حققت دولة قطر إنجازات بارزة في مجال الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي على مدار السنوات الماضية في العديد من المنتجات الغذائية الأساسية؛ أبرزها الاكتفاء في إنتاج الألبان الطازجة ومشتقاتها والدواجن.
وتهدف مساعي الدولة لسد حاجتها من هذه المنتجات الأساسية إلى تقليل اعتمادها على الاستيراد من أسواق خارجية، وتقليص تعرضها لأخطار اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، وتقلبات الأسعار في أسواق السلع العالمية.
وقال السيد حمد هادي الهاجري، مساعد مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: «ترتكز استراتيجية الأمن الغذائي في دولة قطر بشكل رئيسي على تحقيق الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية، من خلال الاستغلال الأمثل لها والحفاظ عليها، خاصة عنصري الأرض والمياه».
ولفت إلى أن الاستراتيجية تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي من السلع الزراعية سريعة التلف، مثل الخضراوات الأساسية، والحليب الطازج ومشتقاته، ولحوم الدواجن الطازجة، وبيض المائدة، والأسماك الطازجة، واللحوم الحمراء الطازجة.
وقد أسهمت هذه الجهود في تحقيق زيادة ملحوظة في الإنتاج المحلي، مما يعزز الأمن الغذائي ويقلل الاعتماد على الواردات.
وأكد مساعد مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية أن التركيز على الاستدامة والإنتاج المحلي انعكس بشكل إيجابي على معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الأساسية، خاصة السلع سريعة التلف.
وقد تمكن قطاع الألبان الطازجة ومشتقاته، إلى جانب قطاع لحوم الدواجن الطازجة، من تحقيق نسبة اكتفاء ذاتي تبلغ حوالي 98 %، وتغطية كامل الاحتياجات المحلية منذ أكثر من أربع سنوات، مع استمرار هذا الأداء المتميز خلال عام 2024، مما يؤكد ثبات الإنتاج المحلي وكفاءته في تلبية الطلب الوطني بشكل مستدام.
أما قطاع الخضراوات الاستراتيجية، فقد حقق تقدما ملحوظا، حيث وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي إلى 39 % خلال عام 2024، خاصة في ظل الظروف والتحديات المناخية والبيئية، وتجدر الإشارة إلى أن الإنتاج المحلي يغطي معظم الطلب خلال فترة ذروة الإنتاج في فصل الشتاء، خاصة بالنسبة للخضراوات الأساسية، مما يعزز الأمن الغذائي خلال هذه الفترة من العام، ويخفف الاعتماد على الواردات.
وفيما يتعلق ببيض المائدة، فقد بلغت نسبة الاكتفاء الذاتي 30 %، مع وجود مشاريع قيد الإنشاء من المتوقع أن تسهم في رفع هذه النسبة خلال الفترة المقبلة، أما قطاع الأسماك الطازجة، فقد حقق نسبة اكتفاء ذاتيا تجاوزت 65 %، في ظل الجهود الرامية إلى الحفاظ على المخزون البحري من خلال تثبيت جهد الصيد، والتركيز على التوسع في مشاريع الاستزراع السمكي لضمان استدامة الإنتاج. إضافة إلى تحقيق 14% اكتفاء ذاتي في إنتاج اللحوم الحمراء الطازجة.
وأوضح أن أولويات المرحلة المقبلة من الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي تتمثل في ضمان استدامة الإنتاج الزراعي، وتعزيز التكيف مع التغير المناخي من خلال اعتماد ممارسات زراعية أكثر مرونة وكفاءة، ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية.
وتستهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 55 % من الخضراوات الاستراتيجية الطازجة، و70 % من بيض المائدة، و30 % من لحوم الأغنام والماعز، و80 % من الأسماك الطازجة، والمحافظة على مستويات الاكتفاء الذاتي المحققة سابقا من الألبان ومنتجاتها الطازجة ولحوم الدجاج الطازجة.
