نظم مركز العلوم الانسانية والاجتماعية في جامعة قطر بالتعاون مع مركز دعم الصحة السلوكية، جلسات طاولة مستديرة تحت عنوان " القدوة في الأسرة"، تناولت " تجديد مفهوم القدوة ورفع مستوى الأداء التربوي للأسرة"، شارك في الفعالية مجموعة من الخبراء في العلوم التربوية والاجتماعية والنفسية، حيث سلط هذا اللقاء الحواري أضواء معرفية متنوعة على هذا الموضوع، كما شهد نقاشا بين خبراء من اختصاصات متعددة.
ومن أبرز التوصيات التي خرج بها المشاركون في جلسات الطاولة المستديرة: توجيه استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بصورة ايجابية للحد من آثار القدوة السيئة وزيادة أثر القدوة الحسنة، وضرورة دعم الأسر المفككة من خلال برامج توعوية ورعاية من قبل المؤسسات المعنية، وكذلك تفعيل قيم العدالة والمساواة والحرية عن طريق دعم الأسر المهمشة.
كما أكدت التوصيات على أهمية تنمية مهارات المدرسين والأباء والأمهات لتبني طرق في التعامل مع الأبناء تعتمد على الصبر والتشجيع وتقديم الأسوة الحسنة ، بالإضافة إلى إعداد برامج متخصصة لتأهيل وتدريب الوالدين على أساليب التربية الحديثة المصاحبة لعصر التقدم التكنولوجي، واجراء الدراسات والأبحاث لرصد السلوكيات السلبية الدخيلة، وطرح أفضل السبل والوسائل لمعالجتها قبل أن تتفاقم.
وأكد المشاركونن على ضرورة توفير برامج متنوعة لدمج وتدريب الأسر ضمن أنشطة تشجعهم على قضاء أكبر وقت ممكن مع أطفالهم، وعلى أهمية تقديم الدعم العاطفي للأبناء، وتشجيع المدارس على التواصل مع الأسر واشراكهم في الأنشطة التعليمية والتربوية الموجهه للطلاب، وتشجيع الأبناء على قراءة السيرة النبوية بشكل موضوعي مع دراسة المواقف الايجابية المتكررة، وتعريف النشء بالقدوة الحسنة المحيطة به سواء كان معلم، شيخ دين، عالم، أب، وأيضا تعزيز نقاط القوة الكامنة في علاقات الأسرة، وذلك بالتركيز على الفعاليات والمناسبات التي تسهم في إحياء الروابط العائلية.
وعن أهمية هذه الفعالية، قالت د.كلثم الغانم عضو هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر: في عالمنا الذي بات قرية صغيرة، بل أصغر من ذلك في الحقيقة، يتعرض أبناؤنا ومجتمعنا أيضا لسيل من المعلومات والأخبار، والتأثيرات القادمة من مجتمعات بعيدة، تختلف ثقافتها عن ثقافتنا، الأمر الذي يربك المتلقين، سواء كان هذا المتلقي، طفلا، أو ولي امر، أو حتى باحثا أكاديميا.
وعن الأسلوب الأنجع لتفادي هذا الارتباك، قالت الغانم : نرى أن التربية بالقدوة وسيلة فعالة وناجعة لاحتواء جانب كبير من هذا الارتباك، في تاريخنا الإسلامي لدينا العديد من القدوات، تبدأ من الأنبياء والصحابة، مرورا بالتابعين والعلماء والمفكرين من شتى المجالات، فإلقاء الضوء على هذه القدوات الراشدة، سيقي أبناؤنا من الانجرار نحو قدوات فاسدة.
وأشارت إلى أن الإنسان بطبعه قد يميل للاقتداء، خاصة في المراحل المبكرة من عمره، لذلك إن فهمنا هذا، ينبغي علينا الحرص على دعم أبنائنا، وكذلك تقع علينا كباحثين مهمة كبيرة تتمثل في إعداد دراسات وبحوث لمواكبة هذا الواقع، وإعداد خطط ووسائل تربوية واضحة ومنهجية نضعها بين أيدي الأسر والمربين.
(جلسات الطاولة المستديرة)
برنامج الطاولة المستديرة تكون من جلستين رئيسيتين ، جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان دور الأسرة في تقديم القدوة، وأدارها الدكتور قاسم شعبان - استاذ زائر بجامعة قطر، وتحدث فيها كل من أ. د جهينة العيسى استاذ علم الاجتماع، السيد/ خليفة الدرهم مدير ادارة شؤون المدارس بزارة التعليم والتعليم العالي، الدكتور عبد الناصر اليافعي، العميد المساعد للشؤون الاكاديمية بكلية الآداب والعلوم ، والدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي للعلاقات الدولية والمجتمعية، بمركز نوفر، والمقدم /محمد ربيعة الكواري، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الأمنية بوزارة الداخلية، والسيد منصور السعدي، المدير التنفيذي لمركز الحماية و التأهيل الاجتماعي – امان.
أما الجلسة الثانية فقد أدارها الأستاذ حسن بن حسن الباحث بمركز العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة قطر، وتحدث فيها كل من الدكتور ابراهيم الأنصاري، عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، والسيد / راشد الدوسري، مدير مركز الاستشارات العائلية ، والدكتورة بتول خليفة، الأستاذ المشارك بكلية الآداب والعلوم في جامعة قطر، والمقدم محمد ربيعة الكواري مدير الدراسات الأمنية والاستراتيجية بوزارة الداخلية، ود. عزة عبد المنعم – كبير الباحثين، بمعهد الدوحة الدولي للأسرة بمؤسسة قطر، والدكتور صادق رابح، أستاذ مشارك بقسم الاعلام، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر.
وتعد التربية بالقدوة و المثال الحسن، من الأساليب القديمة في التربية، و في ثقافتنا تراث تربوي غني يقوم على تأهيل المربي ليرتفع الى مقام القدوة، وما تعنيه التربية عن طريق القدوة هو انسجام أقوال المربي وتوجيهاته مع أفعاله و سلوكه، فلا ينهى عن شيء و يأتي مثله ولا يخالف ما يأمر به و يدعو إليه، والتناغم بين القول والفعل يظل حجر الزاوية في القدوة كمفهوم تربوي.
وقد تحددت أهداف الطاولة المستديرة، في إدارة النقاش حول أهمية القيم في التربية وبناء الشخصية، و توضيح أهمية القدوة الوالدية للأبناء اثناء فترة الطفولة والمراهقة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الاحتياجات التربوية للطفل والمراهق، ومناقشة سبل تطوير الآليات والأساليب التربوية لترسيخ القيم لدى الناشئة.