تنوع الفعاليات السياحية في قطر يغنينا عن السفر في إجازة الربيع

alarab
تحقيقات 26 يناير 2016 , 01:31ص
محمد سيد احمد
في السنوات القليلة الماضية كان العديد من المواطنين ينتظرون إجازة الربيع بفارغ الصبر لمغادرة الدوحة إلى وجهاتهم المفضلة؛ بحثا عن الراحة والاستجمام والأنشطة الترفيهية التي تنسيهم ضغوط العمل والدراسة، لكن بعد تطور قطاع السياحة في قطر بات من شبه المؤكد أن أعداد القطريين المغادرين للدوحة في إجازة الربيع تراجعت بشكل جعل المسؤولين عن الحجوزات في وكالات السفر والسياحة يفقدون مزيدا من زبائنهم في مثل هذا التوقيت الذي كانت مكاتبهم تشهد فيه زحمة كبيرة من طرف المسافرين.

أكد مواطنون أن قطاع السياحة –رغم تطوره الواضح- ما زال يعاني من ضعف حملات الدعاية والإعلان داخليا وخارجيا، وتركيز كل الأنشطة السياحية في مدينة الدوحة، بشكل يحرم سكان المدن الأخرى من الاستمتاع بإجازة الربيع التي ينتظرها الجميع، مطالبين بإعطاء كافة المدن نصيبها في هذا المجال.

عبّر مواطنون عن شكرهم وتقديرهم للقائمين على قطاع السياحة في قطر والجهود الكبيرة التي بذلوها في السنوات الأخيرة لتنشيط وتطوير قطاع السياحة بشكل ساعد الكثير من المواطنين على البقاء في قطر أثناء إجازة الربيع التي كان الجميع ينتظرونها للسفر إلى مختلف بلدان العالم؛ بحثا عن وسائل ترفيهية تساعد أطفالهم وأفراد العائلات على أخذ قسط من الراحة والاستجمام بعيدا عن أجواء العمل وزحمة السير في الدوحة، وساعات الدراسة الطويلة التي ترهق الطلبة القطريين، وطالب هؤلاء بمواصلة هذه المساعي وبذل مزيد من الجهود حتى تكتمل الصورة وتحتل قطر مكانتها كأفضل وجهة سياحية في المنطقة، منتقدين ضعف الترويج والإعلان داخليا وخارجيا عن الأنشطة الترفيهية لبعض القطاعات السياحية التي كان بإمكانها الاستفادة أكثر لو نظّمت حملة دعاية وإعلان واسعة تروج للمهرجانات والفعاليات في قطر.

تطور وتنوع
لا أعتقد أن السفر سيكون على رأس أولويات أكثرية المواطنين والمقيمين في إجازة الربيع لأسباب عديدة، بهذه الكلمات بدأ محمد الدوسري حديثه وأضاف: من فضل الله تعالى أن دولة قطر ممثلة في هيئة السياحة قامت في السنوات الأخيرة بتطوير قطاع السياحة؛ حيث تنوعت الفعاليات وتوزعت على جهات عديدة في الدوحة، وهذا ما حدا بالعديد من المواطنين والمقيمين إلى البقاء في الدوحة في الإجازات المدرسية القصيرة؛ نظرا لعدة أسباب، لعل من أهمها العامل الاقتصادي ووجود بديل سياحي وترفيهي أغنى الجميع عن السفر بحثا عن الترفيه، بالإضافة إلى ظروف العمل للعديد من أولياء الأمور، لأن الارتباط بالعمل ووقت الدوام يحول دون السفر للخارج، فالمهرجانات والاحتفالات المنظمة في العديد من القطاعات والجهات كلها باتت تجذب الجميع وتوفر لهم جوا من المتعة والراحة والترفيه عنهم وعن أطفالهم، خصوصا مهرجانات سوق واقف التي تشهد تطورا كبيرا كل عام، ويعود هذا التطور –في نظري- إلى التنظيم الجيد والبحث عن كل الأسباب التي ترتقي بأنشطة المهرجانات من برامج وفقرات وفعاليات جعلت من سوق واقف وجهة حقيقية للسياحة والاستجمام، في أيام الأسبوع العادية، وفي الإجازات بشكل خاص، لكن ما زلنا ننتظر من بقية المجمعات التجارية والأسواق الشعبية والفنادق بذل المزيد من الجهود فيما يتعلق بالقطاع السياحي، خصوصا الإعلان عن الفعاليات بشكل أكثر وأوسع انتشارا ويساهم في المزيد من نشر الإعلانات الداخلية والخارجية لجذب مزيد من المواطنين والمقيمين، وأبناء دول الخليج العربي الذين بدؤوا منذ سنوات يدركون حجم التطور الحاصل في قطاع السياحة في دولة قطر التي تتمتع بموقع استراتيجي يجعل التسويق الجيد لمهرجاناتها واحتفالاتها في الداخل والخارج ضرورة لبقاء المواطنين والمقيمين بالدوحة للمشاركة في إنعاش الفعاليات بشكل يغنيهم عن السفر إلى الخارج في إجازة الربيع، وجذب السياح العرب والأجانب بما يؤدي إلى تنشيط السياحة في قطر.

