الأمطار كشفت ضعف شبكات التصريف وسوء البنية التحتية
            
          
 
           
          
            
                 تحقيقات 
                 26  نوفمبر  2015 , 02:26ص  
            
            
           
          
            
              ولي الدين حسن
            
           
            
          
            تسببت الأمطار الغزيرة أمس في تعطيل حركة المرور والسير في العديد من المناطق والمحاور الرئيسية مسببة أضراراً في العديد من المباني والطرق جراء تسرب مياه الأمطار بغزارة، فضلاً عن عدم تمكن كثير من الموظفين من الذهاب إلى أعمالهم نتيجة إغلاق بعض الطرق والأنفاق وكثرة التحويلات والتكدس المروري.
هذا وشهدت البلاد أمس سقوط أمطار الخير في مختلف المناطق، حيث بدأ هطول الأمطار في ساعة مبكرة من صباح الأمس واستمر على مدار اليوم بدرجات متفاوتة، وسط توقعات إدارة الأرصاد الجوية بأن تستمر حالة عدم الاستقرار في الطقس حتى مساء غد الجمعة.
وعبر عدد من المواطنين في حديثهم لـ «العرب» عن استيائهم الشديد من تكرار إغلاق بعض الطرق والأنفاق نتيجة ضعف تصريف مياه الأمطار بشكل جيد، مما ساهم بشكل سلبي في تراكم المياه حتى وصلت إلى ارتفاع متر واحد في بعض المناطق، وانتقد المتحدثون الجهات المنفذة للمباني والطرق التي تشققت بفعل الأمطار وتسببت بإغلاق الأنفاق نتيجة ضعف شبكات الصرف.
وعبر مغردون عبر مواقع التوصل الاجتماعي عن انزعاجهم الشديد من تكرار مسلسل تعطل شبكات الصرف نتيجة هطول الأمطار وتم نشر مقاطع فيديو وصور تظهر بعض المناطق وقد أغرقتها مياه الأمطار بشكل كبير، وتساءلوا: إلى متى سيستمر مسلسل إغلاق طرق وأنفاق وشوارع نتيجة تراكم مياه الأمطار؟ وما الجهة المسؤولة عن تلك السلبيات حتى وصلت إلى مباني مؤسسات كبيرة؟
وتعامل الناس كل على طريقته مع هطول الأمطار؛ حيث ارتدى البعض منهم الملابس البلاستيكية التي تمنع ابتلال ملابسهم بالمياه، فيما شوهد البعض الآخر وهو يقوم بالتقاط الصور التذكارية تحت قطرات المياه المنهمرة بغزارة، وأكد الجميع أن هطول الأمطار هو بشرى خير وفي مصلحة الناس جميعا مع الدعاء والأمنيات بأن تكون هذه الأمطار غيثا وخيرا على كل الناس.
وأشاروا إلى التوجيهات الإيجابية التي قامت بها إدارة المدارس والمجلس الأعلى للتعليم حفاظا على سلامة الطلبة، حيث قامت المدارس بتوجيه من المجلس الأعلى للتعليم بتخفيض عدد الحصص الدراسية، وتم إعادة الطلبة إلى منازلهم بصورة تدريجية مما أسهم في تخفيف حدة الزحام المروري، وقامت جميع الحافلات بنقل الطلبة بخطوات متتالية لتجنب الارتباك المروري.
كما قامت جميع المستشفيات الخاصة والحكومية برفع درجات الاستعداد القصوى تحسبا للحوادث الناجمة عن عدم استقرار الأحوال الجوية وهطول الأمطار، فقامت باستدعاء أعداد من الأطباء والمتخصصين ورفعت درجات الاستعداد لدى الإسعافات الأولية بتوفير اللوازم الطبية المعمول بها في مثل تلك التوقيتات، وحثت الجهات المعنية جميع السائقين على الطرق باتخاذ الحيطة والحذر.
وأشاد المتحدثون بالمجهود الذي قامت به وزارة الداخلية وتوعية المواطنين ونشر عدد كبير من رجال الدوريات المرورية والفزعة في مختلف الأماكن الحيوية تحسبا لتعطل حركة السير جراء التصادم أو تعطل بعض السيارات نتيجة سوء الأحوال الجوية.
هذا وشهدت محطات البترول زحاما شديدا لغسل السيارات، فيما اعتبره البعض الآخر رواجا للعمال الذين يعملون على غسيل السيارات في المواقف العامة والخاصة، كما أكد البعض منهم أنهم التزموا المنازل وقرروا عدم الذهاب إلى العمل لانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير والازدحام الذي تشهده الطرق والشوارع الرئيسية.
