بن سعيدان.. بناء الإمبراطورية بدأ من بيع بيته

alarab
اقتصاد 26 يناير 2013 , 12:00ص
القاهرة - عبدالغني عبدالرازق
حمد بن سعيدان واحد من أبرز رجال الأعمال بالمملكة العربية السعودية، بدأ من الصفر إلى أن أصبح اليوم واحدا من أهم رجال الأعمال في مجال العقار, ولكن الغريب في حياة بن سعيدان أن الإمبراطورية الهائلة التي يمتلكها اليوم بدأها بثمن منزله. أسرة فقيرة نشأ الشيخ حمد في وسط أسرة كبيرة (خمسة ذكور بخلاف البنات)، وكان ترتيب الشيخ حمد هو الثالث، يكبر عبدالله ثم فهد ويصغر إبراهيم ثم عبدالعزيز ولم يكن لهذه الأسرة أي مورد رزق إلا ما يدخل من كد الوالد الذي كان يعمل في مهنة النقل بين الرياض والقرى القريبة منها, وأحيانا إلى مكة المكرمة، ومهنة النقل مهنة آبائه وأجداده, حيث كان الآباء يمتهنون الجمالة وهي النقل بالجمال، وحين تحسنت الوسائل أصبح النقل بالسيارات، ورغم أن مهنة الوالد كانت تدر عليه دخلا جيدا إلا أنه لم يكن كافيا للأسرة. تغير حال الأسرة من الفقر إلى الثراء بسبب حالة الفقر التي كانت تعيش فيها الأسرة قرر الوالد تغيير مهنته من النقل إلى مهنة بيع الأقمشة ثم انتقل إلى تعمير البيوت بالطين وبيعها، واشتهر بهذه المهنة، ووثق به الناس لما عرف عنه من سماحة ووفاء وصدق معاملة، ونتيجة لهذه الثقة فقد كلف من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية بشراء بعض البيوت للأوقاف، كما حظي بتوكيله على التأجير. وبسبب الدخل الوفير من هذه المهنة قرر والد الشيخ حمد أن يزاولها بصفة مستمرة فأسس مكتبه العقاري في حي دخنة، وهو الذي انطلق منه بالبيع والشراء وفتح المساهمات في الأراضي وبيعها في مختلف نواحي المدينة، وعاصر فيه التطور والنقلة من البيوت البسيطة إلى الفلل والعمائر. العمل نهاراً والدراسة ليلاً في وسط هذا المحيط المكافح نشأ الشيخ حمد وإخوته، لذا فقد كان الوالد حريصا على تعليمهم وعملهم وهما لا يتأتيان إلا بالجد والاجتهاد، كما أخرجهم الوالد مبكرين إلى العمل وهم لا يزالون بعد في المدارس الابتدائية لزيادة الدخل من أجل مساعدته في الإنفاق على الأسرة، فكان الأبناء يدرسون في المدارس الليلية ويعملون بالنهار في مساعدته على بناء البيوت، وذلك بجلب الماء للموقع وجلب الطعام للعمال وغير ذلك. لم يكن الوالد شديدا مع أبنائه إلا فيما يتعلق بالدراسة أو العمل، فقد توفيت الوالدة وعمر الشيخ حمد ثماني سنوات، وحزن الأبناء على فقدها كثيرا، ولكن رعاية الوالد واهتمامه الدائم بهم عوضهم عن فقدها. بداية دخوله مجال العقارات في نهاية الخمسينيات اتفق الشيخ حمد مع ابن خالته عبدالله بن حسين المسعري على أن يتشاركا في شراء قطعة أرض في حي البديعة، وبعد فتره قاما ببيعها، واشترى الشيخ حمد بنصيبه من ثمنها أرضا أخرى بمبلغ 5 آلاف ريال في حي الحبونية الذي كان مرغوبا للسكن في ذلك الوقت بسعر 7 ريالات للمتر من عبدالله بن سرحان. وصادف أن اشترى في الحي نفسه كل من محمد بن علي بن خميس، وعبدالله بن عبدالعزيز بن خميس، وفهد بن عبدالرحمن بن خميس، وهم من أنسابه، واتفقوا على فتح صندوق مشترك يوفرون فيه ما يستطيعون لبناء مساكن من الإسمنت المسلح بصورة جماعية بهدف توفير النفقات والتكاليف. أول منزل يمتلكه يبيعه في عام 1962 عُرض على الشيخ حمد منزل شعبي بـ6500، لم يكن يملك كامل القيمة، رغم أنه كان يوفر جزءا من الراتب، وباع ما لدى زوجته من ذهب واقترض من بعض المعارف واشترى البيت. كان هذا أول بيت يمتلكه الشيخ حمد، وقام بترميمه حتى أصبح في صورة