مواقعنا السياحية متميزة
بدوره قال محمد الهاجري: إن السؤال عن الوجهة الخارجية المفضلة للمواطنين والمقيمين لقضاء إجازة الربيع ينبغي أن يستبدل بسؤال آخر هو: ما هي الجهة الداخلية الأكثر جذبا للمواطنين والمقيمين؟، هل هي سوق واقف ومهرجاناته وأنشطته المختلفة؟، أم الحي الثقافي كتارا، أم شواطئ سيلين ودخان، وباستطاعتي أن أؤكد أن الدوحة أصبحت توفر العديد من الخيارات السياحية التي لم تكن موجودة قبل سنوات، وأكثر ما يجذبني من الأنشطة الترفيهية في قطر هو مهرجانات سوق واقف التي بات يطبعها التميز والتنوع؛ حيث استطاعت تلك الأنشطة والاحتفالات جذب انتباه كل زوار سوق واقف الذي يعتبر وجهة لكل سكان قطر، وضيوفها من مختلف دول العالم، وبصفتي زائر دائم لسوق واقف فقد لاحظت أن الدوحة باتت وجهة للعديد من أبناء دول مجلس التعاون الخليجي الذين يجذبهم سوق واقف وفعالياته المختلفة، لكن هذا لا يمنع من المطالبة ببذل المزيد من الجهود من طرف مختلف الجهات المعنية بتنظيم الاحتفالات والمهرجانات بشكل يحقق المزيد من التطور على طريق تنشيط السياحة في قطر.. وأعرب عن موافقته لمطالبة من سبقه فيما يخص الإعلان المدروس عن الفعاليات والأنشطة الترفيهية السياحية قبل موعدها بوقت كافٍ لإيصال الرسالة إلى الداخل والخارج، مشيراً إلى أن ذلك يساعد في جذب المواطنين والمقيمين، وجعلهم يفضلون البقاء في الدوحة والمشاركة في فعالياتها، لأن الإعلان المبكر عن الفعاليات يعدُّ سبباً رئيسياً في الحد من الهجرة السياحية للخارج من طرف المواطنين والمقيمين الذين كانوا يغادرون البلد كلما سنحت لهم فرصة، وهذا يتطلب من المعنيين بتطوير القطاع السياحي إلزام كافة الجهات بحملة تسويقية داخل وخارج قطر.

ضعف الترويج
واستغرب من ضعف الترويج الخارجي وعدم انتهاز فرصة العديد من الخيارات التي تساهم في تنشيط السياحة خارجيا، فنحن نمتلك واحدة من أفضل شركات الطيران في العالم، وأكثرها انتشارا، فالخطوط القطرية تسير رحلات إلى ما يناهز المئة وجهة، فلِمَ لا تتعاقد الجهات المنظمة للمهرجانات والفعاليات مع الخطوط القطرية للترويج لتلك الفعاليات؟، أثناء سفري الدائم عبر الخطوط القطرية لم ألاحظ وجود أي إعلان عن مهرجانات سوق واقف وهو شيء يدعو للاستغراب، كما أن شركات الدعاية والإعلان العربية والأجنبية يجب أن تتعاقد معها الجهات المنظمة للترويج لأنشطتها السياحية؛ لذا ما زلنا بحاجة إلى مثل هذه الخطوات حتى تكتمل الصورة لدينا، ونأمل أن تنتبه الجهات المعنية لهذا، لكن أظل أؤكد أن إجازة الربيع ليست فرصة للسفر للخارج، بقدر ما هي فرصة لالتقاط الطلاب أنفاسهم وأخذ قسط من الراحة بعيدا عن أجواء الدراسة، وكل ما ينقصنا في هذا المجال هو زيادة الأنشطة الترفيهية وتنويعها.