وأعرب بعض المزارعين عن سعادتهم الكبيرة لهطول أمطار الخير، واعتبروها خيرا كبيرا للبلاد بغض النظر عن الأضرار التي قد تكون لحقت ببعض المباني والمنشآت، مؤكدين أن جميع الأراضي الزراعية تستفيد بشكل مباشر من مياه الأمطار، مطالبين الجهات المعنية بالاستفادة القصوى من تلك المياه.
مشاكل متكررة
في البداية قال المهندس محمد الهاجري: لا يمر عام إلا وتتكرر مشاكل الأمطار في العديد من المناطق حتى وصلت إلى مبان في الفنادق ومنشآت عامة، ما يثير التساؤلات عن الجهات التي نفذت تلك المباني والطرق التي لا تستوعب كميات الأمطار عبر التصريفات الخاصة بها، فضلا عن التشققات في طرق وشوارع ومبان مختلفة مما أدى إلى ازدحامات مرورية وحوادث نتيجة انخفاض مستوى الإسفلت بشكل كبير كل عام.
وأضاف الهاجري المشكلة تكمن في تكرار تلك المشاكل رغم تحذيرات هيئة الأرصاد قبل عدة أيام، وتساءل: إلى متى سيستمر مسلسل إغلاق الطرق والأنفاق والشوارع نتيجة الأمطار؟ وما الجهة المسؤولة عن تلك السلبيات حتى وصلت إلى طرق ومبان مهمة؟
وأوضح الهاجري أن دول الخليج العربي تتعرض من فترة إلى أخرى لهطول أمطار غزيرة دون أن يكون هناك استعداد لها، وأن هذه الإشكالية تتكرر كل عام ولا توجد حلول ناجحة لها حتى الآن، مع أنها تتسبب في العديد من المشاكل، لافتا إلى أن هطول الأمطار يتسبب في الكثير من المشاكل على مر السنين، من بينها تجمع المياه في الدوارات والأماكن المنخفضة، والتسبب في الازدحام المروري والحوادث، وتدهور الطبقات الإسفلتية وأساسات الطرق، وتسرب المياه للجدران المساندة للطرق والجسور، وتجمعها داخل الأنفاق.
وأكد الهاجري أن ما حصل يدل على ضعف الرقابة من قبل الجهات المختصة، بالإضافة إلى قلة خبرة الشركات المنفذة في تصميم وإنشاء مثل هذه الطرق، وما يؤكد ذلك العيوب التي ظهرت على الأنفاق وتسببت في تجمع كبير لمياه الأمطار داخلها، فضلا عن غرق العديد من السيارات، مطالبا بالإسراع في عمل اللازم وإصلاح كافة العيوب حتى لو تطلب الأمر إغلاق بعض الأنفاق بشكل كلي، وقال: نريد أن يتم إصلاح العيوب حتى لا تتكرر المشكلة ذاتها مرة أخرى في المستقبل، وبين أن دولتنا تقام فيها مشاريع مختلفة تحتاج هي أيضا للرقابة الصارمة، خاصة تلك المشاريع المتمثلة في إنشاء طرق سريعة وجسور وأنفاق.
وأرجع الهاجري مشكلة تصريف مياه الأمطار إلى ضعف التخطيط والتصميم السليم، وقلة الاستعانة بالمعلومات المتعلقة بهطول الأمطار من الجهات المعنية، وعدم وجود شبكة صرف كبيرة تستوعب كافة كميات المياه، وانسداد مناهل صرف الأمطار وقلة تنظيفها، وضعف قدرة الموجود منها على استيعاب كمية الأمطار، وقلة خبرة بعض المكاتب الاستشارية الهندسية وكذلك بالنسبة لشركات المقاولات في هذا المجال.
الاستفادة من الأمطار
من جانبه قال محمد عبدالكريم: للأسف ظهرت عيوب كشفتها مياه الأمطار في العديد من الأنفاق والمباني والفنادق.. لافتا إلى أن هذه المشكلة تتكرر بشكل دائم في المشاريع التي تم ويتم تنفيذها في دولتنا، ونخشى أن يصل الأمر إلى أسوأ من ذلك، لذا وجب على الجهات المعنية مراقبة سير عمل الشركات المنفذة للمشاريع الكبرى في الدولة أولا بأول، دون أي تهاون وعدم تسلم المشاريع أو افتتاحها دون التأكد من إتمامها على الشكل الصحيح.
