتحول الرقمي على الاندماج الاجتماعي مع عرض بعض التجارب الناجحة من الدول المختلفة بهدف تقليص الفجوات الاجتماعية. وأوصت الجلسة بتصميم سياسات اجتماعية مرنة تستوعب التنوع وتعزيز تمثيل الدول النامية في المؤسسات الدولية، وربط مبادئ العدالة بالتحول الرقمي والاقتصادي والعمل على تبنّي مقاربات شاملة ومستدامة في صنع القرار العالمي.

 الحوكمة العالمية 
تناولت الجلسة الثالثة التحديات التي تواجه الحوكمة العالمية في ظل عالم تتسارع فيه الأزمات الإنسانية والبيئية، إلى جانب اتساع الفجوة بين دول الشمال والجنوب. وجاءت هذه الجلسة امتداداً لموضوع منتدى الدوحة 2025، تمهيداً لنسخته الشبابية التي ينظمها مركز مناظرات قطر. وقد ناقش المشاركون أهمية الانتقال من الوعود والمبادرات الشكلية إلى ممارسات فعلية تحقق التوازن والعدالة، خاصة في مجالات توزيع الموارد والوصول إلى التكنولوجيا – التعليم – والصحة وغيرها. ودعت الجلسة إلى العمل على إعادة هيكلة بعض آليات الحوكمة العالمية لتكون أكثر شمولًا وتعددية، ودعم المبادرات الشبابية التي تقدم حلولًا مبتكرة لمشاكل الحكم العالمي، تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب من خلال شراكات مبنية على الإنصاف، واعتماد مبدأ « العدالة في التنفيذ « وليس فقط في التشريعات. وأكدت الجلسة أن مستقبل الحوكمة العالمية مرهون بالقدرة على التحوّل من الخطاب إلى الفعل، ومن النوايا إلى النتائج، مع التأكيد على أن إشراك الأجيال الجديدة في تصميم هذا المستقبل هو المفتاح لضمان عالم أكثر استقرارًا. شارك في هذه النسخة من المائدة المستديرة أكثر من 40 جامعة في الولايات المتحدة وكندا، من بينها « جامعات هارفارد، ييل، ستانفورد، شيكاغو، كولومبيا، جامعة بنسلفانيا،جامعة نيويورك، جامعة ميشيغان. وقد عبّر المشاركون عن تطلعاتهم لبناء عالم أكثر عدلاً وتطورًا وتعايشًا، مؤكدين أن الشباب ليسوا فقط شركاء في المستقبل، بل هم قادة حاضرون يمتلكون القدرة على دفع عجلة التنمية والتغيير البنّاء، لافتين إلى أن الحوار الواعي هو المدخل الحقيقي نحو بناء مجتمعات مستقرة ومبتكرة، وبأن منح الشباب المساحة للتعبير عن رؤاهم هو استثمار في مستقبل أكثر إشراقًا.