QNB: أزمة ديون اليونان أثرت على أسواق المال الخليجية والعالمية

alarab
اقتصاد 26 يونيو 2011 , 12:00ص
الدوحة - العرب
بدأ يظهر جليا خلال شهر مايو الماضي أن اليونان لن تتمكن من الوفاء بالديون المستحقة عليها خلال الشهور القادمة. ومنذ ذلك الحين يبحث الزعماء الأوروبيون عن حل للقضية في ظل عوائق خطيرة، حيث إن الأزمة هزت ثقة المستثمرين وأدت إلى تراجعات في أسواق الأسهم العالمية. ويبدو أن قادة الحكومات في منطقة اليورو استطاعوا مؤخرا التوصل إلى إجماع على حلٍ محتمل لهذه الأزمة. فالخوف من حدوث حالة من عدم الاستقرار المالي وانتقال الأزمة إلى دول منطقة اليورو الأخرى المثقلة بالديون أدت إلى اتفاق بين البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي على ضرورة تقديم دعم إضافي لليونان. فبجانب حزمة الإنقاذ البالغ قيمتها 110 مليارات يورو والتي تم الاتفاق عليها في مايو 2010، ظهر اتفاق مبدئي في التاسع من يونيو على حزمة إنقاذ ثانية. ويتوقع تحليل صادر عن QNB Capital أن تصل قيمة الحزمة الجديدة إلى حوالي 90 مليار يورو من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى 30 مليار يورو من المؤسسات الدائنة الخاصة. وتوصل البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق في 16 يونيو على تأمين مبلغ 12 مليار يورو من المؤسسات المالية الدولية لمنع إعلان تعثر اليونان بحلول منتصف يوليو. غير أن هذا الدعم يرتبط بتصديق البرلمان اليوناني في 28 يونيو على مجموعة إجراءات تقشفية لا تلقى قبول من شريحة كبيرة من المجتمع اليوناني. وتشمل هذه الإجراءات الحصول على مبلغ 50 مليار يورو من خلال برنامج الخصخصة و28 مليار يورو من خلال زيادة الضرائب وتخفيض النفقات، بما في ذلك تقليص الوظائف في القطاع العام. كما أن هناك هاجسا آخر وهو عدم وجود اتفاق حول تنفيذ عملية إعادة هيكلة ديون اليونان، حيث أصرت الحكومة الألمانية على ضرورة مشاركة المؤسسات الخاصة التي تمتلك سندات الحكومة اليونانية في حزمة الإنقاذ من خلال إرغامهم على تمديد فترة سداد الديون اليونانية. لكن البنك المركزي الأوروبي عارض بشدة هذه الخطة وفضل قيام المؤسسات الخاصة بتمديد فترات السداد بشكل تطوعي بحيث لا تنطوي العملية على إعلان تعثر اليونان وبالتالي تقليص مخاطر عدم الاستقرار في أسواق المال. وقد وافقت الحكومة الألمانية في 17 يونيو على خطة البنك المركزي الأوروبي، الأمر الذي فتح الطريق أمام حل الأزمة على الأقل في الوقت الحالي. لكن حالة عدم وضوح الرؤية بشأن أزمة ديون منطقة اليورو ما زالت تؤثر على أسواق المال. فقد قامت مؤسسات التصنيف المختلفة بوضع تصنيف ديون اليونان عند أعلى درجات المخاطرة. وقامت مؤسسة «فيتش» في 20 مايو بتخفيض تصنيف اليونان ثلاث درجات إلى (B+) مع نظرة مستقبلية سلبية. وفي الأول من يونيو قامت مؤسسة «موديز» بتخفيض تصنيف اليونان من (B1) إلى (Caa1) مع نظرة مستقبلية سلبية. وفي 13 يونيو قامت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» بتخفيض تصنيف اليونان ثلاث درجات إلى (CCC) مع نظرة مستقبلية وهو تصنيف أدنى بدرجة من تصنيف موديز، فضلا عن أنه أدنى تصنيف دولة تعلنه ستاندرد آند بورز. وقد تأثرت أيضا أسواق العملات حيث تراجع اليورو بنسبة %5.3 من 1.488 دولار في 4 مايو إلى 1.409 دولار في 16 يونيو. كما تراجع مؤشر يوروفرست 300، وهو مؤشر يضم كبرى الشركات الأوروبية، بنسبة %6.4 بين بداية مايو ومنتصف يونيو. وقد انتشرت تداعيات أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو إلى خارج القارة الأوروبية حيث فقد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في الولايات المتحدة أكثر من %7 منذ بداية مايو. كما تراجعت أسعار النفط من 126 دولارا للبرميل في بداية مايو إلى 114 دولارا للبرميل في 17 يونيو. ورغم أن عوامل أخرى مثل بيانات الاقتصاد الأميركي الضعيفة لعبت دوراً في تراجع ثقة المستثمرين، فإن أزمة ديون منطقة اليورو كان لها التأثير الرئيسي على التراجع في الأسواق العالمية. وفي منطقة الخليج حيث تتأثر الأسواق بتحركات الأسواق العالمية الرئيسية بالإضافة إلى أسعار النفط، حدث تراجع بمعدل يتراوح بين %2.5 إلى %5 في جميع الأسواق باستثناء أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة التي ارتفعت على خلفية التوقعات بترقية تصنيفها إلى الأسواق الناشئة. ولكن يظل هناك حالة من الغموض حول قدرة اليونان على زيادة معدلات ديونها على المدى البعيد، حتى في حال تخطي الصعوبات التي تكتنف عملية تنفيذ حزمة الإنقاذ. وتبلغ الديون العامة لليونان حاليا حوالي 340 مليار يورو، وهو ما يمثل %150 من إجمالي الناتج المحلي. وهي ديون لا تستطيع تمويلها تجاريا حيث إن معدلات الفائدة على السندات اليونانية ارتفعت إلى أعلى من %18. ويتوقع تحليل QNB Capital أن يضطر البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي إلى تمويل الجزء الأكبر من ديون اليونان العامة إلى أن تستطيع اليونان تغيير وضعها المالي. وذلك لأن البديل هو إعلان تعثر اليونان وهو ليس بديلا مقبولا، حيث إن هذا يمكن أن ينتقل إلى الاقتصادات الأوروبية الأخرى المثقلة بالديون مثل إسبانيا وأيرلندا.