وحول المشاكل التي تتسبب فيها مياه الأمطار للطرق والمنشآت الأفقية، أوضح عبدالكريم أن أضرارها تبدو كبيرة، ملخصا تلك الأضرار في تجمع مياه الأمطار في الدوارات والأماكن المنخفضة، والتسبب في الازدحام المروري والحوادث، وتدهور الطبقات الإسفلتية وأساسات الطرق، وتسرب المياه للجدران المساندة للطرق والجسور، وتجمعها داخل الأنفاق.
وأشار عبدالكريم إلى أن هذه الإشكالية تتكرر كل عام ولا توجد حلول ناجحة لحل هذه الإشكالية حتى الآن والتي تتسبب في العديد من الهدر بجميع أشكاله، لافتا إلى أن هطول الأمطار يتسبب في الكثير من المشاكل على مر السنين، مشيرا إلى إمكانية الاستفادة من هذه الأمطار من حيث زيادة المخزون المائي وتحقيق الاستفادة الكاملة منها؛ إلا أنه وبسبب ضعف الخطط والبرامج تذهب هذه المياه هدرا، كما قد يحدث تسرب للمياه من أسقف المباني ما يؤدي إلى خسائر مادية خاصة في المباني والمجمعات الكبيرة والمشاريع الكبرى.
وطرح عبدالكريم العديد من الحلول، من بينها الاستعانة ببيوت خبرة هندسية متخصصة، والاستعانة بشركات مقاولات ذات باع طويل في هذا المجال، وإشراك أجهزة الدولة المتوفرة لديها المعلومات بشأن الأمطار، والاستعداد التام لفصل الشتاء من حيث التخطيط وآلية العمل، وتنظيف المناهل من الأتربة والمخلفات الأخرى، وتنفيذ شبكة صرف أمطار متطورة، والتأكد من أن أنظمة عزل الأمطار تعمل بصورة جيدة.
وطالب عبدالكريم الجهات المختصة بعمل اللازم بأسرع وقت ممكن، وعدم التهاون بذلك، خاصة أن العديد من المواطنين والمقيمين تضررت سياراتهم كثيراً بسبب تجمع مياه الأمطار داخل الأنفاق، ويجب تعويضهم مادياً مع تحمل الجهات المختصة كافة المسؤولية في ذلك.
إيجابيات وسلبيات
وفي سياق متصل قال خالد الهديب: أعلم أن هناك بعض الأضرار الناجمة عن الأمطار ولكن ذلك يعتبر أمرا عاديا ومتداولا في جميع الدول التي تتعرض لأمطار رعدية بغزارة، فضلا عن أن هناك دولا تتعرض لكوارث جراء الأمطار ولكن بفضل الله ذلك لا يحدث في قطر، حيث تمثل الأمطار لنا ولجميع دول الخليج خيرا كبيرا ندعو إليه في صلاة الاستسقاء كل عام.
وتابع الهديب في الماضي كانت معظم الدول الخليجية وبعض الدول العربية تعتمد على مياه الأمطار في الزراعة وسقاية الإبل وغيرها من الأمور الأخرى، وما أود أن أشير إليه هو النظر إلى الإيجابيات وليس إلى السلبيات، فجميع السلبيات موجودة في معظم الدول ولكن هناك دولا لا تسقط عليها أمطار إلا بصورة نادرة جدا وهم في أشد الاحتياج إليها مثل بعض دول إفريقيا.
وأكد الهديب أن معظم المزارعين يستفيدون بشكل مباشر وإيجابي من مياه الأمطار حيث تم توعية المواطنين في مختلف الوسائل الإعلامية قبل أيام بهطول الأمطار وعليه فإن معظمهم أوقف عمليات الري الصناعية واعتمد على سقوط الأمطار التي تنتشر وتتوزع في مختلف الناطق التي يصعب عليه ريها كونها بأعلى الجبال أو لصعوبة تضاريس المكان.
وأشاد الهديب بالمجهود الذي تقوم به مختلف قطاعات الدولة من رجال المرور حيث شاهد العديد منهم منتشرين بصورة كبيرة في العديد من الدوارات والإشارات الحيوية تحسبا لوقوع الحوادث أو الأضرار، فضلا عن تواجد عدد كبير من رجال الدفاع المدني مجهزين بخزانات ضخمة لسحب المياه من بعض الطرق المغلقة ومن بينها طريق الدفنة بجانب محطة الجامعة، منوها بأن غزارة المياه أدت إلى إغلاق الطريق وتعطل عدد كبير من السيارات مما استوجب وجود عربات سحب لإنقاذ السيارات الغارقة.
دور المدارس
