دور علي عبد الله صالح المستتر في حرب اليمن

alarab
حول العالم 27 مارس 2015 , 07:55م
رويترز
عندما قصفت الطائرات السعودية مواقع الحوثيين في اليمن - أمس الخميس - ضربت أيضا عتادا لشخص بارز، يعتقد يمنيون كثيرون أنه دبر الأزمة الحالية في الخفاء، وهو الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

قاتلت وحدات من الجيش موالية لصالح إلى جانب المسلحين الحوثيين الشيعة، وهم يتقدمون صوب الجنوب عبر مرتفعات اليمن في الأسابيع الأخيرة، للانطلاق إلى ميناء عدن حيث مقر الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وسوف تثبت قدرة صالح - المستمرة على نشر قوات وشغل مقعد على أيَّة طاولة مفاوضات - دوره المحوري في مستقبل اليمن، نظرا لقاعدة دعمه الواسعة في الجيش والهيكل الإداري.

ومع ذلك فإن الأسابيع المقبلة قد تحدد مصير صالح الذي شبَّهَ - ذات مرة - حكم اليمن "بالرقص على رؤوس الأفاعي"، الذي صمد أمام الكثير من الأعداء عندما أثبت مرارا للقوى الأجنبية أنه الخيار الأقل ضررا.

قال فارع المسلمي الباحث بمركز كارنيجي للشرق الأوسط: "لأن الغارات ضربت قواعد كانت في أيدي موالين لصالح فإن هذا يعد ضربة له، وسيعتبرها رسالة واضحة على أن السعوديين يشعرون باستياء شديد منه".

ويقول محللون إن (صالح) دعم الحوثيين لعدة أشهر من خلال المساعدة في وقف أيَّة مقاومة جادة للجيش، عندما بسطوا سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر، وباستخدام هيمنة حزبه المستمرة في البرلمان لإضعاف حكومة هادي.

ويعتقد المحللون أن هدفه النهائي مساعدة الحوثيين في هزيمة الخصوم المشتركة، ثم استخدام قاعدته السياسية الواسعة ليسيطر على ميزان القوى قبل التخلص من الحوثيين، وتنصيب ابنه أحمد علي صالح رئيسا.

وفي صراع يتسم بالمفارقات التاريخية شن صالح ست حروب على الحوثيين؛ منذ 2002 إلى 2009، وكان لسنوات طويلة حليفاً للرياض. وعمل هادي نائبا للرئيس صالح لعقدين، وكان قياديا بجيشه خلال الحرب الأهلية الأخيرة في اليمن عام 1994.

وكانت تلك التحولات الكبيرة في الولاء - التي باتت السمة الأساسية للمشهد السياسي المعقد والمتغير باستمرار في اليمن - قد بدأت مع احتجاجات الربيع العربي في 2011، التي أدت - في نهاية المطاف - إلى الإطاحة بصالح من الحكم.

ويقول محللون إن تحالف القبائل الشمالية القائم منذ عقود - الذي كان يدعم صالح ذات يوم - تفكَّك خلال الاضطرابات ليتحول صالح إلى الحوثيين خصوم الأمس، من خلال قضية مشتركة ضد أعداء مشتركين.

ويقول محللون إن هادي حاول تخفيف قبضة صالح على أفرع رئيسة بالقوات المسلحة؛ من خلال تفكيك وحدات الحرس الجمهوري وإعادة تنظيم الجيش في عام 2013، لكن الرئيس السابق يحتفظ بولاء نحو ثلث الجيش.

وتلك الوحدات التي دعَّم بعضُها الحوثيين - في معارك حول تعز ومأرب - الأفضل تجهيزا من غيرها في الجيش.

ومع ذلك فإن التحالف التكتيكي بين صالح والحوثيين لا يزال هشا للغاية. ولا يزال الطرفان يتشككان بشدة في دوافع كل منهما تجاه الآخر، كما لا يوجد بينهما اتفاق أيديولوجي يذكر.

وقال فرناندو كارفاخال من جامعة إكستر: "في الوقت الراهن هناك أزمة توحد بين صالح والحوثيين، وهي الرئيس هادي. مادام هناك هدف واحد مشترك للاثنين فستبقى العلاقة قوية إلى حد ما".

وفي نوفمبر فرض مجلس الأمن - التابع للأمم المتحدة - عقوبات تستهدف (صالح)، فضلا عن اثنين من كبار قادة الحوثيين بتهمة "وراء محاولات إثارة الفوضى في جميع أنحاء اليمن" وبدعم تمرد الحوثيين. 

ونفى (صالح) ذلك؛ قائلا إن هذه الاتهامات نابعة من محاولة إلقاء اللوم في فشل الحكومة الانتقالية بقيادة هادي على حكمه الذي استمر لعقود، ونفى أنه يسعى للعودة إلى السلطة.

وعلى عكس ما حدث من قبل حين كان يتمكن من العودة إلى الساحة السياسة، أحرق صالح هذه المرة الكثير من الجسور مع جماعات مهمة في الداخل ومع حلفاء مهمين في واشنطن والرياض، مما قد يجعل العودة إلى الرئاسة أمرا خارج نطاق قدراته. 

وتحول الاهتمام إلى ابنه أحمد علي صالح قائد الحرس الجمهوري السابق وسفير اليمن الحالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي طالما حاول الرئيس السابق تجهيزه لخلافته سياسيا.

وردا على سؤال طرحته رويترز، في مقابلة جرت - الصيف الماضي - عما إذا كان يُعتَقَد أن ابنه يجب أن يترشح للرئاسة أم لا، قال (صالح) إنه لن يمنعه، لكنه لا يوصي بأن يصبح مرشحا في وقت تعيش فيه البلاد حالة من الفوضى.

ويبدو أن (صالح) يحدوه الأمل في أن يظهر بمظهر الشخص الوحيد القادر على جمع شتات الفصائل السياسية والإقليمية والدينية في البلاد، ليثبت أنه لا غنى عنه للدول الأجنبية التي تشعر بالقلق من
فرع تنظيم القاعدة في اليمن.

وفي الوقت نفسه يستخدم أنصاره الضربات الجوية التي تقودها السعودية لحشد اليمنيين حول العلم.

وقال موقع وزارة الدفاع اليمنية - الذي يديره موالون لصالح - أمس الخميس، إن "أبطال القوات المسلحة" سيتصدون - مع الشعب اليمني - لهذا "العدوان".