

قال فضيلة الشيخ الدكتور ثقيل بن ساير الشمري خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب: الحمد لله ذو الفضل والإحسان جعل الحياء شعبة من شعب الإيمان، يقول عز من قائل «يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير»، والحياء من لباس التقوى، ذلك أن الحياء من الأخلاق التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وفي لفظ «صالح الأخلاق».
وأوضح الخطيب أن الحياء من الأخلاق التي تميز بها الإسلام، يقول صلى الله عليه وسلم «إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء» والحياء مقرون بالإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم «الحياء والإيمان قرنا جميعا»، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر، ويقول صلى الله عليه وسلم «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» وإذا كان خلق الحياء من الأخلاق الفاضلة ومن الأخلاق التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأن الحياء لا يأتي إلا بخير كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأضاف: الحياء خلق عظيم هذا الخلق هو من خصائص الإنسانية والفطرة السليمة، هذا الحياء الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم دليل على رقي الأمة وحضارتها يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكرنا أن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء، فلولا هذا الخلق الذي هو من خصائص الإنسانية ومن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا صورته الظاهرة، بل ليس معه من الخير شيء، فلولا هذا الخلق لم تستر العيوب ولم يكرم الضيف ولم يوف بالوعد ولم تؤد الأمانة ولم تقض لأحد حاجة، لأنه من خصائص الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله حيي ستير يحب الحياء ويحب الستر» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر «إن الله حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا» وفي الأثر «إن الله يستحيي أن يعذب ذا الشيبة في الإسلام»، لأن هذا الحياء هو فوق ذلك من صفات الله عز وجل كما جاء في هذه الأحاديث، مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يعاتب أخا له في الحياء ويلومه على شدة حيائه وكأنه يقول له إن الحياء فوت عليك من المصالح كذا وكذا فقال له صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير، دعه لأن الحياء من الإيمان. والحياء الشرعي المحمود صاحبه لا يمنع من قول الحق وفعل الخير فإن الذين يقولون الحق عندما يحتاج إلى قوله وفعل الخير عند بابه أولئك هم حراس الفضيلة الذين يمنعون الرذيلة «وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا» وإذا كان أهل الباطل لا يستحيون من نشر باطلهم ومن الترويج لرذيلتهم ومن إظهار ما هم عليه من باطل فأهل الحق أولى بإظهار حقهم والتمسك به والدفاع عنه، لأن هذا هو الواجب عليهم وإذا كان هذا الأمر واجبا عليهم فإنه ليس له أن يتدرع بالحياء ولأن أهل العلم قالوا إن الذي يستطيع أن يقول الحق ولا يقوله ويدعي بالحياء فذلك في الحقيقة ليس هو الحياء الشرعي فإنما هو جبن وضعف وخور، إذن الحياء الشرعي لا يمنع من قول الحق ومن فعل الخير، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «استحيوا من الله حق الحياء» والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» فالذي يستحيي ويستر ذنبه ولا يظهر معصيته فأمره إلى الله، والله يتوب على من تاب، وأما المجاهر بها فذلك الذي يغضب الله عز وجل بفعله بل إن عمله يعد استخفافا بالله ورسوله وصالح المؤمنين، لذلك كان جزاؤه أن رفع الله عنه الستر والعافية، «كل أمتي معافى إلا المجاهرين» المجاهر بمعصيته أو الداعي إليها فهو غير محترم وغير مستور في الدنيا والآخرة، نسأل الله العفو والعافية.