ومن جهته قال محمد عبدالحميد: تلقيت اتصالا تلفونيا من إحدى المدارس المستقلة التابع لها أبنائي يخبرني أن الأطفال في طريقهم إلى المنزل وكانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ظهرا مما أثار حفيظتي ولكن بعد توضيح الأمر بأن المدرسة تقوم في مثل تلك الأحول بتنظيم عمليات الباصات لنقل الطلاب بسهولة ويسر حيث تزدحم معظم الطرق وتسير الباصات بنصف سرعتها ما يؤدي إلى تأخير عودة الطلاب إلى منازلهم، أضف إلى ذلك حرص المجلس الأعلى للتعليم على سلامة جميع الطلاب وعودتهم إلى منازلهم في أمان وسلامة.
وأبدى عبدالحميد سعادته بهطول الأمطار حيث اعتبرها خيرا كبيرا لا يعلمه إلا من لا يجده معتبر ذلك نعمة من الله عز وجل، تزامنا مع صلاة الاستسقاء التي تقوم بها كافة مساجد قطر للدعاء بالخير، أضف إلى ذلك فإن العادات القديمة لجميع دول الخليج بشكل عام ودولة قطر بشكل خاص كانت تعتمد على هطول الأمطار طوال العام، غير مبالين بالأضرار التي تسببها لهم في بعض المناطق، مشيرا إلى أنه أثناء عودته إلى المنزل من العمل شاهد زحاما كبيرا على محطات الوقود لغسيل السيارات، كما وجد جميع العمال سواء في العمل أو المنزل يقومون بغسيل السيارات مقابل مبلغ مالي بسيط معتبرا ذلك رزقا مقسما للجميع فلا يعلم أحد الخير أين يجده والضرر متى يقع عليه.
وأوضح عبدالحميد أن منطقة الخليج العربي تعتبر صحراوية قليلة الأمطار إن لم تكن نادرة إلا أنها قد تتعرض للفيضانات اللحظية الجارفة الناتجة عن سريان الأودية، مشيرا إلى أنه وبسبب قلة الأمطار قل مع الأسف الاهتمام بالدراسات الهيدرولوجية لتكون موجها للتخطيط العمراني وأن يكون شرطا لاعتماد المخططات الرئيسية للمدن والتجمعات السكانية وتحديد محاور الامتداد العمراني صاحب هذا قلة الاهتمام بالرصد والمراصد الجوية عبر السنين وبسبب غياب التسجيل تم الاعتماد على النماذج الهيدرولوجية التي تأخذ بافتراض العديد من المتغيرات الهيدرولوجية.
تعطل الأشغال
وأعرب أحمد محمد (مقاول بناء) عن انزعاجه الشديد من الأخطاء في تنفيذ بعض الأبنية قائلا المياه غمرت المنزل ولا نستطيع الخروج والمنطقة شعبية وقديمة والمباني بها متهالكة جدا، ونناشد السلطات المختصة بسرعة سحب المياه حتى نستطيع الخروج إلى أعمالنا التي توقفت بشكل تام اليوم.
وأضاف محمد مع هطول الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد خلال الأيام الماضية كشفت لنا العيوب الكبيرة والأخطاء الفادحة على الطرق، ولم نتوقع أن تلك الأخطاء تصل أو تكون بهذا الحجم والقدر، قائلا سمعنا وشاهدنا كافة السيارات التي أغرقتها مياه الأمطار وتسببت بأعطالها العام الماضي داخل الأنفاق وها هو يتكرر نفس المسلسل هذا العام، وهو ما نتج عنه ازدحام مروري كبير وتراكم المياه في كل مكان وشلل بحركة السير بشكل ملحوظ، ولولا تدخل رجال المرور لاختلف الوضع وزاد حجم المشكلة.
فعلى الرغم من أن المناخ الجاف في الدولة يغلب عليها وبها تباين كبير في درجات الحرارة صيفا وشتاء وليلا ونهارا وندرة في سقوط الأمطار التي تكون في غالب الأحيان خفيفة وكثيرا ما تتبدد، إلا في بعض الأحيان تكون غزيرة تؤدي إلى جريان الأودية بمعدلات تدفق عالية وكثيفة تؤدي إلى أضرار ومخاطر كبيرة، منوها بأن التوسع العمراني الهائل والتطوير البلدي الواسع والغالب فيه اقتباس من بلدان صناعية أغفل المعطيات البيئية والمناخية لهذه المنطقة خاصة تلك النادرة الحدوث كالسيول.
وقال محمد عادة يتسبب انسداد أماكن تصريف مياه الأمطار في تجمع المياه، موضحا أن كافة المشاريع التي يتم تسليمها وافتتاحها تبقى تحت ضمان المقاول لمدة عام، ويقوم المقاول بإجراء أعمال الصيانة ويتحمل كافة العيوب في تلك المشاريع إن لم تتجاوز السنة من افتتاحها.