القرني: ذكر الله مفتاح السعادة الدنيوية

alarab
الصفحات المتخصصة 26 أكتوبر 2015 , 05:19م
الدوحة - العرب
أكد فضيلة الداعية الدكتور عائض بن عبد الله القرني، أن ذكر الله تعالى يعد المفتاح الأكبر للسعادة، وهو أقرب الطرق للصحة والسرور والرزق، وتحقق البركة فيه، وصلاح الأسرة والأبناء وزوال الهم والغم والحزن، فقد قال سبحانه وتعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، وقال أيضا: "يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا"، مشيراً إلى عدد من الأحاديث الشريفة التي حثت على فضل الذكر والمداومة عليه في جميع الأحوال.

وقال فضيلته - في محاضرة نظمتها مؤسسة الشيخ ثاني بن عبد الله للخدمات الإنسانية "راف" - بالتعاون مع إدارة مول دار السلام، مساء أمس، بعنوان "مفاتيح السعادة"، أن أول مفتاح للسعادة يتحقق في كلمة التوحيد "لا إله إلا الله"، مؤكداً أنها أعظم مفاتيح السعادة، فهذه الكلمة العظيمة ملخص رسالات السماء، وكل الرسل والأنبياء جاؤوا بها إلى البشرية لتسعد بها، ففي التهليل والتكبير جلاء للهموم والغموم وذهاب للأحزان.

وأضاف أن من مفاتيح السعادة أيضا الأمن في النفس والمال والولد، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من بات آمنا في سِرْبِه، معافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"،
مخاطبا الحضور بقوله: "تذكروا وأنتم جالسون للاستماع لهذه المحاضرة أن هناك ملايين البشر في المستشفيات، ربما قضى بعضهم عشرات السنوات على الأسِرّة البيضاء، وملايين في مخيمات اللجوء يخافون الثلوج في الشتاء، والحر في الصيف، وربما لا يجدون شيئا".

وأشار إلى أن من أسباب السعادة ومفاتيحها أيضا النظام وإتقان العمل والدأب فيه، كما أن القناعة أيضا من أهم أسباب السعادة في الدنيا والآخرة.

وبيَّن أن الأمل والتفاؤل يعَدَّان من مفاتيح السعادة، فلا بد أن يكون المسلم متفائلا بالخير، ومن تفاءل بالخير وجده كما جاء في السنة المطهرة. كما حث الراغبين في تحقيق السعادة على الصبر، مذكرا
بأن كلمة الصبر وردت في القرآن الكريم في 90 موضعا، كلها تحث على الصبر والمصابرة والصبر الجميل.

وتوقف د. القرني خلال المحاضرة، التي شهدها حشد من مرتادي السوق، مع قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" الآية 15 من سورة فاطر، مستخلصا منها معاني عظيمة، فالخطاب فيها موجه إلى جميع الناس حكاما ومحكومين، مؤمنين وكافرين، عربا وعجما، أغنياء وفقراء، كبارا صغارا، الجميع مخاطب بهذه الآية التي لم تستثن أحدا من الحكم، "أنتم الفقراء"، وهو أسلوب حصر يعرفه أهل اللغة، ولم يخرج سبحانه وتعالى صنفا من البشر عن الحكم بكونه فقيرا، بل الجميع فقراء محتاجون إلى خالقهم ورازقهم.

وأضاف أن كل من نعتبرهم أثرياء أو ذوي مناصب أو سلطة أو جاه هم فقراء محتاجون لله تعالى، ولا يوجد صاحب غنى لا يخشى الفقر، ولا صاحب ملك لا يخشى زواله، ولا صاحب منصب لا يخشى التحول عنه، ولا أحد يضمن استمرار ما هو فيه، لأن الكل فقراء، والغني الحميد وحده هو الله عز وجل،
وهو سبحانه المستحِق الثناء والحمد على غناه، إذ لا يوجد غني مستحق للحمد على غناه سوى الله سبحانه وتعالى.

وأشاد القرني - بصبر وثبات - بالشعب الفلسطيني في وجه الصهاينة المعتدين على المسجد الأقصى وغيره من المقدسات الإسلامية في فلسطين، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني البطل أكد أن السكين مع
الصبر والثبات والعزيمة أقوى من سلاح الصهاينة.

ودعا الموسرين من المسلمين إلى نجدة إخوانهم ومد يد العون والمساندة لهم، مذكرا بأننا يجب
ألا ننسى الملايين من المسلمين المشردين في المخيمات، ولا الذين يلقون أنفسهم في البحر من الأسر السورية والعراقية هربا من الظلم الواقع عليهم في بلادهم.

وحيا فضيلته جهاد الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة وتقرير مصيره، قائلاً: "أحيي من الدوحة في قطر الشعب الفلسطيني المجاهد الشريف العظيم النبيل، الذي أكد أن السكين - التي لا يعرفها كثير من المترفين العرب إلا لقطع الفواكه وما لذ وطاب على الموائد - مع الجهد والصبر والصمود
هي أقوى من سلاح الصهاينة"، مشيدا بصبر الشباب الفلسطيني وثباتهم في وجه أعدائهم وأعداء الأمة جميعا.

وكان د. عايض القرني قد نبه في بداية محاضرته إلى أهمية عقد المحاضرات الدعوية في الأسواق، مبينا أنه توقف ثلاث وقفات، وهو داخل إلى مول دار السلام لإلقاء هذه المحاضرة، أولاها مع قوله
تعالى: "وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ"، وفي هذه الآية إخبار من الله عز وجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم بَشَر، وأنه يعيش مع الناس ويخالطهم في جميع أحوالهم ويحس بآمال البشر وآلامهم.

والوقفة الثانية مع حديث السوق الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ"،
موجها نصيحة للمتسوقين بأن يقولوا هذا الحديث كلما دخلوا إلى السوق لما فيه من الأجر العظيم.
والوقفة الثالثة مع الإمام الشافعي رحمه الله، حيث كان يدخل السوق يعلم الناس ويفتيهم، فسأله الناس: ألا تنسى المحفوظات إذا غشيت السوق، فرد قائلاً: "علمي معي حيثما يممت يتبعني ... صدري وعاء له، لا بطن صندوق، إن كنت في البيت كان العلم فيه معي ... وإن كنت في السوق كان العلم في السوق".

م . م /أ.ع