من جهته قال عبدالله الشهراني: إن حصر الفعاليات والمهرجانات في مدينة الدوحة يدفع العديد من سكان المدن الأخرى إلى مواصلتهم رحلة السفر بحثا عن ذواتهم، مشيراً إلى أن قطاع السياحة في قطر ما زال بحاجة إلى جهود أكثر كي ينافس الدول الأخرى، وأوضح أن وجهته المفضلة لقضاء إجازة الربيع هي مدينة دبي الإماراتية التي قطعت أشواطا بعيدة في تنظيم الفعاليات السياحية والمهرجانات التسويقية.. وأضاف: حصر جميع الفعاليات والأنشطة الترفيهية القطرية في مدينة الدوحة، مطالبا الجهات المعنية بقطاع السياحة تنظيم فعاليات ومهرجانات في مختلف المدن القطرية وإتاحة الفرصة لسكانها كي يستمتعوا بإجازة الربيع بعيدا عن زحمة الدوحة، فمدينة الشمال تحتاج إلى إشراكها في الفعاليات الترفيهية، كذلك مدينة الخور وامسيعيد والوكرة، بحيث تكون هناك فرق متنقلة تخصص لكل مدينة يوما أو يومين، تجعل الجمهور وسكان الدوحة ينتقلون إلى تلك المدن ليتعرفوا عليها، وهذا يساهم في الترويج والتعريف بمختلف مدن البلاد، لكن القائمين على المهرجانات والأنشطة السياحية عندنا لا يعرفون سوى مدينة الدوحة التي يعتقد العديد من السكان ومن الضيوف أنها هي المدينة الوحيدة الموجودة في قطر؛ لذا إن لم ننتبه لهذا الأمر فسيظل العديد من المواطنين والمقيمين يبحثون عن أقرب فرصة تمكنهم من السفر للخارج للاستمتاع بإجازتهم.

واعترف بحصول تطور سياحي في السنوات الأخيرة بفضل جهود الهيئة العامة للسياحة وتنسيقها مع مختلف القطاعات للارتقاء بالسياحة في قطر، وذلك ما مكّنها من تحقيق خطوات متقدمة في تنظيم الاحتفالات والمهرجانات التي استدعت إليها العديد من المطربين العرب للالتقاء وجها لوجه مع جمهورهم في قطر، كما أن الفرق المسرحية العربية والأجنبية وما تقدمه من مسرحيات داخل بعض المجمعات التجارية أسهمت في بقاء الكثير من المقيمين داخل قطر أثناء إجازة الربيع في السنوات القليلة الماضية، أما المواطنون فما زال الكثير منهم يسافر في كل إجازة، حتى لو كانت إجازة الأسبوع لتغيير الروتين والابتعاد عن جو العمل الضاغط والبحث عن خصوصية يفتقدها أحيانا في بعض الفعاليات والأنشطة المكتظة، ففعاليات سوق واقف مثل، غالبا ما تنظم في مدخل السوق في مكان ضيق لا يتسع إلا لعشرات الأشخاص، وهذا ما يتطلب استغلال بعض مساحة السوق لتوسعة ساحة الاحتفالات فيه، لأن دولتنا تستحق الأفضل وأن تكون وجهة سياحية إن لم تجذب السياح من خارجها فعلى الأقل توفر لسكانها ما من الأنشطة الترفيهية المتنوعة ما يغنيهم عن السفر وبذل أموال طائلة للبحث عن وجهة خارجية توفر لهم وسائل الراحة والاستجمام لهم ولأطفالهم تنسيهم تعب العمل وضغوط الدراسة ومعاناة الأطفال من زحمة السير الخانقة التي تجعل الواحد منهم ينتظر أية فرصة لأخذ قسط من الراحة.

تراجع في سفر المواطنين
مسؤول الحجوزات في سفريات الملا السيد سونيل منون أكد أن خبرته الطويلة في العمل في هذا المجال تمكّنه من معرفة تامة بالوجهات التي يفضلها المواطنون والمقيمون في إجازة الربيع، وأردف: ما من شك في أن تطور السياحة في قطر بات أمرا محسوسا وملموسا بالنسبة لمن يعمل مسؤولا عن الحجوزات في وكالة للسفريات؛ حيث تراجعت نسبة المواطنين المسافرين إلى الخارج في السنوات الأخيرة؛ إذ غالبا ما أسأل بعض الأصدقاء عن سبب عزوفهم عن السفر هذا العام فيجيبون أنهم كانوا يسافرون بحثا عن مكان يوفر للأطفال قسطا من الراحة، لكن المنشآت السياحية القطرية استطاعت تحقيق هذا الأمر للأطفال بالتالي لم يعد السفر ضمن سلم الأولويات، لكن هذا لا يمنع من الاعتراف أيضا أن العديد من القطريين ما زالوا يسافرون في إجازة الربيع؛ حيث حلت تركيا في المرتبة الأولى كوجهة يفضلها القطريون، تليها دبي، ثم لندن، والقليل منهم ما زالوا يحتفظون لـ "بانكوك" بوفاء يجعلها وجهتهم المفضلة، أما المقيمون في قطر فلا يهتمون كثيرا بالسفر في الإجازات القصيرة، نظرا لظروفهم المادية وطبيعة عملهم، ووجودهم لما يبحثون عنه من ترفيه لعائلاتهم في الدوحة التي تشهد تطورا ملحوظا في السياحة، بالتالي توجد قلة من المقيمين ينتهزون فرصة هذه الإجازة لزيارة البلاد المقدسة لأداء العمرة والبقاء هناك حتى تنتهي الإجازة ثم يعودون.