وفي جانب الاستدامة المائية، تهدف الاستراتيجية إلى خفض استخراج المياه الجوفية لأغراض الزراعة بنسبة 70 %، وتقليل كمية المياه المستخدمة لكل طن من المحاصيل المنتجة بنسبة 40 %بحلول عام 2030.
أما في مجال تحسين الكفاءة وتقليل الفاقد الغذائي، فتستهدف الاستراتيجية خفض معدل الهدر الغذائي بنسبة 30 %، وتقليل النفايات الغذائية بنسبة 50 %، ومعالجة ما بين 55 % و70 % من هدر الغذاء والنفايات الغذائية باستخدام حلول مستدامة، وتقليل عدد حالات الأمراض المنقولة عبر الغذاء إلى 24 حالة لكل 100 ألف نسمة.
ونوه بأن هذه الأهداف تشكل إطارا واضحا لمرحلة متقدمة من العمل نحو تحقيق أمن غذائي مستدام شامل في دولة قطر، قادر على التكيف مع التحديات البيئية والاقتصادية المستقبلية.
إلى ذلك، أوضح السيد حمد هادي الهاجري مساعد مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية، أن القطاع الخاص القطري يعد ركيزة أساسية في دعم جهود الدولة لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، حيث يقوم بدور محوري في تعزيز التنمية الاقتصادية عبر تقديم الاستثمارات اللازمة لتطوير منظومة الأمن الغذائي، وزيادة الإنتاج في قطاعات متعددة مثل الزراعة، والصناعة الغذائية، والتكنولوجيا المرتبطة بالأمن الغذائي.
ولفت إلى أن القطاع الخاص يتميز بالمرونة والقدرة على الابتكار، مما يمكنه من تبني الحلول الحديثة والتقنيات المتقدمة التي تسهم في تعزيز الاستدامة وتقليل التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي.
كما يشارك القطاع الخاص بفعالية في مشاريع المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية من خلال إدارة عمليات التخزين والتدوير، مما يضمن الحفاظ على جودة المخزون وتوفيره في أوقات الحاجة.
بدوره، قال السيد محمد بن أحمد العبيدلي، عضو مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس لجنة الأمن الغذائي والبيئة بالغرفة، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»، إن دولة قطر حققت خطوات متقدمة وملموسة في تعزيز الأمن الغذائي من خلال تبني استراتيجية واضحة وتعزيز الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص في هذا القطاع الحيوي.
وأشار إلى أن المكانة العالمية التي تحتلها قطر، بفضل الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة ودورها الفاعل في الوساطات الدولية، ومكانتها المرموقة على خارطة إنتاج الغاز العالمية، ساهمت في تعزيز علاقاتها الدولية وشراكاتها الاستراتيجية مع كافة دول العالم، مما انعكس إيجابا على هذا القطاع الحيوي.
وأشار إلى أن المخزون الاستراتيجي للدولة يعتمد على زيادة الإنتاج المحلي، وهو ما نجحت قطر في تحقيقه بالشراكة مع القطاع الخاص، ومن خلال تطوير سلاسل الإمداد وتعزيز العلاقات التجارية مع الدول الصديقة.
وبين أن غرفة قطر تعمل على تحفيز القطاع الخاص القطري للدخول في مشاريع الأمن الغذائي عبر توفير المعلومات والدراسات المتخصصة، وتشجيع إقامة مشاريع مشتركة مع شركات عالمية رائدة في مجالات التخزين والنقل وغيرها.
وشدد السيد علي الخلف، رجل أعمال، على أهمية دور القطاع الخاص وتكامل جهوده مع القطاع العام لتحقيق أهداف ملف الأمن الغذائي لدولة قطر، وقال: «يقوم القطاع الخاص بدور مهم في خدمة أهداف الأمن الغذائي لدولة قطر بإشراف الجهات الحكومية المعنية».