الطلاق النفسي.. أزمة داخل البيوت
تحقيقات
28 يناير 2017 , 01:24ص
هبة فتحي
الخلافات الزوجية تتواجد بين جميع الأزواج ولكن يظهر الاختلاف في مدى نضج العلاقة بين الطرفين ومدى قوة الرغبة في علاج المشكلات بينهما، أما عن الفيصل في نجاح أو فشل الحلول يبدو جلياً في مدى تعاون كل من الشريكين في حل الأزمات قبل وصول أي منهم لحالة من الجفاف والنفور من تلك العلاقة، فإدراك المشكلة والاعتراف بها ومواجهتها دون تعالٍ أو مداواة مؤقتة تعد أولى خطوات الحل حتى تستمر العلاقة الزوجية بقدر معقول من السلام النفسي لكل شريك.
الطلاق الرسمي المعلن هو الحل الشرعي لأي علاقة زوجية أصبحت الحياة فيها تشكل عبئاً وضغطاً ومشكلات أكثر من كونها علاقة راحة واطمئنان، لكن يختار بعض الأزواج الطلاق النفسي لاعتبارات ربما تكون أسرية أو اجتماعية أو نتيجة لظروف بيئية معينة لا يستطيعون تجاهلها أو التغلب عليها فينتج الطلاق النفسي بين الزوجين ولكن بشكل غير معلن للآخرين.
أسباب ودوافع
الأسباب كثيرة وأهمها أن وجود صراع نفسي لدى الزوجين بضرورة الانفصال الحقيقي والتخلص من هذه العلاقة الزوجية التي أصبحت مصدر إزعاج لكل منهم، والطرف الآخر من الصراع وجود مصلحة مشتركة تقتضي بقاءهم في نفس المكان أو في نفس البيت، من هذه الأسباب مستقبل الأولاد، وكلام الناس خشية من لقب مطلقة أو مطلق أو بعض الأعراف والأديان تمنع الطلاق البَيِّن؛ لذا يلجأ الزوجان للانفصال العاطفي.
مظاهر الطلاق النفسي؟
الطلاق النفسي يقوم على أن يجمع الزوجين المكان فقط دون أي اعتبارات أخرى والتواجد في نفس البيت لا يعني التعاطف أو الاهتمام أو مشاركة الشريك في حياته بكافة نواحيها فكلّ زوج يخطط لحياته بطريقة منفصلة دون الرجوع للآخر أو أخذ الآخر بعين الاعتبار، وكأنه غير موجود لكن تقتضي الحاجة في بعض الأحيان أن يكونا متواجدين سوياً لقضاء بعض الأمور التي تستدعي ظهورهما في المجتمع بشكل طبيعي، كزواج أحد الأبناء مثلاً.
كيف يتجنب الأزواج الوصول لهذه المرحلة الخطيرة؟
لتجنب الوصول لهذه المرحلة، يجب أن نعالج الأسباب البعيدة والقريبة، وأهمها أن يكون الزواج مبنيا على أسس التقارب الثقافي والعمري بين الزوجين، والتكافؤ الاجتماعي والتعليمي والمادي بين الزوجين، وأن يكون الاختيار قائما على قناعة وأسس متينة، وأن يجد الزوجان أساليب صحيحة لمواجهة المشكلات الزوجية التي ربما تعصف في كل بيت، فضلا عن زيادة الصراحة والوضوح وإتاحة الفرصة للآخر ليقول ما لديه والتعبير بحرية عن رؤيته واهتماماته.
كذلك زيادة تقدير كل من الزوجين للآخر ومشاركة كل منهما لاهتمامات الآخر، مما يفتح مجالا أكثر لعلاقة زوجية متينة، بجانب ضرورة إشعار كل طرف للآخر بالاطمئنان في هذه العلاقة، فالتهديد والعداء مما هو غير ملائم في هذه العلاقات لأن العلاقات الزوجية لا تقوم على التنافس بل على المشاركة.
على الزوجين تعلم الدبلوماسية في العلاقة واستخدام أجمل العبارات، والجميل في هذه الدبلوماسية أنها معدية، مما يدفع الآخر لرد هذه العبارات بأجمل منها.
ما مدى صحة لجوء بعض الأزواج لطرف وسيط بينهما لحل مشكلاتهما؟
يفضل اللجوء لمتخصصين في حال نشوب مشـكلات عجزت الأسرة عن احتوائها، من خلال بعض مراكز الاستشارات العائلية، التي تنتشر الآن في معظم المدن العربية، واللجوء لهذه المراكز يعزز العلاقة، هذا أفضل من اللجوء لطرف ثالث ربما يكون الأهل أو الجيران.
الأبناء أول الضحايا
كثيرة هي الأسر التي تعاني من هذه المشكلة، ويصبح أسلوب التربية في هذه الأسرة أن كل طرف من الوالدين يبين للأبناء أن الطرف الآخر هو المسؤول عنهم، وأن هذا الأسلوب في الحياة هو لصالحهم، وبذلك يكفيهم شر المشكلات الأسرية، ويكبر الأبناء ثم يميلون لأحد الأطراف ويتجاهلون وجود الطرف الآخر، ومن الآثار السلبية لهذا الطلاق أن كل طرف يحاول أن يلغي وجود الطرف الآخر، أو أن يتنصل من مسؤولياته تجاه الأولاد، وفي كلا الحالتين التأثير مدمر للأطفال.
كيف يتغلب الأزواج على أي فتور عاطفي في العلاقة الزوجية قد يؤدي فيما بعد للطلاق النفسي بينهما؟
تمر العلاقات العاطفية ببعض الفتور مع مرور الزمن، وذلك لعدة أسباب، أهمها الملل والفراغ والروتين والاعتياد على التفاعل اليومي، والعيش المشترك مع كل الأحداث التي تجري في اليوم، لذا من المستحسن أن يجري تغيير هذه الأمور، سواء بالسفر أو الابتعاد المؤقت بين الزوجين وغير ذلك من الأساليب التي يمكن أن تساعد في عودة الحيوية للعلاقة، ومن ثم تجنب الفتور المؤدي للنفور بينهما.
إشارات.. وإنذارات
الانسحاب من فراش الزوجية، وغياب الاحترام واللين بين الزوجين، وعدم الاشتراك في أنشطة مشتركة، وشيوع السخرية والاستهزاء والإهمال والأنانية واللامبالاة باحتياجات ومتطلبات وآلام الطرف الآخر. اللوم المتبادل، والأكل والشرب بشكل منفصل، والهروب المتكرر من المنزل، أو جلوس الزوجين في أماكن منفصلة من البيت، وتبلد المشاعر، وجمود العواطف، وجرح مشاعر الطرف الآخر بكلمات مؤذية، واستمرار الصمت، وضعف التواصل، وغياب لغة الحوار بينهما.