حسنة، ولكن قبل أن ينتقل إلى السكن فيه عرض عليه مبلغ أكثر من تكلفته فباعه وعاد بعائلته مرة أخرى إلى بيت مستأجر. المضاربة بثمن المنزل بعد أن باع الشيخ حمد منزله بدأ رحلته مع تجارة العقار بثمن البيت, وفي عام 1968 افتتح مؤسسة برأسمال قدره 5 آلاف ريال بمشاركة زملائه الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سليمان الراشد, الذي كان يعمل مدرسا للقرآن الكريم في مدرسة بن سنان، والشيخ محمد ناصر الجماز وهو موظف حكومي، وكانا يشتغلان في العقار في حدود ضيقة، فتشاركا في شراء بعض قطع الأراضي وبيعها، واختارا للمؤسسة اسم «مؤسسة بدر التجارية العقارية» تيمنا بغزوة بدر الكبرى. كان مقر المؤسسة في شارع اليرموك في حي البديعة في الرياض، وهي عبارة عن دكانين مؤجرين من طابق أرضي في إحدى العمائر. وتقرر أن تكون المؤسسة بإدارة الشيخ حمد. ويقول الشيخ حمد عن ذلك: «جئت للشركة بمحاسب ومساح، ورسمت طريقتي في العمل التي كانت تقوم على شراء عقارات كبيرة بأسعار رخيصة نشرك فيها مساهمين من المواطنين بحسب إمكاناتهم حتى تسدد قيمة الأراضي للملاك، ويتولى مكتبنا في كل مساهمة دفع عربون من قيمة الأراضي للمالكين، ويستخرج عقدا شرعيا للمبايعة قبل الإفراغ، وبعد أن تستكمل القيمة نقوم بإفراغ الموقع وتخطيطه، ثم نقوم بعرضه على أمانة مدينة الرياض لدراسته واعتماده وبعدئذ نقوم ببيعه، وتوزع الأرباح على جميع المساهمين بعد خصم المصروفات والعمولة المقررة للمكتب». جني الأرباح بعد فتره اشتهرت الشركة في شراء الأراضي الخام وتخطيطها، وفتحت الشركة الباب أمام أصحاب الدخل المحدود من المواطنين لتنمية مدخراتهم في مساهمات الأراضي، وكانوا يقبلون من أي مواطن أي مبلغ يريد استثماره ولو كان قليلا كألف ريال مثلا، وتوالت الاستثمارات وكبرت مشاريع السعيدان وشركاه. إمبراطورية اقتصادية استطاع السعيدان أن يجعل من مؤسسة بدر الكبرى واحدة من أكبر الشركات العقارية في المملكة العربية السعودية, واليوم يتولى رئاسة مجموعة من الشركات في داخل المملكة وخارجها في مصر والأردن وسويسرا والسودان وتونس وسوريا وتركيا, حيث يرأس الشيخ حمد 6 شركات عقارية هي: شركة حمد بن سعيدان للاستثمار العقاري, وشركة حمد بن سعيدان لتطوير المشاريع, وشركة (وسب) للترفية والصيانة والتشغيل, وشركة العليا العقارية وشركة موطن العقارية, ومكتب حمد بن سعيدان للعقارات. دوره في تأسيس الشركات الوطنية شارك السعيدان في تأسيس الكثير من الكليات الوطنية مثل: كليات العلوم والتقنية بالطائف, وشركة الراجحي المصرفية للاستثمار, والشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية, وشركة التسويق الزراعي للاستثمار والتنمية بعسير، وشركة طي للتجارة والخدمات المحدودة بحائل, والشركة السعودية لمراكز الترفية, والشركة الشرقية للمشاريع السياحية, وشركة إسمنت تبوك, وشركة طيبة للاستثمار العقاري, والشركة السعودية للصادرات الصناعية, وشركة المدينة للاستثمارات الصناعية. دوره في تأسيس الشركات الدولية كما شارك السعيدان أيضا في تأسيس الكثير من الشركات الدولية مثل شركة الملتقى العربي للاستثمار (القاهرة), والشركة العقارية التونسية (تونس), وشركة التنمية الإسلامية (السودان), وشركة حفر آبار المياه (السودان), وشركة الشام الزراعية (سوريا), ودار المال الإسلامي (جنيف-سويسرا), ومصرف الشامل-البحرين, والشركة التركية السعودية القابضة (تركيا), والشركة السودانية للاتصالات (السودان), والشركة المصرية لخدمات الهاتف المحمول (مصر).