يتصدر علم الوراثة اللاجينية طليعة أبحاث جامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر، من أجل فهم تأثير تضافُر العوامل البيئية والسلوكية والوراثية ونمط الحياة على التعديل الجيني، وذلك في إطار سعيها للوصول إلى هدفها المنشود المتمثّل بتحقيق التقدّم العلمي والبحثي.
وقال الدكتور نادي الحاج، أستاذ مشارك في كلية العلوم الصحية والحيوية بجامعة حمد بن خليفة: «يستكشف علم الوراثة اللاجينية الطريقة التي تلعب بها العوامل الخارجية، بما في ذلك النظام الغذائي، ونمط الحياة، والظروف البيئية، دورًا لا يُستهان به في تغيير سلوك الجينات».
وأوضح: «إن هذه التغييرات تُساعد في تحديد كيفية التعبير عن النمط الجيني لدينا، بمعنى آخر، تركيبتنا الجينية البيولوجية التي نرثها، وكذلك سماتنا أو خصائصنا الجسدية. وتؤثر هذه التغييرات على سائر أجسادنا، بدءًا من تطور الأمراض وحتى الطريقة التي نشيخ بها».
ويقوم الدكتور نادي الحاج وفريقه بالتحقيق في الدور الذي يلعبه علم الوراثة اللاجينية في حياة الأفراد، مع تسليط الضوء بشكلٍ خاص على قدرة أنماط معينة من مثيلة الحمض النووي، وهي أحد أشكال التغيير اللاجيني، على التحكم في متوسط العمر أو تسريع عملية الشيخوخة.
وهو ما عبّر عنه الدكتور بقوله: «نستخدم أدوات تُعرف بالساعات فوق الجينية/اللاجينية، التي تستطيع قياس مثيلة الحمض النووي في مواقع محددة في الجينوم، وبالتالي تقدير العمر البيولوجي. فالأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فمن خلال هذه الأداة، بإمكاننا دراسة تأثير النظام الغذائي وممارسة الرياضة على العمر البيولوجي الحقيقي للأشخاص».
وأضاف: «نحن لا نُبالغ حين ندرك أهمية دراسة العمر البيولوجي، قد يتشارك شخصان العمر الزمني ذاته ويختلفان بيولوجيًا. على سبيل المثال، يتميّز الشخص الذي يتّبع أسلوب حياة صحي بعمر بيولوجي أصغر من ذاك الشخص الذي يهتمّ بالأطعمة التي يتناولها والعادات غير الصحية التي يتّبعها».
وأوضح: «يمكن أن تحدث التغيرات الجينية في وقتٍ مبكر من الإصابة بالمرض، وأحيانًا قبل ظهور أعراضه، الأمر الذي يسمح بالكشف المبكر عن الأمراض، وبالتالي التدخل في الوقت المناسب»، لافتا إلي أن الدراسات اللاجينية تلعب دورًا حاسمًا في تطوير الرعاية الصحية الدقيقة، وضمان تخصيص علاجات تتناسب والتركيبة الوراثية اللاجينية للأفراد. كما يقوم الدكتور نادي الحاج وفريقه بدراسة تأثير علم الوراثة اللاجينية على الصحة النفسية وخاصة تأثير الصدمات النفسية والظروف الأليمة على التعديلات اللاجينية، وهو ما أشار إليه بقوله: «أظهرت الدراسات أنه بإمكان التعديلات اللاجينية التأثير على الجينات المرتبطة بحالات الصحة النفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة».